• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    جوامع الكلم النبوي: دراسة في ثراء المعاني من حديث ...
    د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة
  •  
    الخشية من الله تعالى (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    حتى لا تفقد قلبك
    بدرية بنت حمد المحيميد
  •  
    وفاة ملكة جمال الكون!
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    الإمام أبو بكر الصديق ثاني اثنين في الحياة وبعد ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    حقوق الحيوان
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    دعاء الربانيين: مفتاح النصر وسر المحن
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    العولمة وتشويه الغيب في وعي المسلم المعاصر (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    جمع فوائد العلم والعمل من رؤيا ظلة السمن والعسل ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    العلاقات بين الابتلاء والصبر
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    من مائدة السيرة: الدعوة الجهرية
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    تحرير قدر الصاع النبوي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    وقفات مع الذكاء الاصطناعي (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    تقنية الذكاء بين الهدم والبناء (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    تأملات في أخوة المصالح
    د. سعد الله المحمدي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تحرير قدر الصاع النبوي

تحرير قدر الصاع النبوي
إبراهيم الدميجي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/7/2025 ميلادي - 4/2/1447 هجري

الزيارات: 229

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحريرُ قَدْرِ الصَّاعِ النّبويِّ

 

الحمد لله وحده؛ أما بعد:

فإن المُد بملء اليدين مضمومتين جميعًا يعتبر مُدًّا واحدًا، وقد جرى كلام الفقهاء في تحديد مقداره بناءً على واحد من مناطين:

الأول: الاكتفاء بظاهر الأمر النبوي بإجرائه على المُد، وهذا يُرد إلى العرف، وهو مد اليدين المتوسطتين المعتدلتي الخلقة كأكثر الناس، وهو الأصل، وهو المختار لمن تيسَّر له ذلك.

 

المناط الثاني: وهو مبنيٌّ على الأول تسهيلًا وتقريبًا وتحريرًا، وهو تحديد المُد بناء على الآصُع التي وُجدت بالسند إلى عصر الصحابة رضي الله عنهم، وهي بضعة أوانٍ منسوبة إلى رجال من الصحابة المرضيين، علمًا أن الآصُع الصحابية مفتقرة لإثبات من جهة السند، وأيضًا فهي مفتقرة لإثبات أنها دقيقة ومحددة وليست لأجل الكيل فقط، وأيضًا فهي مفتقرة لإثبات أنها لا تحوي زيادة متعمدة احتياطًا وصدقة، فمن الصالحين من يزيد كيلته لغرض زيادة الصدقة؛ طلبًا للأجر واحتياطًا للقدر، فربما كان من ذلك شيء، ولو علم الصحابي أن مكياله سيكون أصلًا، فلربما غيَّره، فهذه كلها محتملات، وإذا دخل الاحتمال سقط الاستدلال، ولكن يُستأنس بها من غير أن تكون حُجة، ومما يُرجِّح أنها مبنية على غلبة الظن اختلافُ كيلِ ما وُجد منها، فهي مختلفة الأحجام لا متفقة المكيال، فدلَّ على أن الأمر مبني على التسامح وغلبة الظن، لا التشديد بالتدقيق.

 

فالراجح - والله أعلم - هو القول الأول؛ أي الاكتفاء بمد اليد المعتدلة الخلقة بدون تحديد دقيق للوزن، بل الاعتبار بغالب الظن الأعم كسائر العبادات؛ كإزالة النجاسة، ورفع الحدَث، والقِبلة، وأعمال وأقوال الصلاة والطواف، وسائر العبادات؛ رفعًا للحرج عن الأمة؛ وعليه فتقدير المُد داخل في هذا الباب كغيره، فلو قدَّر كل امرئ مُده بيديه إن خلتا من صغر أو كِبَر غير معهود؛ فمده معتبر شرعًا، كما هي عادة مكاييل السلف من الصدر الأول وما بعده، فكل يقدر مُد بنفسه، وليس هناك كثير اختلاف بينها أصلًا، لتقارب مقادير كفوف الناس في الجملة، مع العفو عن يسير الاختلاف، فيُكتفى بأن يمد يديه مضمومتين بأربع حفنات طعام، فهذا كافٍ شرعًا، وليس بحاجة لتدقيق شديد، فضلًا عن حسابها بحبة القمح ونحوها، وإن أخذها بالتقدير الوزني واعتمدها؛ فهي كافية شرعًا عن إعادة تقديره بأمداد كفَّيه في كل مرة؛ لذلك قال ابن باز رحمه الله تعالى لما ذكر وزن الصاع النبوي: "لكن باليدين أضبط من الوزن، كونه باليدين المعتدلتين المملوءتين، كما بيَّن أهل اللغة"[1]؛ أ.هـ.

 

فإن أردتها بالوزن: فإن كيلوين ونصف الكيلو (2500 جرام) كافية إن شاء الله تعالى، وهو متوسط الأقوال وأجودها، وإن أخرجتها كيلوين وأربعين جرامًا (2040 جرام) فهي مُجزئة كافية، وإن زدتَ إلى ثلاثة كيلوات أي: (3000 جرام)، فهو زيادة خير وإحسان احتياط، وإن كان غير لازم، وكل ما ذكرته لك فهو عام لكل لون من الطعام، ووزن كل نوع من الطعام تابع لمُده، وهي متقاربة في الجملة، ولأن مقدار الصاع قليل، وبالله التوفيق، والله تعالى أعلم.

 

هذا الملخص وإلى التفصيل:

المستقَر لدى أهل العلم أن الصاع النبويَّ يساوي أربعة أمداد، والمُد يساوي ملء اليدين المعتدلتين بضمهما معًا، وليس بإفراد كل واحدة عن الأخرى، وبما أنه قد صار مقدارًا شرعيًّا لأنصبة الزكاة وغيرها كالطهارة والكفارة؛ فمن المحتم تحرير مقداره.

 

فمن حيث المعنى: فالصاع، والصُّواع، والصَّوع، في اللغة: هو ما يُكال به، وهو مفرد جمعه آصُع، وأصوُع، وأصؤع، وأصواع، وصوع وصِيعان[2]، وأصله: إناء يشرب منه.

 

والصاع اصطلاحًا: مكيال يكال به في البيع والشراء، وتُقدر به كثير من الأحكام الشرعية[3].

 

والصاع قد ذُكر كثيرًا في السنة، وقد ذكر أيضًا في القرآن العظيم في سورة يوسف: ﴿ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ﴾ [يوسف: 72]؛ قال ابن عاشور رحمه الله تعالى: "والصواع هو لغة في الصاع، وهو آلة للكيل يُقدر بوزن رطل وربع أو وثلث، وكانوا يشربون الخمر بالمقدار، يقدر كل شارب لنفسه ما اعتاد أنه لا يصرعه، ويجعلون آنية الخمر مقدرة بمقادير مختلفة، فيقول الشارب للساقي: رطلًا أو صاعًا أو نحو ذلك، فتسمية هذا الإناء سقاية، وتسميته صواعًا جارية على ذلك"[4].

 

فالصاع في الأصل: هو آلة لقياس الحجم، ولما أرادوا تيسيره والمحافظة على مقداره قدروه بالوزن؛ ومن هنا جاء الاختلاف في مقاييسهم، فبالنسبة لتقديره بالوزن فهو يختلف باختلاف نوع الطعام المكيل، ومن هنا اختلفوا في حسابه بالكيلو، فمنهم من قدره بـ 2040 جرامًا، ومنهم من قدره بـ 2176 جرامًا، ومنهم من قدره بـ 3000، ومنهم من قدره بغير ذلك، وقد قدرته اللجنة الدائمة للإفتاء بما يساوي ثلاثة كيلوجرامات تقريبًا؛ احتياطًا للعبادة.

 

هذا؛ وإن المُد لم يُذكر في القرآن الكريم، إلا أنه ذُكر في السنة النبوية في عدة أحاديث، وقد وقع الاتفاق على أن المُد جزء الصاع، وأن الصاع يساوي أربعة أمداد، إلا أنهم اختلفوا في المُد كم رطلًا يساوي، وعليه اختلفوا في تقدير الصاع.

 

وقد كانت القياسات لدينا قديمًا بالميل والرطل، ولا زال معمولًا بها في بعض الدول كأمريكا، ولكن بعد نفوذ البريطانيين في أكثر بلاد العالم صارت القياسات طولًا ووزنًا بالكيلو، فاحتجنا حينها إلى معادلة ذلك نسبة وتناسبًا، وجادة المتقدمين هي الوزن بالرطل، علمًا بأن وحدتي القياس؛ الرطل للوزن والميل للمسافة، هما أقدم من النظام المتري الشائع حاليًّا في الوزن بالكيلوجرام، والمسافة بالكيلومتر عالميًّا.

 

وعليه؛ فبالنسبة لتقدير الرطل؛ فإن الرطل الواحد يساوي (0.45359237) كيلوجرام (أو 453.59 جرامًا)، وقد ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الصاع يساوي خمسة أرطال وثلثًا بالعراقي، وذهب الأحناف إلى أنه يساوي ثمانية أرطال بالعراقي[5].

 

علمًا بأن ضبط الصاع بالأرطال في زماننا غير دقيق؛ لأن أصل الصاع النبوي وحدة حجم لا وزن، فالصاع معيار لقياس الحجم، أما الكيلو والرطل فهما معياران لقياس الوزن، فالصاع من التمر ليس وزنه كالصاع من القمح أو الشعير أو الأرز أو الذرة ونحوهن، لذلك يختلف وزن الطعام بحسب جنسه، فالصاع معيار للكمية لا الوزن، أما المكاييل حاليًّا فإنها تُقدَّر بالوزن؛ ولذلك ينبغي التنبه عند تحديد الصاع بالوزن إلى بيان وزن كل جنس على حِدة، فيُقال: الصاع من البر يساوي كذا بالجرام أو الكيلو، والصاع من الأرز يساوي كذا بالكيلو، والصاع من التمر يساوي كذا بالكيلو، وهكذا؛ وقد قال الإمام النووي رحمه الله تعالى قبل ثمانية قرون: "قد يستشكل ضبط الصاع بالأرطال، فإن الصاع المخرج به في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكيال معروف، ويختلف قدره وزنًا باختلاف جنس ما يخرج، كالذرة والحمص وغيرهما"[6]، قال الشبراوي معلقًا: "ومن المعلوم أن ضبط الصاع بالأرطال في زماننا متعسر جدًّا؛ حيث إن كل شيء تقريبًا أصبح يقدَّر بالوزن"[7].

 

والصاع أربعة أمداد، ولكن هناك خلاف في مقدار المد؛ فالجمهور على أن المُد رطل وثلث، وذهب الحنفية إلى أنه رطلان، وعلى قول الجمهور فإن المُد يساوي 544 جرامًا على اعتبار أن المُد رطل وثلث، وأن الرطل مقداره 408 جرامات.

 

قال أبو داود: "سمعت أحمد بن حنبل يقول: الفرق ستة عشر رطلًا، وسمعته يقول: صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال وثلث، وهو صاع النبي صلى الله عليه وسلم[8]، قال: فمن قال: ثمانية أرطال قال: ليس ذلك بمحفوظ، قال: وسمعت أحمد يقول: من أعطى في صدقة الفطر برطلنا هذا خمسة أرطال وثلثًا فقد أوفى، قيل: الصيحاني ثقيل، قال: الصيحاني أطيب، قال: لا أدري"[9]، وابن أبي ذئب هو محمد بن عبدالرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، مُحدِّث فقيه من رواة الكتب الستة، ونسبة الصاع إليه على اعتبار أنه مشتهر عنه، وموجود عنده، ومتوارث لديه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أنه كان عنده صاع كصاع النبي صلى الله عليه وسلم فجعل الناس صِيعانهم على صاعه، فاشتهر الصاع به، ويحتمل أنه كان يصنع الصِّيعان[10].

 

ثم ذكر الإمام أحمد أن الصاع الذي كان معروفًا لديهم هو صاع ابن أبي ذئب، ومقداره خمسة أرطال وثلث، والصيحاني هو نوع من تمر المدينة، والمقصود بقوله: "ثقيل"؛ أي: أنه لو وُزِنَ منه خمسة أرطال وثلث، فإنه لن يملأ الصاع؛ لأنه ثقيل الوزن، وليس مثل التمر الآخر الذي يكون خفيفًا، وهذا معلوم لدى أهل النخيل، فمن التمور ما تكون كثافتها أشد من غيرها كنبتة السيف مثلًا، فيثقل وزنها؛ لكثرة مائها، وشدة كثافتها، ومنها ما يكون أقل كثافة حتى يقترب من الحشف الخفيف.

 

والمقصود أن التمر الصيحانيَّ إذا مُلِئ منه الصاع، يكون وزنه أزيد من خمسة أرطال وثلث؛ لذلك قال الإمام: "الصيحاني أطيب"؛ أي: أنه إذا ملأ الصاع بالصيحاني الثقيل فهو أطيب، يعني: أنه يملأ منه الصاع وإن كان يزيد في الوزن عن خمسة أرطال وثلث لكونه ثقيلًا، فإن مقدار خمسة أرطال وثلث منه أقل من ملء الصاع لثقله، وإذا أتى المؤمن بصاع يملؤه بطعامٍ ثقيل له قيمة، لا شكَّ أنه أكمل وأطيب، وأحسن وأشكر، وقوله: "لا أدري": أي: لو وزن أحد من التمر الصيحاني خمسة أرطال وثلثًا، ولم تُملأ الصاع، واكتفى بها، هل تكفي أو لا تكفي؟ فهو يشك في كونها كافية؛ لأنها لم تبلغ مقدار الصاع من حيث الكيل، وإن كانت بلغت مقداره من حيث الوزن[11]، فتردده مبني على معيار الإجزاء لديه؛ هل الاكتفاء بالوزن، أم لا بد من مراعاة الحجم؟ والذي جاءت به السنة مراعاة الحجم، لذلك استروح لها وقال: "أطيب"، والله تعالى أعلم.

 

قال أبو عبيد القاسم بن سلام: "وجدت الآثار قد نُقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين بعدهم بثمانية أصناف من المكاييل: الصاع، والمُد، والفَرَق، والقسط، والمُدْيُ، والمختوم، والقفيز، والمَكُّوك، إلا أن عظم ذلك في المُد والصاع"[12]، وقال في تقدير الصاع: "فقد فسرنا ما في الصاع من السنن، وهو كما أعلمتك: خمسة أرطال وثلث، والمُد ربعه، وهو رطل وثلث، وذلك برطلنا هذا الذي وزنة مائة درهم وثمانية وعشرون درهمًا"[13].

 

فالرطل: معيار يُوزن به ويُكال، والأرطال تختلف باختلاف أعراف الأمصار، وقد كان ذلك مشهورًا كما قال الجاحظ: "الأمراء تتحبَّب إلى الرعية بزيادة المكاييل، ولو كان المذهب في الزيادة في الأوزان كالمذهب في زيادة المكاييل، ما قصروا، كما سأل الأحنف عمر بن الخطاب الزيادة في المكاييل؛ ولذلك اختلفت أسماء المكاييل، كالزيادي، والفالج، والخالدي، حتى صِرنا إلى هذا الملجم اليوم"[14].

 

ولهذا؛ فالرطل الشامي مقداره 480 درهمًا[15]، والرطل المقدسي مقداره 800 درهم، والرطل الحلبي مقداره 700 درهم، والرطل المصري مقداره 144 درهمًا[16]، وأقلها الرطل البغدادي فإنه يقارب 130 أو 128 درهمًا، والكلام هنا إنما هو على الرطل البغدادي الذي اعتبره جمهور العلماء أساسًا تُقاس به الموزونات والمكاييل في المعاملات الشرعية؛ قال الفيومي رحمه الله: "قال الفقهاء: وإذا أُطلق الرطل في الفروع، فالمراد به رطل بغداد"[17].

 

وحتى مقدار الرطل البغدادي، فإنه مختلف فيه بين أهل العلم[18]؛ قال ابن الرفعة الأنصاري: "اختلف النقلة في الرطل البغدادي، فقيل: إنه مائة وثمانية وعشرون درهمًا، وقيل: مائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم... وقيل: مائة وثلاثون درهمًا"[19]، وقال الخاروف معلقًا: "والجدير بالذكر أن الفقهاء اختلفوا في تقدير دراهم الرطل البغدادي فيما بينهم؛ فالحنفية قالوا بأنه يتركب من «130» درهمًا كيلًا، أو «91» مثقالًا كيلًا، وأما المالكية والحنابلة فقالوا بأنه يتركب من «128» درهمًا كيلًا، أو «90» مثقالًا، وقال الشافعية: إنه يتركب من 4/  7 128 درهمًا كيلًا، أو «90» مثقالًا، ورغم هذه الاختلافات فإن الرطل البغدادي يعادل «408» جرامًا"[20].

 

وفي كتاب (الميزان) في الأقيسة والأوزان: أنه توصل بعد بحث عميق ودقيق في هذا الموضوع إلى أن وزن المثقال الذي قُدر به الرطل البغدادي يساوي 4، 53 جرامًا، وأن الدرهم بناء عليه يساوي 3، 17 جرامًا[21]، فيكون وزن المثقال= 3/  7 1 ×3/  17= 4/  52 جراما تقريبًا، بناء على أن وزن الدرهم الإسلامي الشرعي يقارب (3) غرامات[22]؛ قال الشيخ عبدالله المنيع معلقًا على ذلك: "وعليه فإن مقدار وزن الصاع بالجرامات باعتبار أن وزن المثقال = 4، 53 جرامًا يكون = 480 × 4، 53 = 2174، 4 جرامًا أي 2175 جرامًا تقريبًا، ويكون مقدار وزن الصاع بالجرامات باعتبار أن وزن الدرهم = 3، 17 جرامًا، يكون = 685، 714× 3، 17 = 2173، 7 جرامًا تقريبًا.

 

وقد بحثت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية مقدار الصاع بالكيلوجرام، وكان بحثها معتمدًا على أن صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، وأن المُد ملء كفي الرجل المعتدل، وكان منها تحقيق عن مقدار ملء كفي الرجل المعتدل، وتوصل هذا التحقيق إلى أن مقدار ذلك قرابة 650 جرامًا للمد، فيكون مقدار الصاع 2600 جرام.

 

والذي عليه العمل والفتوى حسب ما صدر من سماحة شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله مفتي عام المملكة، المنصوص عليها في الجزء الرابع عشر من مجموع رسائله وفتاواه[23]، وكذلك الفتوى الصادرة من اللجنة الدائمة بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء برقم 12572[24] أن الصاع النبوي مقداره 3 كيلو تقريبًا"[25].

 

قال ابن باز رحمه الله تعالى: "صاع النبي صلى الله عليه وسلم أربع حفنات، أربع حفنات باليدين المعتدلتين، وأما الوزن هو الوزن.

 

الحاصل: أنه بالحفنات أضبط، حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين، هذا صاع النبي عليه الصلاة والسلام، وهو بالرطل خمسة أرطال وثلث بالرطل العراقي، والرطل تسعون مثقالًا، والرطل والثلث يعني: مائة وعشرين مثقالًا، فالمعنى أنه أربعمائة وثمانون مثقالًا، الصاع النبوي على هذا لكن باليدين أضبط من الوزن، كونه باليدين المعتدلتين المملوءتين كما بيَّن أهل اللغة"[26]. وقال: "زكاة الفطر مقدارها بصاعنا الآن ثلاثة كيلو تقريبًا؛ لأن خمسة أرطال مثل صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو باليدين الممتلئتين المتوسطتين أربع مرات، كما ذُكر في القاموس وغيره إذا ملأ يديه أربع مرات، وهما معتدلتان، وملأهما ملئًا تامًّا، هذا عن مد، والأربع عن صاع، وبالكيلو ثلاثة كيلو تقريبًا، ثلاثة كيلو يشف قليلًا[27]، فإذا أخرج ثلاثة كيلو فقد احتاط وأخرج صاعًا كاملًا للفطرة"[28]، وسُئل: كم يقدر الصاع النبوي بالكيلو؟ فأجاب: "ثلاثة كيلو إلا شيئًا قليلًا، ثلاثة كيلو تقريبًا"[29].

 

وفي فتاوى اللجنة الدائمة: "المقصود بالصاع: صاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربع حفنات بكفَّي رجل معتدل الخلقة"[30]، وجاء عنها أيضًا: "إن الذي تحرر لنا في مقدار الصاع النبوي: أنه قدر أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل في الخلقة إذا كانتا مملوءتين، وهذا هو الذي ذكره بعض أهل العلم كصاحب النهاية والقاموس، وأما الآصُع الموجودة في الأسواق فيختلف بعضها عن بعض؛ وعليه فإن العمدة في التقدير ما ذكره العلماء بالتقدير بحفنة يدي الرجل المعتدل خلقة، والله أعلم"[31].

 

وقال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله تعالى: "صاع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، وقد قدر العلماء رحمهم الله هذا الصاع؛ أعني صاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بالبر الرزين، يعني الجيد، وإنما قدروه بذلك لأن المكاييل تختلف والموازين أضبط، فلذلك قدروها بالوزن، فمن احتاط وأخرجها من البر الرزين كيلوين ونصفًا فلا حرج عليه، لأن الزيادة خير، ومن أراد أن يقتصر على الواجب فإننا قد حررناه فبلغ كيلوين وأربعين غرامًا، وأعني بذلك الصاع النبوي، والأمر في هذا واسع، يعني أن الإنسان إن أخرج أكثر من الواجب فلا حرج عليه، خلافًا لمن قال من العلماء: إن إخراج أكثر من الواجب مكروه، لأنه زيادة عما فرضه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن الصواب: أنه ليس بمكروه، وأنه لا بأس به"[32].

 

وقد أجرى الشيخ خالد السرهيد دراسة عملية، بالتعاون مع الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس، فحاول تقدير الصاع النبوي بطريقة الحفنات المعهودة، فقاسها على أربعين رجلًا معتدلي الخلقة ومتوسطي اليدين، وانتهى إلى أن هذه الطريقة تعطي نتائج متباينة؛ لأن الأيدي تختلف، وانتهى إلى أن الصاع يقارب: 2500 مللتر[33]؛ أي: 2500 جرام.

 

وبالله التوفيق، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه ومن تبعه بإحسان، والحمد لله رب العالمين.



[1] فتاوى نور على الدرب (15/  278).

[2] القاموس المحيط، والمصباح المنير، ولسان العرب، ومغني المحتاج 1/  383، والإيضاح والتبيان ص 73.

[3] روضة الطالبين 2/  301، 302، وتبيين الحقائق 1/  309.

[4] التحرير والتنوير، لابن عاشور 13/ ‏28.

[5] وانظر: المغني 4/ 168، مواهب الجليل 3/ 119، مغني المحتاج 1/ 575، كشاف القناع 2/ 59.

[6] «روضة الطالبين» (2/  162).

[7] إتحاف الأريب بشرح الغاية والتقريب 1/ ‏141.

[8] وفي بعض النسخ أن قوله: "وهو صاع النبي صلى الله عليه وسلم" من قول أبي داود رحمه الله تعالى.

[9] سنن أبي داود 1/ ‏62 (238).

[10] وانظر: المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود للسبكي 1/ ‏312.

[11] وانظر: شرح سنن أبي داود للعباد 19/ ‏12، وقال: "والصاع في هذا الزمان يعادل ثلاثة كيلوجرامات، فإذا أخرج ثلاثة كيلوجرامات من الأرز - من الرز - في زكاة الفطر، فإنها بقدر الصاع".

[12] الأموال، لابن سلام (688).

[13] الأموال، (700).

[14] البيان والتبيين 1/ ‏257.

[15] انظر: لسان العرب 11/  286.

[16] انظر: مطالب أولي النهى للرحيباني 1/  46.

[17] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، للفيومي 1/ ‏230.

[18] تحويل الموازين والمكاييل الشرعية إلى المقادير المعاصرة، عبدالله بن سليمان المنيع، منشور في مجلة البحوث الإسلامية 59/ ‏173.

[19] الإيضاح والتبيان، لابن الرفعة (65).

[20] الإيضاح والتبيان: تحقيق الدكتور محمد الخاروف (65).

[21] نقله عنه محمد الدريويش في أحكام السوق في الإسلام (119).

[22] وهي بالضبط: (2.975 جرام).

[23] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز (14/  200).

[24] انظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة (9/  371).

[25] تحويل الموازين والمكاييل الشرعية إلى المقادير المعاصرة، عبدالله بن سليمان المنيع، منشور في مجلة البحوث الإسلامية 59/ ‏173.

[26] فتاوى نور على الدرب (15/  278).

[27] أي: ينقص قليلًا.

[28] موقع الشيخ على الشبكة، نور على الدرب، مقدار الصاع النبوي.

[29] موقع الشيخ، فتاوى الدروس: كم يبلغ مقدار الصاع النبوي بالكيلو؟

[30] فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى 9/ ‏365.

[31] فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى 9/ ‏222.

[32] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين 20/ ‏139، وانظر أيضًا: تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة 3/ ‏48.

[33] الصاع النبوي (تحديده والأحكام الفقهية المتعلقة به) خالد بن سعد بن محمد السرهيد: (77).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كيف تتخطى مرحلة الـ(لو)
  • فقر المشرك
  • هل السلام من خصائص هذه الأمة؟
  • تعريف القلب
  • شيعة مهتدون
  • قول القلب وعمله
  • أهمية عمل القلب

مختارات من الشبكة

  • خطابات الضمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل (PDF)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • من فوائد التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذخر الحرير بشرح مختصر التحرير لأحمد بن عبد الله البعلي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • جوامع الكلم النبوي: دراسة في ثراء المعاني من حديث النغير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية تحرير المصطلحات(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • دفع ما يوهم التعارض في البيان النبوي: دراسة بلاغية تطبيقية على الحديث النبوي الشريف (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المسجد النبوي: عودة الأئمة إلى المحراب النبوي في الصلوات(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • خطبة المسجد النبوي 11/7/1433 هـ - فضل المدينة والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحرير في حديث توسل الضرير (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يدعو إلى تحرير العبيد من الرق وكفل للإنسان حق الحرية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/2/1447هـ - الساعة: 15:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب