• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وجادلهم بالتي هي أحسن (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة: كيف نربي شبابنا على العقيدة الصافية؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    حقيقة الدنيا في آية
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    لأنه من أهل بدر
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    بيان كريم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مما لا ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { قل آمنا بالله وما ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    ذكر الله حياة القلوب
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تحريم جعل الله عرضة للأيمان
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    ما مر بي بؤس قط
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    بين الخوف والرجاء
    إبراهيم الدميجي
  •  
    البخاري والدولة الأموية والعباسية: دراسة علمية في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    أمران من عقائد النصارى أبطلهما القرآن بسهولة ويسر ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ألهاكم التكاثر (خطبة)

ألهاكم التكاثر (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/2/2025 ميلادي - 26/8/1446 هجري

الزيارات: 7148

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ألهاكم التكاثر


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ ذَمَّ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ التَّبَاهِيَ وَالتَّفَاخُرَ بَيْنَ النَّاسِ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْعَدَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ [التَّكَاثُرِ: 1، 2]. وَأَصْلُ التَّكَاثُرِ: أَنْ يَطْلُبَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَالْمَعْنَى: شَغَلَكُمْ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ التَّكَاثُرُ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا؛ حَتَّى دُمْتُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ إِلَى أَنْ مِتُّمْ وَدُفِنْتُمْ فِي الْمَقَابِرِ.

 

وَلَمْ يُعَيِّنِ اللَّهُ تَعَالَى الْمُتَكَاثَرَ بِهِ؛ قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُتَكَاثَرَ بِهِ، لِيَشْمَلَ ذَلِكَ كُلَّ مَا يَتَكَاثَرُ بِهِ الْمُتَكَاثِرُونَ، وَيَفْتَخِرُ بِهِ الْمُفْتَخِرُونَ؛ مِنَ التَّكَاثُرِ فِي الْأَمْوَالِ، وَالْأَوْلَادِ، وَالْأَنْصَارِ، وَالْجُنُودِ، وَالْخَدَمِ، وَالْجَاهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ مِنْهُ مُكَاثَرَةُ كُلِّ وَاحِدٍ لِلْآخَرِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَجْهَ اللَّهِ). وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَتَأَمَّلْ تَعْلِيقَهُ سُبْحَانَهُ الذَّمَّ وَالْوَعِيدَ عَلَى مُطْلَقِ التَّكَاثُرِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمُتَكَاثَرٍ بِهِ مُعَيَّنٍ؛ لِيَدْخُلَ فِيهِ التَّكَاثُرُ بِجَمِيعِ أَسْبَابِ الدُّنْيَا عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا وَأَنْوَاعِهَا.

 

وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّكَاثُرَ تَفَاعُلٌ، وَهُوَ طَلَبُ كُلٍّ مِنَ الْمُتَكَاثِرِينَ أَنْ يُكْثِرَ صَاحِبَهُ، فَيَكُونَ أَكْثَرَ مِنْهُ فِيمَا يُكَاثِرُهُ بِهِ، وَالْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ: تَوَهُّمُهُ أَنَّ الْعِزَّةَ لِلْكَاثِرِ؛ كَمَا قِيلَ: وَلَسْتَ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمْ غِنًى … وَإِنَّمَا الْعِزَّةُ لِلْكَاثِرِ).

 

إِذًا؛ التَّكَاثُرُ الْمَذْمُومُ هُوَ التَّكَاثُرُ مِنْ أَجْلِ الدُّنْيَا، وَحُطَامِهَا الزَّائِلِ؛ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى صَاحِبَ الْجَنَّتَيْنِ- لَمَّا افْتَخَرَ عَلَى صَاحِبِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾ [الْكَهْفِ: 34]؛ وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الْحَدِيدِ: 20]. فَهَذِهِ هِيَ حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ لَعِبٌ وَهَزْلٌ بَاطِلٌ مُنْقَطِعٌ لَا دَوَامَ لَهُ. وَلَهْوٌ يُلْهِي النَّاسَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، ثُمَّ يَنْقَضِي. وَالْحَيَاةُ الدُّنْيَا زِينَةٌ تَتَزَيَّنُونَ بِهَا، وَتَسْتَطِيبُونَ شَهَوَاتِهَا، وَتَسْتَحْسِنُونَ مَنْظَرَهَا وَزُخْرُفَهَا. وَهِيَ تَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ؛ فَيَفْخَرُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِمَا حَصَّلَهُ مِنْهَا. وَالْحَيَاةُ الدُّنْيَا تَكَاثُرٌ؛ تَتَكَثَّرُونَ فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، وَتَتَبَاهَوْنَ فِيهَا بِكَثْرَةِ ذَلِكَ بَيْنَكُمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 14].

 

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (كُلُّ مَا يُكَاثِرُ بِهِ الْعَبْدُ غَيْرَهُ - سِوَى طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِنَفْعِ مَعَادِهِ - فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا التَّكَاثُرِ [أَيِ: الْمَذْمُومِ]، فَالتَّكَاثُرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ مِنْ مَالٍ، أَوْ جَاهٍ، أَوْ رِئَاسَةٍ، أَوْ نِسْوَةٍ، أَوْ حَدِيثٍ، أَوْ عِلْمٍ - وَلَا سِيَّمَا إِذَا لَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهِ. وَالتَّكَاثُرُ: أَنْ يَطْلُبَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا مَذْمُومٌ. وَكُلُّ مَنْ كَاثَرَ إِنْسَانًا فِي دُنْيَاهُ، أَوْ جَاهِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ أَشْغَلَتْهُ مُكَاثَرَتُهُ عَنْ مُكَاثَرَةِ أَهْلِ الْآخِرَةِ) بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ.

 

وَيُؤَيِّدُهُ؛ مَا جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَهُوَ يَقْرَأُ: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ قَالَ: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي، مَالِي، وَهَلْ لَكَ - يَا ابْنَ آدَمَ - مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟!» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي، مَالِي، إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى [أَيِ: ادَّخَرَهُ لِنَفْسِهِ فِي الْآخِرَةِ]، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: هُنَاكَ تَكَاثُرٌ مَحْمُودٌ؛ وَهُوَ فِيمَا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَهَذَا تَكَاثُرٌ فِيهِ مُنَافَسَةٌ فِي الْخَيْرَاتِ، وَمُسَابَقَةٌ إِلَيْهَا؛فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الِاسْتِبَاقِ فِي الْخَيْرَاتِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 148]؛ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 114]؛ أَيْ: يُبَادِرُونَ إِلَيْهَا، فَيَنْتَهِزُونَ الْفُرْصَةَ فِيهَا. وَالْمُنَافَسَةُ: مُجَاهَدَةُ النَّفْسِ لِلتَّشَبُّهِ بِالْأَفَاضِلِ، وَاللُّحُوقِ بِهِمْ مِنْ غَيْرِ إِدْخَالِ ضَرَرٍ عَلَى غَيْرِهِمْ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: 26]؛ أَيْ: وَفِي ذَلِكَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، الَّذِي لَا يَعْلَمُ حُسْنَهُ وَمِقْدَارَهُ إِلَّا اللَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ؛ فَلْيَتَسَابَقِ الْمُتَسَابِقُونَ، وَلْيُبَادِرُوا إِلَيْهِ، بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَهَذَا أَوْلَى مَا بُذِلَتْ فِيهِ نَفَائِسُ الْأَنْفَاسِ، وَأَحْرَى مَا تَزَاحَمَتْ- لِلْوُصُولِ إِلَيْهِ- فُحُولُ الرِّجَالِ.

 

وَمِنْ صُوَرِ التَّكَاثُرِ الْمَحْمُودِ: مَا كَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي تَصَاوُلِهِمْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُكَاثَرَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي أَسْبَابِ مَرْضَاتِهِ، وَنُصْرَةِ دِينِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا؛ مَا كَانَ بَيْنَ عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مِنَ التَّنَافُسِ الْمَحْمُودِ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَلَمَّا تَبَيَّنَ لِعُمَرَ مَدَى سَبْقِ أَبِي بَكْرٍ لَهُ قَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا». صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَالتَّكَاثُرُ: أَنْ يَطْلُبَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا مَذْمُومٌ، إِلَّا فِيمَا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ، فَالتَّكَاثُرُ فِيهِ مُنَافَسَةٌ فِي الْخَيْرَاتِ، وَمُسَابَقَةٌ إِلَيْهَا).

 

وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ: (النُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ الْعُلْوِيَّةُ ذَاتُ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ إِنَّمَا تُكَاثِرُ بِمَا يَدُومُ عَلَيْهَا نَفْعُهُ، وَتَكْمُلُ بِهِ، وَتَزْكُو، وَتَصِيرُ مُفْلِحَةً، فَلَا تُحِبُّ أَنْ يُكْثِرَهَا غَيْرُهَا فِي ذَلِكَ، وَيُنَافِسَهَا فِي هَذِهِ الْمُكَاثَرَةِ، وَيُسَابِقَهَا إِلَيْهَا، فَهَذَا هُوَ التَّكَاثُرُ الَّذِي هُوَ غَايَةُ سَعَادَةِ الْعَبْدِ.

 

وَضِدُّهُ: تَكَاثُرُ أَهْلِ الدُّنْيَا بِأَسْبَابِ دُنْيَاهُمْ، فَهَذَا تَكَاثُرٌ مُلْهٍ عَنِ اللَّهِ، وَعَنِ الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَهُوَ صَائِرٌ إِلَى غَايَةِ الْقِلَّةِ، فَعَاقِبَةُ هَذَا التَّكَاثُرِ: قُلٌّ، وَفَقْرٌ، وَحِرْمَانٌ.

 

وَالتَّكَاثُرُ بِأَسْبَابِ السَّعَادَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ تَكَاثُرٌ لَا يَزَالُ يُذَكِّرُ بِاللَّهِ وَلِقَائِهِ، وَعَاقِبَتُهُ: الْكَثْرَةُ الدَّائِمَةُ الَّتِي لَا تَزُولُ وَلَا تَفْنَى، فَصَاحِبُ هَذَا التَّكَاثُرِ لَا يَهُونُ عَلَيْهِ أَنْ يَرَى غَيْرَهُ أَفْضَلَ مِنْهُ قَوْلًا، وَأَحْسَنَ مِنْهُ عَمَلًا، وَأَغْزَرَ مِنْهُ عِلْمًا. وَإِذَا رَأَى غَيْرَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ يَعْجِزُ عَنْ لَحَاقِهِ فِيهَا؛ كَاثَرَهُ بِخَصْلَةٍ أُخْرَى، هُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمُكَاثَرَةِ بِهَا.

وَلَيْسَ هَذَا التَّكَاثُرُ مَذْمُومًا، وَلَا قَادِحًا فِي إِخْلَاصِ الْعَبْدِ؛ بَلْ هُوَ حَقِيقَةُ الْمُنَافَسَةِ، وَاسْتِبَاقِ الْخَيْرَاتِ).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ صُوَرِ التَّكَاثُرِ الْمَذْمُومِ فِي هَذَا الزَّمَانِ:

1- التَّكَاثُرُ فِي الْأَمْوَالِ، وَالْأَوْلَادِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَهُنَاكَ تَنَافُسٌ مَسْعُورٌ بَيْنَ النَّاسِ فِي التَّكَاثُرِ فِي الْأَمْوَالِ؛ وَقَدْ وَصَلَتْ حُمَّى التَّكَاثُرِ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الَّذِينَ يُحَمِّلُونَ أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْقُرُوضِ وَالدُّيُونِ؛ لِيُكَاثِرُوا غَيْرَهُمْ!

 

2- التَّكَاثُرُ وَالتَّفَاخُرُ بِالْأَنْسَابِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

3- التَّكَاثُرُ بِالْجَاهِ وَالشُّهْرَةِ، وَالْأَتْبَاعِ، وَالرِّئَاسَاتِ، وَالشَّهَادَاتِ، وَالْمَنَاصِبِ: وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ التَّكَاثُرِ مَنْشَؤُهُ حُبُّ الشُّهْرَةِ، وَالثَّنَاءُ، وَالْمُبَاهَاةُ، وَهِيَ أَمْرَاضٌ وَآفَاتٌ وَمُهْلِكَاتٌ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا؛ مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ، وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

4- التَّكَاثُرُ وَالتَّبَاهِي وَالتَّبَاذُخُ بِالْمَأْكُولَاتِ، وَالْمَشْرُوبَاتِ، وَالْإِسْرَافِ فِي ذَلِكَ.

 

5- التَّكَاثُرُ وَالْمُبَاهَاةُ وَالْمُفَاخَرَةُ بِاللِّبَاسِ، وَالْأَزْيَاءِ، وَالزِّينَةِ، وَالْمُقْتَنَيَاتِ.

 

6- التَّكَاثُرُ فِي اقْتِنَاءِ أَجْهِزَةِ التِّقْنِيَّةِ الْمُعَاصِرَةِ؛ كَالْجَوَّالَاتِ وَنَحْوِهَا.

 

7- التَّكَاثُرُ فِي أَلْعَابِ الْأَطْفَالِ، وَوَسَائِلِ تَرْفِيهِهِمْ.

 

8- التَّكَاثُرُ وَالْمُفَاخَرَةُ بِالْأَسْفَارِ، وَالْحِلِّ وَالتَّرْحَالِ، وَالنُّزْهَاتِ، وَالْمُنَاسَبَاتِ.

 

وَمِنَ الْأَضْرَارِ وَالْآفَاتِ النَّاجِمَةِ عَنِ التَّكَاثُرِ الْمَذْمُومِ فِي هَذَا الزَّمَانِ:

1- التَّعَرُّضُ لِسَخَطِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِقَابِهِ: بِالتَّفْرِيطِ فِي أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَالْجُرْأَةِ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْمُحَرَّمَاتِ.

 

2- انْتِشَارُ التَّحَاسُدِ، وَالتَّدَابُرِ، وَالْأَحْقَادِ، وَالْفُرْقَةِ، وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ.

 

3- اخْتِلَالُ الْمَوَازِينِ، وَاضْطِرَابُ التَّصَوُّرَاتِ، وَسُفُولُ الْأَخْلَاقِ.

 

4- طُولُ الْأَمَلِ، وَضَيَاعُ الْعُمُرِ.

 

5- الطَّمَعُ وَالْجَشَعُ، وَعَدَمُ الْقَنَاعَةِ، وَالتَّكَبُّرُ عَلَى النَّاسِ.

 

6- انْتِشَارُ آفَةِ التَّرَفِ: وَالَّتِي يَنْشَأُ عَنْهَا مِنَ التَّرَهُّلِ، وَالْوَهَنِ، وَعَدَمِ تَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ، وَتَرْكِ الْجِهَادِ وَالْمُجَاهَدَةِ، وَضَعْفِ النُّفُوسِ، وَالِاسْتِسْلَامِ لِلْأَعْدَاءِ.

 

7- كَثْرَةُ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ، وَالشُّعُورُ بِالِاكْتِئَابِ، وَفِقْدَانِ السَّعَادَةِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ألهاكم التكاثر
  • وقفات مع قوله تعالى: ألهاكم التكاثر
  • أخلاق يحبها الله تعالى (خطبة)
  • ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • موعظة وذكرى(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • خطبة: التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألهاكم التكاثر(مادة مرئية - موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي)
  • تأملات في سورة ألهاكم التكاثر(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • { ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجادلهم بالتي هي أحسن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف نربي شبابنا على العقيدة الصافية؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/3/1447هـ - الساعة: 15:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب