• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تعظيم النصوص الشرعية (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    العجز والكسل: معناهما، وحكمهما، وأسبابهما، ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    خطبة: تأملات في بشرى ثلاث تمرات - (باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (10) أم سلمة رضي ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿إنما ذلكم الشيطان يخوف ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    فن التعامل مع الآخرين
    يمان سلامة
  •  
    تفسير: (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    من أخطاء المصلين (5)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    رد القرض عند تغير قيمة النقود (PDF)
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    هل أنت راض حقا؟
    سمر سمير
  •  
    حين يرقى الإنسان بحلمه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطى المساجد (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    فوائد من حديث: أتعجبين يا ابنة أخي؟
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    مع سورة المعارج
    د. خالد النجار
  •  
    وقفات مع اسم الله السميع (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الظلم
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

قد بين الله لكم فلا تضلوا (خطبة)

قد بين الله لكم فلا تضلوا (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/1/2025 ميلادي - 5/7/1446 هجري

الزيارات: 7153

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قد بيَّن الله لكم فلا تضلوا


الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الدُّنيَا وَإِن طَالَت وَامتَدَّت فَهِيَ قَصِيرَةٌ، وَإِنْ عُمِّرَ فِيهَا الإِنسَانُ مَا عُمِّرَ، فَنِهَايَتُهُ المَحتُومَةُ هِيَ المَوتُ وَالرُّجُوعُ إِلى رَبِّهِ، تَارِكًا وَرَاءَ ظَهرِهِ مَا اكتَسَبَهُ وَخَاصَمَ في تَحصِيلِهِ وَجَمعِهِ، خَالِيَةً يَدَاهُ مِمَّا تَجَاوَزَ الحُدُودَ لِنَيلِهِ وَحَرِصَ عَلَى حِفظِهِ وَمَنعِهِ، وَكَمَا وَرِثَ هُوَ مَن سَبَقَهُ، فَسَيَرِثُهُ مَن بَعدَهُ، وَلأَنَّ النُّفُوسَ تُحِبُّ المَالَ وَتَحرِصُ عَلَى تَحصِيلِ أَكبَرِ قَدرٍ مِنهُ وَلَو عَلَى حِسَابِ غَيرِهَا، فَقَد تَوَلَّى الرَّبُّ جَلَّ وَعَلا في كِتَابِهِ، وَتَوَلَّى نَبِيُّهُ فِيمَا صَحَّ عَنهُ، قِسمَةَ التَّرِكَاتِ وَتَوزِيعَ المَوَارِيثِ، وَجَاءَتِ الآيَاتُ وَالأَحَادِيثُ مُنَظِّمَةً لِهَذَا الشَّأنِ مُبَيِّنَةً حَقَّ كُلِّ ذِي حَقٍّ، مُمَيِّزَةً مَن يَرِثُ وَمَن لا يَرِثُ، وَمَن لَهُ النَّصِيبُ فَرضًا وَمَن يَنَالُ مَا يَنَالُ تَعصِيبًا، إِلى غَيرِ ذَلِكَ مِن أَحكَامٍ يَجِدُهَا مَن تَعَلَّمَ وَتَفَقَّهَ، وَيَرجِعُ عَامَّةُ النَّاسِ فِيهَا إِلى المَحَاكِمِ الشَّرعِيَّةِ وَالقُضَاةِ، لِيَقسِمُوا لَهُمُ التَّرِكَاتِ وَمَا خَلَّفَهُ مُوَرِّثُوهُم، فَيَأخُذَ كُلٌّ حَقَّهُ، وَتَصفُوَ النُّفُوسُ في الغَالِبِ رِضًا بِمَا قَسَمَهُ اللهُ، وَلِعِلمِهِم أَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ اللهِ في البَشَرِ، وَأَنَّ مَن وَرِثَ اليَومَ فَسَيُورَثُ غَدًا، وَمَن أَخَذَ نَصِيبَهُ في حِيَاتِهِ، فَسَيُؤخَذُ مِنهُ نَصِيبٌ بَعدَ وَفَاتِهِ.

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ، النُّفُوسُ تُحِبُّ المَالَ حُبًّا جَمًّا، وَالشُّحُّ فِيهَا حَاضِرٌ دَائِمًا، وَمَا لم يَستَحضِرِ المَرءُ القِيمَةَ الحَقِيقِيَّةَ لِلدُّنيَا، فَإِنَّهُ سَيَنطَلِقُ لِجَمعِهَا بِطَمَعٍ وَجَشَعٍ، نَاسِيًا أَو مُتَنَاسِيًا، أَنَّهُ كَمَا يُحِبُّ المَالَ وَتَرغَبُ نَفسُهُ في الحُطَامِ، فَإِنَّ الآخَرِينَ كَذَلِكَ لَهُم نَصِيبٌ مِمَّا تَتُوقُ إِلَيهِ نَفسُهُ، وَلَهُم نَظَرٌ وَتَطَلُّعٌ إِلى مَا يَنظُرُ إِلَيهِ وَيَتَطَلَّعُ؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 17 - 20]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ﴾ [القيامة: 20، 21]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 6 - 8]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ﴾ [النساء: 128]، وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "يَهرَمُ ابنُ آدَمَ وَيَشِبُّ مِنهُ اثنَانِ: الحِرصُ عَلَى المَالِ وَالحِرصُ عَلَى العُمُرِ"، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَو كَانَ لابنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِن مَالٍ لابتَغَى ثَالِثًا، وَلا يَملأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن تَابَ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

هَذَا هُوَ الإِنسَانُ بِفِطرَتِهِ وَجِبِلَّتِهِ، شَحِيحٌ كَنُودٌ جَمَّاعٌ مَنَّاعٌ، يُحِبُّ المَالَ حُبًّا شَدِيدًا جَمًّا، وَيُؤثِرُ جَمعَهُ وَمَنعَهُ، وَيَكبُرُ حُبُّهُ لَهُ كُلَّمَا تَقَدَّمَ عُمُرُهُ، وَلا يَشبَعُ مِنهُ مَهمَا كَثُرَ عِندَهُ، بَل لا يَزَالُ يَرَى نَفسَهُ دُونَ غَيرِهِ، وَأَنَّ ثَمَّ مَن هُوَ أَغنَى مِنهُ، وَمِن ثَمَّ فَقَد مَدَحَ اللهُ تَعَالى الَّذِينَ يُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم، وَيُفَضِّلُونَ غَيرَهُم عَلَيهَا، وَامتَنَّ عَلَى المُؤمِنِينَ بِأَنْ وَقَاهُم شُحَّ أَنفُسِهِم، وَأَخبَرَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ سَبَبُ الفَلاحِ وَالنَّجَاةِ؛ قَالَ تَعَالى عَنِ الأَنصَارِ: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]، وَقَالَ سُبحَانَهُ مَذَكِّرًا عِبَادَهُ المُؤمِنِينَ: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 15، 16].

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَحرِصْ عَلَى إِعطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، مِن تَأَخُّرٍ في قِسمَةِ المَوَارِيثِ بَعدَ مَوتِ مُوَرِّثِيهِم، فَإِنَّ ذَلِكَ مَدعَاةٌ لِضَيَاعِ الحُقُوقِ، وَتَحَمُّلِ مَن يَتَهَاوَنُ في ذَلِكَ أَو يَتَعَمَّدُ تَأخِيرَهُ ذُنُوبًا كَبِيرَةً وَأَوزَارًا كَثِيرَةً، هُوَ في غِنًى عَنهَا لَو حَرِصَ وَعَدَلَ، وَأَسلَمَ وَجهَهُ للهِ وَقَنِعَ بِمَا آتَاهُ، ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ تُقَاتِهِ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ لَمِمَّا يُؤلِمُ كُلَّ مُحِبٍّ لِلمُسلِمِينَ، أَن يُضطَرَّ إِخوَةٌ وَأَخَوَاتٌ وَأُمَّهَاتٌ وَنَحوُهُم مِنَ الأَقَارِبِ وَالأَرحَامِ، إِلى المَحَاكِمِ وَالقَضَاءِ، أَوِ المُحَامِينَ وَمُؤَسَّسَاتِ الأَمنِ لِفَضِّ نِزَاعَاتٍ وَالفَصلِ في خُصُومَاتٍ، سَبَبُهَا وَاحِدٌ مِنهُم أَوِ اثنَانِ أَو أَكثَرُ، لم يَنَالُوا حَقَّهُم مِنَ المِيرَاثِ، أَو مَنَعُوا حَقَّ غَيرِهِم أَو أَخَّرُوهُ، مَعَ أَنَّهَا حُقُوقٌ بَيِّنَةٌ مَنَحَهَا اللهُ أَصحَابَهَا، وَقَسَمَها بِنَفسِهِ في كِتَابِهِ، وَلم يَجعَلْ لأَحَدٍ فِيهَا فَضلاً عَلَى أَحَدٍ، وَلَيسَ ثَمَّ حَاجَةٌ فِيهَا لِلاستِعَانَةِ بِحَاكِمٍ أَو وَالٍ أَو مُحَامٍ أَو قَاضٍ، أَفَيَبلُغُ الطَّمَعُ بِالمُسلِمِ وَحُبُّهُ الدُّنيَا إِلى أَن يَتَرَدَّدَ في تَنفِيذِ حُكمِ اللهِ وَالأَخذِ بِوَصِيَّتِهِ، وَإِلى أَن يُخَادِعَ لِيُضَلِّلَ عَن بِيَانِهِ الَّذِي أَنزَلَهُ في كِتَابِهِ، لَقَد قَالَ اللهُ تَعَالى في خِتَامِ إِحدَى آيَاتِ المَوَارِيثِ: ﴿ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11]، وَقَالَ في مَوضِعٍ آخَرَ: ﴿ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ * تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 12 - 14]، وَقَالَ في المَوضِع الثَّالِثِ: ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء: 176]، فَأَيُّ قَلبٍ تَبلُغُ بِهِ القَسوَةُ أَوِ الشَّكُّ أَوِ التَّرَدُّدُ إِلى أَن يُخَالِفَ أَمرَ اللهِ وَيَتَعَدَّى حُدُودَهُ، أَو يَتَحَايَلَ عَلَى مَا فَرَضَهُ وَأَوصَى بِهِ، أَو يُمَاطِلَ وَيَلتَفَّ عَلَى مَا بَيَّنَهُ أَكمَلَ البَيَانِ لِيُخفِيَهُ وَيُغَيِّرَهُ وَيُحَرِّفَهُ عَن مَوَاضِعِهِ؟! أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، فَمَا الدُّنيَا بِبَاقِيَةٍ لأَحَدٍ وَلَو طَالَت، وَلا المَالُ بِنَافِعٍ مَن أَخَذَهُ مِن غَيرِ حِلِّهِ وَلَو كَثُرَ، وَإِنَّ مِن وَرَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا مَوتًا وَقَبرًا وَحَشرًا وَحِسَابًا، وَجَزَاءً وَثَوَابًا أَو عِقَابًا، فَلْيَقِفْ عِندَ حَدِّهِ، وَلْيَكتَفِ بِحَقِّهِ، وَلْيَعدِلْ وَلا يَظلِمْ، فَإِنَّ الظُّلمَ ظُلُمَاتٌ يَومَ القِيَامَةِ، وَإِنَّ مِن أَشَدِّ الظُّلمِ وَأَشنَعِهِ، وَأَدَلِّهِ عَلَى لُؤمِ صَاحِبِهِ وَخَسَاسَةِ نَفسِهِ وَدَنَاءَتِهِ، أَن يَأخَذَ حَقَّ يَتِيمٍ أَو يَمنَعَ امرَأَةً نَصِيبَهَا، لأَنَّهُمَا لا يَستَطِيعَانِ لِضَعفِهِمَا أَن يَنَالا حَقَّهُمَا؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10]، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيمِ وَالمَرأَةِ"؛ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

فَيَا للهِ، كَيفَ يَهتَنِئُ بِمَالٍ مَن يَأكُلُهُ في بَطنِهِ نَارًا وَهُوَ مَوعُودٌ بِالسَّعِيرِ؟! وَكَيفَ يَتَكَثَّرُ بِمَالٍ حَرَّجَ النَّبيُّ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَن أَكَلَهُ وَجَعَلَهُ في ضِيقٍ مِن أَمرِهِ؟!

 

فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ أَن تُبَصِّرَنَا بِالحَقِّ وَتُعِينَنَا عَلَى أَدَائِهِ، وَأَن تَكفِيَنَا بِحَلالِكَ عَن حَرَامِكَ، وَأَن تُغنِيَنَا بِفَضلِكَ عَمَّن سِوَاكَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • طوبى للغرباء (خطبة)
  • أنفقوا فقد جاء شهر الخير (خطبة)
  • معلم مخلص ومتعلم جاد (خطبة)
  • بيوت مطمئنة وأسر آمنة (خطبة)
  • عمار المساجد هم المهتدون (خطبة)
  • ولكن ينزل بقدر ما يشاء (خطبة)
  • حفظ المال العام والتحذير من الاعتداء عليه (خطبة)
  • أحي والداك؟.. ففيهما فجاهد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة التوحيد بين الواقع والمأمول(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة التوحيد بين الواقع والمأمول(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • التوحيد بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين خطرات الملك وخطرات الشيطان (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/6/1447هـ - الساعة: 17:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب