• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عبودية الترك
    د. ناصر بن حسين مجور
  •  
    خطبة بر الوالدين
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    من آفات اللسان (3) الكذب (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    خطبة: الإيجابية.. خصلة المؤمنين
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    حفظ الأسرار خلق الأبرار (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    المضاف إلى الله
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة عن الرياء
    د. رافع العنزي
  •  
    خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    بطاعة الله ورسوله نفوز بمرافقة الحبيب (صلى الله ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: نعمة تترتب عليها قوامة الدين والدنيا
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن الصمت
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    يا محزون القلب، أبشر
    تهاني سليمان
  •  
    كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة
    د. مصطفى يعقوب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

انتظار الفرج (خطبة)

انتظار الفرج (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2023 ميلادي - 6/12/1444 هجري

الزيارات: 26919

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

انتظارُ الفَرَجِ


الحمدُ للهِ غافرِ الذنبِ وقابلِ التَّوْبِ، جاعلِ الفرجِ قرينَ البلاءِ والكَرْبِ، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له من بُعْدٍ وقُرْبٍ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلَّمَ عليه وعلى كافةِ الآلِ والصَّحْبِ.

 

أما بعدُ. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]...

 

أيها المؤمنون!

الضَّعْفُ قدَرُ اللهِ في البَشرِ، وسِمَتُهم في الوجودِ. وأشدُّ ما يكونُ ذلك الضَّعْفُ عند انعدامِ الحيلةِ، وجُثُومِ البلاءِ، واستبهامِ وجوهِ الأسبابِ، وانسدادِ أُفُقِ الفرَجِ في الواقعِ المنظورِ، وانقضاضِ جنودِ اليأسِ على مملكةِ القلبِ الضعيفِ المكْلُومِ بالتَّحزينِ والتخريبِ؛ شأنَ طبيعةِ اليأسِ البشريِّ التي أبانَها الخالقُ -سبحانه- بقولِه: ﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا ﴾ [الإسراء: 83]. بَيْدَ أنَّ لأهلِ الإيمانِ في ذلك الموقفِ العصيبِ خصيصةَ رحمةٍ ربانيةٍ يتميَّزونَ بها عن الغَيْرِ؛ يَنْظُرُونَ من خلالِها للواقعِ المَريرِ نظرةَ فأْلٍ لا يراه بها إلا مَن عَمَرَ الإيمانُ قلبَه، وتربَّعَ على مَعْقِدِ عرشِه، ونظرَ للواقعِ بمنظارِ اليقينِ؛ وكان مُفْعَمَاً بما يَضُخُّه الإيمانُ من قوةِ عبادةِ انتظارِ الفرَجِ العظيمةِ؛ لِيَخِفَّ بها وطْأةُ البلاءِ، ويُفْتَحَ للأملِ المُشْرِقِ نافذةً كبرى لا يُمكنُ أيُّ بلاءٍ سَدَّها مهما استحكمتْ شِدَّتُه واحْتلكتْ ظلمتُه. فما حقيقيةُ عبادةِ انتظارِ الفرَجِ؟ وما قدْرُها عندَ اللهِ؟ وما أثرُها في تحسينِ الواقعِ المُرِّ؟

 

عبادَ اللهِ!

إنَّ انتظارَ المؤمنِ فرَجَ اللهِ أملٌ في اللهِ كبيرٌ؛ لا تُضيِّقُه ظروفُ شِدَّةٍ، وتَوقُّعٌ جازمٌ بالخيرِ يَجودُ به اللطيفُ الخبيرُ؛ لا يَمنعُ منه انسدادُ الفُرَصِ أو مَنْعُها؛ فهو في كلِّ آناتِه وساعاتِه مُرْتَقِبٌ تفريجَ كربتِه، وتيسيرَ عسرتِه؛ لا يزيدُه مُضِيُّ ساعاتِ البلاءِ وتراكمُها إلا استدناءً للحظةِ الفرجِ، وارتقاباً لحلولِ ساعتِه، وقَصْرَاً للشكايةِ إلى اللهِ؛ فكما أنَّ الأملَ فيه معْقودٌ وحدَه -سبحانه-؛ فكذلك لا تكونُ الشكايةُ إلا إليه، كما قال يعقوبُ -عليه السلامُ- إثْرَ فُقْدَانِه أبناءَه: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 86]، قال قتادةُ: " ذُكِرَ لنا أنَّ نبيَّ اللهِ يعقوبَ لم ينزلْ به بلاءٌ قَطُّ إلا أَتى حُسْنُ ظنِّه باللهِ ‌مِن ‌ورائِه ". والمؤمنُ وهو في ذلك الانتظارِ يتقلَّبُ في أعطافِ عبادةٍ هيَ من عُظْمَى العباداتِ، كما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أفضلُ العبادةِ انتظارُ الفرَجِ " رواه الترمذيُّ وحسَّنَه ابنُ حَجَرِ. وما كان لانتظارِ الفرَجِ من اللهِ ساعاتِ رَهَقِ البلاءِ أنْ يَتَبَوَّأَ هذا المقامَ العليَّ في سُلِّمَ العباداتِ إلا لما حَوَاه من حقائقِ التوحيدِ المُتْرَعَةِ؛ ففي انتظارِ الفرجِ قَطْعُ ‌العلائقِ والأسبابِ إلى اللهِ -تعالى-، وتعلُّقُ القلبِ به، وشُخوصُ الأملِ إليه، والتبرِّي من الحَوْلِ والقوةِ؛ وهذا خالِصُ الإيمانِ. وأشرفُ العباداتِ ‌ولُبُّ ‌الطاعاتِ أنْ يتوجَّهَ القلبُ بهمومِه كلِّها إلى مولاه؛ فإذا نزلَ به ضيقٌ انتظرَ فرَجَهُ منه لا من سواه، وأقبلَ على ربِّه في تفريجِ كرْبِه وكشفِ ضرِّه، أو الظَّفَرِ بمطلوبِه، مع صبرِه وعدمِ ضجرِه وعدمِ شكواه للمخلوقِ، وعدمِ اتهامِه للحقَّ فيما ابتلاه وتأخيرِ كشْفِه؛ فتلكمْ -لَعَمْرُ اللهِ- عبادةٌ وأيُّ عبادةٍ؛ لما فيها من الانقيادِ للقضاءِ والتسليمِ لقدْرِ اللهِ. وفي انتظارِ الفرَجِ زيادةُ الخضوعِ للهِ، وإظهارِ الافتقارِ إليه، وانكسارِ القلبِ بين يديه؛ وما أقربَ فرَجُ اللهِ لمن انكسرَ قلبُه بين يديه، ولم يرتضِ جابراً لكَسْرِه سوى الجبَّارِ -سبحانه-! وفي انتظارِ الفرَجِ من اللهِ إفرادٌ له بالربوبيةِ وتدبيرِ الأمورِ، وأنَّ الكونَ بما حواه في قبْضتِه؛ محكومٌ بقدَرِه، ومزمومٌ بأمرِه، وأنَّ مِن وراءِ حدودِ الواقعِ المنظورِ مشيئةً ربانيةً مُطْلَقةً؛ لا يُعجزُها شيءٌ، ولا يصمدُ أمامَ فرَجِها أيُّ قوةٍ وإنْ تمالأَ عليها أهلُ الأرضِ قاطبةً، وليس لذلك الفرَجِ حدٌّ أو سببٌ أو صورةٌ تكْمُنُ في الحُسْبانِ البشريِّ والحصرِ الذِّهنيِّ؛ إذ قد يكونُ فرَجٌ عظيمٌ لبلاءٍ عامٍّ جاثمٍ بدعوةٍ صالحةٍ مِن مؤمنٍ مغمورٍ! وانتظارُ الفرَجِ من اللهِ مُفْرَدَةٌ من مُفرداتِ حُسْنِ الظنِّ به -سبحانَه-؛ إذ حقيقةُ ذلك الانتظارِ إفلاسٌ مما عدا اللهِ، وخيبةُ ظنٍّ فيما سواه، وقَصْرٌ لِحُسْنِ الظنِّ فيه وحدَه -جلَّ شَأْنُه-؛ وذاك أعظمُ درجاتِ حُسْنِ الظنِّ باللهِ! وانتظارُ الفرجِ من اللهِ مُعايَشَةُ التذاذٍ بتذوِّقِ طَعْمِ معاني أسمائه الحُسنى وصفاتِه العُلا؛ من رحمةِ الرحيمِ، ولُطْفِ اللطيفِ، وجَبْرِ الجَبَّارِ، وقَهْرِ القَّهارِ، وعُلُوِّ العليِّ الأعلى، وسَمْعِ السميعِ، وقُرْبِ القريبِ الباطنِ، واطِّلاعِ الرقيبِ، ومودَّةِ الوَدودِ، ومِنَّةِ المنَّانِ، وعِزَّةِ العزيزِ، وسَعَةِ الواسعِ، وهِبَةِ الوهابِ، ورِزْقِ الرزَّاقِ، وحياةِ الحيِّ، وقيَّوميِّةِ القيومِ، وملكوتِ المَلَكِ المالكِ. ومن هنا باتَ انتظارُ الفرجِ من اللهِ صبراً جميلاً لأمْرهِ وقدَرِه، اتخذَه أنبياءُ اللهِ -عليهم صلواتُه وسلامُه- عُدَّةً لهم في تَخَطِّي عقابيلَ البلاءِ في خاصةِ أمْرِهم وعامِّه؛ فهو الذي أنجى نوحاً بالفلكِ المشحونِ وأغرقَ قومَه بالطوفانِ، وهو الذي صيَّرَ النارَ على الخليلِ بردًا وسلامًا، وهو الذي فرَّجَ عن يونسَ فأخرجَه من ‌بطنِ ‌الحوتِ إذ ناداه في الظلماتِ، وهو الذي أخرجَ الكليمَ من اليمِّ وفَلَقَ له ولقومِه البحرَ وأنجاهم من الكربِ العظيمِ، وهو الذي ردَّ ليعقوبَ بَنِيه وبَصَرَه بعد ابيياضِ عيْنيه، وهو الذي ردَّ على أيوبَ عافيتَه ومالَه وأهلَه بعد فقدانِهم، وهو الذي أخرجَ يوسفَ من الجُبِّ وأخرجَه من السجنِ، وهو الذي رفعَ عيسى ونجَّاه من القتلِ، وهو الذي نجَّا رسولَه من قومِه إذ يَمْكُرون به لِيُثْبِتُوه أو يَقتلُوه أو يُخرِجوه، وسمَّاه المتوكِّلَ؛ لقناعتِه باليسيرِ من الرزقِ، واعتمادِه على اللهِ -تعالى- في الرزقِ والنصرِ والصَّبْرِ على انتظارِ الفرجِ، والأخذِ بمحاسنِ الأخْلاقِ واليقينِ بتمامِ وعْدِ اللهِ. قال الرِّياشيُّ: " ما ‌اعْتراني ‌هَمٌّ فأُنْشِدُ قولَ أبي العَتاهيةِ:

هيَ الأيّامُ والغِيَرُ
وأَمْرُ اللهِ مُنْتَظَرُ
أتيأسُ أنْ ترى فرجاً
فأينَ الرَّبُ والقَدَرُ

 

إلا فرَّجَ اللهُ عني ".

 

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ.

أما بعدُ. فاعلموا أنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ...

 

أيها المؤمنون!

إنَّ انتظارَ الفرجِ من اللهِ نَداوةُ رحمةٍ ربانيّةٍ تُرَطِّبُ جفافَ الواقعِ، سلّى بها اللهُ قلبَ المُعْدَمِ من المالِ إنْ طَلَبَ أقاربُه رِفْدَه بقولِه: ﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ﴾ [الإسراء: 28]. واليأسُ من رَوْحِ اللهِ، وترْكُ انتظارِ فرجِه ضلالٌ لا يكونُ من مؤمنٍ باللهِ، كما قال الخليلُ - عليه السلامُ -: ﴿ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56]. وحرمانُ التسلِّي بانتظارِ الفرجِ وجثومُ اليأسِ عقوبةٌ يُعذِّبُ اللهُ بها أهلَ النارِ المخلَّدينَ، كما قال -سبحانه-: ﴿ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴾ [الزخرف: 75]. وفي انتظارِ فرجِ اللهِ تسريعٌ لفرَجِه، وتَرَقٍّ في سُلِّمِ عبوديتِه، وتلذُّذٌ بمناجاتِه، وظفَرٌ بمواهبِ عِوَضِه إنْ أعطى أو مَنَعَ، واتساعٌ في رؤيةِ الوجهِ المُشرِقِ من بلائه، وعيشٌ بالأملِ الربانيِّ الذي لا يخيبُ صاحبُه ولا تَضِيقُ به شدةٌ، وتَحَلٍّ بالرَّزانةِ والوَقارِ وكريمِ الخُلقِ، وانفساحٌ في وجوهِ الأسبابِ، وتجدُّدٌ في العزيمةِ والنشاطِ، وحسنُ عزاءٍ في كلِّ فائتٍ، وثباتٌ على المبادئ والقِيمِ. قال أحدُ الحكماءِ: " العاقلُ ‌يتعزّى فيما نزلَ به من المكروهِ بأمرين؛ أحدُهما السرورُ بما بقيَ له، والآخرُ رجاءُ الفرجِ مما نزلَ به ". وقال أبَانُ بنُ تَغْلِبٍ: " سمعتُ أعرابياً يقولُ: مِن أفضلِ ‌آدابِ ‌الرجالِ؛ أنه إذا نزلتْ بأحدِهم جائحةٌ، استعملَ الصبرَ عليها، وألْهمَ نفسَه الرجاءَ لزوالِها، حتى كأنَّه لِصبرِه يُعايِنُ الخلاصَ منها والغَنَاءَ؛ توكُّلاً على اللهِ -عزَّ وجلَّ-، وحُسْنَ ظنٍّ به. فمتى لَزِمَ هذه الصفةَ؛ لم يلبثْ أنْ يقضيَ اللهُ حاجتَه، ويُزيلَ كُربتَه، ويُنجحَ طِلْبَتَه، ومعه دِينُه وعِرضُه ومروءتُه ". وبالجملةِ، فإنَّ عُقبى انتظارِ الفرجِ محمودةُ الأثرِ في الدنيا والآخرةِ، وبها يَعْظُمُ الاغتباطُ إن زالتِ الشِّدَّةُ أو بقيتْ. هذا، وإنَّ من جديرِ مُصحِّحَاتِ فَهْمِ انتظارِ فرجِ اللهِ ألا يَستكينَ المرءُ بسلبيةٍ قعودٍ يرومُ من ورائها فرجَ اللهِ؛ كلا، بل فرجُ اللهِ كامنٌ في أسبابٍ يُقدِّرُها أو يَمنعُها، وما على المؤمنِ إلا أنْ يَجِدَّ في طلبِها مُعَلِّقاً قلبَه باللهِ لا على غيرِه، مباشِراً هذه الأسبابَ وإنْ بَدَتْ ضئيلةَ الجدوى في أعينِ الخلْقِ؛ فما غِنَاءُ عصا موسى -عليه السلامُ- حين ضَرَبَ بها البحرَ فانفلقَ فكان كالطَّوْدِ العظيمِ؟! وما أثرُ هَزِّ مريمَ -عليها السلامُ- وقد أنْهَكَها أَلَمُ المخاضِ زيادةً على ألمِ الحُزْنِ في جذْعِ النخلةِ حتى تُسَاقِطَ عليها الرُّطَبَ الجَنِيَّ؟! وإنْ بَارَ كلُّ سببٍ فثمةَ سببٌ لا يَلْحقُه بَوارٌ البتةَ؛ دعاءُ اللهِ، وصبْرٌ باللهِ، وانتظارُ فرجِ اللهِ! فلنْ يَغلبَ عسرٌ يسريْنِ، والشدةُ بتْراءُ لا تدومُ. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: " إِذَا جَاءَكَ أَمْرٌ لَا ‌كِفَاءَ لَكَ بِهِ؛ فَاصْبِرْ، وَانْتَظِرِ الْفَرَجَ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- "، فإمّا يُذْهِبُ اللهُ الشدةَ، أو يُعينُ عليها بالصبرِ والتعايشِ والاسترواحِ بارتقابِ الفرجِ. قال ابنُ رجبٍ: "انتظارُ الفرجِ بالصبرِ عبادةٌ؛ فإنَّ البلاءَ لا يدومُ:

اصبرْ لكلِّ مصيبةٍ ‌وتَجَلَّدِ
واعلمْ بأنَّ الضُرَّ غيرُ مُؤَبَّدِ
واصبرْ كما صَبَرَ الكرامُ فإنّها
نُوَبٌ تَنُوبُ اليومَ تُكْشَفُ في غدِ ".
ادْفَعْ بِصَبْرِكَ ‌حَادِثَ ‌الْأَيَّامِ
وَتَرَجَّ لُطْفَ الْوَاحِدِ الْعَلَّامِ
لَا تَيْأَسَنَّ وَإِنْ تَضَايَقَ كَرْبُهَا
وَرَمَاك رَيْبُ صُرُوفِهَا بِسِهَامِ
فَلَهُ تَعَالَى بَيْنَ ذَلِكَ فُرْجَةٌ
تَخْفَى عَلَى الْأَبْصَارِ وَالْأَفْهَامِ
كَمْ مَنْ نَجَا مِنْ بَيْنِ أَطْرَافِ الْقَنَا
وَفَرِيسَةٍ سَلِمَتْ مِنْ الضِّرْغَامِ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: انتظار الفرج وقت الشدة
  • الفرج بعد الشدة والكرب (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: عبودية الترك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة بر الوالدين(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • من آفات اللسان (3) الكذب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الإيجابية.. خصلة المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حفظ الأسرار خلق الأبرار (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة عن الرياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بطاعة الله ورسوله نفوز بمرافقة الحبيب (صلى الله عليه وسلم) في الجنة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: نعمة تترتب عليها قوامة الدين والدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الصمت(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- انتظار الرحمات يثلج الصدور
عبدالوهاب - Syria 30/06/2023 05:24 AM

شكر الله لكم وجزاكم الله خيراً
جزل العبارة واتساقها تضفي للسامع وقع الندي على يبوس الزرع فيلين لها القلب وينبهر بها اليائس وينقلب الواقع من قنوط إلى حسن الظن بالله فإن الذكرى وتنفع المؤمنين وتجلي عن عيونهم قرب الفرج إذا انغلقت الأسباب والتبس أمر الصابر بانتظاره.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/6/1447هـ - الساعة: 9:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب