• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    غنى الخالق عن خلقه وافتقار جميع خلقه إليه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    قبسات من أنوار عفوه وصفحه صلى الله عليه وسلم عمن ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    واجبنا قبل رمضان
    الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم
  •  
    دموع الخشية من الله عز وجل
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    حسن الاستعداد لموسم الزاد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    تفسير: (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: يا محمد، ألا تخبرني ما الإيمان؟
    الشيخ طارق عاطف حجازي
  •  
    تحويل القبلة: تأملات وعبر
    د. عبدالمحمود يوسف عبدالله
  •  
    يسمونها بغير اسمها
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    جدول أحوال أصحاب الفروض
    علي بن يحيى بن محمد عطيف
  •  
    رفيقك عند تلاوة القرآن (تفاسير مختصرة)
    سالم محمد أحمد
  •  
    خطبة بين يدي رمضان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    أحكام العارية ونوازلها والأدلة والإجماعات الواردة ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    المرشد اليسير للتعامل مع التفاسير
    منى بنت سالم باخلعة
  •  
    القرآن سكينة القلوب (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

اللهم إني أسألك من رحمتك وفضلك (خطبة)

اللهم إني أسألك من رحمتك وفضلك (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/11/2022 ميلادي - 12/4/1444 هجري

الزيارات: 4628

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اللهم إني أسألُك من رحمتك وفضلك


إنَّ الحمدَ لله؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

 

أما بعدُ:

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ... ﴾ [النساء: 1]...

 

أيَّها المؤمنونَ!

من جمالياتِ هدايةِ السيرةِ النبويةِ، وعُمَدِ معالمِ أُسْوتِها ذلكمُ التجسيدُ النبويُّ الواقعيُّ للهدى الربانيِّ في مباشرةِ مجرياتِ الحياةِ وخوضِ عُبابِ أحداثِها، باطِّرادِ مسلكِ الاستقامةِ في دقيقِ الأمرِ وجليلِه، دون غلوٍّ أو جفاءٍ، حتى غدتْ تلك السيرةُ ضياءً ينيرُ للسالكين دربَهم، وحبلًا متينًا موصلًا لهم بالعروةِ الوثقى التي مَن استمسكَ بها نجا وهُدي إلى صراطٍ مستقيمٍ وعاشَ الحياةَ الكريمةَ، سيما في مواقفِ ابتلاءِ الشدةِ ومواطنِ اضطرابِ النفوسِ. وفي موقفِ إملاقٍ طالما كان للنفسِ فيه مَجْزَعٌ كان النبيُّ بإيمانِه صلى الله عليه وسلم -كعادتِه- طَوْدًا ثابتًا على قاعدةِ العبوديةِ، متَّخذًا ذلكمُ الحالَ لَبِنةً قويةً في بناءِ التعلقِ بربِّه الكريمِ وحُسْنِ ظنَّهِ به، وإمدادًا له في تغذيةِ السيرِ إليه وتخطِّي عقابيلَ الدنيا دون هلعٍ أو جزعٍ، والقناعةِ بما قسمَ اللهُ من رزقٍ. روى ذلك الموقفَ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ -رضيَ اللهُ عنه-، فقال: ضَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِهِ يَبْتَغِي عِنْدَهُنَّ طَعَامًا، فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَقَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ ‌مِنْ ‌فَضْلِكَ ‌وَرَحْمَتِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا إِلَّا أَنْتَ»، فَأُهْدِيَتْ إِلَيْهِ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَقَالَ: «هَذِهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ»؛ رواه الطبرانيُّ وصحَّحَه الألبانيُّ.

 

عبادَ اللهِ!

بيتُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مَهْوى أفئدةِ مَن أصابَه الجَهْدُ، ورامَ إصابةَ القِرى. واستضافتُه صلى الله عليه وسلم أولئك نتاجُ كرمِه الأصيلِ وسخاءِ روحِه وتعبُّدِه ربَّه بأدبِ الضيافةِ الواجبِ الذي يحملُ عليه الإيمانُ باللهِ واليومِ الآخرِ. ولربما أضافَ وبيتُه قَفْرٌ مِن نُزُلِ الضيافةِ؛ إذ لا طعامَ فيه، فكان يَعْرِضُ تلك الضيافةَ على أصحابِه مرغِّبًا في المنافسةِ فيها بأسلوبِ السؤالِ والدعاءِ بالرحمةِ الحاملِ في طياتِه رضاه عن القابل، وجزيلَ أجرِه، وتحليتَه بوسامِ شرفِ استضافةِ ضيف ِرسولِ صلى الله عليه وسلم حين يقولُ: " منْ يضيفُ هذا -رحمه اللهُ-؟ "، فكانوا يبادِرون إلى قبولِها وإنْ كان ذلك على حسابِ طعامِ الزوجةِ والصبيةِ والبياتِ على جوعٍ. هكذا كان كرمُه وكان تطبُّعُه على نبْذِ التكلُّفِ وِفقَ أمْرِ ربِّه له بذلك وإذاعتِه أمامَ العالمين إذ يقولُ: ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ [ص: 86]؛ فلم يكنْ صلى الله عليه وسلم يردُّ موجودًا، أو يتكلَّفُ مفقودًا. ولما أضافَ القادمَ استعلمَ زوجاتِه عن قِرىً يُطْعِمُ به ضيفَه جائزتَه، فوردَه نبأُ زوجاتِه أجمعَ ألا قِرى عندهنّ؛ حينها رفعَ حاجتَه إلى مَن لا تُحجبُ دونه الحوائجُ، ولا يؤودُه إسداؤها أيًا كانت، مُجيِّرًا تلك الحاجةَ قُرْبةً تُدْنيه من ربِّه حين يسألُه قضاءَها؛ فيعزُّ بها عند مولاه حين عَزَّ على غيره بعفتِه واغتنى؛ إذ لم يعلِّقْ على أحدٍ سوى ربِّه حاجتَه؛ وأغنى الناسِ عن الناسِ مَن أفردَ اللهَ بحاجتِه، فدعا ربَّه مستَمْنِحًا فضلَه ورحمتَه التي لا يملِكُها أحدٌ سواه، ولم يستقلَّ تلك الدعوةَ وإنْ كانت في طعامٍ يكفي منه القليلُ، وحصولُه يكونُ بأدنى مجهودٍ، سيما وأنه رسولُ اللهِ وكلٌّ يَخطِبُ شرفَ تلبيةِ حاجتِه؛ إذ التعبدُ بالدعاءِ وإظهارُ الافتقارِ إلى اللهِ وطلبُ الزلفى لديه هو المقصودُ وإن كان طلبُ الطعامِ وسيلتَه، فعِظَمُ المقصودِ لا يتضاءَلُ بصغرِ صورةِ وسيلتِه، كما قال بعضُ السلفِ: " لِيسألْ أحدُكم ربَّه حتى في إصلاحِ شِسْعِ نعلِه "، وقال آخرٌ: " إِنِّي لأسأل اللهَ -تَعَالَى- حوائجي فِي صَلَاتي ‌حَتَّى ‌الْملحَ لأهلي ". فسألَ ربَّه من ينبوعِ العطاءِ المباركِ الذي لا يَنفدُ، ممتثِلًا أمرَه إذ يقولُ: ﴿ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النساء: 32]، فسألَه فضلَه ورحمتَه التي لا يملكها أحدٌ سواه؛ فهما الأمانُ الرابحُ من الخسارِ، كما قالَ تعالى: ﴿ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [البقرة: 64]، وبهما العصمةُ الربانيةُ مِن تسلطِ الشيطانِ وإضلالِه ووساوسِه، قال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 83]، وبها تكونُ تزكيةُ النفوسِ، كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 21]، وحُقَّ لها أنْ تكونَ أعظمَ مفروحٍ به حين فاقتْ نعيمَ الدنيا أجمعَ؛ ذلكمُ أمرُ الله وشرْعُه، قال تعالى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

 

أيها المسلمون!

إنّ سعةَ فضلِ اللهِ لَتغمرُ حاجةَ الخلقِ قاطبةً؛ دينيِّها ودنيويِّها، خاصِّها وعامِّها؛ فإنْ طلبَه عبدٌ فإنما يطلبُ العطاءَ الغدقَ الذي لا يَنفدُ مِن أكرمِ الأكرمين؛ إذ الفضلُ توفيقُ هدايةٍ لصراطِ اللهِ المستقيمِ، وإعانةٌ عليه بسدِّ الحاجةِ ومباركةِ الرزقِ والعافيةِ، كيف إنِ اقترنتْ به الرحمةُ الإلهيةُ التي أَوْعبتِ الوجودَ حتى عمّتِ البهائمَ المعجمةَ، كما قال تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]، ويقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " إنّ اللهَ خَلَقَ يومَ خلق السماواتِ والأرضَ مائةَ رحمةٍ، كلُّ رحمةٍ ‌طباقُ ما بين السماءِ والأرضِ، فجعل منها في الأرضِ رحمةً؛ فبها تعطفُ الوالدةُ على ولدِها، والوحشُ والطير ُبعضُها على بعضٍ، فإذا كان يومُ القيامة أكمَلَها بهذه الرحمةِ " رواه مسلمٌ؟! كيف إنْ كان طالبُ الرحمةِ مِن أهلِ الإحسانِ الذين أحسنوا عبادةِ ربِّهم وأحسنوا معاملةَ خلْقِه؟! فللرحمةُ مع المحسنين قُرْبٌ وحظٌّ لا كغيرِهم، كما قال -سبحانه-: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56]، وذلك في رحمةِ الدنيا الواحدةِ، وأعظمُ الحظِّ وأوفرُه مُدَّخَرٌ لهم في الرحماتِ الأخرويةِ التسعةِ والتسعين. وتحقُّقُ فضلِ اللهِ ورحمتِه للعبدِ إنما يكونُ بمقدارِ تمسُّكِه بالإسلامِ والسنةِ؛ فهما معينُ فضلِ اللهِ ورحمتِه، ومنهما تتفجرُ أنهارُ الخيراتِ، قال ابنُ القيّمِ: " وَقَدْ ‌دَارَتْ ‌أَقْوَالُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ فَضْلَ اللَّهِ وَرَحْمَتَهُ هِيَ الْإِسْلَامُ وَالسُّنَّةُ، وَعَلَى حَسَبِ حَيَاةِ الْقَلْبِ يَكُونُ فَرَحُهُ بِهِمَا، وَكُلَّمَا كَانَ أَرْسَخَ فِيهِمَا كَانَ قَلْبُهُ أَشَدَّ فَرَحًا، حَتَّى إِنَّ الْقَلْبَ لَيَرْقُصُ فَرَحَا إِذَا بَاشَرَ رُوحَ السُّنَّةِ أَحْزَنَ مَا يَكُونُ النَّاسُ، وَهُوَ مُمْتَلِئٌ أَمْنًا أَخْوَفَ مَا يَكُونُ النَّاسُ ". وما إنْ دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تلك الدعوةَ المجابةَ إلا ويأْذَنُ اللهُ بتنزُّلِ ثمرةٍ من فضلِه حين طرَقَ بابَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم طارقٌ حاملٌ بين يديه شاةً قد أُحسِنَ شِواؤُها مُهداةً لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فقرَّتْ عينُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بها، وقدَّمَها ضيافةً لضيفِه وطعامًا لأهلِه، رادًَّا الفضلَ لمِن بيدِه وحدَه الفضلُ؛ ممتثِلًا أمرَه إذ يقول: ﴿ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 73]، قائلًا: " هَذِهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ "؛ إقرارٌ بالنعمةِ والعطاءِ الذي ليس للعبدِ يدٌ فيه، أو في استحقاقِ مكافأتِه، وإنما هو تفضَّلٌ ربانيٌّ مَحْضٌ كريمٌ من ربٍّ كريمٍ، وذلك شعارُ الشكرِ الذي به يَرضى اللهُ عن عبدِه، ويبارِكُ له في عطائه، وتكونُ به الزيادةُ، ويَصْبَغُ العبدَ بماءِ الحياءِ من ربِّه أنْ يراه قد اتخذَ نعمتَه سببًا في عصيانِه، أو كانت هذه النعمةُ صادّةً له عن سبيلِ ربِّه.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ.

أما بعدُ، فاعلموا أنَّ أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ...

 

أيها المؤمنون!

وحسنُ ظنِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بربِّه مِلْأَ جَنانِه حين سألُ ربَّه، كيف وقد رأى أثرَ ظنِّه الحسنِ بربِّه رأيَ عينٍ؛ إذ رأى من فضلِ ربِّه إهداءَ الشاةِ المَصْلِيَّةِ في وقتِ جوعٍ وضيافةٍ وخلوِّ أبياتِه من الطعامِ، فكان ظنُّه باللهِ قد بلغَ الذُّرى حين رجا رحمتَه الكبرى التي باتَ منتظرًا لها داعيًا بها قائلًا: " هَذِهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ "؛ رحمةَ المغفرةِ ودخولِ الجنةِ والظفرِ بالوسيلةِ التي لا يَنالها من الخلقِ إلا واحدٌ، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ ‌سَلُوا ‌اللَّهَ ‌لِي ‌الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لي الوسيلةَ حلَّتْ له الشفاعةُ " رواه مسلمٌ.

 

عبادَ اللهِ!

إنَّ العيشَ بذلك المنهجِ الذي كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يطبِّقُه واقعًا حياتيًا مطَّرِدًا في معاشِه، ويمارسُه حلًا ناجعًا في معالجةِ مصاعبِ الحياةِ إنْ كَبُرتْ أو صَغُرَتْ؛ من بلاغِ الدعوةِ ونصرةِ الدينِ وإقامةِ الدولةِ حتى ضيافةِ الضيفِ وتحصيلِ لقمةٍ تَسُدُّ الجوعَ؛ بربطِ أحداثِها بغايةِ الوجودِ؛ وهي تحقيقُ العبوديةِ للهِ، وانضواءِ الأحداثِ تحت حُكْمِه وسلطانِه، ونشأتُها من حكمتِه، والاستعانةُ به -سبحانه- في تخطِّي عِقَباها؛ إنْ في سراءَ شُكْرًا، أو في ضراءَ صَبْرًا، بإظهارِ الافتقارِ وإدمانِ الدعاءِ وسؤالِ اللهِ فضلَه ورحمتَه- إنَّ ذلك هو العصمةُ من الزيغِ والنكوصِ عن اقتفاءِ الصراطِ المستقيمِ والرضوخِ لضغطِ الواقعِ، وسبيلُ الهناءِ بالعيشِ وإن كان صاحبُه مُعْدَمًا حين رضيَ عن ربِّه وقَنِعَ بعطائه، وحبلُ ظنِّه الحَسَنِ بربِّه ورجائه الجميلِ وثيقٌ ممدودٌ؛ لا تُوهِنُهُ الشدائدُ، فضلًا عنْ أنْ تقْطعَه! فتحرَّرَ بسلوكِ ذلك المنهجِ النبويِّ مِن رِقِّ الطمعِ في الخلقِ والأُسارِ بقيودِ مِنِنِهم واسترضائهم على حسابِ الدِّينِ والقِيَمِ، قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: " وَكُلَّمَا قَوِيَ طَمَعُ الْعَبْدِ فِي ‌فَضْلِ ‌اللَّهِ ‌وَرَحْمَتِهِ وَرَجَائِهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَدَفْعِ ضَرُورَتِهِ قَوِيَتْ عُبُودِيَّتُهُ لَهُ وَحُرِّيَّتُهُ مِمَّا سِوَاهُ؛ فَكَمَا أَنَّ طَمَعَهُ فِي الْمَخْلُوقِ يُوجِبُ عُبُودِيَّتَهُ لَهُ؛ فَيَأْسُهُ مِنْهُ يُوجِبُ غِنَى قَلْبِهِ عَنْهُ، كَمَا قِيلَ: اسْتَغْنِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِيرَهُ، وَأَفْضِلْ عَلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَمِيرَهُ، وَاحْتَجْ إلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَسِيرَهُ. فَكَذَلِكَ طَمَعُ الْعَبْدِ فِي رَبِّهِ وَرَجَاؤُهُ لَهُ يُوجِبُ عُبُودِيَّتَهُ لَهُ، وَإِعْرَاضَ قَلْبِهِ عَنْ الطَّلَبِ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ، وَالرَّجَاءُ لَهُ يُوجِبُ انْصِرَافَ قَلْبِهِ عَنْ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ؛ لَا سِيَّمَا مَنْ كَانَ يَرْجُو الْمَخْلُوقَ وَلَا يَرْجُو الْخَالِقَ ".

‌بمَنْ ‌يَستغيثُ ‌العبدُ إلا بربِّه
ومَن للفتى عند الشدائدِ والكَرْبِ
ومَن مالكُ الدنيا ومالكُ أهلِها
ومَن كاشفُ البلوى على البُعْد والقُرْبِ
ومَن يدفعُ الغمّاءَ وقتَ نزولِها
وهل ذاك إلا مِن فعالِك يا ربِّي




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • شرح دعاء اللهم إني أسألك علما نافعا
  • حديث: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك
  • حديث: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك
  • حديث: (اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة)
  • حديث: (اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا)
  • حديث: اللهم إني أسألك من فجأة الخير وأعوذ بك من فجأة الشر

مختارات من الشبكة

  • سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • تفسير: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم..)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أدعية الاستسقاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدعية والأعمال التي يستحب فعلها عند نزول المطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح الدعاء النبوي "اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد"(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • شرح حديث أبي مسعود البدري: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دعاء: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللهم إني ابرأ إليك مما صنع خالد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية
  • متطوعون مسلمون يحضرون 1000 حزمة طعام للمحتاجين في ديترويت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/8/1444هـ - الساعة: 14:40
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب