• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الله لطيف بعباده
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    خطبة (إنكم تشركون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لطائف من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
    سائد بن جمال دياربكرلي
  •  
    فصل آخر: في معنى قوله تعالى: {فإذا سويته ونفخت ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    علة حديث: ((لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    التذكير بأيام الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التسبيح سبب للحصول على ألف حسنة في لحظات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    التحذير من الكسل (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    حين يتجلى لطف الله
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: الحذر من الظلم
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    التوحيد بين الواقع والمأمول (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    حين يستحي القلب يرضى الرب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    البعثة المحمدية وحال الناس قبلها
    عبدالقادر دغوتي
  •  
    خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    إلى كل مشتاق لتحسين الأخلاق (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

محركات القلوب إلى علام الغيوب

محركات القلوب إلى علام الغيوب
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/11/2021 ميلادي - 28/3/1443 هجري

الزيارات: 25475

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محركات القلوب إلى علام الغيوب

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: خُلِقَ الْإِنْسَانُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأُمِرَ فِي دُنْيَاهُ بِعِبَادَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَيَمُوتُ بِأَمْرِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيُبْعَثُ لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ؛ فَإِمَّا رَضِيَ عَنْهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِمَّا سَخِطَ عَلَيْهِ؛ فَكَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَالْعَبْدُ يَسِيرُ فِي دُنْيَاهُ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ مُلَاقِيهِ وَلَا بُدَّ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ*فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ*فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا*وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا*وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ*فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا*وَيَصْلَى سَعِيرًا ﴾ [الِانْشِقَاقِ: 6-12].

 

وَيُحَرِّكُ قَلْبَ الْعَبْدِ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُحَرِّكَاتٌ ثَلَاثٌ، لَا بُدَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَعْلَمَهَا وَيَتَعَاهَدَهَا فِي قَلْبِهِ، وَهِيَ الْمَحَبَّةُ وَالرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَأَقْوَاهَا الْمَحَبَّةُ، وَهِيَ مَقْصُودَةٌ تُرَادُ لِذَاتِهَا؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، بِخِلَافِ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ يَزُولُ فِي الْآخِرَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يُونُسَ: 62]. فَالْمَحَبَّةُ تُلْقِي الْعَبْدَ فِي السَّيْرِ إِلَى مَحْبُوبِهِ، وَعَلَى قَدْرِ ضَعْفِهَا وَقُوَّتِهَا يَكُونُ سَيْرُهُ إِلَيْهِ، وَالْخَوْفُ يَمْنَعُهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ طَرِيقِ الْمَحْبُوبِ، وَالرَّجَاءُ يَقُودُهُ، فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ الْعُبُودِيَّةُ بِدُونِهِ. وَكُلُّ أَحَدٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ. فَإِنْ قِيلَ فَالْعَبْدُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ قَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُهُ عَلَى طَلَبِ مَحْبُوبِهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ يُحَرِّكُ الْقُلُوبَ؟ قُلْنَا: يُحَرِّكُهَا شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: كَثْرَةُ الذِّكْرِ لِلْمَحْبُوبِ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ ذِكْرِهِ تُعَلِّقُ الْقُلُوبَ بِهِ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالذِّكْرِ الْكَثِيرِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 41- 42].

 

وَالثَّانِي: مُطَالَعَةُ آلَائِهِ وَنَعْمَائِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 69]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النَّحْلِ: 53]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لُقْمَانَ: 20]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النَّحْلِ: 18].

 

فَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ تَسْخِيرِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَشْجَارِ وَالْحَيَوَانِ، وَمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِ مِنَ النِّعَمِ الْبَاطِنَةِ مِنَ الْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عِنْدَهُ بَاعِثًا، وَكَذَلِكَ الْخَوْفُ تُحَرِّكُهُ مُطَالَعَةُ آيَاتِ الْوَعِيدِ وَالزَّجْرِ وَالْعَرْضِ وَالْحِسَابِ وَنَحْوِهِ. وَكَذَلِكَ الرَّجَاءُ يُحَرِّكُهُ مُطَالَعَةُ الْكَرَمِ وَالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ وَمَا وَرَدَ فِي الرَّجَاءِ».

فَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ يَعْمَلُهُ الْعَبْدُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَافِعُهُ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِأَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ تَعَالَى فَهُوَ يُحِبُّ مَحْبُوبَاتِهِ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ مَحْبُوبٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَكْتَفِي بِالْمَحَبَّةِ وَحْدَهَا، بَلْ يَجْمَعُ إِلَيْهَا الرَّجَاءَ وَالْخَوْفَ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ رَجَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْخَوْفَ مِنْ عِقَابِهِ سُبْحَانَهُ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي؛ فَيَمْتَنِعُ الْمُؤْمِنُ مِنْهَا مَحَبَّةً لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَكْرَهُهَا، فَلِمَحَبَّتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى يَجْتَنِبُ مَا يَكْرَهُ؛ فَهُوَ يُحِبُّ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَاتِ، وَيَكْرَهُ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْكُفْرِ وَالْمُحَرَّمَاتِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزُّمَرِ: 7]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 7]، وَفِي الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ يَفْعَلُ الطَّاعَاتِ، وَيَنْتَهِي عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ؛ رَجَاءً لِلْأَجْرِ الْمُرَتَّبِ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَالِانْتِهَاءِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَخَوْفًا مِنَ الْعِقَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَى تَرْكِ الطَّاعَاتِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ.

 

وَالْآيَاتُ الْجَامِعَةُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَثِيرَةٌ جِدًّا؛ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 98]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 165]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الْحِجْرِ: 49-50]؛ وَلِذَا يَقْرِنُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَ الْجَنَّةِ بِذِكْرِ النَّارِ، وَذِكْرَ الثَّوَابِ بِذِكْرِ الْعِقَابِ، وَذِكْرَ الْحَسَنَاتِ بِذِكْرِ السَّيِّئَاتِ؛ لِيَعْمَلَ الْمُؤْمِنُ بِالرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ؛ فَلَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ الرَّجَاءُ فَيَقَعُ فِي الْإِرْجَاءِ وَالتَّفْرِيطِ فِي الطَّاعَاتِ، وَارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَالِاسْتِهَانَةِ بِشَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْخَوْفُ فَيَيْأَسُ مِنْ عَفْوِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَغْفِرَتِهِ، وَيَقْنَطُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَجَنَّتِهِ، وَيُشَدِّدُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى النَّاسِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ*وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 81-82]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ*وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 56-57]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التَّغَابُنِ: 9-10].

 

وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَرِّكَاتِ الْقُلُوبِ إِلَيْهِ وَهِيَ الْمَحَبَّةُ وَالرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 57].

 

فَمَا دَعَوْهُ سُبْحَانَهُ، وَلَا ابْتَغَوْا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَلَا طَلَبُوا الْقُرْبَ مِنْهُ؛ إِلَّا لِمَحَبَّتِهِمْ لَهُ سُبْحَانَهُ؛ وَلِذَا تَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِمَا يُحِبُّ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ. وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ، وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ.

 

وَالْمُؤْمِنُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يُصَلِّيهَا يَجْمَعُ فِي تِلَاوَتِهِ لِلْفَاتِحَةِ الْمَحَبَّةَ وَالرَّجَاءَ وَالْخَوْفَ؛ لِتَكُونَ مُحَرِّكًا لِقَلْبِهِ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 2]، وَالْحَمْدُ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالثَّنَاءُ دَلِيلٌ عَلَى الْمَحَبَّةِ، فَلَمَّا أَحَبَّ الْعَبْدُ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ حَمِدَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 3]، وَهَذَا رَجَاءٌ؛ فَإِنَّهُ يَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 4] وَهَذَا خَوْفٌ؛ لِأَنَّهُ تَذْكِيرٌ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ يَوْمُ حِسَابٍ وَجَزَاءٍ. فَاجْتَمَعَ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ الْمَحَبَّةُ وَالرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ.

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَاهَدُوا قُلُوبَكُمْ بِمَا يُوصِلُهَا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الْحَجِّ: 46].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، يَحْتَاجُ قَلْبُ الْعَبْدِ إِلَى تَغْذِيَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ بِمُحَرِّكَاتِ الْقُلُوبِ إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ وَهِيَ: الْمَحَبَّةُ وَالرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ.

 

وَتَغْذِيَةُ الْقَلْبِ بِالْمَحَبَّةِ تَكُونُ بِكَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَذَكُّرِ نِعَمِهِ عَلَى عَبْدِهِ، كَمَا ذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَشْمَلُ التَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّكْبِيرَ وَالِاسْتِغْفَارَ وَالْحَوْقَلَةَ وَالدُّعَاءَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَكَذَلِكَ كَثْرَةُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَكْثَرَ مِنْهَا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى عُمْرَانِ قَلْبِهِ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ اتِّبَاعُ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 31].

 

وَتَغْذِيَةُ الْقَلْبِ بِالرَّجَاءِ تَكُونُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ مَعَ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى؛ بِأَنْ يَظُنَّ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ عَمَلَهُ، وَيَجْزِيهِ عَلَيْهِ أَعْظَمَ الْجَزَاءِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 110].

 

وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ». وَإِذَا وَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ بَادَرَ بِالتَّوْبَةِ، وَمَحَا أَثَرَ الْمَعْصِيَةِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَهُوَ يَرْجُو قَبُولَ تَوْبَتِهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82].

 

وَتَغْذِيَةُ الْقَلْبِ بِالْخَوْفِ تَكُونُ بِتَذَكُّرِ رِقَابَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَإِحَاطَتِهِ سُبْحَانَهُ بِهِ، وَعِلْمِهِ عَزَّ وَجَلَّ بِعَمَلِهِ، وَتَذَكُّرِ عِقَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا أَنْزَلَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ بِأَهْلِ الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ﴾ [الْكَهْفِ: 59]، ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [الْحَجِّ: 48].

 

وَمَنْ أَكْثَرَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ بِتَدَبُّرٍ تَغَذَّى قَلْبُهُ بِالْمَحَبَّةِ وَالرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، وَكَانَ قَرِيبًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، مُحِبًّا لِمَا يُحِبُّهُ سُبْحَانَهُ، مُبْغِضًا لِمَا يُبْغِضُهُ، مُوَالِيًا لِأَوْلِيَائِهِ، مُعَادِيًا لِأَعْدَائِهِ، رَاجِيًا رَحْمَتَهُ وَجَنَّتَهُ، خَائِفًا مِنْ نِقْمَتِهِ وَعَذَابِهِ، وَبِذَلِكَ يَسْتَكْمِلُ إِيمَانَهُ، وَيَكُونُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ؛ ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ*لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يُونُسَ: 62-64].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دواء القلوب، المقرب لحضرة علام الغيوب (1)
  • دواء القلوب، المقرب لحضرة علام الغيوب (2)
  • دواء القلوب، المقرب لحضرة علام الغيوب (3)
  • دواء القلوب، المقرب لحضرة علام الغيوب (12)
  • دواء القلوب، المقرب لحضرة علام الغيوب (13)
  • دواء القلوب، المقرب لحضرة علام الغيوب (14)
  • دواء القلوب، المقرب لحضرة علام الغيوب (15)
  • دواء القلوب، المقرب لحضرة علام الغيوب (16)
  • دواء القلوب، المقرب لحضرة علام الغيوب (17)
  • حياة القلوب في محبة علام الغيوب (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • حياة القلوب تفسير كلام علام الغيوب (الجزء الرابع عشر) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غذاء القلوب في الذكر والدعاء لعلام الغيوب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإقبال على الخير من علامات التوفيق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن فضائل الصحابة رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن الفراسة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن العين والحسد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن التقوى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن الأغذية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلقیح الأفهام في وصایا خیر الأنام للعلامة: عبد الرحمن بن سلیمان الأهدل (ت: 1250 هـ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/5/1447هـ - الساعة: 8:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب