• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من مائدة العقيدة: وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه ...
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أعلى النعيم رؤية العلي العظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    اليد العليا خير
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    كان صلى الله عليه وسلم يتداوى بالقرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الضلال نفق مظلم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    التسبيح في سورة (ق) تفسيره ووصية النبي صلى الله ...
    بدر عبدالله الصاعدي
  •  
    بيان اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: كيف ننجح في التواصل مع الشباب؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الحياة بين الإفراط والتفريط
    شعيب ناصري
  •  
    البناء والعمران بين الحاجة والترف (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    ذكر الله خير من إنفاق الذهب والفضة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    أين تقف حريتك؟! (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تحريم الحلف بالطواغيت والأنداد كاللات والعزى ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المعالجات النبوية لأزمة الفقر (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { وإذ أخذ الله ميثاق ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

إنكم لفي قول مختلف

إنكم لفي قول مختلف
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/12/2019 ميلادي - 29/4/1441 هجري

الزيارات: 25994

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ﴾

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَ الْبَشَرَ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَجَعَلَهُمْ مُخْتَلِفِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ وَأَشْكَالِهِمْ وَلُغَاتِهِمْ آيَةً مِنْهُ وَعِبْرَةً ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الرُّومِ: 22]، وَابْتَلَاهُمْ بِالِاخْتِلَافِ فِي تَفْكِيرِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ؛ لِيَلْتَمِسَ الصَّادِقُونَ الْحَقَّ فَيَتَّبِعُوهُ، وَلِيَضِلَّ أَهْلُ الْهَوَى وَالْجَهْلِ عَنْهُ فَيُفَارِقُوهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّ الْأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَهَا مِنْهُ؛ رَحْمَةً بِأُمَّتِهِ، وَنُصْحًا لَهَا، وَحِرْصًا عَلَيْهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ؛ «فَإِنَّ مَنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِنَّ عَلَى مِثْلِ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا، يَعْمَلُونَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الِاخْتِلَافُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْأَفْكَارِ وَالْآرَاءِ وَالْأَفْهَامِ وَالْأَدْيَانِ سُنَّةٌ رَبَّانِيَّةٌ فِي الْبَشَرِ أَرَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هُودٍ: 118- 119]. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْتَجَّ بِهَذِهِ السُّنَّةِ الْقَدَرِيَّةِ عَلَى اتِّبَاعِ الْبَاطِلِ أَوْ إِقْرَارِهِ أَوِ السُّكُوتِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَدَّرَ ذَلِكَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَفَضْحِ الْبَاطِلِ ﴿ اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 106]، وَنَهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْهَوَى ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [ص: 26].

 

وَسَبِيلُ الْحَقِّ وَاحِدَةٌ، وَسُبُلُ الْبَاطِلِ مُتَعَدِّدَةٌ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 153].

 

وَأَهْلُ الْبَاطِلِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ يَجْتَمِعُونَ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ، وَهُمْ - وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ وَنِحَلُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ- يَجْمَعُهُمُ الْعَدَاءُ لِلْحَقِّ وَأَهْلِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي تَوْصِيفِ ذَلِكَ الْحَقِّ، وَتَوْصِيفِ مَنْ يَحْمِلُونَهُ وَيُبَلِّغُونَهُ؛ وَلِذَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ الْمُعَانِدِينَ لِلرُّسُلِ فِيهِمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّخَبُّطِ وَالضَّيَاعِ وَالضَّلَالِ، وَقَدْ خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُشْرِكِينَ بِذَلِكَ، وَأَقْسَمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 7- 8]. «أَيْ: إِنَّكُمْ -أَيُّهَا الْكُفَّارُ- لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ فِي شَأْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَأْنِ الْقُرْآنِ»، وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ سُبْحَانَهُ فَقَالَ: ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ﴾ [ق: 5]؛ أَيْ: فِي أَمْرٍ مُضْطَرِبٍ مُخْتَلِفٍ.

 

وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ﴾ [النَّبَأِ: 1 - 3]، وَهَذَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ هُوَ نَبَأُ بِعْثَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنُزُولِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَمَا فِيهِ مِنْ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ، وَإِبْطَالِ الشِّرْكِ، وَإِثْبَاتِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ.

 

وَالْمُشْرِكُونَ اخْتَلَفُوا فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ فَتَارَةً يَصِفُونَهُ بِأَنَّهُ سَاحِرٌ، وَأَنَّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ سِحْرٌ ﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 3]. وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: 4- 5]. وَقَالَ قَائِلُهُمْ: ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: 24- 25]، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ وَكَأَنَّهُ رَقَّ لَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَهْلٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَمِّ، إِنَّ قَوْمَكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْمَعُوا لَكَ مَالًا لِيُعْطُوكَهُ، فَإِنَّكَ أَتَيْتَ مُحَمَّدًا تَتَعَرَّضُ لِمَا قِبَلَهُ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا، قَالَ: فَقُلْ فِيهِ قَوْلًا يَبْلُغُ قَوْمَكَ أَنَّكَ مُنْكِرٌ لَهُ وَكَارِهٌ، قَالَ: وَمَاذَا أَقُولُ؟ فَوَاللَّهِ مَا فِيكُمْ رَجُلٌ أَعْلَمُ بِالْأَشْعَارِ مِنِّي، وَلَا أَعْلَمُ بِرَجَزِهَا وَبِقَصِيدِهَا مِنِّي، وَاللَّهِ مَا يُشْبِهُ الَّذِي يَقُولُ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُ حَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَإِنَّهُ لِمُثْمِرٌ أَعْلَاهُ، مُغْدِقٌ أَسْفَلُهُ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى، قَالَ: لَا يَرْضَى عَنْكَ قَوْمُكَ حَتَّى تَقُولَ فِيهِ، قَالَ: فَدَعْنِي حَتَّى أُفَكِّرَ فِيهِ، فَقَالَ: هَذَا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، يَأْثُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ، فَنَزَلَتْ: ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴾ الْآيَاتِ كُلِّهَا».

 

وَتَارَةً يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاعِرٌ أَوْ كَاهِنٌ، وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ إِلَّا شِعْرٌ أَوْ كِهَانَةٌ ﴿ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ﴾ [الطُّورِ: 30]، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلٍ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الْحَاقَّةِ: 40 - 43].

 

وَمَرَّةً يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ، وَمَا يَأْتِيهِمْ بِهِ هُوَ مِنْ أَثَرِ الْجُنُونِ، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى زَعْمَهُمْ هَذَا ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ * بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 35 - 37].

 

وَتَارَةً يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَتَعَلَّمُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ ﴿ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ﴾ [الدُّخَانِ: 13- 14]؛ «أَيْ: عَلَّمَهُ بَشَرٌ أَوْ عَلَّمَهُ الْكَهَنَةُ وَالشَّيَاطِينُ، ثُمَّ هُوَ مَجْنُونٌ وَلَيْسَ بِرَسُولٍ». وَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى زَعْمَهُمْ هَذَا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ [النَّحْلِ: 103]، وَفِي مَقَامٍ آخَرَ: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 4- 5]، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى زَعْمَهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 6].

 

وَتَارَةً يَزْعُمُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَأْخُوذٌ مِنْ صُحُفِ الْأَوَّلِينَ الْمَسْطُورَةِ، الَّتِي لَيْسَتْ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا عَنْ رُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ: ﴿ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 25]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ وَأُبَيًّا ابْنَيْ خَلَفٍ، اسْتَمَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا لِلنَّضْرِ: يَا أَبَا قُتَيْلَةَ، مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: وَالَّذِي جَعَلَهَا بَيْتَهُ مَا أَدْرِي مَا يَقُولُ، إِلَّا أَنِّي أَرَى يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ وَمَا يَقُولُ إِلَّا أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ، مِثْلَ مَا كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ، وَكَانَ النَّضْرُ كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَنِ الْقُرُونِ الْأُولَى، وَكَانَ يُحَدِّثُ قُرَيْشًا فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ».

 

وَتَارَةً مَعَ وَصْفِهِمْ لِلْقُرْآنِ بِالْأَسَاطِيرِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِآيَاتٍ مِثْلِهِ، مَعَ أَنَّهُمْ عَاجِزُونَ وَمُنْقَطِعُونَ وَمَبْهُورُونَ بِالْقُرْآنِ، وَلَكِنَّهَا الْمُكَابَرَةُ وَالْعِنَادُ ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 31].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ لِلْحَقِّ، وَالثَّبَاتَ عَلَيْهِ إِلَى الْمَمَاتِ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُمْ وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُعْرِضُونَ، وَشَكَّكَ فِيهِ الْمُشَكِّكُونَ؛ فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 18- 19].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَهْلُ الْبَاطِلِ حِينَ يَطْعَنُونَ فِي الْحَقِّ وَأَهْلِهِ؛ فَإِنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي اتِّهَامِهِمْ لِأَهْلِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُمْ يَخْتَرِعُونَ هَذِهِ التُّهَمَ مِنْ مَحْضِ عُقُولِهِمْ، وَلَيْسَتْ تُهَمًا حَقِيقِيَّةً. وَهُوَ مَا نُشَاهِدُهُ مِنْ طَعْنِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الْقُرْآنِ وَفِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَفِي الشَّرِيعَةِ وَأَحْكَامِهَا. وَهُوَ مَا يَرْتَدُّ عَلَيْهِمْ فِي النِّهَايَةِ؛ إِذْ يَعْمَلُونَ دَعَايَةً لِلْحَقِّ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ. وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ يُهَاجِمُونَ فِيهَا الْإِسْلَامَ أَوِ الْقُرْآنَ أَوِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزْدَادُ الْإِقْبَالُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتَعَلُّمِهِ، كَمَا تُثْبِتُهُ الْإِحْصَائِيَّاتُ. وَهَكَذَا كَانَتْ أَقْوَالُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الْقُرْآنِ، وَفِي الْإِسْلَامِ، وَفِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبًا لِدُخُولِ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ تَرُدَّهُمْ عَنْهُ؛ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 8- 9]. «وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ عَلَى كَذِبِ الْقَوْلِ وَبُطْلَانِهِ اخْتِلَافُهُ وَتَنَاقُضُهُ...، فَهَذَا الْقَوْلُ الْمُخْتَلِفُ الَّذِي يُحَاوِلُ كُفَّارُ مَكَّةَ أَنْ يَصُدُّوا بِهِ النَّاسَ عَنِ الْإِسْلَامِ... ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ؛ لِتَنَاقُضِهِ وَتَكْذِيبِ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ، فَلَا يُصْرَفُ عَنِ الْإِسْلَامِ بِسَبَبِهِ إِلَّا مَنْ صُرِفَ؛ أَيْ: صَرَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْحَقِّ لِشَقَاوَتِهِ فِي الْأَزَلِ...».

 

وَهَذَا يُحَتِّمُ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ عَدَمَ الِالْتِفَاتِ إِلَى أَقْوَالِ أَهْلِ الْهَوَى وَالضَّلَالِ فِي الشَّرِيعَةِ وَأَحْكَامِهَا؛ لِأَنَّ أَقْوَالَهُمْ فِيهَا مُتَنَاقِضَةٌ مُخْتَلِفَةٌ مُتَهَافِتَةٌ، فَلَا يَغْتَرُّ بِهَا وَيَتْبَعُهَا إِلَّا ذَوُو الْجَهْلِ وَالْهَوَى مِمَّنْ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الشَّقَاءُ فِي الْأَزَلِ. فَيَجِبُ أَنْ لَا تُقْعِدَ أَهْلَ الْإِيمَانِ أَقَاوِيلُ الْمُحَرِّفِينَ وَالْمُفْسِدِينَ الْمُخْتَلِفَةُ عَنِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَنَشْرِ الصَّلَاحِ فِي النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ أَقْوَى مِنْ أَقْوَالِهِمُ الْمُخْتَلِفَةِ، وَأَرْسَخُ جُذُورًا، وَأَدْعَى قَبُولًا ﴿ ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 18].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم)
  • تفسير: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل)
  • تفسير: (فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون)
  • تفسير: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنكم تشركون... والحلف بغير الله(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • { يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم.. }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {علم الله أنكم ستذكرونهن}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: إنكم شكوتم جدب دياركم(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/2/1447هـ - الساعة: 21:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب