• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: زهده وصموده ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    ﻛﺎن ﺧﻠﻘﻪ اﻟﻘﺮآن (خطبة)
    د. عبدالحميد المحيمد
  •  
    هل يوجد شيطان خاص بالوسوسة لكل مصل؟ دراسة حديث ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    إثبات النبوة (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أنواع الإلحاد الواقع في أسماء الله تعالى وصفاته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    امتنان الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    الإسلام العظيم رحمة للعالمين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سلوا الله العافية (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خلاف العلماء في حكم استعمال الإناء المموه بالذهب ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خلق الاحترام (خطبة)
    أحمد عبدالله صالح
  •  
    رسالة شافية إلى كل مهموم
    العنود بنت محمد الطيار
  •  
    لماذا لم يذكر الجن اسم عيسى وكتابه الإنجيل؟
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (7)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    حديث "نكاح الجاهلية على أربعة أنحاء" تخريج ودراسة ...
    د. نايف ناصر المنصور
  •  
    خطبة عن الألفة
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

شكر النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل

شكر النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2019 ميلادي - 7/4/1441 هجري

الزيارات: 65481

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخلال النبوية (20)

شكر النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْغَفُورِ الرَّحِيمِ، الشَّكُورِ الْحَلِيمِ؛ مَنَّ عَلَى عِبَادِهِ فَبَعَثَ لَهُمْ نَبِيَّهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَابَهُ، وَهَدَاهُمْ لِدِينِهِ ﴿ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾ [يُونُس: 108]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَهَادَةً نَرْجُو بِهَا النَّجَاةَ وَالْفَوْزَ يَوْمَ النُّشُورِ، يَوْمَ يُبَعْثَرُ مَا فِي الْقُبُورِ، وَيُحَصَّلُ مَا فِي الصُّدُورِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ، وَيَشْكُرُهُ سُبْحَانَهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، وَيَرْضَى بِقَدَرِهِ وَقَضَائِهِ، وَيَجْتَهِدُ فِي طَاعَتِهِ وَمَرْضَاتِهِ؛ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْمَدُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ؛ فَإِنَّ شُكْرَهُ تَعَالَى دَأْبُ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ﴿ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾ [الْإِسْرَاء: 3]، وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النَّمْل: 40].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

عَاشَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ شَاكِرًا لِلَّهِ تَعَالَى، حَامِدًا لَهُ، رَاضِيًا عَنْهُ، مُبَلِّغًا دِينَهُ، صَابِرًا عَلَى الْأَذَى فِيهِ، قَانِعًا مِنَ الدُّنْيَا بِالْقَلِيلِ؛ رَغْبَةً فِي اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَلَا عُرِفَتْ سِيرَةُ بَشَرٍ كَسِيرَتِهِ، وَلَا حُفِظَتْ أَخْبَارُ نَبِيٍّ كَمَا حُفِظَتْ أَخْبَارُهُ؛ فَصَلَوَاتُ رَبِّنَا وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

 

وَشُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ عَظِيمَةٌ، لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا الْخُلَّصُ مِنَ النَّاسِ. وَسِيرَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَارُهُ مَمْلُوءَةٌ بِتَجْسِيدِ هَذِهِ الْخَصْلَةِ مِنَ الْإِيمَانِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَفِي كُلِّ شُؤُونِهِ وَأَحْوَالِهِ.

 

وَفِي عِبَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ طُولًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَيُرِيدُ بِإِطَالَتِهَا شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا هَدَاهُ وَحَبَاهُ وَأَعْطَاهُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا...» وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ أَوْ تَنْتَفِخَ قَدَمَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ.

 

وَإِذَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحْضِرُ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي صَلَاتِهِ، فَيُطِيلُهَا حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ لِيُحَقِّقَ الشُّكْرَ؛ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رُبَّمَا سَجَدَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ السُّجُودَ مِنْ أَبْيَنِ مَظَاهِرِ الْعُبُودِيَّةِ وَالذُّلِّ وَالْحُبِّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي (ص) وَقَالَ: «سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَةً، وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ: «إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا لِلَّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَرَغْمَ اسْتِحْضَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي صَلَاتِهِ وَسُجُودِهِ وَعِبَادَتِهِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَثِيرَ الدُّعَاءِ بِالشُّكْرِ، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعِينَهُ عَلَى الشُّكْرِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَعَانَ الْعَبْدَ عَلَى شَيْءٍ تَحَقَّقَ لَهُ؛ فَالْأَمْرُ كُلُّهُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى. وَمِمَّا حُفِظَ مِنْ أَدْعِيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ...» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا جَاءَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ قَالَ: «صَحِبْتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا أَنْ نَقُولَ...» فَذَكَرَهُ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اكْتَنَزَ النَّاسُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ، فَاكْتَنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتَ...» فَذَكَرَهَا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُؤَالَ اللَّهِ تَعَالَى الْإِعَانَةَ عَلَى شُكْرِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْكُنُوزِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَدَّخِرَهَا، وَيُحَافِظَ عَلَيْهَا، وَيُكْثِرَ مِنْهَا؛ لِيُعَانَ عَلَى تَأْدِيَةِ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ.

 

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عِنَايَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّهُ كَانَ يُوصِي خَاصَّةَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِالْأَدْعِيَةِ الَّتِي فِيهَا طَلَبُ الْإِعَانَةِ عَلَى الشُّكْرِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، فَقَالَ: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ، لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. فَقَدَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُقَدِّمَةٍ تُرَغِّبُ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حِفْظِ هَذَا الدُّعَاءِ، وَالْعِنَايَةِ بِهِ، وَالْحِرْصِ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ بِحَلِفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهُ يُحِبُّهُ، وَالْمُحِبُّ يَبْذُلُ النُّصْحَ لِمَنْ يُحِبُّ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْأَمِينُ النَّاصِحُ. ثُمَّ أَوْصَاهُ أَنْ يَدْعُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ؛ وَالدُّعَاءُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ الْعَظِيمُ يُبَيِّنُ مَنْزِلَةَ الشُّكْرِ مِنَ الدِّينِ؛ إِذْ أَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ فَرِيضَةً أَمْ نَافِلَةً، نَهَارِيَّةً أَمْ لَيْلِيَّةً، صَلَّاهَا الْمَرْءُ مَعَ جَمَاعَةٍ أَمْ مُنْفَرِدًا. وَالصَّلَاةُ دَائِمَةٌ مَعَ الْعَبْدِ؛ فَمَا أَحْوَجَ الْعَبْدَ لِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يُؤَدِّيَ شُكْرَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُصَلٍّ وَمُصَلِّيَةٍ أَنْ يَجْعَلُوا هَذَا الدُّعَاءَ مِنْ صَلَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَاصَّةِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

 

وَمِنْ أَدْعِيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا» وَهَذِهِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ فِي الشُّكْرِ، أَيِ: اجْعَلْنِي كَثِيرَ الشُّكْرِ عَلَى النَّعْمَاءِ وَالْآلَاءِ.

 

وَمَعَ كَثْرَةِ شُكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّهِ تَعَالَى يُقِرُّ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يُبْلَغُ شُكْرَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ إِذْ سَمِعَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا يُنَاجِي رَبَّهُ فِي سُجُودِهِ فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالشُّكْرِ وَالصَّبْرِ وَالرِّضَا، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَأَسَّوْا بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 21].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

مِنْ حِرْصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يُعَلِّمُ أُمَّتَهُ ذَلِكَ، وَيُرَبِّيهِ فِيهِمْ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ أَنَّ الشُّكْرَ مِثْلُ الصَّبْرِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلطَّاعِمِ الشَّاكِرِ مِثْلَ مَا لِلصَّائِمِ الصَّابِرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّبْرِ أَنَّهُ نِصْفُ الْإِيمَانِ؛ فَكَانَ الْإِيمَانُ شُكْرًا وَصَبْرًا، وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ؛ فَيَصْبِرُ الْعَبْدُ عَلَى مَشَقَّةِ الطَّاعَاتِ، وَيُؤَدِّيهَا بِإِحْسَانٍ؛ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَصْبِرُ الْعَبْدُ عَنِ الْمَعَاصِي وَهُوَ يَشْعُرُ بِالْخَجَلِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ نِعَمُهُ، وَذَلِكَ الشُّعُورُ مِنْهُ شُكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَصْبِرُ عَلَى الْمَصَائِبِ إِذَا أَصَابَتْهُ مُسْتَحْضِرًا مُعَافَاةَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي كُلِّ شُؤونِهِ، وَهَذَا الِاسْتِحْضَارُ شُكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ؛ وَلِذَا عَجِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَالِ الْمُؤْمِنِ فِي تَقَلُّبِهِ بَيْنَ الشُّكْرِ وَالصَّبْرِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَعَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَهُمَا ضَرُورِيَّانِ لِلْإِنْسَانِ، مُتَكَرِّرَانِ مَعَهُ؛ فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، حَمَلْتُكَ عَلَى الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ، وَزَوَّجْتُكَ النِّسَاءَ، وَجَعَلْتُكَ تَرْبَعُ وَتَرْأَسُ، فَأَيْنَ شُكْرُ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَدَلَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى وَسِيلَةٍ يُحَقِّقُ بِهَا الشُّكْرَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ...» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

وَلْنَتَأَمَّلْ شُكْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ الَّذِي يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَقُولُ: «دَعَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ قُبَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا طَعِمَ وَغَسَلَ يَدَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ، مَنَّ عَلَيْنَا فَهَدَانَا وَأَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكُلَّ بَلَاءٍ حَسَنٍ أَبْلَانَا، الْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مُوَدَّعٍ، وَلَا مُكَافَئٍ وَلَا مَكْفُورٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ مِنَ الطَّعَامِ، وَسَقَى مِنَ الشَّرَابِ، وَكَسَا مِنَ الْعُرْيِ، وَهَدَى مِنَ الضَّلَالَةِ، وَبَصَّرَ مِنَ الْعَمَى، وَفَضَّلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ خَلْقِهِ تَفْضِيلًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علامات حب النبي صلى الله عليه وسلم
  • حب النبي صلى الله عليه وسلم لها

مختارات من الشبكة

  • شكر الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شكر النعم سبيل الأمن والاجتماع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شكر الله بعد كل عبادة، عبادة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شكر النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاشوراء شكر وعبادة.. لا مآتم وبدع(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شكر الله وشرح الدعاء النبوي (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • شكر النعمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمن والنعم شكر وحذر(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شكر الله على نعمة الأمن (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الأمن والنعم شكر وحذر(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/5/1447هـ - الساعة: 14:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب