• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطب الاستسقاء (15) أسباب الغيث المبارك
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    سنة الحياة..
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    دلالة السياق في تنوع الحركات في البنية نفسها في ...
    د. صباح علي السليمان
  •  
    تأملات في بعض الآيات (1) بنات العم والعمات، ...
    حكم بن عادل زمو النويري العقيلي
  •  
    عذاب القبر حق
    صلاح عامر قمصان
  •  
    الوسطية بين الخلطة والعزلة
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    كبار السن (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الله الخالق الخلاق (خطبة) – باللعة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    علة حديث إيتاء القرآن قبل الإيمان
    رمزي صالح محمد
  •  
    غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    تفسير: (قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    من أخطاء المصلين (3)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    عش على ما تتمنى أن تموت عليه
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    عواقب الطغيان وخيمة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    عندما تختبر الأخلاق (خطبة)
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

وقفات مع المسافرين (خطبة)

وقفات مع المسافرين (خطبة)
خالد سعد الشهري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/6/2019 ميلادي - 26/10/1440 هجري

الزيارات: 9033

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات مع المسافرين

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ، وَرَزَقَهُمْ لِيَشْكُرُوهُ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى عَظِيمِ نِعَمِهِ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى تَتَابُعِ مِنَنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِيَدِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، مَا مِنْ خَيْرٍ إِلَّا دَلَّ أُمَّتَهُ عَلَيْهِ، وَمَا مِنْ شَرٍّ إِلَّا حَذَّرَهَا مِنْهُ، فَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ وَرَاقِبُوهُ فِي حِلِّكُمْ وَتِرْحَالِكُمْ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبٌ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، ﴿ إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 54].

 

عِبَادَ اللَّهِ: تَرَوْنَ مِنَ النَّاسِ حِرْصًا عَلَى التَّنَقُّلِ وَالْأَسْفَارِ وَخَاصَّةً فِي مَوَاسِمِ الْإِجَازَاتِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْزِمُ حَقَائِبَهُ فِي رِحْلَةٍ طَوِيلَةٍ، لَرُبَّمَا يَنْقَضِي فِيهَا مُعْظَمُ الصَّيْفِ، وَلَنَا مَعَ هَذَا الْمَوْضُوعِ فِي خُطْبَةِ الْيَوْمِ وَقَفَاتٌ؛ فَلِلسَّفَرِ آدَابٌ وَأَحْكَامٌ:

أَوَّلًا: يَنْبَغِي لِمَنْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ أَنْ يُصَحِّحَ وِجْهَتَهُ وَرَغْبَتَهُ مِنْ هَذَا السَّفَرِ، وَالْمُتَأَمِّلُ فِي حَالِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسَافِرِينَ يَجِدْ عَجَبًا وَفَرْقًا شَاسِعًا فِي أَهْدَافِهِمْ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ سَفَرُهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَفَرُهُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ مُشَرِّقٍ فِي الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ، وَمُغَرِّبٍ فِي الْمُنْكَرَاتِ وَالشُّبُهَاتِ.. وَشَتَّانَ بَيْنَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبٍ، مِنَ الْمُسَافِرِينَ الْيَوْمَ قَوْمٌ أَرَادُوا بِسَفَرِهِمْ رِضَى اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، يَمَّمُوا مَرَاكِبَهُمْ إِلَى كُلِّ جَمِيلٍ وَهُدًى، فَلَمْ يَدْفَعْهُمْ حُبُّ الْجَمَالِ وَالسِّيَاحَةِ لِلْخُرُوجِ لِأَمَاكِنِ الْمُنْكَرَاتِ، وَلَمْ يُجَالِسُوا أَهْلَ الْفَسَادِ وَالْمُوبِقَاتِ، فَسِيَاحَتُهُمْ مَضْبُوطَةٌ بِتَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ، وَأَخْلَاقُهُمْ وَآدَابُهُمْ مِنْ آدَابِ الْقُرْآنِ، حَرِيصُونَ فِي أَسْفَارِهِمْ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَهُدًى. وَفِي جَدْوَلِ سَفَرِهِمْ زِيَارَةُ الْأَقَارِبِ وَالْأَرْحَامِ، وَأَثْنَاءَ سَفَرِهِمْ يَتَنَقَّلُونَ بَيْنَ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ، وَيُشَارِكُونَ فِي فِعْلِ الْخَيْرَاتِ، مُتَمَتِّعِينَ بِكُلِّ خَيْرٍ وَمُبَاحٍ، وَمُحْتَسِبِينَ الْأَجْرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ فَهُمْ كَالْغَيْثِ أَيْنَمَا حَلَّ نَفَعَ، فَهَنِيئًا لَهُمْ يَوْمَ كَانَتْ سِيَاحَتُهُمْ فِي رِضَا اللَّهِ، وَفِي حُدُودِ الشَّرْعِ وَآدَابِهِ.

 

وَصِنْفٌ آخَرُ مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَلِلْأَسَفِ: قَوْمٌ زَلَّتْ أَقْدَامُهُمْ وَسَاءَتْ مَقَاصِدُهُمْ؛ فَطَارُوا فِي سَمَاءِ اللَّهِ وَسَارُوا عَلَى أَرْضِ اللَّهِ لَا لِيُطِيعُوهُ، كَلَّا.. فَمُرَادُهُمْ مِنْ سَفَرِهِمْ أَنْ يَعْصُوهُ! سَافَرُوا لِبِلَادٍ يُكْثِرُونَ فِيهَا الْفَسَادَ، وَلَيْسَ لَهُمْ هَدَفٌ إِلَّا تَلْبِيَةُ الرَّغَبَاتِ بِمَا لَا يُرْضِي رَبَّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ، فَضَيَّعُوا فِي سَفَرِهِمُ الصَّلَوَاتِ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ، وَوَقَعُوا فِي الْمُوبِقَاتِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ حَالِ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَضَاعُوا دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ فِي أَسْفَارِهِمْ.

 

أَيُّهَا الْمُسَافِرُونَ: اعْلَمُوا أَنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَلَا يَكْلَمَنَّ الشَّيْطَانُ دِينَكُمْ بِدَعْوَى التَّرْفِيهِ وَالسِّيَاحَةِ فِي بِقَاعٍ شَائِكَةٍ بِمَا فِيهَا مِنْ شَهَوَاتٍ وَشُبُهَاتٍ، وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي حِلِّكُمْ وَترْحَالِكُمْ وَأَقِيمُوا دِينَكُمْ كَمَا يُحِبُّ رَبُّكُمْ لَا كَمَا تُحِبُّونَ، وَحَافِظُوا عَلَى فَرَائِضِكُمْ، وَابْتَعِدُوا عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ أَيْنَمَا كُنْتُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِكُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَانٍ، وَتَأَمَّلُوا جَيِّدًا فِي قَوْلِ اللَّهِ -جَلَّ جَلَالُهُ: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18].

 

عِبَادَ اللَّهِ: اعْلَمُوا أَنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ جَاءَتْ بِآدَابٍ وَأَحْكَامِ لِلْمُسَافِرِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَهَا كُلُّ مُسَافِرٍ قَبْلَ سَفَرِهِ.

 

وَمِنْ تِلْكَ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ:

أَوَّلًا: الْحِرْصُ عَلَى دُعَاءِ السَّفَرِ فِي الذَّهَابِ وَالْعَوْدَةِ: كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ، وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ».

 

ثَانِيًا: يَنْبَغِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ لَا يَنْسَى ذِكْرَ اللَّهِ أَثْنَاءَ سَفَرِهِ، خُصُوصًا فِي الْمُرْتَفَعَاتِ، وَالْمُنْخَفَضَاتِ، قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا»، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَكَانَ النَّبِيُّ وَجُيُوشُهُ إِذَا عَلَوُا الثَّنَايَا كَبَّرُوا، وَإِذَا هَبَطُوا سَبَّحُوا».

 

ثَالِثًا: عَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَغْتَنِمَ حَالَ سَفَرِهِ بِكَثْرَةِ الدُّعَاءِ، فَيَدْعُوَ لِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَلِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلِلْمُسَافِرِ -كَمَا تَعْلَمُونَ- دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ، لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ».

 

رَابِعًا: مِنَ الْأَحْكَامِ فِي السَّفَرِ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَجُوزُ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ إِلَى رَكْعَتَيْنِ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، عَلَى حَسَبِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ حَالِهِ؛ إِمَّا جَمْعَ تَقْدِيمٍ، أَوْ جَمْعَ تَأْخِيرٍ، أَمَّا السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ فَإِنَّ مِنَ السُّنَّةِ فِي السَّفَرِ تَرْكَهَا، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنَ الْأَحْكَامِ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُصَلِّيَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يُومِئُ إِيمَاءً، وَيَجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ لَوْ تَغَيَّرَ الِاتِّجَاهُ.

 

سَادِسًا: مِنَ الْأَحْكَامِ فِي السَّفَرِ جَوَازُ الْفِطْرِ لِلصَّائِمِ، وَكَذَلِكَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَالْجَوْرَبِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، بَدَلًا مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، كَمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ، وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ وَغَيْرُهَا مِنْ أَحْكَامِ السَّفَرِ تَبْدَأُ بِمُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ بِنِيَّةِ السَّفَرِ.

 

وَمَنِ انْتَهَى مِنْ سَفَرِهِ فَلْيُعَجِّلْ بِالرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ؛ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ». وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَسْجِدِ أَوَّلًا قَبْلَ دُخُولِ الْبَيْتِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ مَهْجُورَةٌ قَلَّ مَنْ يَفْعَلُهَا، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ». وَإِذَا أَطَالَ الْمُسَافِرُ الْغَيْبَةَ عَنْ أَهْلِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَاجِئَهُمْ بِرُجُوعِهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِعَوْدَتِهِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ حَتَّى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمَغِيبَةُ».

 

هَذِهِ بَعْضُ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ لِلْمُسَافِرِينَ، ذَكَّرْتُ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِهَا، أَسْاَلُ اللَّهَ أَنْ يُفَقِّهَنَا وَإِيَّاكُمْ فِي الدِّينِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَإِخْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

عِبَادَ اللَّهِ: عَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي حَالِ سَفَرِهِ تَقْوَى اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِيمَا يَأْتِي وَيَذَرُ، وَعَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ وَالصُّحْبَةِ الصَّالِحَةِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي سَفَرِهِ، وَإْدَخَالِ السُّرُورِ عَلَيْهِمْ. وَلْيَكُنْ سَفَرُهُ سَفَرَ طَاعَةٍ يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَلْيَحْذَرْ مِنْ سَفَرٍ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، أَوْ يَبْقَى فِي أَمَاكِنَ يَكْرَهُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ نَوَى سَفَرًا مِنْ أَسْفَارِ الدُّنْيَا طَالَ أَمْ قَصُرَ ذَلِكَ السَّفَرُ، أَنْ يَتَذَكَّرَ بِسَفَرِهِ ذَلِكَ السَّفَرَ الطَّوِيلَ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَلْيَتَأَمَّلْ بِمَحَطَّةِ الْوُصُولِ بَعْدَ سَفَرِ الدُّنْيَا، وَلْيَتَذَكَّرْ بِهَا مَحَطَّةَ الْوُصُولِ بَعْدَ سَفَرِ الْآخِرَةِ، أَهِيَ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالْأَرْضُ، أَمْ نَارٌ تَلَظَّى، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ جَهَنَّمَ وَعَذَابِهَا. وَعَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نُخَفِّفَ عَلَى أَنْفُسِنَا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ، وَلْنَتَحَلَّلْ مِمَّنْ ظَلَمْنَاهُ، وَلْنَرُدَّ لِأَهْلِ الْحُقُوقِ حُقُوقَهُمْ قَبْلَ سَفَرِ الْآخِرَةِ؛ فَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ».

 

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيْرِ الْمُتَّقِينَ، وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا».





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صلاة المسافر
  • المسافر الأخير (قصيدة تفعيلة)
  • المسافر والصوم
  • الصوم الحقيقي، وصوم المريض والمسافر
  • من مذكرات المسافر قهرا
  • وقفات مع المسافرين (خطبة)
  • شرح حديث: إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة

مختارات من الشبكة

  • وقفات تربوية مع قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سيد الأخلاق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وقفات تربوية مع دعاء: (اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة العاديات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (6)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/5/1447هـ - الساعة: 16:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب