• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الصيام وأقسامه
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    أعظم سورة في القرآن
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    أحكام الدية (خطبة)
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    من صفات عباد الرحمن: قيام الليل (خطبة)
    محمد بن أحمد زراك
  •  
    من فضائل شهر رمضان ووجوب صيامه (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    منهج الإمام يحيى بن سعيد القطان في توثيق الرواة ...
    أ. د. طالب حماد أبوشعر
  •  
    جذور طرائق التدريس الحديثة في الهدي النبوي ...
    هبة أحمد مصطفى
  •  
    حديث: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    { أياما معدودات }
    د. خالد النجار
  •  
    أنواع الصبر
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    تفسير: (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    سورة البقرة (9) آيات الصيام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أنفقوا فقد جاء شهر الخير (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    الذكر بعد الصلاة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    دمعة الخلوة (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

قاعدة: لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان

قاعدة: لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان
د. أشرف عبدالرحمن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/2/2018 ميلادي - 24/5/1439 هجري

الزيارات: 90885

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قاعدة: لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان

 

يكثر الكلام عند العصرانيِّين على هذه القاعدة[1]، ويقصدون بعض الأحكام المتصلة بالمعاملات دون العبادات، والتغير أوجبه عندهم تغير المصالح والأعراف والعادات.

 

ويرى هؤلاء أن الصحابة عللوا الأحكام سواء بالعلل المستنبطة أو المنصوص عليها، وعملوا بالمصلحة والحكمة - وهي ما يترتب على الفعل من نفع أو ضرر - ولم يسيروا وراء الأوصاف الظاهرة، وكان من نتيجة تعليلهم هذا أن غيروا بعض الأحكام تبعًا لتغير المعنى الذي لأجله شرع الحكم.

 

فالأحكام الشرعية المتصلة بمعاملات الناس وعاداتهم وأعرافهم جاءت لتحقق مصالح معينة، وهذه المصالح تتغير في كثير من الأحيان بسبب تغير الزمان، وحينئذ ينبغي - على رأيهم - أن تتغير تلك الأحكام ما دام قد تغيرت مصالحها، ومن هنا وضعوا تلك المقالة وسمَّوها قاعدة.

 

والمقصود «بالتغير» في الحكم الشرعي هو انتقاله من حالة كونه مشروعًا فيصبح ممنوعًا أو ممنوعًا فيصبح مشروعًا باختلاف درجات المشروعية والمنع، وفاتهم أن ما ثبت حكمه بنصوص القرآن والسنة، فهو حكم دائم وثبات لا يملك أحد تغييره، إلا بتشريع أعلى منه أو مساوٍ له، ينسخ الحكم السابق، وهذا ممتنع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته - شرعًا لازمًا - إنما لا يمكن تغييره، لأنه لا يمكن نسخ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن يظن بأحد من علماء المسلمين أن يقصد هذا؛ ولا سيما الصحابة، لا سيما الخلفاء الراشدون، وإنما يظن ذلك في الصحابة أهل الجهل والضلال كالرافضة، والخوارج الذين يكفرون بعض الخلفاء أو يفسقونهم، ولو قدر أن أحدًا فعل ذلك لم يقره المسلمون على ذلك، فإن هذا إقرار على أعظم المنكرات، والأمة معصومة أن تجتمع على مثل ذلك»[2].

 

فهذه المقولة «نغيُّر الأحكام بتغيُّر الزمان» مما لهجت به ألسنة طائفة «العصرانيين»، وغيرهم من المنابذين للشرع في هذا الزمان، متخذين منها متكأ وذريعة لتغيير ما لا يوافق أهواءهم وعقولهم القاصرة من أحكام الإسلام، لا سيما في مجال العلاقات مع الكفار، ومجال أحكام المرأة.

 

وقد قام كثير من الباحثين بتوضيح الحق في هذا الباب، حائلين بين العصرانيين ومبتغاهم.

 

قال الدكتور حسين الترتوري: «قد يظن إنسان أن أحكام الإسلام تتغير وتتبدل بتبدل الأزمان والبيئات ويؤيد ظنه هذا بالقاعدة الفقهية: «لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان».

 

وهذه القاعدة ليست على عمومها وإطلاقها، فالأحكام التي تتغير بتغير الأزمان هي الأحكام الاجتهادية التي لا نص فيها بل دليلها القياس أو المصلحة. أما القواعد الكلية والمبادئ العامة والأحكام الجزئية التي ورد فيها نص فإنها لا تتغير ولا تتبدل، كوجوب أداء الأمانات إلى أهلها، ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوب رد المظالم إلى أهلها، وحرمة السرقة والغش والربا، وحرمة بيع المسلم على بيع أخيه؛ فإن هذا كله لا يدخله التغيير أو التبديل، لكن قد تتغير الوسائل وأساليب التطبيق.

 

فوسيلة حماية الحقوق هي القضاء، وهذا لا يتغير ولا يتبدل، لكن هل يتولى الأمر قاض واحد أو أكثر؟ فهذا مما يمكن أن يندرج تحت القاعدة المذكورة فيتغير بتغير الأزمان، فيجعل ثلاثة قضاة بدلًا من واحد لفساد ذمم الناس.

 

ومن أمثلة ذلك أيضًا: أن الإسلام جاء بمبدأ عامٍ في الشورى فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ [الشورى: 38]، وقال سبحانه وتعالى: {﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159].

 

فهاتان الآيتان قرَّرنا حكمًا، وهو مشروعية الشورى ووجوبها، لكن جاءت بأسلوب مرن؛ بحيث يمكن أن يتغير أسلوب الشورى من عصر إلى عصر، فلم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أناس متفرغون لهذا الأمر، ويمكن في عصرنا أن يخصِّص ولي الأمر عددًا من العلماء ويفرغهم للمشورة، وهذا لا يعني تغيير الحكم وإنما الذي تغير وسيلة التطبيق، وهذا كله انطلاقًا من اختيار الوسيلة التي تحقق المقصد الشرعي للحكم، وهو جلب مصلحة أو تكميلها، أو دفع مفسدة أو تقليلها.

 

ومن أمثلة الأحكام التي يمكن أن تتغير تبعًا لتغير عرف الناس لاختلاف الأزمان والبيئات:

1 - تضمين المودَع الوديعة بالتعدي أو التقصير، وهذا الحكم لا يتغير ولا يتبدل، لكن يرجع إلى العرف لتحديد معنى التعدي أو التقصير في الحفظ، وهذا يختلف باختلاف الأزمان والأماكن.

 

2 - إعطاء البائع والمشتري خيار الرد للعيب، وهذا حكم ثابت لا يتبدل، أما ما يعد عيبًا وما لا يعد فهذا يتغير بتغير الأزمان والأماكن[3].

 

وقال الشيخ صالح الفوزان: «الأحكام الشرعية ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان؛ لأنها تنزيل من حكيم حميد، وإنما الذي يتغير هو اجتهاد المجتهد وفتواه بحسب ما يظهر له من الأدلة. فقد يفتي في وقت بحكم حسبما يظهر له في ذلك الوقت، وحسب ما لديه من الاستعداد العلمي، ثم يتبين له في وقت آخر خلاف ما أفتى به سابقًا، أو يتجدد لديه علم أكثر مما كان لديه سابقًا، فيجب عليه حينئذ أن يفتي بحسب ما ظهر له لاحقًا، ولا يبقى على اجتهاد تبين له خطؤه وقصوره. وليس معنى تغير الفتوى ما يفهمه بعض الجهال أو المغرضين أن ذلك من أجل مجاراة العصور، أو أهواء الناس ورغباتهم؛ فإن ذلك من أعظم الضلال.

 

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾[القصص: 50][4].

 

وقال الشيخ بكر أبو زيد: «دعوى تغير الفتوى بتغير الزمان:... هذه قاعدة صورية لا حقيقية؛ إذ إن جميع من يذكرها من الفقهاء يقيدونها بخصوص تغير الأعراف، والعصرانيون دخلوا من هذا التقعيد الصوري إلى أوسع الأبواب؛ فأخضعوا النُّصوص ذات الدلالة القطعية؛ كآيات الحدود في السرقة والزنا ونحوهما بإيقاف إقامة الحدود لتغير الزمان! وهكذا مما نهايته انسلاخ من الشرع تحت سرادق موهوم»[5].

 

والسؤال الذي يكشف اللَّبس: هل الحادثة - أي حادثة - التي ادعي أن حكمها تغيَّر بتغير الزمان هي في الحالين سواء؟ أي: هل الحادثة التي أخذت الحكم الأول ثم أخذت الحكم الثاني هي بالخصائص نفسها وبجميع الملامح والاعتبارات والحيثيات؟ أو أنها تختلف في خصائصها.. من حالة إلى حالة؟.

 

وبالجواب عن هذا السؤال ينكشف لنا اللبس الذي أحاط بهذه القضية حتى كثر فيها القول وتشعَّب.

إن تلك الحادثة التي تغيَّر حكمها إما أن تكون هي هي عند تغيُّر الحكم بجميع خصائصها والحيثيات التي تكتنفها، وإما أن تختلف في بعض خصائصها وحيثياتها.

 

فإن كانت الأولى فنحن ننازع أشد المنازعة في تغير حكمها؛ لأن ذلك هو النسخ والتبديل المنهي عنهما، وإن كانت الثانية فليست في موضع النزاع، لأنها حينئذ حادثتان متميزتان من حيث خصائصهما والاعتبارات التي تحفهما، وحادثتان لهما حكمان، ليس غريبًا ولا عجيبًا، ولا يقال له تغير ولا تبدل.

 

ونضرب مثالًا يوضِّح المقصود: قتل زيد خالدًا عمدًا وعدوانًا، فحكم هذه الحادثة أن زيدًا عليه القصاص إن لم يعف أولياء الدم، ثم تكررت هذه الحادثة بين رجلين آخرين بالصورة نفسها في أي عصر من العصور، يكون حينئذ الحكم هو القصاص إن لم يعف أولياء الدم.

 

فها هنا حادثتان بخصائص واحدة تحفهما اعتبارات واحدة أخذت حكمًا واحدًا، لا سبيل لتغييره أبدًا.

خذ الحادثة بطرفيها «القاتل والمقتول»، وافرض وقوعها مرة أخرى لكن بدون عمد ولا عدوان، بل خطأ، فإن الحكم حينئذ يختلف؛ فلا قصاص بل دية مسلمة، ولكن الحادثتين ها هنا مختلفتان فاختلف حكمهما، في الأولى قصاص إن لم يعف أولياء الدم، وفي الثانية لا قصاص بل دية مسلمة إلى أولياء الدم إلا أن يصدقوا، فلا عجب إذن أن يكون لحادثتين تختلف خصائصهما حكمان مختلفان، وإن كانت الصورة بادئ ذي بدء تبدو واحدة.

 

إن تغير حكم الحادثة إذا تغير جوهرها وأصبح لها خصائص مغايرة لطبيعتها الأولى أمر طبيعي لا ينبغي أن ينازع فيه أحد، ويبقى النزاع في تغير حكم الحادثة التي لم يتغير جوهرها ولا شيء من خصائصها وحيثياتها، وذلك مثل حكم المؤلفة قلوبهم، وهم نفر من الناس لم يستقر الإيمان في قلوبهم، جعلت الشريعة لهم حقًا في مال الصدقة، يتألفهم الإمام به، ليثبتوا على الإسلام، فيسلم من وراءهم ويسلم المسلمون من فتنتهم وشرهم، وهذا المعنى لا يخاف منه إلا عند ضعف أهل الإسلام وحاجته لنصرتهم ومؤالفتهم، فالنص يوجب إذًا إعطاء هؤلاء المؤلفة لهذا المعنى، فيأتي الإمام ليطبق هذا المعنى فيجد أمامه حالتين:

الأولى: حالة ضعف أهل الإسلام، وقوم يحتاجون لهذا التأليف.

الثانية: حالة قوة أهل الإسلام، وقوم يزعمون أنهم من المؤلفة قلوبهم.

 

فيطبق حكم الله على الحالة الأولى فيعطيهم سهمهم، ويطبق حكم الله على الحالة الثانية فلا يعطيهم، لأنهم ليسوا ممن أمر الله بإعطائهم، وهذا ما يسميه العلماء تحقيق المناط.

 

فهما إذًا حادثتان؛ لكل حادثة حالة خاصة تحتاج إلى حكم خاص ثابت لها لا يتغير، وحادثتان لهما حكمان كما قلنا ليس غريبًا ولا عجيبًا، وكلا الحكمين من الشرع. والتغيُّر عندهم سببه تغير المصالح والأعراف والعوائد.

 

4 - الاهتمام بما اهتم به القرآن واهتمت به السنة أولًا:

فما اهتم به القرآن وكرره في سوره وآياته، وأكده في أمره ونهيه، ووعده ووعيده يجب أن تكون له الأولوية والتقديم والعناية في تفكيرنا وفي سلوكنا، وفي تقويمنا وتقديرنا. وذلك مثل الإيمان بالله سبحانه وتعالى وبرسالاته إلى أنبيائه، وبالدار الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب، وجنة ونار. ومثل أصول العبادات والشعائر، ومثل أصول الفضائل ومكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، ومثل الكلام عن الجهاد في سبيل الله، فهو يأتي بعد العبادات المحضة مباشرة، ومثل الكلام عن أعداء الإسلام ومعرفة طبيعتهم والحذر منهم، وكيفية التخلص منهم، ومثل بيان طبيعة الإيمان والكفر، وصفات المؤمنين وصفات الكافرين وصفات المنافقين، حتى لا تلتبس هذه الأمور في نفس المؤمن، وإن القرآن الكريم هو عمدة الملة وأصل الدِّين وينبوع الإسلام، والسنة إنما تأتي شارحة ومبينة.

 

والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].

 

فهو «يهدي للتي هي أقوم في عالم الضمير والشعور بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض، والتي تطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة، وتطلق الطاقات البشرية الصالحة للعمل والبناء، وتربط بين نواميس الكون الطبيعية ونواميس الفطرة البشرية في تناسق واتساق.

 

ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه، وبين مشاعره وسلوكه، وبين عقيدته وعمله، فإذا هي كلها مشدودة إلى العروة الوثقى التي لا تنفصم، متطلعة إلى أعلى وهي مستقرة على الأرض، وإذا العمل عبادة متى توجه الإنسان به إلى الله، ولو كان هذا العمل متاعًا واستمتاعًا بالحياة.

 

ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة بالأولويات بين التكاليف والطاقة، فلا تشقُّ التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء. ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار، ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال.

 

ويهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض: أفرادًا وأزواجًا، وحكومات وشعوبًا، ودولًا وأجناسًا، ويقيم هذه العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي والهوى ولا تميل مع المودة والشنآن ولا تصرفها المصالح والأغراض. الأسس التي أقامها العليم الخبير لخلقه، وهو أعلم بمن خلق، وأعرف بما يصلح لهم في كل أرض وفي كل جيل، فيهديهم للتي هي أقوم في نظام الحكم ونظام المال ونظام الاجتماع ونظام التعامل الدولي اللائق بعالم الإنسان.

 

ويهدي للتي هي أقوم في تبني الديانات السماوية جميعها والربط بينها كلها، وتعظيم مقدساتها وصيانة حرماتها، فإذا البشرية كلها بجميع عقائدها السماوية في سلام ووئام.

﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9].

 

فهذه هي قاعدته الأصلية في العمل والجزاء. فعلى الإيمان والعمل الصالح يقيم بناءه؛ فلا إيمان بلا عمل، ولا عمل بلا إيمان؛ الأول مبتور لم يبلغ تمامه، والثاني مقطوع لا ركيزة له. وبهما معًا تسير الحياة على التي هي أقوم.. وبهما معًا تتحقق الهداية بهذا القرآن.

 

فأما الذين لا يهتدون بهدي القرآن، فهم متروكون لهوى الإنسان. الإنسان العجول الجاهل بما ينفعه وما يضره، المندفع الذي لا يضبط انفعالاته ولو كان من ورائها الشر له: ﴿ وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ﴾ [الإسراء: 11].

 

ذلك أنه لا يعرف مصائر الأمور وعواقبها. ولقد يفعل الفعل وهو شر، ويعجل به على نفسه وهو لا يدري، أو يدري ولكنه لا يقدر على كبح جماحه وضبط زمامه.. فأين هذا من هدي القرآن الثابت الهادئ الهادي؟.

ألا إنهما طريقان مختلفان: شتان شتان هدى القرآن وهوى الإنسان!»[6].



[1] قاعدة «لا يُنكر تغير الأحكام بتغير الأزمان» معلوم أنها ليست قاعدة مستمدة من أقوال السلف, فهي قاعدة قررتها مجلة الأحكام العدلية, وقد وضعها الفقهاء للأحكام التي لا تستند مباشرة إلى نص شرعي, بل مصدرها عرف أو مصلحة سكتت عنها النصوص. انظر: محاولات التجديد في أصول الفقه، للدكتور هزاع الحوالي, ص «605 - 613».

[2] مجموع الفتاوى «33/93 - 94».

[3] مجلة البحوث الإسلامية «127 /127 - 129».

[4] الاجتهاد, ص/ 27.

[5] التعالم, ص/58. ومن أفضل ما كتب عن مسألة «تغير الأحكام»: بحث بعنوان «تغير الفتوى: مفهومه وضوابطه وتطبيقاته في الفقه الإسلامي» للدكتور عبد الله بن حمد الغطيمل. نشر في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة, العدد 35. وانظر أيضًا: «تغير الفتوى» للشيخ محمد عمر بازمول.

[6] في ظلال القرآن, سيد قطب «4 /2215 - 2216».





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • قاعدة: الأمور بمقاصدها
  • قاعدة: اليقين لا يزول بالشك
  • قاعدة: الأصل براءة الذمة
  • قاعدة: الأصل في الأبضاع التحريم

مختارات من الشبكة

  • سؤال حول قاعدة: لا ينكر المختلف فيه وإنما ينكر المجمع عليه(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • قاعدة لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان (دراسة تأصيلية تطبيقية)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • نشأة القاعدة النحوية وتطورها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تعريف القاعدة الفقهية لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تداخل القواعد الفقهية في القواعد الأصولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المختصر في القواعد الأصولية وتطبيقاتها لعبدالله بن صالح منكابو(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/9/1444هـ - الساعة: 9:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب