• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة الشيخ السبر: في رحيل العلماء
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    موت العلماء (رحيل خطيب عرفة)
    محمد الوجيه
  •  
    صدى المعنى في نسيج الصوت: الإعجاز التجويدي ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    أسرار خاتمة سورة المؤمنون: ﴿وقل رب اغفر وارحم ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (35) «لا ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    النهي عن جعل اليمين سببًا لترك خير أو فعل طاعة
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة النعي وأحكامه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ضبط الشهوة وتأثيره في التحصيل العلمي لدى الشباب
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    علة حديث ((الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف))
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    فضل ما يقوله عند القيام من المجلس
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    ما أقبح الجحود!
    دحان القباتلي
  •  
    الترحم على العلماء والاقتداء بهم
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    موت العلماء مصيبة للأمة (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة}
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفطرة الإنسانية في القرآن الكريم وأبعادها
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    أركان الصلاة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / تفسير القرآن الكريم
علامة باركود

تفسير: (فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك)

تفسير القرآن الكريم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/2/2017 ميلادي - 16/5/1438 هجري

الزيارات: 43134

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير

(فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك)


♦ الآية: ﴿ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾.

♦ السورة ورقم الآية: سورة البقرة (251).

♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ فهزموهم ﴾ فردُّوهم وكسروهم ﴿ بإذن الله ﴾ بقضائه وقدره ﴿ وقتل داود ﴾ النَّبيُّ وكان في عسكر بني إسرائيل ﴿ جالوت ﴾ الكافر ﴿ وآتاه الله الملك ﴾ (أعطى الله داود ملك بني إسرائيل) ﴿ والحكمة ﴾ أَيْ: جمع له الملك والنُّبوَّة ﴿ وعلَّمه مما يشاء ﴾ صنعة الدروع ومنطق الطيور ﴿ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ﴾ لولا دفع الله بجنود المسلين لغلب المشركون على الأرض فقتلوا المؤمنين وخرَّبوا البلاد والمساجد.

♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾، أَيْ: بِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، ﴿ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ﴾، وَصِفَةُ قَتْلِهِ: قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: عَبَرَ النَّهْرَ مَعَ طَالُوتَ فِيمَنْ عَبَرَ إِيشَا أَبُو دَاوُدَ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ ابْنًا لَهُ وَكَانَ دَاوُدُ أَصْغَرَهُمْ وَكَانَ يَرْمِي بِالْقَذَّافَةِ، فَقَالَ لِأَبِيهِ يَوْمًا: يَا أَبَتَاهُ مَا أَرْمِي بِقَذَّافَتِي شَيْئًا إِلَّا صرعته، فقال له: أَبْشِرْ يَا بُنَيَّ فَإِنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ جَعَلَ رِزْقَكَ فِي قَذَّافَتِكَ، ثُمَّ أَتَاهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: يَا أَبَتَاهُ لَقَدْ دَخَلْتُ بَيْنَ الْجِبَالِ فَوَجَدْتُ أَسَدًا رَابِضًا فَرَكِبْتُهُ فَأَخَذْتُ بِأُذُنَيْهِ فَلَمْ يَهْجُنِي، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا بُنَيَّ فَإِنَّ هَذَا خَيْرٌ يُرِيدُهُ اللَّهُ بِكَ، ثُمَّ أَتَاهُ يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ: يَا أَبَتَاهُ إِنِّي لَأَمْشِي بَيْنَ الْجِبَالِ فَأُسَبِّحُ فَمَا يَبْقَى جَبَلٌ إِلَّا سَبَّحَ مَعِي، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا بُنَيَّ فَإِنَّ هَذَا خَيْرٌ أَعْطَاكَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَأَرْسَلَ جَالُوتُ إِلَى طَالُوتَ أن ابرز لي أَوْ أَبْرِزْ إِلَيَّ مَنْ يُقَاتِلُنِي، فَإِنْ قَتَلَنِي فَلَكُمْ مُلْكِي وَإِنْ قَتَلْتُهُ فَلِي مُلْكُكُمْ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى طَالُوتَ فَنَادَى فِي عَسْكَرِهِ مَنْ قَتَلَ جَالُوتَ زَوَّجْتُهُ ابْنَتِي وَنَاصَفْتُهُ مُلْكِي فَهَابَ النَّاسُ جَالُوتَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَسَأَلَ طَالُوتُ نَبِيَّهُمْ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ تَعَالَى فدعا الله فِي ذَلِكَ، فَأَتَى بِقَرْنٍ فِيهِ دُهْنُ الْقُدْسِ وَتَنُّورٍ فِي حَدِيدٍ فَقِيلَ: إِنَّ صَاحِبَكُمُ الَّذِي يَقْتُلُ جَالُوتَ هُوَ الَّذِي يُوضَعُ هَذَا الْقَرْنُ عَلَى رَأْسِهِ فَيَغْلِي الدُّهْنُ حَتَّى يَدْهُنَ مِنْهُ رَأْسَهُ وَلَا يسيل على وجهه بل يكون عَلَى رَأْسِهِ كَهَيْئَةِ الْإِكْلِيلِ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا التَّنُّورِ فَيَمْلَؤُهُ وَلَا يَتَقَلْقَلُ فِيهِ، فَدَعَا طَالُوتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَجَرَّبَهُمْ فَلَمْ يُوَافِقْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيِّهِمْ أَنَّ فِي وَلَدِ إِيشَا مَنْ يَقْتُلُ اللَّهُ بِهِ جَالُوتَ فَدَعَا طَالُوتُ إِيشَا، فَقَالَ: اعْرِضْ عَلَيَّ بنيك، فأخرج اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا أَمْثَالَ السَّوَارِي، فَجَعَلَ يَعْرِضُهُمْ عَلَى الْقَرْنِ فَلَا يَرَى شَيْئًا، فَقَالَ لِإِيشَا: هَلْ بَقِيَ لَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُمْ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ النَّبِيُّ: يَا رَبِّ إِنَّهُ زَعَمَ أَنْ لَا وَلَدَ لَهُ غَيْرُهُمْ، فَقَالَ: كَذَبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ: إِنَّ رَبِّي كَذَّبَكَ، فَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ لِي ابْنًا صَغِيرًا يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ، اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَرَاهُ النَّاسُ لِقِصَرِ قَامَتِهِ وَحَقَارَتِهِ فَخَلَّفْتُهُ فِي الْغَنَمِ يَرْعَاهَا وَهُوَ فِي شِعْبِ كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ دَاوُدُ رَجُلًا قَصِيرًا مِسْقَامًا مِصْفَارًا أَزْرَقَ أَمْعَرَ، فَدَعَاهُ طَالُوتُ، وَيُقَالُ: بَلْ خَرَجَ طَالُوتُ إِلَيْهِ فَوَجَدَ الْوَادِيَ قَدْ سَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّرِيبَةِ الَّتِي كَانَ يُرِيحُ إِلَيْهَا فَوَجَدَهُ يَحْمِلُ شَاتَيْنِ يُجِيزُ بِهِمَا السَّيْلَ وَلَا يَخُوضُ بِهِمَا الْمَاءَ فَلَمَّا رآه طالوت يفعل ذلك، قَالَ: هَذَا هُوَ لَا شَكَّ فِيهِ هَذَا يَرْحَمُ الْبَهَائِمَ فَهُوَ بِالنَّاسِ أَرْحَمُ، فَدَعَاهُ وَوَضَعَ الْقَرْنَ عَلَى رَأْسِهِ فَفَاضَ، فَقَالَ طَالُوتُ: هَلْ لَكَ أَنْ تَقْتُلَ جَالُوتَ وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي وَأُجْرِي خَاتَمَكَ فِي مُلْكِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَهَلْ آنَسْتَ مِنْ نَفْسِكَ شَيْئًا تَتَقَوَّى بِهِ عَلَى قَتْلِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أنا أرعى الغنم فَيَجِيءُ الْأَسَدُ أَوِ النَّمِرُ أَوِ الذِّئْبُ فَيَأْخُذُ شَاةً فَأَقُومُ إِلَيْهِ فأفتح لحييه عنها وأخرجها من قفاه، فأخذ طالوت داود وردّه إِلَى عَسْكَرِهِ، فَمَرَّ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي طَرِيقِهِ بِحَجَرٍ فَنَادَاهُ الْحَجَرُ: يَا دَاوُدُ احْمِلْنِي فَإِنِّي حَجَرُ هَارُونَ الَّذِي قَتَلَ بِي مَلِكَ كَذَا وَكَذَا فَحَمَلَهُ فِي مِخْلَاتِهِ، ثُمَّ مَرَّ بِحَجَرٍ آخَرَ فَقَالَ: احْمِلْنِي فَإِنِّي حَجَرُ مُوسَى الَّذِي قَتَلَ بِي مَلِكَ كَذَا وَكَذَا فَحَمَلَهُ فِي مِخْلَاتِهِ ثُمَّ مَرَّ بِحَجَرٍ آخَرَ فَقَالَ: احْمِلْنِي فَإِنِّي حَجَرُكَ الَّذِي تَقْتُلُ بِي جالوت فوضعه فِي مِخْلَاتِهِ، فَلَمَّا تَصَافُّوا لِلْقِتَالِ وَبَرَزَ جَالُوتُ وَسَأَلَ الْمُبَارَزَةَ، انْتُدِبَ لَهُ دَاوُدُ فَأَعْطَاهُ طَالُوتُ فَرَسًا ودرعا وسلاحا فلبس الدرع، وركب الفرس فسار قريبا من جالوت، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ: جَبَنَ الْغُلَامُ فَجَاءَ فَوَقَفَ عَلَى الْمَلِكِ فَقَالَ: مَا شأنك؟ فقال له داود: إِنَّ اللَّهَ إِنْ لَمْ يَنْصُرْنِي لَمْ يُغْنِ عَنِّي هَذَا السِّلَاحُ شيئا فدعني أقاتل جالوت كَمَا أُرِيدُ، قَالَ: فَافْعَلْ مَا شِئْتَ، قَالَ: نَعَمْ فَأَخَذَ دَاوُدُ مِخْلَاتَهُ فَتَقَلَّدَهَا وَأَخَذَ الْمِقْلَاعَ وَمَضَى نَحْوَ جَالُوتَ، وَكَانَ جَالُوتُ مِنْ أَشَدِّ الرِّجَالِ وَأَقْوَاهُمْ وَكَانَ يَهْزِمُ الْجُيُوشَ وَحْدَهُ، وَكَانَ لَهُ بَيْضَةٌ فِيهَا ثَلَاثُمِائَةِ رَطْلِ حَدِيدٍ، فَلَمَّا نظر إلى داود ألقى الله فِي قَلْبِهِ الرُّعْبُ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تَبْرُزُ إِلَيَّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكَانَ جَالُوتُ عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ وعليه السلاح التام، فقال له: أتيتني بِالْمِقْلَاعِ وَالْحَجَرِ كَمَا يُؤْتَى الْكَلْبُ؟ قال داود عليه السلام: نَعَمْ أَنْتَ شَرٌّ مِنَ الْكَلْبِ، قال جالوت: لَا جَرَمَ لَأَقْسِمَنَّ لَحْمَكَ بَيْنَ سباع الأرض وطير السماء، فقال دَاوُدُ: أَوْ يُقَسِّمُ اللَّهُ لَحْمَكَ، فَقَالَ دَاوُدُ: بِاسْمِ إِلَهِ إِبْرَاهِيمَ وأخرج حجرًا وَوَضَعَهُ فِي مِقْلَاعِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْآخَرَ، وَقَالَ: بِاسْمِ إِلَهِ إِسْحَاقَ وَوَضَعَهُ فِي مِقْلَاعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ الثَّالِثَ وَقَالَ: بِاسْمِ إِلَهِ يَعْقُوبَ وَوَضَعَهُ فِي مِقْلَاعِهِ فَصَارَتْ كُلُّهَا حجرا واحدا بأمر الله، ودوّر داود عليه السلام الْمِقْلَاعَ وَرَمَى بِهِ فَسَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الرِّيحَ حَتَّى أَصَابَ الْحَجَرَ أنف البيضة، فَخَالَطَ دِمَاغَهُ وَخَرَجَ مِنْ قَفَاهُ، وَقَتَلَ مِنْ وَرَائِهِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا وَهَزَمَ اللَّهُ تَعَالَى الْجَيْشَ وَخَرَّ جالوت قتيلا فأخذ يَجُرُّهُ حَتَّى أَلْقَاهُ بَيْنَ يَدَيْ طَالُوتَ فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحًا شَدِيدًا، وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، والناس يذكرون داود بخير، فَجَاءَ دَاوُدُ طَالُوتَ وَقَالَ: انْجُزْ لي ما وعدتني، فقال: تريد ابْنَةَ الْمَلِكِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، فَقَالَ دَاوُدُ: مَا شَرَطْتَ عَلَيَّ صَدَاقًا وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ، فَقَالَ: لَا أُكَلِّفُكَ إِلَّا مَا تُطِيقُ أَنْتَ رَجُلٌ جَرِيءٌ وَفِي حِيَالِنَا أَعْدَاءٌ لَنَا غُلْفٌ فَإِذَا قَتَلْتَ مِنْهُمْ مِائَتَيْ رَجُلٍ وَجِئْتَنِي بِغُلْفِهِمْ زَوَّجْتُكَ ابنتي، فأتاهم داود، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَتَلَ وَاحِدًا مِنْهُمْ نَظَمَ غُلْفَتَهُ فِي خَيْطٍ حَتَّى نظم مائتي غلفة فجاء بها إلى طالوت وألقاها إِلَيْهِ، وَقَالَ: ادْفَعْ إِلَيَّ امْرَأَتِي فزوّجه إياها، وَأَجْرَى خَاتَمَهُ فِي مُلْكِهِ، فَمَالَ النَّاسُ إِلَى دَاوُدَ وَأَحَبُّوهُ، وَأَكْثَرُوا ذِكْرَهُ فَحَسَدَهُ طَالُوتُ وَأَرَادَ قَتْلَهُ فأخبر بذلك ابْنَةَ طَالُوتَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذو العينين، فقالت ابنة طالوت لِدَاوُدَ: إِنَّكَ مَقْتُولٌ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَالَ: وَمَنْ يَقْتُلُنِي؟ قَالَتْ: أبي، قال: فهل أجرمت جرمًا أستحق به القتل؟ قَالَتْ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا يَكْذِبُ وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَغِيبَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ حَتَّى تَنْظُرَ مِصْدَاقَ ذَلِكَ، قال: لئن كان الله أراد ذلك ما أَسْتَطِيعُ خُرُوجًا وَلَكِنِ ائْتِينِي بِزِقِّ خَمْرٍ فَأَتَتْ بِهِ فَوَضَعَهُ فِي مَضْجَعِهِ عَلَى السَّرِيرِ وَسَجَاهُ وَدَخَلَ تَحْتَ السَّرِيرِ، فَدَخَلَ طَالُوتُ نِصْفَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ بَعْلُكِ؟ قالت: هُوَ نَائِمٌ عَلَى السَّرِيرِ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً فَسَالَ الْخَمْرُ، فَلَمَّا وجد ريح الخمر، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ دَاوُدَ مَا كَانَ أَكْثَرَ شُرْبِهِ لِلْخَمْرِ وَخَرَجَ من عندها، فَلَمَّا أَصْبَحَ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا، فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا طَلَبْتُ مِنْهُ مَا طَلَبْتُ لَخَلِيقٌ أَنْ لَا يَدَعَنِي حَتَّى يُدْرِكَ مِنِّي ثَأْرَهُ، فَاشْتَدَّ حُجَّابُهُ وَحُرَّاسُهُ وَأَغْلَقَ دُونَهُ أَبْوَابَهُ، ثُمَّ إِنَّ دَاوُدَ أَتَاهُ لَيْلَةً وَقَدْ هَدَأَتِ الْعُيُونُ فَأَعْمَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْحَجَبَةَ وَفَتَحَ لَهُ الْأَبْوَابَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَوَضَعَ سَهْمًا عِنْدَ رَأْسِهِ وَسَهْمًا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَسَهْمًا عَنْ يَمِينِهِ وَسَهْمًا عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَالُوتُ بَصُرَ بِالسِّهَامِ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ تَعَالَى دَاوُدَ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ظَفِرْتُ بِهِ فَقَصَدْتُ قَتْلَهُ وَظَفِرَ بِي فَكَفَّ عَنِّي وَلَوْ شَاءَ لَوَضَعَ هَذَا السَّهْمَ فِي حَلْقِي وَمَا أَنَا بالذي آمنه، فلما كانت الليلة القابلة أتاه ثانية وأعمى الله الحجبة فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَأَخَذَ إِبْرِيقَ طَالُوتَ الَّذِي كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَكُوزَهُ الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ مِنْهُ وَقَطَعَ شَعَرَاتٍ مِنْ لِحْيَتِهِ وشيا مِنْ هُدْبِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَهَرَبَ وَتَوَارَى، فَلَمَّا أَصْبَحَ طَالُوتُ وَرَأَى ذَلِكَ سَلَّطَ عَلَى دَاوُدَ الْعُيُونَ وَطَلَبَهُ أَشَدَّ الطَّلَبِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ طَالُوتَ رَكِبَ يَوْمًا فَوَجَدَ دَاوُدَ يَمْشِي فِي الْبَرِيَّةِ، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَقْتُلُهُ فَرَكَضَ عَلَى أَثَرِهِ فَاشْتَدَّ دَاوُدُ وَكَانَ إِذَا فَزِعَ لَمْ يُدْرَكْ، فَدَخَلَ غَارًا فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلى العنكبوت فنسجت عَلَيْهِ بَيْتًا فَلَمَّا انْتَهَى طَالُوتُ إِلَى الْغَارِ وَنَظَرَ إِلَى بِنَاءِ العنكبوت، فقال: لَوْ كَانَ دَخَلَ هَاهُنَا لَخَرَقَ بناء العنكبوت فتركه ومضى، وانطلق دَاوُدُ وَأَتَى الْجَبَلَ مَعَ الْمُتَعَبِّدِينَ فَتَعَبَّدَ فِيهِ فَطَعَنَ الْعُلَمَاءُ وَالْعِبَادُ عَلَى طَالُوتَ فِي شَأْنِ دَاوُدَ فَجَعَلَ طَالُوتُ لَا يَنْهَاهُ أَحَدٌ عَنْ قَتْلِ دَاوُدَ إِلَّا قَتَلَهُ وأغرى على قتل الْعُلَمَاءِ، فَلَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى عَالِمٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُطِيقُ قَتْلَهُ إِلَّا قَتَلَهُ حَتَّى أُتِيَ بِامْرَأَةٍ تَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ فَأَمَرَ خَبَّازَهُ بِقَتْلِهَا، فَرَحِمَهَا الْخَبَّازُ وَقَالَ: لَعَلَّنَا نَحْتَاجُ إِلَى عَالِمٍ فَتَرَكَهَا فَوَقَعَ فِي قَلْبِ طَالُوتَ التَّوْبَةُ وَنَدِمَ عَلَى مَا فَعَلَ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْبُكَاءِ حَتَّى رَحِمَهُ النَّاسُ، وَكَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ يَخْرُجُ إِلَى الْقُبُورِ فَيَبْكِي وَيُنَادِي: أَنْشُدُ اللَّهَ عَبْدًا يَعْلَمُ أَنَّ لِي تَوْبَةً إِلَّا أَخْبَرَنِي بِهَا فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِمْ نَادَاهُ مُنَادٍ مِنَ الْقُبُورِ: يَا طَالُوتُ أَمَا تَرْضَى أَنْ قَتَلْتَنَا حَتَّى تُؤْذِيَنَا أَمْوَاتًا، فَازْدَادَ بُكَاءً وَحُزْنًا، فَرَحِمَهُ الْخَبَّازُ فقال: ما لك أيها الْمَلِكُ؟ قَالَ: هَلْ تَعْلَمُ لِي فِي الْأَرْضِ عَالِمًا أَسْأَلُهُ هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ الْخَبَّازُ: إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ مَلِكٍ نَزَلَ قَرْيَةً عِشَاءً فَصَاحَ الدِّيكُ فَتَطَيَّرَ مِنْهُ، فَقَالَ: لَا تَتْرُكُوا فِي الْقَرْيَةِ دِيكًا إِلَّا ذَبَحْتُمُوهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: إذا صاح الديك فأيقظوني حَتَّى نُدْلِجَ، فَقَالُوا لَهُ: وَهَلْ تركت ديكا يسمع صَوْتَهُ؟ وَلَكِنْ هَلْ تَرَكْتَ عَالِمًا فِي الْأَرْضِ؟ فَازْدَادَ حُزْنًا وَبُكَاءً فَلَمَّا رَأَى الْخَبَّازُ ذَلِكَ قَالَ لَهُ: أَرَأَيْتُكَ إِنْ دَلَلْتُكَ عَلَى عَالِمٍ لَعَلَّكَ أَنْ تَقْتُلَهُ، قَالَ: لا، فتوثق عليه الخباز بالأيمان، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْعَالِمَةَ عِنْدَهُ، قال: انطلق بي إليها حتى أَسْأَلْهَا هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ، وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَعْلَمُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، فَإِذَا فَنِيَتْ رِجَالُهُمْ عَلِمَتْ نِسَاؤُهُمْ، فَلَمَّا بَلَغَ طَالُوتُ الْبَابَ، قَالَ الْخَبَّازُ: إِنَّهَا إِذَا رأتك فزعت، ولكن ائت خلفي، ثم دخل عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا: أَلَسْتُ أَعْظَمَ النَّاسِ مِنَّةً عَلَيْكِ أَنْجَيْتُكِ مِنَ الْقَتْلِ وَآوَيْتُكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ لِي إِلَيْكِ حَاجَةً، هَذَا طالوت يسأل هل له مِنْ تَوْبَةٍ، فَغُشِيَ عَلَيْهَا مِنَ الفرق، فقال لها حين أفاقت: إِنَّهُ لَا يُرِيدُ قَتْلَكِ، وَلَكِنْ يَسْأَلُكَ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ لطالوت توبة، ولكن هل تعلم مكان قبر نبي؟ فقال: نعم، فانطلق إِلَى قَبْرِ إِشْمَوِيلَ فَصَلَّتْ وَدَعَتْ ثُمَّ نَادَتْ: يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ، فَخَرَجَ إِشْمَوِيلُ مِنَ الْقَبْرِ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ التُّرَابِ، فَلَمَّا نَظَرَ إليهم ثَلَاثَتِهُمْ قَالَ: مَا لَكُمْ؟ أَقَامَتِ الْقِيَامَةُ؟ قَالَتْ: لَا وَلَكِنْ طَالُوتُ يَسْأَلُكَ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ، قَالَ إِشْمَوِيلُ: يَا طَالُوتُ مَا فَعَلْتَ بَعْدِي؟ قَالَ: لَمْ أَدَعْ من الشر شيئا إلا أتيته وجئت لأطلب التوبة، قال له: كَمْ لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟ قَالَ: عَشَرَةُ رِجَالٍ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ لَكَ مِنْ تَوْبَةٍ إِلَّا أَنْ تتخلىّ عن ملكك وتخرج أنت وولدك تقاتل فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ تُقَدِّمَ وَلَدَكَ حَتَّى يُقْتَلُوا بَيْنَ يَدَيْكَ، ثُمَّ تُقَاتِلَ أَنْتَ حَتَّى تُقْتَلَ آخِرَهُمْ، ثُمَّ رَجَعَ إِشْمَوِيلُ إِلَى القبر وسقط وخرّ مَيِّتًا، وَرَجَعَ طَالُوتُ أَحْزَنَ مَا كَانَ رَهْبَةً أَنْ لَا يُتَابِعَهُ وَلَدُهُ، وَقَدْ بَكَى حَتَّى سَقَطَتْ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ وَنَحُلَ جِسْمُهُ، فَدَخَلَ على أَوْلَادُهُ فَقَالَ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ دُفِعْتُ إِلَى النَّارِ هَلْ كُنْتُمْ تفدونني؟ قالوا: بلى نَفْدِيكَ بِمَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ، قَالَ: فإنها النار آخذة لي إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا مَا أَقُولُ لكم، قالوا: فاعرض علينا ما ينجيك منها، فَذَكَرَ لَهُمُ الْقِصَّةَ، قَالُوا: وَإِنَّكَ لِمَقْتُولٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: فَلَا خَيْرَ لَنَا فِي الْحَيَاةِ بَعْدَكَ قَدْ طَابَتْ أَنْفُسُنَا بِالَّذِي سَأَلْتَ، فَتَجَهَّزَ بِمَالِهِ وَوَلَدِهِ فَتَقَدَّمَ وَلَدُهُ وَكَانُوا عَشَرَةً فَقَاتَلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى قُتِلُوا ثُمَّ شَدَّ هُوَ بعدهم للقتال حَتَّى قُتِلَ، فَجَاءَ قَاتِلُهُ إِلَى دَاوُدَ لِيُبَشِّرَهُ، وَقَالَ: قَتَلْتُ عَدُوَّكَ، فقال داود: وما أَنْتَ بِالَّذِي تَحْيَا بَعْدَهُ فَضَرَبَ عنقه، فكان مُلْكُ طَالُوتَ إِلَى أَنْ قُتِلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَتَى بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى دَاوُدَ وَأَعْطَوْهُ خَزَائِنَ طَالُوتَ وَمَلَّكُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. قَالَ الْكَلْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ: مَلَكَ دَاوُدُ بَعْدَ قَتْلِ طَالُوتَ سَبْعَ سِنِينَ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى مَلِكٍ وَاحِدٍ إِلَّا عَلَى دَاوُدَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ ﴾، يعني: النبوّة، وجمع اللَّهُ لِدَاوُدَ بَيْنَ الْمُلْكِ وَالنُّبُوَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلُ بَلْ كَانَ الْمُلْكُ فِي سِبْطٍ وَالنُّبُوَّةُ

فِي سِبْطٍ، وَقِيلَ: الْمُلْكُ وَالْحِكْمَةُ هو: العلم مع العمل، وقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ: يَعْنِي صَنْعَةَ الدروع، فكان يَصْنَعُهَا وَيَبِيعُهَا، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَقِيلَ: منطق الطير وكلام الجبل والنمل، والذر، والخنفساء، وحمار قبّان، وما أشبههما مما لا صوت لها، وقيل: هو الزبور، وقيل: الصَّوْتُ الطَّيِّبُ وَالْأَلْحَانُ، فَلَمْ يُعْطِ اللَّهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ مِثْلَ صَوْتِهِ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ تدنو الوحوش حتى يؤخذ بِأَعْنَاقِهَا، وَتُظِلَّهُ الطَّيْرُ مُصِيخَةً لَهُ وَيَرْكُدَ الْمَاءُ الْجَارِي، وَيَسْكُنَ الرِّيحُ، وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَاهُ سِلْسِلَةً مَوْصُولَةً بِالْمَجَرَّةِ وَرَأَسُهَا عِنْدَ صَوْمَعَتِهِ قُوَّتُهَا قُوَّةُ الْحَدِيدِ وَلَوْنُهَا لَوْنُ النَّارِ وَحِلَقُهَا مُسْتَدِيرَةٌ مُفَصَّلَةً بِالْجَوَاهِرِ مُدَسَّرَةً بِقُضْبَانِ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ فَلَا يَحْدُثُ فِي الْهَوَاءِ حَدَثٌ إِلَّا صَلْصَلَتِ السلسلة فيعلم دَاوُدُ ذَلِكَ الْحَدَثَ، وَلَا يَمَسُّهَا ذُو عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ وَكَانُوا يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا بَعْدَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنْ رُفِعَتْ، فَمَنْ تَعَدَّى عَلَى صَاحِبِهِ وَأَنْكَرَ لَهُ حَقًّا أَتَى السِّلْسِلَةَ فَمَنْ كَانَ صَادِقًا مَدَّ يَدَهُ إِلَى السِّلْسِلَةِ فَتَنَاوَلَهَا، وَمَنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَنَلْهَا، فَكَانَتْ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ ظهر فيهم المكر والخديعة فرفعت، وقيل: رفعت السلسلة في زمن داود حين أوحى الله إليه ما كان من مكرهم، فَبَلَغَنَا أَنَّ بَعْضَ مُلُوكِهَا أَوْدَعَ رَجُلًا جَوْهَرَةً ثَمِينَةً فَلَمَّا اسْتَرَدَّهَا أنكرها فَتَحَاكَمَا إِلَى السِّلْسِلَةِ فَعَمَدَ الَّذِي عنده الجوهرة إلى عكاز فَنَقَرَهَا وَضَمَّنَهَا الْجَوْهَرَةَ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا حتى حضر عند السِّلْسِلَةَ، فَقَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ: رُدَّ عَلَيَّ الْوَدِيعَةَ، فَقَالَ صَاحِبُهُ: مَا أَعْرِفُ لَكَ عِنْدِي مِنْ وَدِيعَةٍ، قال: فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَتَنَاوَلِ السِّلْسِلَةَ فَتَنَاوَلَهَا بِيَدِهِ، فَقِيلَ لِلْمُنْكِرِ: قُمْ أَنْتَ فَتُنَاوَلْهَا، فَقَالَ لِصَاحِبِ الْجَوْهَرَةِ: خذ عكازتي هَذِهِ فَاحْفَظْهَا حَتَّى أَتَنَاوَلَ السِّلْسِلَةَ فأخذها المالك عِنْدَهُ، ثُمَّ قَامَ الْمُنْكِرُ نَحْوَ السِّلْسِلَةِ فَأَخَذَهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي يَدَّعِيهَا عَلَيَّ قَدْ وَصَلَتْ إِلَيْهِ فَقَرِّبْ مِنِّي السِّلْسِلَةَ، فَمَدَّ يَدَهُ فَتَنَاوَلَهَا فَتَعَجَّبَ الْقَوْمُ وشكّوا فيها، فأخبر داود بذلك فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِ الجوهرة كانت في عكاز المنكر وقد دفعه إلى المحق، وفيه الجوهرة حتى تناول السلسلة، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ السِّلْسِلَةَ من بين أظهرهم، قوله تعالى:﴿ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ﴾، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَيَعْقُوبُ «دِفَاعُ اللَّهِ» بِالْأَلِفِ هَاهُنَا وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِغَيْرِ الْأَلِفِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُغَالِبُهُ أَحَدٌ، وَهُوَ الدَّافِعُ وَحْدَهُ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْأَلِفِ قَالَ: قَدْ يَكُونُ الدِّفَاعُ مِنْ وَاحِدٍ مِثْلُ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَحْسَنَ اللَّهُ عَنْكَ الدِّفَاعَ، قال ابن عباس ومجاهد: لولا دفع الله الناس بِجُنُودِ الْمُسْلِمِينَ لَغَلَبَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْأَرْضِ فَقَتَلُوا الْمُؤْمِنِينَ وَخَرَّبُوا الْمَسَاجِدَ وَالْبِلَادَ، وَقَالَ سَائِرُ الْمُفَسِّرِينَ: لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْأَبْرَارِ عَنِ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ لَهَلَكَتِ الْأَرْضُ بِمَنْ فِيهَا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِ عَنِ الْكَافِرِ، وَبِالصَّالِحِ عَنِ الْفَاجِرِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَنَا أبو عبد الله بن زنجويه أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَرْجَةَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَا أَبُو حُمَيْدٍ الْحِمْصِيُّ، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ أَنَا حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِيَدْفَعُ بِالْمُسْلِمِ الصَّالِحَ عَنْ مِائَةِ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِهِ البلاء»، ثم قرأ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ.

 

تفسير القرآن الكريم





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به... )
  • تفسير: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن)
  • تفسير: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا)
  • تفسير: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا)
  • تفسير: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل)
  • له الملك (محاضرة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، مع موازنته مع ما استحسنته العرب من قولهم: "القتل أنفى للقتل"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العدل ضمان والخير أمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث السابع: تفسير الحياء من الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ...}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/4/1447هـ - الساعة: 15:52
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب