• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية -آداب الجنائز ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من أساليب القرآن البلاغية (PDF)
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    الأغصان الندية في شرح منظومة القواعد الفقهية
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    علاج البواسير في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    أحلامي تتلاشَىٰ (WORD)
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    الأسر العلمية في المملكة العربية السعودية - ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    من كان يلحن من العلماء المشهورين: فوائد وروايات ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الأربعون الغفرانية من صحيحي البخاري ومسلم (PDF)
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    لقاء حول ثقافة الشاب وتوجهه (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

إنه لا يحب المستكبرين

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/3/2015 ميلادي - 25/5/1436 هجري

الزيارات: 24626

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنه لا يحب المستكبرين

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، صَلاحُ الإِنسَانِ وَفَلاحُهُ، مِن صَلاحِ قَلبِهِ، وَطَهَارَةُ ظَاهِرِهِ مِن نَقَاءِ بَاطِنِهِ، وَإِنَّهُ لا نَجَاةَ يَومَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ، إِلاَّ لِمَن أَتَى اللهَ بِقَلبٍ سَلِيمٍ، وَصَلاحُ القَلبِ وَسَلامَتُهُ، لا تَكُونُ إِلاَّ بِتَركِ الذُّنُوبِ كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا، وَالتَّخَلُّصِ مِنهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ ﴾ [الأنعام: 120].

 

وَإِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَتَوَقَّى الآثَامَ الظَّاهِرَةَ وَيَجتَنِبُهَا، فَإِنَّ كَثِيرِينَ يَنسَونَ خَطَايَا البَوَاطِنِ وَيَتَغَافَلُونَ عَنهَا، بَل قَد لا يَنتَبِهُونَ لَهَا وَلا يَهتَمُّونَ بها، مَعَ أَنَّهَا أَشَدُّ فَتكًا بِالقَلبِ وَأَعظَمُ خَطَرًا عَلَى الإِيمَانِ، إِذْ إِنَّهَا تَذهَبُ بِالأَجرِ أَو تُنقِصُهُ، وَقَد تُبطِلُ العَمَلَ وَتُحبِطُهُ، فَلا يُقبَلُ وَلا يُرفَعُ، مِن ذَلِكَ الشِّركُ بِاللهِ، الَّذِي لا يَقبَلُ اللهُ مِن صَاحِبِهِ قَلِيلاً وَلا كَثِيرًا، وَمِنهُ الحَسَدُ، الَّذِي يَأكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأكُلُ النَّارُ الحَطَبَ، وَمِنهُ الشَّحنَاءُ وَالخِصَامُ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " تُعرَضُ الأَعمَالُ في كُلِّ اثنَينِ وَخَمِيسٍ، فَيَغفِرُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - في ذَلِكَ اليَومِ لِكُلِّ امرِئٍ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا، إِلاَّ امرُؤٌ كَانَت بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحنَاءُ، فَيَقُولُ اترُكُوا هَذَينِ حَتى يَصطَلِحَا " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَإِنَّ ثَمَّةَ صِفَةً قَبِيحَةً مَمقُوتَةً، وَخَطِيئَةً خَفِيَّةً غَائِرَةً، وَوِزَرًا ثَقِيلاً بَغِيضًا، قَد يَكُونُ هُوَ الأَصلَ في كَثِيرٍ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتي تَعصِفُ بِالقُلُوبِ، وَتُبعِدُهَا عَن رَحمَةِ عَلاَّمِ الغُيُوبِ، ذَلِكُم هُوَ الذَّنبُ الَّذِي عَصَى بِهِ إِبلِيسُ رَبَّهُ، وَابتَدَأَ بِهِ التَّمَرُّدَ عَلَى خَالِقِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34] إِنَّهُ الكِبرُ، الَّذِي أَبى اللهُ ذُو الجَلالِ وَالكَمَالِ إِلاَّ أَن يَتَفَرَّدَ بِهِ، فَأَرَادَ كَثِيرٌ مِنَ الخَلقِ النَّاقِصِينَ في ذَوَاتِهِم وَصِفَاتِهِم، أَن يُنَازِعُوا رَبَّهُم فِيهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ - عَن نَفسِهِ: ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الجاثية: 36، 37] وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ يَقُولُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: " العِزُّ إِزَارُهُ وَالكِبرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَن نَازَعَني بِشَيءٍ مِنهُمَا عَذَّبتُهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَقَد جَمَعَت صِفَةُ العُلُوِّ وَالكِبرِيَاءِ أَهلَ الإِعرَاضِ في القَدِيمِ وَالحِدِيثِ، وَسَيطَرَت عَلَيهِم نَوَازِعُ الكِبرِ وَالجَبَرُوتِ، فَشَمَخُوا بِأُنُوفِهِم، وَتَعَاظَمُوا في أَنفُسِهِم، وَتَعَجرَفُوا وَتَغَطرَسُوا وَذَهَبَ بِهِمُ التَّيهُ كُلَّ مَذهَبٍ، حَتَّى أَعرَضُوا عَنِ الهُدَى وَاستَنكَفُوا عَنِ الحَقِّ، فَقَومُ نُوحٍ ﴿ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ﴾ [نوح: 7] وَعَادٌ قَومُ هُودٍ، اغتَرُّوا بِقُوَّتِهِم ﴿ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾ [فصلت: 15] وَأَمَّا فِرعَونُ وَجُنُودُهُ وَبِطَانَتُهُ، فَقَد بَلَغُوا مِن ذَلِكَ مَا لم يَبلُغْهُ غَيرُهُم ﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [القصص: 39] وَلِذَا فَقَدِ استَعَاذَ مِنهُم كَلِيمُ الرَّحمَنِ مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - بِرَبِّهِ فَقَالَ: ﴿ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ [غافر: 27] وَعَلَى نَهجِ الأُمَمِ السَّابِقَةِ في التَّكذِيبِ سَارَت قُرِيشٌ، فَاستَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى، قَالَ - تَعَالى - عَنهُم -: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الصافات: 35] وَبِالكِبرِ تَخَلَّقَ اليَهُودُ، فَتَخَلَّفُوا عَنِ الإِيمَانِ بِالنَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّهُم كَانُوا يَتَحَيَّنُونَ خُرُوجَهُ، فَلَمَّا رَأَوهُ عَرَفُوا صِحَّةَ نُبُوَّتِهِ، وَلَكِنَّهُم كَفَرُوا بِهِ حَسَدًا وَكِبرًا، وَعَلَى طَرِيقِهِم بَرَزَ المُنَافِقُونَ في المَدِينَةِ، فَحَسَدُوا رَسُولَ اللهِ ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المنافقون: 5].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الكِبرَ صِفَةٌ مَقِيتَةٌ، يُبغِضُهَا اللهُ وَلا يُحِبُّ أَهلَهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾ [النحل: 23] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لقمان: 18] وَالمُستَكبِرُونَ مِن أَبعَدِ النَّاسِ عَنِ الهِدَايَةِ وَسُلُوكِ طَرِيقِ التَّقوَى، لأَنَّهُم مُتَّبِعُونَ لأَهوَائِهِم مُنقَادُونَ إِلَيهَا، يَنظُرُونَ إِلى أَنفُسِهِم بِعَينِ الكَمَالِ وِإِلى غَيرِهِم بِعَينِ النَّقصِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ قُلُوبَهُم مَصرُوفَةٌ عَنِ الحَقِّ مَطبُوعٌ عَلَيها، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35] المُستَكبِرُونَ هُم أَهلُ الصَّدِّ عَن دِينِ اللهِ، وَعَلى أَيدِيهِم يَكُونُ إِضلالُ النَّاسِ عَنِ الخَيرِ، وَهُم أَهلُ الاستِهزَاءِ بِالدِّينِ وَالسُّخرِيَةِ بِالمُؤمِنِينَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾ [سبأ: 31] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 66، 67].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ مَصِيرَ المُستَكبِرِينَ هُوَ النَّارُ، وَمَأوَاهُم جَهَنَّمُ وَبِئسَ القَرَارُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن كَانَ في قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرَّةٍ مِن كِبرٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَلا أُخبِرُكُم بِأَهلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُستَكبٍرٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: " احتَجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: فِيَّ الجَبَّارُونَ وَالمُتَكَبِّرُونَ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ: فِيَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَمَسَاكِينُهُم " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن تَعَظَّمَ في نَفسِهِ أَوِ اختَالَ في مِشيَتِهِ، لَقِيَ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - وَهُوَ عَلَيهِ غَضبَانُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمِ -: " يُحشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَومَ القِيَامَةِ أَمثَالَ الذَّرِّ في صُورَةِ الرِّجَالِ، يَغشَاهُمُ الذُلُّ مِن كُلِّ مَكَانٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. بَل إِنَّ مِن بُغضِ اللهِ لِلكِبرِ وَأَهلِهِ، أَنَّهُ قَد يُعَجِّلُ لِبَعضِهِمُ العُقُوبَةَ في الدُّنيَا قَبلَ الآخِرَةِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " بَينَمَا رَجُلٌ يَمشِي في حُلَّةٍ تُعجِبُهُ نَفسُهُ مُرَجِّلاً رَأسَهُ، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلجَلُ في الأَرضِ إِلى يَومِ القِيَامَةِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَعَن سَلَمَةَ بنِ الأَكوَعِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِندَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: " كُلْ بِيَمِينِكَ " قَالَ: لا أَستَطِيعُ. قَالَ " لا استَطَعتَ " مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكِبرُ، قَال: فَمَا رَفَعَهَا إِلى فِيهِ. رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَأَمَّا أَسوَأُ الكِبرِ وَأَشنَعُهُ، فَهُوَ كِبرُ الفَقِيرِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِم وَلا يَنظُرُ إِلَيهِم وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُستَكبِرٌ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُم مِنَ الكِبرِ، وَمَن نَسِيَ أَو غَرَّتهُ نَفسُهُ، أَو رَفرَفَ الكِبرُ بَينَ جَوَانِحِهِ، فَلْيَتَذَكَّرْ بِدَايَتَهُ وَنِهَايَتَهُ، وَقَولَ اللهِ فِيهِ: " مِن أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ. مِن نُطفَةٍ خَلَقَةُ فَقَدَّرَهُ. ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ. ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقبَرَهُ. ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ. كَلَّا لَمَّا يَقضِ مَا أَمَرَهُ " أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83]

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تعالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهَ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الجَنَّةُ هِيَ مَطلَبُ المُؤمِنِينَ وَغَايَةُ المُوَحِّدِينَ، لَكِنَّهَا حَرَامٌ عَلَى مَن كَانَ في قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرَّةٍ مِن كِبرٍ، نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - هِيَ حَرَامٌ عَلَى مَن كَانَ في قَلبِهِ أَقَلُّ القَلِيلِ مِنَ الكِبرِ، فَكَيفَ بِمَن حَيَاتُهُ كُلُّهَا كِبرٌ في كِبرٍ، وَتَعَالٍ وَتَعَاظُمٌ وَفَخرٌ، يُصَعِّرُ خَدَّهُ وَيَشمَخُ بِأَنفِهِ، وَيُعرِضُ ثَانِيًا عِطفَهُ، هَمُّهُ إقَامَةُ جَاهِهِ وَكَسرُ غَيرِهِ، يَمِيلُ إِلى الانتِقَامِ وَيَستَنكِفُ عَنِ العَفوِ، وَلا يُذكَرُ عِندَهُ أَحَدٌ إِلاَّ انتَقَصَهُ وَذَكَرَ عُيُوبَهُ، وَنَسِيَ فَضَائِلَهُ وَجَحَدَ حَسَنَاتِهِ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم، وَإِيَّاكُم وَالتَّطَاوُلَ عَلَى عِبَادِ اللهِ بِحَقٍّ أَو بِغَيرِ حَقٍّ؛ فَإِنَّ المُؤمِنُ لا يَكُونُ إِلاَّ مُتَوَاضِعًا مُتَطَامِنًا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ أَوحَى إِلَيَّ أَن تَوَاضَعُوا حَتى لا يَفخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلا يَبغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

وَلا تَمْشِ فَوْقَ الأَرْضِ إِلاَّ تَـوَاضُعًا
فَكَمْ تَحْتَهَا قَـوْمٌ هُمُ مِنْكَ أَرْفَعُ
فَإِنْ كُنْتَ فِي عِزٍّ وَحِـرْزٍ وَمَنْعَـةٍ
فَكَمْ مَاتَ مِنْ قَوْمٍ هُمُ مِنْكَ أَمْنَعُ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الله لا يحب المستكبرين

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • { ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنه يحب الله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطر الإسراف والتبذير، وقول الله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • خطر الإسراف والتبذير وقول الله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • إنه لا يحب المسرفين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: أنه كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: أنه خرج ومعه درقة، ثم استتر بها، ثم بال(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/4/1447هـ - الساعة: 15:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب