• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أثر علامة القصيم ابن سعدي رحمه الله على الحركة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    حكم السفر لبلاد يقصر فيها النهار لأجل الصوم بها: ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    تدبر سورة الزلزلة (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
  •  
    فتح الصمد شرح الزبد فيما عليه المعتمد في الفقه ...
    د. عبدالرحمن بن محمد موسى العامري
  •  
    فسخ الحج إلى عمرة: دراسة فقهية مقارنة (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    الحلقة الثالثة: قالوا وما الرحمن
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: (الإيمان بأسماء الله ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مرويات الصحابي الجليل عقبة بن عمرو (أبو مسعود ...
    عبدالله خالد فائز
  •  
    يا باغي الخير أقبل
    منصة دار التوحيد
  •  
    الحلقة الثانية: لماذا أعرف الله؟
    الدكتور مثنى الزيدي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (خطبة)

لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/9/2025 ميلادي - 6/4/1447 هجري

الزيارات: 7874

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف

 

أَمَّا بَعدُ؛ فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، تَصَرُّفَاتُ المَرءِ في حَيَاتِهِ، وَتَعَامُلُهُ مَعَ مَن حَولَهُ، كُلُّ ذَلِكَ مَبنِيٌّ وَلا بُدَّ، عَلَى مَفَاهِيمَ يَحمِلُهَا وَمَعَانٍ يَتَصَوَّرُهَا، وَقَنَاعَاتٍ يَعقِدُ عَلَيهَا قَلبَهُ وَيَتَمَسَّكُ بِهَا وَلا يَحِيدُ عَنهَا. وَلَيسَ مِن أَحَدٍ يَتَصَرَّفُ دُونَ فِكرٍ إِلاَّ المَجنُونُ الفَاقِدُ عَقلَهُ، أَوِ الصَّغِيرُ الَّذِي لم يُمَيِّزْ بَعدُ بَينَ حَسَنِ الأُمُورِ وَقَبِيحِهَا، وَلم يُدرِكْ نَافِعَهَا مِن ضَارِّهَا، وَمِن ثَمَّ كَانَ العَقلُ وَالتَّميِيزُ مِن مَنَاطَاتِ التَّكلِيفِ في الشَّرعِ، وَفي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "رُفِعَ القَلَمُ عَن ثَلاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَستَيقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبلُغَ، وَعَنِ المَعتُوهِ حَتَّى يَعقِلَ".

 

وَإِنَّ مِنَ المَفَاهِيمِ الَّتي تَمتَلِئُ بِهَا رُؤُوسُ النَّاسِ في مُجتَمَعِنَا، وَيَنطَلِقُونَ مِنهَا في كَثِيرٍ مِن تَصَرُّفَاتِهِم، وَيَؤَسِّسُونَ عَلَيهَا غَالِبَ عِلاقَاتِهِم، وَبِنَاءً عَلَيهَا تَكُونُ رُدُودُ أَفعَالِهِم مَعَ الآخَرِينَ، مَا يُسَمَّى بِقُوَّةِ الشَّخصِيَّةِ.

 

كَثِيرٌ مِنَّا يَرَى أَنَّهُ أَقوَى مِنَ الآخَرِينَ، وَأَنَّ لَهُ شَخصِيَّةً مُمَيَّزَةً وَجَانِبًا مَتِينًا، وَأَنَّهُ أَعرَفُ مِن غَيرِهِ وَأَفهَمُ، وَأَقدَرُ عَلَى تَقوِيمِ الوَاقِعِ مِن حَولِهِ، بَل وَصَلَ فَهمُ بَعضِنَا لِقُوَّةِ الشَّخصِيَّةِ إِلى أَن أَصبَحَت عِندَهُ مُرَادِفَةً لِلعُنفِ وَالصَّلَفِ، وَالقُدرَةِ عَلَى هَزِيمَةِ الآخَرِينَ في كُلِّ مَوقِفٍ، وَإِسكَاتِهِم وَالتَّغَلُّبِ عَلَيهِم في كُلِّ نِقَاشٍ، فَصَارَ يَحرِصُ في كُلِّ مَوقِفٍ مِن مَوَاقِفِ حَيَاتِهِ عَلَى أَن يَستَعرِضَ عَضَلاتِهِ، وَأَن يُبدِيَ لِمَن أَمَامَهُ حَمَاسةً زَائِدةً لِمَا يَرَى، وَأَن يُظهِرَ غَضبَهُ الشَّدِيدَ إِذْ نُوقِشَ، فَيَرفَعَ صَوتَهُ وَيَتَعَجَّلَ بِالرَّدِ المُفحِمِ، وَيَكِيلَ لِمَن أَمَامَهُ الصَّاعَ بِصَاعَينِ كَمَا يُقَالُ، وَتَرَاهُ في كُلِّ ذَلِكَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَوِيُّ الشَّخصِيَّةِ شُجَاعٌ مِقدَامٌ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَ بِهِ عَدَدٌ مِن نُصُوصِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيُمَيِّزُهُ العُقَلاءُ وَكِبَارُ السِّنِّ وَذَوُو الخِبرَةِ في الحَيَاةِ، أَنَّ الشَّخصِيَّةَ القَوِيَّةَ لَيسَت هِيَ الَّتي تَطرَحُ النَّاسَ أَرضًا، أَو تَرفَعُ عَلَيهِم صَوتًا، أَو تُلجِمُهُم بِإِجَابَاتٍ مُسكِتَةٍ، أَو تَتَجَاوَزُ عَلَيهِم فَتَفضَحُهُم أَو تَنشُرُ مَعَايِبَهُم، وَلَكِنَّهَا الشَّخصِيَّةُ المُتَّزِنَةُ، الَّتِي يُحسِنُ صَاحِبُهَا التَّعَامُلَ مَعَ الآخَرِينَ، وَيَضَبطُ أَقوَالَهُ وَأَفعَالَهُ، وَيُجِيدُ الخُرُوجَ مِن كُلِّ مَوقِفٍ بِأَعظَمِ رِبحٍ وَأَقَلِّ خَسَارَةٍ، وَهَذَا النَّوعُ مِنَ العُقَلاءِ النَّاضِجِينَ، تَجِدُ أَحَدَهُم يَتَّصِفُ بِالهُدُوءِ وَخَفضِ الصَّوتِ، وَإِعطَاءِ الآخَرِينَ المَجَالَ لإِبدَاءِ آرَائِهِم، وَالصَّبرِ عَلَى مَا يَسمَعُ مِنهُم، في مُقَابِلِ قِلَّةِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَعَدَمِ حِرصٍ على الرَّدِّ، بَل تَرَاهُ لا يَتَحَمَّسُ لِلمُنَاقَشَاتِ الغَبِيَّةِ الَّتي تَستَهلِكُ وَقتَهُ وَجُهدَهُ.

 

وَمَا ذَلِكَ الهُدُوءُ مِنهُ وَالصَّبرُ وَسَعَةُ البَالِ، إِلاَّ لِيَقِينِهِ أَنَّ الحُجَّةَ القَوِيَّةَ، لا تَحتَاجُ لإِلزَامِ الطَّرَفِ الآخَرِ بِرَأيٍ بِعَينِهِ، أَوِ الصُّرَاخِ بِشِدَّةٍ لإِقنَاعِهِ، بَل إِنَّهُ لا يَفتَرِضُ أَصلاً أَنَّ عَقلَهُ أَكمَلُ مِن عَقلِ غَيرِهِ، وَلا أَنَّ فِكرَهُ أَنضَجُ مِن فِكرِ الآخَرِينَ، بَل رَأيُهُ عِندَهُ صَوَابٌ يَحتَمِلُ الخَطَأَ، وَرَأيُ غَيرِهِ خَطَأٌ يَحتَمِلُ الصَّوَابَ.

 

أَجَل أَيُّهَا العُقَلاءُ النُّبَلاءُ، إِنَّ القُوَّةَ النَّفسِيَّةَ أَو قُوَّةَ الشَّخصِيَّةِ، هِيَ عِندَ العَارِفِينَ النَّاضِجِينَ حِلمٌ وَأَنَاةٌ، وَضَبطُ نَفسٍ وَلَجْمٌ لِلذَّاتِ، وَصَبرٌ وَتَحَمُّلٌ لِلأَزَمَاتِ، وَقُدرَةٌ عَلَى كَظمِ الغَيظِ في أَشَدِّ المَوَاقِفِ احتِدَامًا، وَتَرَفُّعٌ عَن صَغَائِرِ الأُمُورِ وَلَو كَبُرَت في أَعيُنِ ضُعَفَاءِ العُقُولِ، بَل وَتَجَاوُزٌ لِلصَّبرِ وَكَظمِ الغَيظِ، إِلى العَدلِ مَعَ الآخَرِينَ وَلَو ظَلَمُوا، وَتَركِ الانتِقَامِ مِنهُم وَلَو جَارُوا، في عِفَّةٍ تُقَاوِمُ الإِغرَاءَ الذَّاتِيَّ أَوِ الخَارِجِيَّ، وَتَأَمُّلٍ في المَآلاتِ يَغلِبُ نَوَازِعَ النَّفسِ وَيَردَعُهَا عَن غَيِّهَا، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "لَيسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَملِكُ نَفسَهُ عِندَ الغَضَبِ"؛ مُتَّفق عَلَيهِ.

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَ الشَّدِيدُ القَوِيُّ وَلا الشُّجَاعُ المِقدَامُ هُوَ الَّذِي يَطرَحُ النَّاسَ وَيَغلِبُهُم وَيُسكِتُهُم، وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ القَوِيَّ في الحَقِيقَةِ، هُوَ القَادِرُ عَلَى ضَبطِ نَفسِهِ، وَالتَّحَلِّي بِالأَخلاقِ الفَاضِلَةِ في أَصعَبِ المَوَاقِفِ، لأَنَّهُ يَعلَمُ أَنَّهُ وَإِن غَلَبَ في المَوقِفِ الحَاضِرِ وَاللَّحظَةِ الرَّاهِنَةِ، فَإِنَّ غَلَبَتَهُ لِغَيرِهِ وَإِهَانَتَهُ لِمَن سِوَاهُ لَن تَذهَبَ سُدًى، وَلَن تُترَكَ دُونَ أَن يَكُونَ لَهَا أَثَرٌ في نَفسِ المَغلُوبِ أَو نُفُوسِ مَن تَرِمُ أُنُوفُهُم حَمِيَّةً لَهُ، وَمِن ثَمَّ كَانَ لِلقُوَّةِ وَالشَّجَاعَةِ عِندَهُ مَعَايِيرُ أُخرَى غَيرُ مَعَايِيرِ عَامَّةِ النَّاسِ، قِمَّتُهَا الإِحسَاسُ بِمَسؤُولِيَّتِهِ عَن كُلِّ تَصَرُّفٍ يَبدُرُ مِنهُ، وَأَنَّهُ سَيَتَحَمَّلُ تَبِعَاتِهِ اللاَّحقِةَ، الَّتي غَالِبًا لا تَكُونُ مَرضِيَّةً وَلا مَحمُودَةً، مِن أَعبَاءٍ دُنيَوِيَّةٍ مَالِيَّةٍ أَو مَعنَوَيَّةٍ، أَوِ انكِسَارٍ أَمَامَ الحَقِّ وَقُوَّةِ النِّظَامِ شَرعِيًّا كَانَ أَو عُرفِيًّا، وَإِلاَّ فَحَملُ الذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ لِيَومٍ يَجتَمِعُ النَّاسُ فِيهِ عِندَ مَن لا يُظلَمُ عِندَهُ أَحَدٌ، حِينَ تَشخَصُ الأَبصَارُ وَيُختَمُ عَلَى الأَفوَاهِ، وَتَشهَدُ الأَعضَاءُ وَتُوضَعُ المَوَازِينُ القِسطُ، وَيَكُونُ اقتِضَاءُ الحُقُوقِ بِحَسَنَاتٍ تُؤخَذُ مِنَ الظَّالِمِ وَتُعطَى المَظلُومَ، أَو سَيِّئَاتٍ تُؤخَذُ مِنَ المَظلُومِ وَتُلقَى عَلَى ظَالِمِهِ، عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَن كَانَت لَهُ مَظلَمَةٌ لأَخِيهِ مِن عِرضِهِ أَو شَيءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنهُ اليَومَ قَبلَ أَلاَّ يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرهَمٌ، إِن كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنهُ بِقَدرِ مَظلَمَتِهِ، وَإِن لم يَكُن لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيهِ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

وَعَنهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَدرُونَ مَا المُفلِسُ؟! "قَالُوا: المُفلِسُ فِينَا مَن لا دِرهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، فَقَالَ: "إِنَّ المُفلِسَ مِن أُمَّتي مَن يَأتي يَومَ القِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأتي وَقَد شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعطَى هَذَا مِن حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِن حَسَنَاتِهِ، فَإِن فَنِيَت حَسَنَاتُهُ قَبلَ أَن يُقضَى مَا عَلَيهِ، أُخِذَ مِن خَطَايَاهُم فَطُرِحَت عَلَيهِ ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَعَنهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَتُؤَدَّنَّ الحُقُوقُ إِلى أَهلِهَا يَومَ القِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الجَلحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرنَاءِ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنُقَوِّ أَنفُسَنَا بِالإِيمَانِ وَالخَوفِ مِنَ اللهِ، وَسَعَةِ الصُّدُورِ وَإِعمَالِ العُقُولِ، وَمَعرِفَةِ الحَقَائِقِ وَالنَّهَايَاتِ وَالغَايَاتِ، وَالحَذَرِ مِن تَقلِيدِ النَّاسِ في جَهلِهِم وَجَاهِلِيَّاتِهِم وَفَخرِهِم وَعَصَبِيَّاتِهِم، وَلْنُخلِصِ العَمَلَ كُلَّهُ للهِ وَحدَهُ، مَحَبَّةً لَهُ وَمَحَبَّةً لِمَا عِندَهُ، وَلْنُحِبَّ لِلمُسلِمِينَ مِنَ الخَيرِ مَا نُحِبُّهُ لأَنفُسِنَا، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 165 - 167].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ مَن كَانَت قُوَّةُ الشَّخصِيَّةِ عِندَهُ هِيَ الصَّلابَةَ فَسَوفَ يُكسَرُ، غَيرَ أَنَّ هَذَا لا يَعني أَن يَكُونَ المَرءُ لَيِّنًا فَيُعصَرَ، بَل الوَاجِبُ أَن يَعرِفَ بِمَ تَكُونُ قُوَّةُ الشَّخصِيَّةِ، فَإِن كَانَ في مَوَاضِعِ الشِّدَّةِ كَجِهَادِ الكُفَّارِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ لَدَى القُدرَةِ، فَلْيَكُنْ شَدِيدًا، وَأَمَّا مَعَ إِخوَانِهِ المُؤمِنِينَ وَفي سَائِرِ أَحوَالِهِ، فَقُوَّةُ الشَّخصِيَّةِ الحَقِيقِيَّةُ إِنَّمَا هِيَ في لِينِ الكَلامِ، وَقَولِ الَّتي هِيَ أَحسَنُ، وَالإِحسَانِ بِكُلِّ أَنوَاعِ الإِحسَانِ، وَتَقَبُّلِ المُخطِئِ وَالتِمَاسِ العُذرِ لَهُ، وَتَقدِيرِ آرَاءِ الآخَرِينَ وَلَو جَنَحُوا، وَالنُّصحِ لَهُم وَالشَّفَقَةِ عَلَيهِم، وَالاعتِرَافِ بِفَضلِ الآخَرِينَ وَالإِشَادَةِ بِهِم إِذَا أَصَابُوا، وَاستِشعَارِ نَقصِ الذَّاتِ وَعَدَمِ تَصَوُّرِ الكَمَالِ المُطلَقِ، وَأَن يَكُونَ المَقصِدُ في النِّهَايَةِ هُوَ إِظهَارَ الحَقِّ وَقَبُولَهُ وَلَو عَلَى النَّفسِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء: 53]، وَوَصَفَ تَعَالى نَبِيَّهُ وَأَصحَابَهُ بِأَنَّهُم ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، وَقَالَ لِنَبِيِّهِ: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنزِلَةً يَومَ القِيَامَةِ مَن تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ"، وَفي رِوَايَةٍ: "اتِّقَاءَ فُحْشِهِ"، وَعِندَ الطَّبَرَانيِّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "أَكمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحسَنُهُم خُلُقًا، المُوَطَّؤُونَ أَكنَافًا، الَّذِينَ يَألَفُونَ وَيُؤلَفُونَ، وَلا خَيرَ فِيمَن لا يَألَفُ وَلا يُؤلَفُ".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإنفاق في رمضان (خطبة)
  • خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
  • وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)
  • كلنا رجال تربية وتعليم (خطبة)
  • البركة مع الأكابر (خطبة)
  • بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • النهاية في علم الدراية: شرح الجمع بين الألفيتين (ألفية العراقي والفية السيوطي في علم الحديث) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمننا مرهون بإيماننا(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • النميمة مفتاح الفتن وباب للجريمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتاب بر الوالدين - تأليف: الإمام أبي عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري 256 هـ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حين تهان اللغة باسم الفهم: المثقف والأخطاء المغتفرة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ألفية لسان العرب في علوم الأدب لزين الدين شعبان بن محمد القرشي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الرصائف والروائق السمت الرضي، والسبك البهي - تأليف: خالد إبراهيم المحجوبي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/5/1447هـ - الساعة: 18:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب