• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج أبي حيان الأندلسي في النقل عن كتاب [رؤوس ...
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    قاعدة شرط الواقف كنص الشارع: دراسة فقهية مقارنة ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    بحث عن دراسة: (حروف المعاني: دراسة بلاغية) (PDF)
    خالد خميس طلبة
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أثر علامة القصيم ابن سعدي رحمه الله على الحركة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    حكم السفر لبلاد يقصر فيها النهار لأجل الصوم بها: ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    تدبر سورة الزلزلة (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
  •  
    فتح الصمد شرح الزبد فيما عليه المعتمد في الفقه ...
    د. عبدالرحمن بن محمد موسى العامري
  •  
    فسخ الحج إلى عمرة: دراسة فقهية مقارنة (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    الحلقة الثالثة: قالوا وما الرحمن
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ألم يأن للذين آمنوا؟ (خطبة)

ألم يأن للذين آمنوا؟ (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/10/2024 ميلادي - 18/4/1446 هجري

الزيارات: 19890

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ألَمْ يأنِ للذين آمنوا؟

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ، قَالَ تَعَالَى – مُعَاتِبًا الْمُؤْمِنِينَ: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الْحَدِيدِ: 16]؛ وَالْمَعْنَى: أَلَمْ يَحِنْ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَلِينَ قُلُوبُهُمْ، وَتَخْضَعَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يُحَذِّرُهُمْ مِنْ مُشَابَهَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيَقُولُ: وَلَا يَكُونُوا كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى – الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ – فَطَالَ عَلَيْهِمُ الزَّمَانُ، فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ خَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ؟!

 

فَهَذَا تَوْبِيخٌ وَعِتَابٌ لِمَنْ سَمِعَ هَذَا السَّمَاعَ، وَلَمْ يُحْدِثْ لَهُ فِي قَلْبِهِ صَلَاحًا، وَرِقَّةً وَخُشُوعًا، وَفِيهِ تَحْذِيرٌ مِنْ طُولِ الْأَمَلِ؛ فَإِنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْكَسَلُ عَنِ الطَّاعَةِ، وَالتَّسْوِيفُ بِالتَّوْبَةِ، وَالرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالنِّسْيَانُ لِلْآخِرَةِ، وَالْقَسْوَةُ فِي الْقَلْبِ؛ لِأَنَّ رِقَّتَهُ وَصَفَاءَهُ بِتَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالْقَبْرِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ.

 

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ إِلَّا أَرْبَعُ سِنِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (اسْتَبْطَأَهُمْ؛ وَهُمْ أَحَبُّ خَلْقِهِ إِلَيْهِ).

 

فَإِذَا كَانَ هَذَا الْعِتَابُ قَدْ وُجِّهَ إِلَى الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ – وَهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ؛ فَمَا بَالُنَا بِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ؟ وَمَا بَالُنَا نَحْنُ الْيَوْمَ؟ وَمَا الْعِتَابُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُوَجَّهَ إِلَيْنَا؟وَقَدِ ابْتَعَدْنَا عَنْ مَنْهَجِ اللَّهِ تَعَالَى، وَزَلَّتْ بِنَا الْأَقْدَامُ، وَتُهْنَا فِي بَيْدَاءِ الْحَيَاةِ؟

 

أَلَمْ يَأْنِ لِتَارِكِ الصَّلَاةِ أَنْ يُؤَدِّيَ فَرْضَ اللَّهِ عَلَيْهِ؟ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ [الْأَعْلَى: 14-15]؛ وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 1-2]، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (تَارِكُ ‌الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ: إِمَّا أَنْ يَشْغَلَهُ مَالُهُ، أَوْ مُلْكُهُ، أَوْ رِيَاسَتُهُ، أَوْ تِجَارَتُهُ؛ فَمَنْ شَغَلَهُ عَنْهَا مَالُهُ فَهُوَ مَعَ قَارُونَ، وَمَنْ شَغَلَهُ عَنْهَا مُلْكُهُ فَهُوَ مَعَ فِرْعَوْنَ، وَمَنْ شَغَلَهُ عَنْهَا رِيَاسَةٌ وَوِزَارَةٌ فَهُوَ مَعَ هَامَانَ، وَمَنْ شَغَلَهُ عَنْهَا تِجَارَتُهُ فَهُوَ مَعَ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ).

 

أَلَمْ يَأْنِ لِمَانِعِ الزَّكَاةِ أَنْ يُطَهِّرَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ، وَيُخْرِجَ حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ؟ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [الْمَعَارِجِ: 24-25]، حَتَّى لَا يَحِقَّ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 34-35].

 

أَلَمْ يَأْنِ لِلزُّنَاةِ أَنْ يُطَهِّرُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ الشَّنْعَاءِ؟ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 32]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النُّورِ: 3].

 

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ أَنْ يُطَهِّرُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الْخَبِيثَةِ؟ حَتَّى لَا يَقَعُوا تَحْتَ طَائِلَةِ الْعِقَابِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ [أَيْ: حَرَامٍ]، النَّارُ أَوْلَى بِهِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ؛ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ» صَحِيحٌ لِغَيْرِهِ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ يَتَعَامَلُونَ بِالرِّبَا أَنْ يُقْلِعُوا عَنْهُ؟ حَتَّى لَا يُهْلِكُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَيَقَعُوا فِي حَرْبٍ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 278-279].

 

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ يَغْتَابُونَ النَّاسَ، وَيَأْكُلُونَ مِنْ لُحُومِهِمْ، أَنْ يَصُونُوا أَلْسِنَتَهُمْ عَنِ الْغِيبَةِ؟ حَتَّى لَا يَتَعَرَّضُوا لِعِقَابِ اللَّهِ، فَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 12].

لِسَانَكَ لَا تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ
فَكُلُّكَ عَوْرَاتٌ ‌وَلِلنَّاسِ ‌أَلْسُنُ
وَعَيْنُكَ إِنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَسَاوِئًا
فَصُنْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْيُنُ

 

أَلَمْ يَأْنِ لِلنَّمَّامِ أَنْ يَتُوبَ عَنِ النَّمِيمَةِ، وَالْوَقِيعَةِ بَيْنَ النَّاسِ؟ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 191]؛ فَإِشْعَالُ نَارِ الْفِتْنَةِ بَيْنَ النَّاسِ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ، أَلَمْ يَعْلَمِ النَّمَّامُ مَا يَنْتَظِرُهُ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ؟ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ؛ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ: أَمَّا هَذَا؛ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا هَذَا؛ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ أَيْضًا: «إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ: الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى سَمَّى النَّمَّامَ فَاسِقًا: ﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 6].

 

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخُمُورَ أَنْ يُقْلِعُوا عَنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ الْمُهْلِكَةِ؟ حَتَّى لَا يَشْرَبُوا مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّاسَ فِي مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ أَنْ يَتْرُكُوا هَذَا السُّلُوكَ الْمَشِينَ؟ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النُّورِ: 58].

 

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ يُضَيِّعُونَ أَعْمَارَهُمْ سُدًى، وَيُخَالِفُونَ أَوَامِرَهُ، أَنْ يَتْرُكُوا هَذِهِ الْمَعَاصِيَ؟ فَإِنَّهُمْ سَيُسْأَلُونَ عَنْ أَعْمَارِهِمْ، وَأَيَّامِهِمْ وَلَيَالِيهِمْ كَيْفَ أَضَاعُوهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. لَا بُدَّ مِنْ تَوْبَةٍ نَصُوحٍ، نُقْلِعُ بِهَا عَنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ: فَقَدْ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ بَدْءِ زُهْدِهِ، قَالَ: (كُنْتُ يَوْمًا مَعَ إِخْوَانِي فِي بُسْتَانٍ لَنَا، وَذَلِكَ حِينَ حَمَلَتِ الثِّمَارُ مِنْ أَلْوَانِ الْفَوَاكِهِ، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا حَتَّى اللَّيْلِ فَنِمْنَا، وَكُنْتُ مُولَعًا بِضَرْبِ الْعُودِ وَالطُّنْبُورِ، فَقُمْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ فَضَرَبْتُ الْعُودَ، وَالْعُودُ بِيَدِي لَا يُجِيبُنِي إِلَى مَا أُرِيدُ، وَإِذَا بِهِ يَنْطِقُ كَمَا يَنْطِقُ الْإِنْسَانُ - يَعْنِي الْعُودَ الَّذِي بِيَدِهِ - وَيَقُولُ: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾، قُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ! وَكَسَرْتُ الْعُودَ، وَصَرَفْتُ مَنْ كَانَ عِنْدِي، فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ ‌زُهْدِي ‌وَتَشْمِيرِي).

 

وَكَانَ سَبَبُ تَوْبَةِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍرَحِمَهُ اللَّهُ: (أَنَّهُ عَشِقَ جَارِيَةً، فَوَاعَدَتْهُ لَيْلًا، فَبَيْنَمَا هُوَ يَرْتَقِي الْجُدْرَانَ إِلَيْهَا؛ إِذْ سَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ ﴾، فَرَجَعَ الْقَهْقَرَى - وَهُوَ يَقُولُ: بَلَى؛ وَاللَّهِ قَدْ آنَ، فَآوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى خَرِبَةٍ، وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ السَّابِلَةِ؛ [أَيْ: أَبْنَاءِ السَّبِيلِ الْمُخْتَلِفُونَ عَلَى الطُّرُقَاتِ فِي حَوَائِجِهِمْ]، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: إِنَّ فُضَيْلًا يَقْطَعُ الطَّرِيقَ. فَقَالَ الْفُضَيْلُ: أَوَّاهُ! أَرَانِي بِاللَّيْلِ أَسْعَى فِي مَعَاصِي اللَّهِ، قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَخَافُونَنِي؟ اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ تُبْتُ إِلَيْكَ، وَجَعَلْتُ تَوْبَتِي إِلَيْكَ ‌جِوَارَ ‌بَيْتِكَ ‌الْحَرَامِ).

 

أَلَمْ يَأْنِ لِلْعُصَاةِ وَالْمُذْنِبِينَ، وَاللَّاهِينَ وَالسَّاهِينَ أَنْ يَتُوبُوا، وَيُقْلِعُوا عَنِ الْمَعَاصِي، قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ؟ قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزُّمَرِ: 53].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله (خطبة)
  • ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق
  • ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم
  • ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله (خطبة)
  • {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق}
  • تفسير قوله تعالى: { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله }
  • { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق }
  • القلب ملك الجوارح (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ( ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الذب عن عرض أمنا عائشة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: القراءة بوابة العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (أين الله)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السعي في طلب الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الله البصير (خطبة) - باللغة الإندونيسية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من ألطاف الله تعالى في الابتلاء (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة: الذين يصلي عليهم الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/5/1447هـ - الساعة: 12:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب