• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

فضول الكلام (خطبة)

فضول الكلام (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/7/2025 ميلادي - 7/1/1447 هجري

الزيارات: 7690

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضول الكلام


الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ:70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ أَعْظَمِ مَا يُبْتَلَى بِهِ الْمُؤْمِنُ فُضُولُ الْكَلَامِ؛ وَهُوَ اللَّغْوُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلَا يَنْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْعَبْدُ مُحَاسَبٌ عَلَى مَا يَنْطِقُ بِهِ لِسَانُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رُسُلَنَا ‌يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ﴾ [يُونُسَ:21]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ ‌يَكْتُبُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ:80]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا ‌يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق:18]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ ‌لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الِانْفِطَارِ:10-12]، فَمَا يَفُوهُ بِهِ الْعَبْدُ مُحَاسَبٌ عَلَيْهِ؛ وَلِذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ الْخَيْرِ أَوْ بِالصَّمْتِ؛ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا ‌أَوْ ‌لِيَصْمُتْ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلِمَ خُطُورَةَ فُضُولِ الْكَلَامِ، وَلَغْوَ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الصَّمْتَ مُقَابِلًا لِقَوْلِ الْخَيْرِ، فَلَمْ يَقُلْ: فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لَا يَقُلْ شَرًّا؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ مُقَدَّمٌ عَلَى لَغْوِ الْحَدِيثِ وَفُضُولِ الْكَلَامِ، وَأَنَّ اللِّسَانَ إِمَّا أَنْ يَنْطِقَ بِخَيْرٍ، وَإِمَّا أَنْ يُحْبَسَ عَنِ الْكَلَامِ، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ حَدِيثُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، فَقَالَ مُعَاذٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَكَلَامُ الْإِنْسَانِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ خَيْرًا كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ، وَالنُّصْحِ لِمُسْلِمٍ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى الْخَيْرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا مَأْمُورٌ بِهِ، وَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُ.

 

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ شَرًّا؛ كَالْكَذِبِ، وَالْغِيبَةِ، وَالنَّمِيمَةِ وَالْبُهْتَانِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَيُؤَاخَذُ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ.

 

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فُضُولًا مِنْ لَغْوِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي النَّاسِ؛ فَالصَّمْتُ عَنْهُ خَيْرٌ مِنَ الْكَلَامِ بِهِ، وَلَا يَسْلَمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ مِنْ غَائِلَتِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَأَمَّا ‌فُضُولُ ‌الْكَلَامِ فَإِنَّهَا تَفْتَحُ لِلْعَبْدِ أَبْوَابًا مِنَ الشَّرِّ، كُلُّهَا مَدَاخِلُ لِلشَّيْطَانِ؛ فَإِمْسَاكُ ‌فُضُولِ ‌الْكَلَامِ يَسُدُّ عَنْهُ تِلْكَ الْأَبْوَابَ كُلَّهَا، وَكَمْ مِنْ حَرْبٍ جَرَّتْهَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ... وَأَكْثَرُ الْمَعَاصِي إِنَّمَا تَوَلُّدُهَا مِنْ ‌فُضُولِ ‌الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ، وَهُمَا أَوْسَعُ مَدَاخِلِ الشَّيْطَانِ؛ فَإِنَّ جَارِحَتَيْهِمَا لَا يَمَلَّانِ وَلَا يَسْأَمَانِ... وَكَانَ السَّلَفُ يُحَذِّرُونَ مِنْ فُضُولِ النَّظَرِ، كَمَا يُحَذِّرُونَ مِنْ ‌فُضُولِ ‌الْكَلَامِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: مَا شَيْءٌ أَحْوَجُ إِلَى طُولِ السِّجْنِ مِنَ اللِّسَانِ».

 

وَقَدْ يَتَمَادَى الْإِنْسَانُ فِي فُضُولِ الْكَلَامِ حَتَّى يُجَاوِزَ اللَّغْوَ إِلَى الْحَرَامِ، بَلْ إِلَى الْكَبَائِرِ، وَالْمُصِيبَةُ الْكُبْرَى عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَمِمَّنْ يَحْرِصُ عَلَى الْخَيْرِ، وَيَبْذُلُ الْمَالَ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ يُطْلِقُ لِسَانَهُ فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ بِلَا عِلْمٍ؛ تَعَالُمًا وَتَزَيُّنًا لِلنَّاسِ فِي الْمَجَالِسِ؛ فَيُهَوِّنُ مِنْ شَأْنِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ، أَوْ يُحِلُّ شَيْئًا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهَذَا مِنَ الْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِلَا عِلْمٍ، وَهُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ‌الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:33]، وَأَشْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْخَرَ بِشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ يَتَنَدَّرَ بِسُنَّةٍ مِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ؛ لِيُرْضِيَ أَقْوَامًا أَوْ لِيُضْحِكَهُمْ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ ‌تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التَّوْبَةِ:65-66]، وَقَدْ يَقُولُ كَلَامًا يَسْتَصْغِرُهُ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَظِيمٌ، وَلَرُبَّمَا كَانَ لِكَلِمَتِهِ أَثَرٌ كَبِيرٌ لَا يَعْلَمُ عَنْهُ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ‌مَا ‌يَظُنُّ ‌أَنْ ‌تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَيْهِ سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَمِمَّا انْتَشَرَ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ فُضُولِ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ: الْكَذِبُ لِإِضْحَاكِ الْجُلَسَاءِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «‌وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ ‌لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ فَيَكْذِبُ، ‌وَيْلٌ لَهُ، ‌وَيْلٌ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ؛ فَإِنْ كَانَ الْكَذِبُ يَتَنَاوَلُ أَشْخَاصًا فَهُوَ الْبُهْتَانُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِمْ مَا لَيْسَ فِيهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ ‌فَقَدْ ‌بَهَتَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يُحَدِّثَ بِهَا فِي مَجْلِسٍ، أَوْ يُرْسِلَهَا صَوْتًا أَوْ كِتَابَةً لِلْمَجْمُوعَاتِ الَّتِي لَدَيْهِ فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ.

 

وَمِنْ فُضُولِ الْكَلَامِ: تَنَاقُلُ الْأَخْبَارِ، وَأَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا يُنْقَلُ إِلَيْهِ، دُونَ تَثَبُّتٍ مِنْ صِدْقِ الْمَنْقُولِ، وَرُبَّمَا رَوَّجَ لِلشَّائِعَاتِ الْمُغْرِضَةِ وَهُوَ لَا يَدْرِي، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ ‌يُحَدِّثَ ‌بِكُلِّ مَا سَمِعَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَجْتَنِبَ فُضُولَ الْكَلَامِ، وَأَنْ يُسَخِّرَ لِسَانَهُ فِي ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا وَالَاهُ، وَأَنْ يَجْتَنِبَ لَغْوَ الْحَدِيثِ وَالْكَلَامَ فِي النَّاسِ؛ فَإِنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِمَا يَقُولُ وَمَا يَكْتُبُ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَا يُرْضِيهِ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا مَا يُغْضِبُهُ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:131-132].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي زَمَنِنَا هَذَا كَثُرَ فُضُولُ الْكَلَامِ فِي النَّاسِ؛ لِأَسْبَابٍ أَهَمُّهَا: ضَعْفُ رِقَابَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَلِسَانِهِ وَمَا يَصْدُرُ مِنْهُ، وَالْفَرَاغُ عِنْدَ الْكَثِيرِينَ، وَسُهُولَةُ التَّوَاصُلِ مَعَ النَّاسِ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ، بِحَيْثُ صَارَ الْإِنْسَانُ -أَغْلَبَ وَقْتِهِ- يُثَرْثِرُ بِلِسَانِهِ أَوْ يَكْتُبُ بِأَصَابِعِهِ، فَيَتَحَدَّثُ مَعَ مَنْ يَعْرِفُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ، وَأَكْثَرُ مَا يَدُورُ مِنْ أَحَادِيثَ بَيْنَ النَّاسِ هِيَ مِنْ فُضُولِ الْكَلَامِ الَّذِي يُحَاسَبُ عَنْهُ الْإِنْسَانُ، وَقَدْ يَصِلُ إِلَى مُحَرَّمَاتِ الْقَوْلِ وَالْكِتَابَةِ.

 

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ فُضُولُهُ فِي السُّؤَالِ وَالْقِيلِ وَالْقَالِ، فَلَا يَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ إِلَّا سَأَلَهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يُضْجِرَهُ، ثُمَّ يَبْحَثُ عَنْ غَيْرِهِ لِيَسْأَلَهُ، وَهَذَا دَأْبُهُ، فَإِنْ عَمِلَ فِي دَائِرَةٍ حُكُومِيَّةٍ أَوْ مُؤَسَّسَةٍ خَاصَّةٍ كَانَ هُوَ أَرْشِيفَ الْقِيلِ وَالْقَالِ وَالسُّؤَالِ فِيهَا، وَيَتَبَاهَى بِذَلِكَ، وَإِنْ سَكَنَ حَارَةً عَرَفَ كُلَّ شَيْءٍ عَنْ بُيُوتِهَا وَسُكَّانِهَا وَأَحْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَأَعْمَارِهِمْ وَأَعْدَادِهِمْ، بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِ وَقِيلِهِ وَقَالِهِ، وَكَأَنَّهُ مُوَكَّلٌ عَلَى النَّاسِ لِيَعْرِفَ أَخْبَارَهُمْ وَأَسْرَارَهُمْ، وَغَالِبُ النَّاسِ يَجْتَنِبُونَهُ لِفُحْشِ فُضُولِهِ، وَقِلَّةِ حَيَائِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ فُضُولِ الْكَلَامِ، وَمِنْ ضَعْفِ الدِّيَانَةِ، وَقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ لِأُمَّتِهِ: «قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ ‌مِنْ ‌حُسْنِ ‌إِسْلَامِ ‌الْمَرْءِ قِلَّةَ الْكَلَامِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمَاذَا يَعْنِي الْمَرْءَ أَنْ يَتَلَمَّسَ أَخْبَارَ مَنْ يَعْرِفُهُمْ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُمْ، وَيَسْأَلُ عَنْ خُصُوصِيَّاتِهِمْ وَمَا يَكْرَهُونَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُثَرْثِرُ بِهَا هُنَا وَهُنَاكَ، وَيَجِدُ لَذَّةً فِي هَذِهِ الْعَادَةِ الذَّمِيمَةِ؟! لَا فَائِدَةَ تَعُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ يُوبِقُ نَفْسَهُ، وَيُؤْذِي إِخْوَانَهُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ لِأَصْحَابِهِ: «أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ لَعَلَّهُ يَنْفَعُكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ نَفَعَنِي؛ قَالَ لَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: يَا بَنِي أَخِي، إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا ‌يَكْرَهُونَ ‌فُضُولَ الْكَلَامِ، وَكَانُوا يَعُدُّونَ فُضُولَ الْكَلَامِ مَا عَدَا كِتَابَ اللَّهِ أَنْ تَقْرَأَهُ، أَوْ تَأْمُرُ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ تَنْطِقُ بِحَاجَتِكَ فِي مَعِيشَتِكَ الَّتِي لَا بُدَّ لَكَ مِنْهَا... أَمَا يَسْتَحِي أَحَدُكُمْ أَنْ لَوْ نُشِرَتْ عَلَيْهِ صَحِيفَتُهُ الَّتِي أَمْلَى صَدْرَ نَهَارِهِ كَانَ أَكْثَرُ مَا فِيهَا لَيْسَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَلَا دُنْيَاهُ».

 

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: غَدًا هُوَ العَاشِرُ مِنْ مُحَرَّمٍ، وَيُسَنُّ صِيَامُهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَلَا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ أَجْرَ صِيَامِهِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكلام فيما لا يعني (ترك فضول الكلام)
  • الترهيب من الكلام فيما لا يعني وفضول الكلام
  • أقوال وحكم في حفظ اللسان وترك فضول الكلام
  • طرق لعلاج فضول الكلام
  • ترك فضول الكلام
  • يوم الحسرة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • فوائد الابتلاء بالمرض (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بدعة الاحتفال بالمولد النبوي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ففيهما فجاهد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التربية على الإحسان للآخرين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإحصاء في القرآن الكريم والسنة النبوية: أبعاد ودلالات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدين النصيحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العطايا والمنح بعد المحن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كن بلسما (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلنا رجال تربية وتعليم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/3/1447هـ - الساعة: 11:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب