هل رفضي له لهذا السبب يعد حراما؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

فنرحب بكِ أختنا الكريمة، ونشكر لكِ ثقتكِ في موقع شبكة الألوكة، ونسأل الله أن نكون عند حسن الظن في تقديم ما يسركِ، ويفيدكِ، وأن تجدي بغيتكِ، ونسأل الله سبحانه أن يعينكِ، ويوفقكِ لكل خير.

نسبة العنوسة في المجتمع في ازدياد، ويعزف كثير من الشباب عن الزواج بسبب المتطلبات الكثيرة التي تفوق إمكاناتهم، في هذا الزمن، وقد يكون هذا المطلِّق قد لبى كثيرًا من المتطلبات التي يعجز عنها الشباب هذه الأيام، والطلاق ليس منقصة، ولا يعيب الرجل ولا المرأة، والمجتمع اليوم مليء بالمطلِّقين والمطلَّقات، ولا يكاد يخلو بيتٌ، وقد يكون بعض المشكلات التي تسببت في الطلاق أنها كانت تافهة، وليست سببًا مهمًّا للطلاق، وليس معنى أنه خاض تجربةً باءت بالفشل أن يعطيكِ مؤشرًا لعدم قدرة هذا الشخص على حل مشاكله؛ فقد يكون السبب من الطرف الآخر، ومع أن الطلاق يزرع شعورًا بالخوف من المطلِّق، فإنه قد اكتسب بعض الأشياء المتميزة بعد طلاقه، وقد يكون أفضل من غيره لعدة أسباب:

أولًا: لخبرته السابقة، بخروجه من هذه العلاقة، فقد تعلم درسًا حيًّا، وواقعيًّا، ولم تعد الحياة مبهمة بالنسبة له، ويعلم ما هي الأخطاء التي ارتكبها، ويعلم الصفات السيئة في زوجته، ولن يكرر هذه التجربة الفاشلة مرة أخرى.

ثانيًا: ربما يكون وفيًّا لزواجه الثاني، ومخلصًا له؛ لأنه لا يريد أن يخسر مرتين.

ثالثًا: سيكون أكثر نضجًا، ووعيًا بتحمُّل المسؤولية المُلقاة على عاتقه.

رابعًا: قد خاض تجربةً فاشلة، ولن يكررها في زواجه الثاني، وسيكون أكثر حذرًا، وسيبحث عمن تناسبه في صفاته، وشخصيته، وتعيش معه بقية حياته.

وبشكل عام مثل هذا الرجل سيكون أحرصَ على الوفاق في أن يستمر في الحياة الجديدة؛ لأنه لا يريد أن يكرر نفس الأخطاء، فلا يوجد إنسان على وجه الأرض يحب الطلاق، إلا إذا كان لديه عارض نفسي، وما سواه.

هناك أربع نقاط مهمة إذا قبِلتِ بزواجكِ من هذا الرجل، لا بد أن تراعيها:

النقطة الأولى: هل صفاته، وأخلاقه جيدة؟ فمن المهم السؤال عن الأخلاق، والدين سواء كان الرجل مطلقًا أو غير مطلق، ولا يمكن أن تجدي رجلًا بلا عيوب، كما أننا لسنا خالين من النقائص، والعيوب أيضًا، ولكن أمر الزواج يُبنى على الدين، وأهم ما في الدين الصلاة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا خُطب إليكم من ترضَون دينه وخُلُقه، فزوجوه، إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض))؛ [الترمذي: 1084]، والرجل الطيب فرصة نادرة، وصاحب الدين والخُلُق، صفة مهمة جدًّا.

النقطة الثانية: يجب أن تعرفي سبب الطلاق؛ حتى لا تقعي فيما وقع فيه من قبلك، وهل كان الطلاق بطلب من زوجته السابقة أم هو طلقها بنفسه؟ فقد يكون لديها سبب مهم موجود لديكِ أنتِ، وقد تعرفين أشياء قد لا تحبينها في الزوج، وتتجنبين بعض المشاكل في الارتباط، وقد تجدين ما يُعين على الاستمرار في الزواج منه.

النقطة الثالثة: عدم التردد في القبول، فقد ذكرتِ في رسالتكِ السابقة أنكِ مترددة في القبول؛ بسبب أنه كان متزوجًا في السابق، وهنا نقطة مهمة، لا بد أن يكون لديكِ قناعة تامة بالزواج من مطلِّق، وإن لم يكن لديكِ قناعة كافية، فلا تتقدمي؛ فقد يكون سببًا لمتاعب قادمة؛ فالتقدم بدون قناعة سيكون سببًا في تعثر الحياة الزوجية، فسؤال الناس دائمًا لكِ: لماذا تقدمت بالزواج من هذا الرجل وأنت شابة؟ سيثير لكِ بعض الإحراج، فإذا لم يكن لديكِ جواب لهم، أو قناعة تامة بالزواج منه، فربما يتسرب إليكِ الندم، وقد يكون لديكِ متاعب حياتية، حتى وإن لم يكن الزوج هو السبب فيها.

النقطة الرابعة: الحرص على نجاح هذا الزواج، فقد يكون الخوف من الزواج السابق كونه تجربة سيئة بالنسبة له لأي حدث جديد منكِ، ويقارنه بما سبق في حياته السابقة، فيجب الانتباه إلى كل ما يحدث في حياتكِ، وكذلك قبل الزواج من المهم أن تعطيه كل النقاط التي تخصكِ أنتِ، وإلا يكن فيكِ صفة يخافها في الأولى، فلا بد من السعي لإنجاح هذا الزواج بكل الطرق الممكنة.

عليكِ بصلاة الاستخارة؛ فقد كان جابر رضي الله عنه يقول: ((كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن...))؛ [البخاري: 6382]، ويكون ذلك بأن تصلي ركعتين، من غير الفريضة، ثم تحمدي الله، وتصلي على نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، ثم تدعي بالدعاء المأثور في ذلك، وتسألي الله إن كان الخير في هذا الزوج أن يقربه إليك، وإن كان شرًّا أن يبعده عنكِ.

وعليكِ بالدعاء - أختنا الفاضلة - لله أن يوفقكِ لخير الأمور، وأن يختار لكِ الخير كله، ويرضيكِ به، واعلمي أن العبد ضعيف بنفسه قويٌّ بربه، وأن الله قريب مجيب الدعاء، توجهي إليه سبحانه بالدعاء، أن يرزقكِ الزوج الصالح، الذي يعينكِ على حياتكِ، ودينكِ، واحرصي على القرب من الله سبحانه وتعالى، والحرص على الصلاة في وقتها، وقراءة القرآن، فلها تأثير كبير على مسار حياتكِ.

خاتمة:

فيما يخص الإثم فيما لو تركتِه بسبب أنه قد تزوج من قبل، فليس عليكِ إثم بإذن الله، وهذا الرجل الذي جاءكِ وخطبكِ من دون النساء الأخريات، دليل على أنه لم يأتِ عبثًا، فقد خاض تجربته الخاصة في الزواج، وجاءكِ بعد استشارة، وسؤال عنك، ويريدكِ أن تكوني زوجة له، ولكِ القرار أولًا وأخيرًا فيما تقررين، وأكثري من الاستخارة في هذا الشأن، كما ذكرنا لكِ سابقًا.

نسأل الله أن يقرب لكِ الخير، وأن يرضيكِ به، وأن يسهل أمرك، وأن يلهمكِ السداد، والرشاد.

ونحن في موقع شبكة الألوكة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكِ إلى ما فيه خير لكِ في دنياكِ وآخرتكِ، وأن يرزقكِ الزوج الصالح، إنه على كل شيء قدير.