• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كيف أتخلص من العادة السرية؟
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    أريد أن أتزوجها دون علم زوجتي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    هل أخطب فتاة كان لها علاقة سابقة؟
    أ. منى مصطفى
  •  
    أكره والدي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أخشى أن يرفضني والدها لفارق السن بيننا
    أ. سحر عبدالقادر اللبان
  •  
    انقطاع العلاقة الزوجية
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    كيف أنسى الماضي المؤلم؟
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    زوجتي خانتني، فهل أطلقها؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مساعدة أم غش؟
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    فتاة أغواها معلمها
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    مترددة بسبب قصره ونحوله
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي ليست بيضاء
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات نفسية / انحرافات سلوكية / العادة السرية
علامة باركود

كيف أتخلص من العادة السرية؟

كيف أتخلص من العادة السرية؟
أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/8/2025 ميلادي - 23/2/1447 هجري

الزيارات: 334

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

♦ الملخص:

شابٌّ يعاني من ممارسة العادة السرية، ولا يستطيع الانتهاء عنها؛ ما أصابه باكتئاب، ذهب على إثره للطبيب، حتى مع مكابدته العبادات، وتقليله من الذنوب والمعاصي، فإن حالته ما ازدادت إلا سوءًا، وكثيرًا ما يرى رؤى تأويلها تأخير زواجه، ويسأل: لماذا يبشِّرني الله بتأخير الفرج، وتعسير الأمور؟

 

♦ التفاصيل:

أنا شابٌّ في عشرينيات عمري، منذ ما يربو على عشر السنوات، كنت قد رأيت رؤيا أُوِّلت لي أنني سوف أعاني كثيرًا في حياتي، وبعدها بسنوات عِدَّة اكتشفت العادة السرية، وأسرفت في مقارفتها؛ لمشكلات نفسية رافقتني منذ الصغر؛ وفي إثر ذلك أُصبت باكتئاب شديد، وساءت حالتي، ورافقني الفشل على جميع المستويات؛ كالفشل الدراسي؛ حيث تراجعت قدراتي العقلية من قلة التركيز وبطء الفهم والاستيعاب، وكذلك الفشل في حياتي الاجتماعية، والمهنية، والفشل في تحقيق أي هدف – ولو بسيطًا - على المستوى الديني أو الدنيوي؛ حيث ابتُليت بانعدام التوفيق، وتدهورت صحتي الجسدية، وأُصبت بالمس والحسد – حسب كلام شيخ كنت قد سألته عن أمور غريبة وقعت لي – وأنا أعلم أن سبب كل ذلك هو ذنوبي؛ لذا فقد كانت مني محاولات جادَّة للتقرب إلى الله سبحانه في السنوات الماضية؛ من الصدقات، ومكابدة قيام الليل مدة سنة، وتقليل الذنوب، والإكثار من الطاعات، ومع ذلك لم تزدد حالتي إلا سوءًا، زُرت طبيبًا عامًّا لا نفسيًّا؛ لغلاء أسعار الجلسات، فلم يزِدْني دواؤه إلا داءً وإعياءً، وكثيرًا ما أرى رؤًى أن الزواج – وهو بعض أمنياتي لأنه سيُخلصني من العادة السرية – سيتأخر، أيضًا لا أتذكر أن الله عز وجل استجاب لي إلا قليلًا مما ألححت عليه به في دعائي؛ فلا أستطيع – من ثَمَّ – إلا أن أظن أن الله يريد لي المعاناة، قللت من ممارسة العادة، فبدا تخلصي منها سهلًا، غير أنني لا أفعل؛ لأنها مُسكِّن لحالتي السيئة على الرغم من آثارها الجانبية، وقد صارت رغبتي في الانتحار لا تُفارق ذهني، لكن أخشى عذاب الآخرة، سؤالي: لو أن ما يحدث لي بسبب ذنوبي، فلماذا يبشرني الله بالعذاب وتأخير الفرج، وتعسير الأمور، ولا يخفف عني عند الإكثار من الطاعات وتقليل المعاصي؟ ولماذا يسُدُّ كل أبواب العلاج أمامي؟ وما الذي يجب عليَّ فعله؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

فنرحب بك أخانا الكريم، ونشكر لك ثقتك في موقع شبكة الألوكة، ونسأل الله أن نكون عند حسن الظن في تقديم ما يُفيدك، وأن تجِدَ بُغيتك، ونسأله تعالى أن يحقِّق لك كل أمنياتك، وأن يرزقك السعادة.

 

بدايةً نهنئك بحصولك على الشهادة الجامعية - كما ذكرت في بياناتك - وهذا يدل أن لديك عطاء وإصرارًا، وقد تجاوزت الصعوبات والتحديات، التي تواجه الطلاب في هذه المرحلة، فلديك عزيمة وهمَّة، فلا تيأس مما يحصل لك حاليًّا، فأنت تحتاج فقط إلى فَهمٍ، وإعادة ترتيب لبعض ما يدور حولك، واهتمام بالأولويات، وستعود كما كنت - بإذن الله – وستكون أفضلَ، وتعتمد على نفسك في كل شيء، وسيكون طريقك النجاح بإذن الله.

 

ذكرت في رسالتك أنه منذ أن كان عمرك عشر سنوات وأنت تهتم بتفسير الرؤى والأحلام، وقد رأيت بأنك ستعاني كثيرًا في حياتك، وما زلت تعتمد اعتمادًا كليًّا على هذه الرؤى، فتؤثر فيك، بل تطغى، وتسيطر عليك، ومنها أنك ترى كثيرًا بأن زواجك سيتأخر، واستسلامك لهذه الرؤى أمرٌ يُنذِر بالخطر، وهو ما سبَّب لك كل هذه المشاكل، التي للأسف بدأت تسيطر على حياتك سيطرة كاملة، فمن المهم الابتعادُ عن ذلك؛ لأن الرؤى ظنِّيَّة الثبوت، وليست قطعية؛ يقول تعالى: ﴿ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 42]، وإذا ركزنا على كلمة: (ظن) في هذه الآية، فهي دليل على أن الرؤى ظنية الحدوث، وتعبيرها ظني، وهي للبشارة والتفاؤل، أو التحذير من أمر من الأمور، ولا يُبنى عليها حكم، فهي لا تعدو كونها تبشيرًا أو تذكيرًا، أو إنذارًا، فإذا رأيتَ رؤيا بأنك ستعاني، فإن كان هناك تحذير، فهو تنبيه لك من أن تقصر في أمر من الأمور، وفي رؤياك هذه يجب أن تسلُكَ السُّبُل التي تُبعدك عن الخلل والزلل، أما أن تستسلم ويصيبك اليأس، فهذا أمر غير مبرر، وهو ما وقعتَ فيه، وبعد أن عرفت أن الرؤيا ظنية الثبوت قد لا تقع، فلا بد أن تعلم أيضًا أنَّ الْمُفسِّر قد يخطئ، وقد يُصيب، وهذا يقلل من أثر الرؤيا، وهيمنتها عليك، فقد ورد ((أن رجلًا أتى النبي، فعرض عليه رؤيا، فقال أبو بكر: لَتدعني، فأُعبِّرها؛ قال له صلى الله عليه وسلم: اعبرُها، فلما عبَرها، قال له: أصبتَ بعضًا وأخطأت بعضًا))؛ [البخاري: 7046]، أضِفْ إلى ذلك أيضًا أن الرؤى أنواع؛ منها ما هو رؤيا صادقة مبشرة، ومنها ما هو من الشيطان ليحزُنَك، أو حديث نفسٍ؛ وهو ما يحدث به الإنسان نفسه في اليقظة، فيراه في منامه، والنوعان الأخيران لا تأويل لهما، وقد تكون رؤياك من الصنفين الأخيرين خاصة، وأنك دائم التفكير فيما يحيط بك، إذًا لماذا كل هذا الهم الذي أكل حياتك ونغَّص عيشتك، وألبسك الغمَّ، وألقمك الهمَّ؟ كان من المفترض أن تجعل في حياتك حُلْمًا تحققه، لا حلمًا يُملى عليك، فيُغيِّر مسار حياتك للأسوأ، وعلى هذا فليس كل ما تراه في منامك يكون تفسيره صحيحًا، وكل ما تكرهه في المنام، أو يؤذيك، فاعلم أنه من الشيطان، والمشروع للمسلم إذا رأى ما يكره أن ينفُثَ عن يساره ثلاث مرات، وأن يتعوَّذ بالله من الشيطان، ومن شرِّ ما رأى؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((الرؤيا الصالحة من الله، والحُلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره، فلينفث عن يساره ثلاثًا، وليتعوذ بالله من شرِّ ما رأى ومن الشيطان، ثم ينقلب على جنبه الآخر، فإنها لا تضره))؛ [البخاري: 3292]، فاطمئنَّ – أخي - فلن يضرك شيء، ولا تفكر في هذه الرؤى، فإنك لن تجد إلا ما يسوؤك.

 

وما ذكرته من سوء حالتك الدراسية، وعدم التركيز، وفقد الذاكرة، وبطء الفهم، والاستيعاب، والفشل في حياتك الاجتماعية والمهنية، أو في تحقيق أي هدف ديني أو دنيوي، وكذلك تدهور الحالة الصحية، فجزء من ذلك بسبب التفكير في هذه الرؤى، والاستسلام لها، وقد تكون بسبب تركيزك على العادة السرية، وإسرافك في استخدامها، ولأنك قلَّلت منها إلى حدٍّ كبير فهذا جميل، سيساعد - بإذن الله - على حل مشكلتك، وهذه العادة ليست مُسكِّنًا لحالتك السيئة - كما ذكرت - بل تزيدها سوءًا، وقد تسبِّب لك مضاعفات نفسية وعصبية، والشعور بالذنب، والإحساس بالنقص، وانعدام الثقة بالنفس، والانطواء والخجل، وربما تُسبِّب لك في المستقبل مشكلاتٍ جنسيةً وعجزًا، وغير ذلك، وأنت في غنًى عنها، فلا بد من تركها، وإشغال نفسك بأمور أخرى تساعدك على نسيان هذه العادة، وفَقْدِ الرغبة فيها، والبحث عن عادات جديدة تتطلب نشاطًا ذهنيًّا؛ كتعلُّم لغة جديدة، أو مهارات تتفق مع هواياتك وتنميتها، ومن المهم تجنب المغريات، وإشغال الوقت بما يفيدك، وتغيير النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، والنوم الكافي، كل ذلك سيساعدك بإذن الله، ومن المهم استشارة الطبيب علَّه يُقنعك بترك هذه العادة إلى غير رجعة.

 

ومن الأسباب التي أثَّرت في حياتك أيضًا هي أن أيَّ أمرٍ يحدث لك تلصقه بالمسِّ، أو الحسد، أو السِّحر، أو العين، أو غير ذلك، وهذا حقٌّ، وقد يحصل، فلا بد أن تعطي الأمور نصابها الصحيح، وتفكر في السبب، وبعد معرفة السبب الحقيقي، تقوم بالحل، ولا تستسلم لهذه الادعاءات، ولا تضعها (شماعةً) لك تُعلِّق عليها كل ما يصيبك، وتتوقف عن إكمال حياتك، وليس كل من تحدَّث أن فيك سحرًا، أو مسًّا، تصدِّقه مباشرة، وتستسلم له، فليس لديك دليل واضح، فهناك من يقول: إن ما أصابك من العين، والآخر يقول: إن ما أصابك من السحر، وهلم جرًّا، فتُصيبك الأوهام والأوجاع من تصديقك لهذه الأمور بدون دليل، ونحن لا نُنكر ذلك، وقد يقع، وعلاجه بالرقية الشرعية، وأفضلها ما تقوم به أنت بنفسك، وقد تتشابه أعراض الأمراض النفسية، والعين، والسحر، والقرآن دواء لها كلها مع الأمراض العضوية، فلا تسمح لنفسك بأن تكون ضحية لهذه الوساوس، لا سيما أنك ذكرت أن اللجوء للعادة السرية كان بسبب مشاكل نفسية منذ الصغر، ولها تأثير كبير فيما يحدث لك من أمور قد تبدو غريبة، وقد ذكرت كذلك أنك أُصِبت باكتئاب شديد أخذت بسببه مضادات اكتئاب وتركتها؛ لآثارها الجانبية السيئة، ويمكنك العودة إلى طبيب نفسي آخر، فقد يعطيك بعض التدريبات السلوكية، ويفيدك بترك بعض العادات، واستحداث بعض العادات، فلا بد من العودة للطبيب النفسي، وسؤاله عن كيفية تغيير حياتك، وكيفية إبعاد الألم النفسي الذي أصابك، واذهب إلى طبيب يتميَّز بالخبرة في ذلك، وإن كان هناك غلاء في أسعار الجلسات، فقد يتوفر طبيب في المستوصفات الحكومية، ولعلك تجد طبيبًا مختصًّا تكون الجلسات لديه أقل سعرًا، ولا تتأخر من أجل صحتك وحياتك، وقد لا يُفيد الطبيب العام بعلاج حالتك، إلا إذا كان لديك أمراض عضوية واضحة.

 

وقد تساءلت، وقلت: إذا كان ما يحدث لي بسبب ذنوبي، فلماذا تعسَّرت أموري، وانسدت كل الأبواب في وجهي؟ ونُجيبك على تساؤلك بما يأتي:

أولًا: أن ما حدث ويحدث لك هو بسبب الذنوب، فلا بد من العودة إلى الله، وترك الذنوب، ومنها العادة السرية، فما يُصيبنا من المعاصي هو بسبب أنفسنا؛ يقول سبحانه: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾ [النساء: 79]، وهذا واقع ذَكَرَهُ الله سبحانه، فيجب أن نصلح ما بيننا وبين الله سبحانه، ونعود إليه ونلجأ إليه، ولعلك تدرك ذلك جيدًا.

 

ثانيًا: لا بد من التوبة إلى الله سبحانه من المعصية، وعدم الرجوع إليها، والابتعاد عما يُغضب الله عز وجل، فإذا تاب الإنسان من معاصيه، فسيتغير حاله، وتزول مشكلته؛ يقول سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

 

ثالثًا: قد تعمل معصية لا تراها أنت معصية، وهي عند الله كبيرة، ويجب أن تلاحظ جيدًا: أن قدرة تحمُّل الإنسان محدودة، وعندما يتحمل الإنسان أكثر من طاقته، فإن ذلك له أثر سلبيٌّ فيه، وعلى ما يقوم به في الحياة، وقد ذكرت أنك حاولت التقرب إلى الله؛ ليقينك بأن سبب هذا الأمر هو ذنوبك، وهذا اعتراف جميل، فأكثرتَ من الصدقة، ومن قيام الليل سنةً كاملةً، وزدت فيها من الطاعات، وقلَّلت فيها من المعاصي، فلم تَزِدْ حالتك إلا سوءًا - بناءً على ما ذكرت - وقد لا يستمر الإنسان على ما يقوم به بسبب تحميله لنفسه أكثر من طاقته؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((خذوا من العمل ما تُطيقون؛ فإن الله عز وجل لا يَمَلُّ حتى تملوا))؛ [البخاري، 43].

 

رابعًا: لا بد من إحسان الظن بالله؛ لأن ما حصل لك قد يكون خيرًا، وأنت لا تدري، نحن لا نختار ما يصيبنا من آلام، ولا نملك القدرة على تغيير هذه الأقدار، ولكن نملك الرضا عند حلولها، ولو خُيِّرَ الإنسان في قدره أن يكون باختياره هو، فلن يتعدى ما اختاره الله سبحانه له، فلو فتح الله لك أن تختار لنفسك، فلن تختار إلا ما كتبه الله لك؛ لأن الله يعلم ما يصلح للإنسان أكثر من نفسه، ولنعلم أن المصائب التي قد تقع لنا يكون فيها خير؛ يقول تعالى: ﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [النور: 11]، والله سبحانه عندما يمنع شيئًا عنك، فقد يكون منع أذًى كثيرًا؛ حيث أشارت عدد من الآيات إلى أن ما يصيب الإنسان ليس شرًّا محضًا، بل فيه خير كثير؛ قال تعالى: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

خامسًا: هناك من يتوقف عند مشكلة تحصُلُ له، ويعتقد أن كل طرق الحلِّ أُوصدت في وجهه، ويُصيبه القنوط في إمكانية الوصول إلى حلٍّ للمشكلة، وقد ذكرت أنك لا تستطيع منعَ نفسك من الظن بأن الله جل وعلا يُريدك أن تعانيَ، ولا تتخلص مما أنت فيه، وهذا خطأ يؤدي بك إلى القنوط من رحمة الله، ولا بد أن نحذر كثيرًا من اليأس؛ يقول سبحانه: ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56]، لم ييأس زكريا عليه السلام من طلب الولد، فهو شيخ كبير في السنِّ، وَهَنَ عظمُه، واشتعل رأسه شيبًا، لا يُرجى منه الإنجاب، وامرأته عاقر، لا تَلِدُ، (اجتمعت كل أسباب المنع)، ولم يقنط من رحمة ربه، بل دعا بالولد على رغم كل هذه الموانع، فدعا ربه دعاءَ الْمُوقِن، والواثق في قدرته، فاستجاب الله له مباشرةً، ولكن متى؟ أجابه الله على رغم صعوبة الطلب، عندما التجأ إلى الله في العبادة، وجاءته البشارة، ﴿ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ﴾ [آل عمران: 39]؛ يقول تعالى: ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 39]، وكانت البشارة العظيمة: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾ [الأنبياء: 90]، لم يستَجِبْ له فقط، بل أصلح زوجته، ولا يزعجك تأخُّرُ الفَرَجِ، فيوسف عليه السلام خرج أخيرًا، بعد سنين كثيرة، ولكنه تبوأ المنزلة الكبرى؛ عزيزَ مصر، وستُؤجر - بإذن الله - على صبرك، وعلى ما أصابك، والحكمة مما حدث لك قد يكون ابتلاء، وعليك بالصبر، أو قد يكون معصية، فمن المهم أن تتقرب إلى الله سبحانه بالعبادة، والبعد عن المعاصي، ولا ترهق نفسك بعمل المستحيل فتَمَلَّ، وقد تتوقف، واعمل ما تستطيع من عبادات، والله فعلًا أرحمُ بك من نفسك، ويجب عليك عدم الاعتراض على أقدار الله، فهذه الدنيا ليست هدفًا نهائيًّا، بل هي دار اختبار، فدارُ الحياة الأبدية لم تأتِ بعدُ، وإن اقتربت من الله في هذه الدار الدنيا، فاعلم أن الله سيعوضك دارًا خيرًا منها في الآخرة، وهي دار المستقر الأبدي، أما هذه الحياة الدنيا، فستنتهي، وما وجدته من راحة بال ولذة، سيزول وينتهي، ويبقى ما قدمته لله من عبادة، فهدف كل الناس في هذه الدنيا هو عبادة الله؛ يقول سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، فالمال والزوجة والأبناء، والراحة زينة في هذه الحياة الدنيا، ويبقى الهدف الأساسي الذي خُلِقت من أجله؛ وهو العبادة، وما أصابك من حزن فلست وحدك، فكلٌّ يصيبه الحزن، الأنبياء عليهم السلام أُصيبوا بالحزن، وأهل الطاعة يُصيبهم الحزن، ولكن أهل الخير والطاعة إذا أصابهم الحزن اشتغلوا بذكر الله، وأدَّوا ما فرضه الله عليهم، فهم على خير عظيم، وما أصابهم من حزن وهمٍّ فهو كفارة لسيئاتهم، ويجب ألَّا تنظر من جانب واحد؛ فالله سبحانه وتعالى أنعم عليك نعمًا كثيرة، لم تنظر لها، وركزت على جانب واحد فقط، فالله أعطاك البصر، والسمع، والكلام، وغير ذلك من النعم الكثيرة، التي لا تُحصى، وغيرك محرومٌ منها، فاحمَدِ الله على كل النعم التي حولك.

 

وما لم يحقِّقه الله لك من دعاء، فلله في ذلك حكمة، فرُبَّما يستجيب الله دعاءك في الآخرة، والله يختار الأفضل لك، أو يمنع به عنك أذًى يُصيبك، أو يحقِّق دعاءك الذي دعوت به مثلما ذكرت من دعواتك التي تحققت لك، وإن تأخرت إجابة الدعاء، فعليك بالصبر كما صبر يوسف فاستجاب الله له بعد مدة طويلة، وكما استجاب الله لأيوب، وغيرهم كثير، فهذا يقيس صبرك، وإيمانك، وتوكلك على الله.

 

والمساعدة لا تطلبها إلا من الله سبحانه، فالناس مهما وصلوا، ومهما كان لديهم، فلن ينظروا إليك، لن ينظر إليك إلا الله، فلا تتعداه، ولا تبتعد عنه إلى سواه، وبإذن الله ستتحقق أمنياتك، ولو تأخرت.

 

واحذر أشدَّ الحذر أن تُنهِيَ حياتك بسبب أمور قدَّرتها تقديرًا خاطئًا، ومن الجميل خوفك من العذاب بابتعادك عن التفكير في الموت والانتحار، وهذا دليل أن لديك بذرةَ صلاحٍ متأصلةً فيك، وعليك بسَقْيِ هذه البذرة، وبإذن الله ستُثمر، وستجد السعادة والراحة والشفاء، وستعود البسمة على وجهك من جديد، وستشق حياتك، وستعلم أنك كنت في وَهْمٍ، وانقشعت الغشاوة عن عينيك، فاحمَدِ الله سبحانه، واشكره، واعمل ما تُطيق، واعمل ما يجب عليك أولًا من العبادة المفروضة، وابتعد عن المعاصي، فإن حقَّقتها حققت مبدأ التقوى؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، فتقوى الله سبحانه تُعطيك مخرجًا للمشكلة التي تعيشيها حاليًّا، وإضافة لذلك يرزقك الله سبحانه من حيث لا تحتسب.

 

نسأل الله أن يجعل لك مخرجًا من الهمِّ الذي أنت فيه، ومن المهم أن تقوِّيَ الأعمال القلبية لتقوِّي علاقتك بالله سبحانه وتعالى؛ مثل التوكل؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]، ومعنى ذلك أن من توكل على ربه في أمر دينه ودنياه، فإن الله سبحانه سيُسهِّل أمره، ويُيَسِّر كل مشكلة لديه.

 

فكن قريبًا من الله ليكون الله قريبًا منك، وثِقْ به سبحانه، ولا تَمَلَّ طَرْقَ بابه، واللجوء إليه، تجنَّب المعاصي وتُبْ منها، حافظ على الصلوات وبقية العبادات، فلها أثر كبير في حل كل مشاكلك؛ يقول سبحانه: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]، والرزق ليس بالمال فقط، بل في كل جوانب الحياة، وللصلاة أثر إيجابي فيك، وهي تقربك من الله، وربما يحقق الله كل أمانيِّك بها.

 

ومن الأمور التي تُعينك على المضيِّ قُدُمًا - بإذن الله - أن تستشعر الأمور الطيبة، التي تبعث على الأمل، وأن تستمتع بها، وأن تبعد تفكيرك عن الأشياء السيئة؛ حيث إن الإنسان يعيش بما يفكر فيه؛ فإذا عِشْتَ اللحظات الطيبة فإنك تستمتع بها، وإذا عشت اللحظات السيئة فإنها تُسبِّب لك الهمَّ والقلق والتعب، فعِشْ حياتك مستمتعًا، مبتعدًا عن مُنغِّصات الحياة، والتفكير في الأمور التي تشغل البال، وتُسبِّب الهم والغم، والتعب النفسي.

 

اشغَل نفسك ببعض الأمور المهمة كتطوير النفس، فالحياة لا يجب أن تتوقف عند مشكلة يمكن حلُّها، ونظرتنا لأنفسنا أو احترامنا لها لا يكون من خلال أعين الآخرين، بل ينبَع من داخل أنفسنا، وتطويرنا لها، وتغييرنا لطريقة حياتنا.

 

وعليك بكثرة الدعاء، فالله على كل شيء قدير، وقد أمر سبحانه بالدعاء، ووعد بالإجابة؛ فقال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وقال أيضًا: ﴿ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، فأكْثِرْ من الدعاء لنفسك، والدعاء - بإذن الله - سيُغيِّر حالك إلى الأحسن.

 

ختامًا: نسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، ونسأله سبحانه وتعالى أن يُبدِّل حياتك إلى سعادة غامرة، وراحة بال، وأن يُسهِّل أمرك، ويوفِّقك، ويدلَّك على طريق الخير والسعادة، وأن يهدينا وإياك إلى الصراط المستقيم، وأن يشرح صدرك لكل خير، إنه سميع مجيب، والله الهادي إلى سواء السبيل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كيف أتخلص من العادة السرية
  • التخلص من العادة السرية
  • الزواج والعادة السرية
  • ماذا أفعل للتخلُّص من العادة السرية؟
  • العادة السرية والبحث عن علاجها
  • اللواط والعادة السرية
  • العادة السرية وتأثيرها على الزواج.
  • التخلص من العادة السرية
  • هل بهذا أكون مارست العادة السرية؟

مختارات من الشبكة

  • "كيف حالك" في كلام الفصحاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ممارسة العادة على الإنترنت(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أتخلص من سمات الشخصية الحدية؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أتخلص من هذه الرغبة(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أتخلص من هذا الشعور؟(استشارة - الاستشارات)
  • طفولة قاسية... كيف أتخلص من آثارها؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أتخلص من مجالس الغيبة والنميمة؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أتخلص من الإباحية؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أتخلص من كرهي لأهلي؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أتخلص من هذا الشعور؟(استشارة - الاستشارات)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/2/1447هـ - الساعة: 16:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب