• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

البر بالوالدين دين ودين (خطبة)

البر بالوالدين دين ودين (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/8/2025 ميلادي - 23/2/1447 هجري

الزيارات: 3428

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البر بالوالدين دِينٌ وَدَين

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِذَا ذُكِرَتِ الصِّفَاتُ الحَسَنَةُ، كَانَ الوَفَاءُ مِنهَا في القِمَّةِ، فَهُوَ مِن أَجمَلِ الشِّيَمِ وَأَعلَى القِيَمِ وَأَكرَمِ الخِصَالِ، وَصَاحِبُهُ مِن أَكرَمِ النَّاسِ نَفسًا وَأَدنَاهُم إِلى الكَمَالِ.

 

وَإِذَا كَانَ الوَفَاءُ مَطلُوبًا لِكُلِّ مَن أَحسَنَ أَو أَسدَى مَعرُوفًا، فَإِنَّ أَعظَمَ مَن لَهُ مَعرُوفٌ وَحَقٌّ عَلَى آخَرَ يَجِبُ عَلَيهِ أَن يَفِيَ لَهُ بِهِ، الأَبُ وَالأُمُّ، أَعظَمُ النَّاسِ في الدُّنيَا بَذلاً وَعَطَاءً، وَأَحَقُّهُم بِأَن يَنَالُوا بِرًّا وَوَفَاءً، وَمِن ثَمَّ كَانَ حَقُّهُمَا عَلَى الأَولادِ عَظِيمًا، وَبِرُّهُمَا وَاجِبًا، وَالعُقُوقُ بِهِمَا مِن أَكبَرِ الكَبَائِرِ، وَنِسيَانُ مَا قَدَّمَاهُ مِن أَسوَأِ الصِّفَاتِ وَأَقبَحِ الأَخلاقِ.

 

وَإِذَا كَانَ النَّاسُ يَتَمَادَحُونَ بِالوَفَاءِ وَيَرفَعُونَ مَقَامَ الوَفِيِّ وَيُكرِمُونَهُ، فَإِنَّ أَولى النَّاسِ بِأَن يُمدَحَ بِذَلِكَ هُمُ الأَبنَاءُ البَرَرَةُ، وَمَا أَجمَلَهُ مِن أَدَبٍ حِينَ يَكُونُ الابنُ وَفِيًّا لِوَالِدَيهِ، مُعتَرِفًا بِفَضلِهِمَا، مُقِرًّا بِإِحسَانِهِمَا، قَائِمًا بِحَقِّهِمَا، قَرِيبًا مِنهُمَا، لَطِيفًا بِهِمَا، خَادِمًا لَهُمَا، مُرَاعِيًا لِحَاجَاتِهِمَا، مُتَلَمِّسًا رَاحَتَهُمَا، مُبتَعِدًا عَمَّا يُغضِبُهُما وَيُحزِنُهُما، مُتَحَرِّيًا ما يُرضِيهِمَا وَيَسُرُّهُمَا، لا يَأمُرَانِهِ إِلاَّ أَطَاعَ وَلَبَّى، وَلا يَنهَيَانِهِ إِلاَّ انكَفَّ وَانتَهَى، وَلا يَرَى أَمرًا يُعجِبُهُمَا إِلاَّ حَرِصَ عَلَيهِ وَجَعَلَهُ عَلَى بَالِهِ، وَلا آخَرَ يَكرَهَانِهِ إِلاَّ تَجَنَّبَهُ وَكَانَ أَبعَدَ النَّاسِ عَنهُ، بِهَذَا يَكُونُ الوَفَاءُ وَيَتَحَقَّقُ البِرُّ، ويَطُيِع ُالمَرءُ رَبَّهُ وَيُؤَدِّي وَاجِبَهُ، وَيَتَخَلَّصُ مِن مَعَرَّةِ العُقُوقِ وَيَتَرَفَّعَ عَن عَيبِ النِّسيَانِ لِلجَمِيلِ.

 

أَيُّهَا الأَبنَاءُ، إِنَّ في كُلِّ مَا يَطَّلِعُ عَلَيهِ الوَالِدَانِ مِن أُمُورِكُمَا وَشُؤُونِكُمَا، فُرصَةً لِلبِرِّ لِمَن وَفَّقَهُ اللهُ، وَإِنَّ كُلَّ مَا يُمكِنُ أَن يَكُونَ فِعلُهُ وَبَذلُهُ بِرًّا وَإِحسَانًا، فَتَركُهُ وَالبُخلُ بِهِ عُقُوقٌ مِنَ المَخذُولِ وَإِسَاءَةٌ مِنَ الغَافِلِ اللاَّهِي، فَالكَلامِ مَعَ الوَالِدَينِ بِرٌّ إِن كَانَ بِتَلَطُّفٍ وَخَفضِ صَوتٍ، وَاختِيَارٍ لأَطيَبِ الكَلِمَاتِ وَانتِقَاءٍ لأَليَنِ العِبَارَاتِ، وَهُوَ عُقُوقٌ إِذَا ارتَفَعَ الصَّوتُ وَخَشُنَ الكَلامُ وَغَلُظَتِ العِبَارَةُ، وَصَعَّرَ الابنُ خَدَّهُ وَاحتَدَّ وَاشتَدَّ، أَو لَوَى عُنُقَهُ وَوَلَّى وَهُوَ يُتَمتِمُ، أَوِ انصَرَفَ وَأَبُوهُ أَو أُمُّهُ يُكَلِّمَانِهِ، أَو قَطَعَ كَلامَهُمَا وَرَدَّ عَلَيهِمَا وَجَادَلَهُمَا، وَقُولُوا مِثلَ هَذَا في طَرِيقَةِ الجُلُوسِ أَمَامَهُمَا وَالمَشيِ مَعَهُمَا، فَالبَارُّ يَجلِسُ مُوَاجِهًا لَهُمَا مُصغِيًا السَّمعَ مُبدِيًا الاهتِمَامَ، لا يَرفَعُ بَصرَهُ وَلا يُحِدُّ نَظَرَهُ، وَلا يَجلِسُ مُتَّكِئًا أَو يُوَلِّيهِمَا ظَهرَهُ، إِن مَشَيَا مَشَى خَلفَهُمَا بِأَدَبٍ، وَإِن وَقَفَا وَقَفَ وَانتَظَرَ، وَإِن تَعِبَا قَدَّمَ لَهُمَا مَا يُرِيحُهُمَا. وَكَم هُوَ جَمِيلٌ وَدَلِيلٌ عَلَى الفِطنَةِ وَالذَّكَاءِ وَالزَّكَاءِ، بَل وَعَلامَةُ تَوفِيقٍ وَتَسدِيدٍ وَإِلهَامٍ مِنَ اللهِ، أَن يَفهَمَ الابنُ كَثِيرًا مِمَّا يُكِنُّهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ، وَيَعرِفَ مَا يَدُورُ بِخَاطِرَيهِمَا، وَيَتَوَقَّعَ مَا يُرِيدَانِ تَحقِيقَهُ وَإِن لم يُبدِيَاهُ وَيُظهِرَاهُ، فَيُبَادِرَ بِخِدمَتِهِمَا وَتَحقِيقِ رَغبَتِهِمَا قَبلَ أَن يَطلُبَا مِنهُ، وَفي المُقَابِلِ فَإِنَّ حَاجَاتِ الوَالِدَينِ تَكُونُ عُرضَةُ لِوَلَدٍ ثَقِيلِ النَّفسِ بَارِدِ الدَّمِ قَاسِي القَلبِ مَيِّتِ الضَّمِيرِ، فَيَتَكَرَّرُ طَلَبُ وَالِدَيهِ، وَقَد يُلِحَّانِ عَلَيهِ، بَل وَقَد يَبكِيَانِ وَتَذرِفُ دُمُوعُهُمَا، وَمَعَ هَذَا فَتَرَاهُ أَبرَدَ مَا يَكُونُ، يُؤَجِّلُ وَيُسَوِّفُ، وَيَعِدُ وَيُخلِفُ، بَل وَقَد يَكذِبُ عَلَيهِمَا أَو يَتَكَلَّفُ الأَعذَارَ لإِهمَالِ حَاجَاتِهِمَا، وَهَذَا نَوعٌ مِنَ العُقُوقِ كَبِيرٌ.

 

وَمِنَ البِرِّ أَن يَحرِصَ الابنُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَخَاصَّةً الصَّلاةَ، وَأَن يَستَقِيمَ عَلَى مَا يُرضِي اللهَ، وَأَن يَجِدَّ في دِرَاسَتِهِ إِن كَانَ طَالِبًا، وَفي عَمَلِهِ إِن كَانَ مُوَظَّفًا، وَأَن يُخبِرَهُمَا بِمَا يَسُرُّهُمَا مِن نَجَاحٍ في دِرَاسَةٍ أَو عَمَلٍ، أَو رِبحٍ في تِجَارَةٍ أَو كَسبٍ في بَيعٍ أَو شِرَاءٍ، أَو تَقَدُّمٍ في مَطلَبٍ مِنَ المَطَالِبِ، وَمِنَ العُقُوقِ في هَذَا أَلاَّ يُبَاليَ بِمَا يُسخِطُهُمَا، وَأَلاَّ يُهِمَّهُ أَن يَظهَرَ ذَلِكَ مِنهُ أَمَامَهُمَا، أَو أَن يُخبِرَهُمَا أَحَدٌ عَنهُ بِمَا يَسُوءُ وَيُحزِنُ، كَتَركِ الصَّلاةِ أَوِ التَّكَاسُلِ عَنهَا، أَوِ الإِخفَاقِ في الدِّرَاسَةِ، أَوِ الانصِرَافِ عَمَّا يَنفَعُهُ في عَمَلٍ أَو كَسَبٍ، وَأَن يَطُولَ نَومُهُ وَيَمتَدَّ كَسَلُهُ، وَيَكثُرَ جُلُوسُهُ وَحدَهُ وَهُمَا مَوجُودَانِ، فَلا يُخَالِطُهُمَا وَلا يُجَالِسُهُمَا، وَلا يَتَحَدَّثُ إِلَيهِمَا وَلا يُؤَانِسُهُمَا، وَلا يُؤَاكِلُهُمَا وَلا يُشَارِبُهُمَا.

 

وَمِنَ بِرِّ الابنِ بِوَالِدَيهِ الحِرصُ عَلَى إِهدَاءِ كُلٍّ مِنهُمَا مَا يُنَاسِبُهُ وَيُحِبُّهُ، مِن مَالٍ أَو لِبَاسٍ أَو طِيبٍ، أَو أَكلٍ أَو شُربٍ وَلَو قَلَّ، أَو تَحقِيقِ حَاجَةٍ مَادِّيَّةٍ أَو مَعنَوِيَّةٍ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا الأَبنَاءُ، وَلْيَتَصَوَّرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا فَرحَةَ وَالِدَيهِ إِذْ بُشِّرَا بِهِ وَقَدِ استَهَلَّ صَارِخًا، وَكَم عَقَدَا عَلَيهِ مِن آمَالٍ وَرَجَوَا فِيهِ أَن يَسُرَّهُمَا وَيُسعِدَهُمَا، وَأَن يَخدِمَهُمَا وَيَقضِيَ حَاجَاتِهِمَا، وَأَن يَحمِلَ اسمَيهِمَا وَيَدعُوَ لَهُمَا، وَأَن يَكُونَ سَبَبًا في دُعَاءِ النَّاسِ لَهُمَا وَذِكرِهِمَا بِالخَيرِ، إِذْ أَنجبَا مِثلَهُ فَردًا صَالِحًا مُصلِحًا هَادِيًا مَهدِيًّا، أَجَل أَيُّهَا الأَبنَاءُ المُبَارَكُونَ، تَذَكَّرُوا كَم فَرِحنَا بِكُم فَاحرِصُوا عَلَى أَن تُفرِحُونَا، وَكَم أَنفَقنَا مِن أَجلِكُم فَلا تَجحَدُونَا، وَكَم أَعطَينَاكُم وَبَذَلنَا مِن أَجلِكُم فَابذُلُوا مِن أَجلِنَا وَأَعطُونَا وَامنَحُونَا، وَكَم أَمَّلنَا فِيكُم مِن خَيرٍ فَلا تَخذُلُونَا، فَالبِرُّ دِينٌ وَدَينٌ، وَالجَزَاءُ عَلَيهِ عَاجِلٌ في الدُّنيَا قَبلَ جَزَاءِ الآخِرَةِ الآجِلِ؛ رَوَى التِّرمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَن أَبي بَكرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِن ذَنبٍ أَحرَى أَن يُعَجِّلَ اللهُ لِصَاحِبِهِ العُقُوبَةَ في الدُّنيَا مَعَ ما يَدَّخِرُ لَهُ في الآخِرَةِ، مِنَ البَغيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ".

 

أَلا وَإِنَّ أَشَدَّ البَغيِ وَأَقطَعَ القَطِيعَةِ، أَن يَظلِمَ الوَلَدُ وَالِدَيهِ بِعُقُوقِهِمَا وَالتَّهَاوُنِ في البِرِّ بِهِمَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَاحرِصُوا، وَبَرُّوا وَالِدِيكُم وَاصبِرُوا، وَاحتَسِبُوا في ذَلِكَ وَأَبشِرُوا، ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 23 - 25].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ شَأنَ البِرَّ عَظِيمٌ، وَخَطَرَ العُقُوقِ كَبِيرٌ، وَحِينَ يَأمُرُ اللهُ بَعدَ تَوحِيدِهِ بِالإِحسَانِ إِلى الوَالِدَينِ، فَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِعِظَمِ حَقِّهِمَا وَخَطَرِ التَّهَاوُنِ بِبِرِّهِمَا، وَإِنَّنَا لَنَرَى في المُجتَمَعِ مَظَاهِرَ هِيَ مِنَ العُقُوقِ أَو مِمَّا يُؤَدِّي إِلَيهِ، يَجِبُ أَن يَنتَبِهَ إِلَيهَا الأَبنَاءُ وَيَحذَرُوهَا.

 

كَيفَ تَسمَحُ نَفسُ مُؤمِنٍ أَن يَرفَعَ صَوتَهُ عَلَى أُمِّهِ أَو أَبِيهِ، أَو أَن يَذُمَّهُمَا أَو يَشتُمَهُمَا، أَو أَن يُعانِدَهُمَا أَو يُجَادِلَهُمَا، أَو يُصِمَّ أُذُنَيهِ عَن أَمرِهِمَا وَنَهيِهِمَا، أَو يَجلِسَ عَلَى جَوَّالِهِ وَلا يُؤَانِسَهُمَا، أو يَنقَطِعَ في بَيتِهِ مَعَ أَولادِهِ بِالأَيَّامِ الطَّويلِةِ عَنهُمَا وَلا يَزورَهُمَا، مَا أَقسَى قَلبَ مَن أَبكَى وَالِدَيهِ، وَمَا أَسوأَ خُلُقَ مَن أَغضَبَهُما أَو أَحزَنَهُما، وَيَا لَسُوءِ حَظِّ مَن غَفَلَ عَنهُمَا لِيَعِيشَا الهَمَّ وَيَتَجَرَّعَا الغَمَّ في انتِظارِهِ!

 

إِنَّ البِرَّ بِالوَالِدَينِ عِبَادَةٌ مُستَمِرَّةٌ حَيَّينِ وَمَيِّتَينِ، فَمَن بَرَّهُمَا في حَيَاتِهِمَا فَمَا أَعظَمَ حَظَّهُ، وَمَن مَاتَا وَفَارَقَاهُ، فَلْيُكثِرِ الدُّعاءَ لَهُمَا في كُلِّ حِينٍ، وَلْيَتَصَدَّقْ عَنهُمَا، وَلْيُحَجَّ وَلْيَعتَمِرْ إِنِ استَطَاعَ، وَلْيُكرِمْ صَدِيقَهُمَا، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُمَا، وَلْيَحذَرْ مِن أَن يَكُونَ سَبَبًا في الإِساءَةِ إِلَيهِمَا أَوِ الدُّعاءِ عَلَيهِمَا، عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنَ أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعدَ أَن يُوَلِّيَ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَفي الحَدِيثِ الَّذِي أَخرَجَهُ ابنُ مَاجَه وَالإِمَامُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرفَعُ دَرَجَتُهُ في الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَنَّى لي هَذَا؟! فَيُقَالُ: بِاستِغفَارِ وَلَدِكَ لَكَ"، وَفي الصَّحِيحَينِ عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا - أَيْ مَاتَت فَجأَةً - وَأَظُنُّهَا لَو تَكَلَّمَت تَصَدَّقَت، فَهَل لَهَا أَجرٌ إِنْ تَصَدَّقتُ عَنهَا؟! قَالَ: "نَعَم"، وَعَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مِنَ الكَبَائِرِ شَتمُ الرَّجُلِ وَالِدَيهِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَل يَشتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيهِ؟! قَالَ: "نَعَم، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ"؛ مُتَّفق عَلَيهِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البر بالوالدين
  • البر بالوالدين سبب للنجاة من النار (بطاقة)
  • وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)
  • البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)
  • كلنا رجال تربية وتعليم (خطبة)
  • البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • حق الكبير في البر والإكرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالكبار.. (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس البر من قصة جريج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (27) «البر حسن الخلق» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العناية بالوالدين وبرهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مترددة بسبب قصره ونحوله(استشارة - الاستشارات)
  • إشكالية اختيار الثغر: كيف يجد الشاب المسلم دوره في نصرة دينه؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حديث: «نقصان عقل المرأة ودينها» بين نصوص السنة وشبهات الحداثة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإحسان للوالدين: فضائل وغنائم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بر وعقوق الوالدين (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/5/1447هـ - الساعة: 15:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب