صلاة الجمعة في مسجد بودونج - شنغهاي

كان شعورا لا يوصف وأنا متجه لمسجد بودونج بمدينة شنغهاي الصينية لأداء صلاة الجمعة الماضية هناك خرجت من العملمع أحد الزملاء بعد أن أخذنا وصف المسجد باللغة الصينية.

وعندما رأت عيناي هذا المسجد اختلطت المشاعر بداخلي، وأنا أبصر هذا المسجد بأقصى شرق الأرض وتذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر)).

ثم دلفنا إلى المسجد لنرى منظرا قد لاتخطأ فيه الدمع عيناك حين ترى إخوة لك في الله،لم تجمعك بهم أرحام ولا أنساب لم يجمعك بهم لغة ولا عصبيات إنما جمعك بهم ﴿ إنما المؤمنون إخوة ﴾.

ولعمر الله لقد دهشت حينما رأيت إخواننا الصينيين المسلمين في المسجد بين راكع لله وساجد وآخر للقرآن تال وثالث ورابع لله ذاكر ولعل العجب لا ينقضي حين تسمع تلاوة بعضهم للقرآن بلكنة أعجمية عليها الجمال والمهابة ورغم صعوبة الأمر ومشقته عليه لكن حمله ابتغاء الثواب من الله الكريم المنان ليتلو آيات الله وكم يزداد فرحك حين ترى أحد الصينين وهو يعلم أخاه كتاب الله ويصحح له تلاوته كل هذا ونحن مازلنا بانتظار خطبة الجمعة وقد جلس بجوارنا رجل صيني يعلوه الوقار،تحدثت معه وكان مجيدا للعربية تعرفت عليه وأخبرني بأن اسمه صالح وأنه إمام لأحد مساجد بكين، وقد حضر لشنغهاي فقدموه للخطبة والصلاة ومن عادتهم هناك أن يكون هناك وعظ باللغة الصينية قبل الخطبة وكان تفسيرا لقول الله عز وجل: ﴿ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ذلك الدين القيم ﴾.

لم أفهم كثيرا من الموعظة لكني تعجبت من الحماس والحرص على تعليم الناس دينهم ولمست من ذلك الواعظ صدق اللهجة والحمية لدين الله.

ثم تقدم لخطبة الجمعة الأخ صالح الصيني وكانت خطبته باللغة العربية الفصحى،وكانت لغته سليمة إلى حد كبير تحدث في خطبته عن الموت والاستعداد له، ولم تتجاوز الخطبة خمس دقائق بينما استمرت الموعظة قبل الخطبة لما يقارب الأربعين دقيقة ثم أدينا صلاة الجمعة وسط جموع من إخواننا الصينيين وعند الخروج من المسجد رأيت الزحام الذي لا يفارق معظم مساجد العالم الإسلامي عند الخروج من الجمعة خرجت من المسجد لأرى بعض ملحقات المسجد ومن ضمنها مكتبة المسجد اشتريت مصحفا من هناك، رغم أن المصاحف متوفرة في بلادنا، لكن ربما لأن المصحف من الصين له معنى خاص، لا أدري؟؟ وكم عاتبت نفسي، لأنه كان يفترض أن أحضر لهم بعض المصاحف وكتب العلم أما خارج المسجد فكان هناك عدد من الباعة يبيعون بعض اللحوم والأطعمة الحلال وكميزداد فخر المرء حين يتعرف على بعض الإخوة في الله وقد قابلت خارج المسجد عددا من إخواننا الصينين منهم إسحاق وهارون وابنه إلياس وكذلك يوسف يالله ما أعظم هذا الدين، ﴿ ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ﴾.

لكندار في خلدي عدد من الأسئلة:

ما هو دورنا تجاه مسلمي الصين وسائر مسلمي الأقليات؟

ما هو دورنا في دعوة الصينيين للإسلام؟

وما هو دورنا تجاه إخواننا المضطهدين من مسلمي الإيغور مسلمي تركستان الشرقية وغيره؟

غادرت مسجد بودنج وسأغادر الصين عائدا لبلاد الحرمين حرسها الله لكن لن تغيب الذكريات، لن يغب الفرح بذلك الجو الإيماني الفريد، ولن يغب الحزن لمأساة إخواننا الإيغور وتجاهلنا لهم، لن تغيب الحسرة لتفريطنا في حق إخواننا وتقاعسنا عن نصرة دين الله.