السودان وكارثية انفصال الجنوب (2)

نافذة على جنوب السُّودان:

• الْهُويَّة: غير محدَّدة حتى الآن، لكنها تَمِيل إلى تكثيف جوانب إفريقية.

• التأسيس: تَمرُّد مسلح مدعوم من الخارج.

• سنَة التَّأسيس: 2011م.

• نظام الْحُكم: مجرَّد وعود بتأسيس أدوات حكمٍ جُمهوري.

• مصادر التشريع: دستور لَم يُكتب بعد.

• المساحة: سبعمائة ألف كيلو متر مربع (28 بالمائة من الوطن الأم).

• تعداد السُّكان: ثمان مليون نسمة، وفق إحصاء 2009م، 21 % من تعداد عام للسُّودان عام 2009.

• إستراتيجية جغرافية: يَفْصل بين دُوَل عربية في شرق وغرب إفريقيا.

• الخارطة الاجتماعية: قبائل زراعية ورعَوِيَّة تنتشر فيها أنواع متعدِّدة من الأمية.

• الديانة الغالبة: الوثنية (خمسون بالمائة وثَنِيُّون)، البقية ديانات سماوية: (إسلام - نصرانيَّة - يهودية).

• اقتصاديات الشَّعب: منظَّمات مسلَّحة، زراعة، رعي.

• موارد طبيعيَّة: النِّيل، والنفط.

القبائل الجنوبية

1- قبيلة الدينكا: وينتمي إليها "جون قرنق دمبيور" مؤسِّسُ الحركة الشعبية، والجيش الشعبي لتحرير السُّودان، وتعتبر مِن أكبر القبائل السُّودانية - شمالاً وجنوبًا - من حيثُ عدَدُ الأفراد، والقوَّة، والنُّفوذ الاقتصادي، والسياسيُّ بالتالي، وتعتمد القبيلة على الأبقار بشكلٍ أساسي في اقتصاديَّاتِها، وبشكْلٍ ما فإنَّ الأبقار تحتلُّ مكانةً مقدَّسة في موروثاتِها الدِّينية والاجتماعية، وهي الآن تُسَيطر على حُكْم الجنوب عَبْر الحركة الشَّعبية لتحرير السُّودان التي يتزعَّمها الدِّينكاويُّ "سلفا كير" مديد، و"مديد" تعني بلغة الدينكا: الكبير - الضخم.

والشيء الذي يُثير الدَّهشة والتعجُّب: أنَّ القبيلة الأكبر سودانيًّا بعد الدينكا - من حيث العددُ والنفوذ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي - هي قبيلة "الجعليين" التي يُمثِّلها الفريق "عمر البشير" الرئيس السودانِيُّ، وبينهما العديد من القِيَم والعادات المشتركة.

2- قبيلة الزاندي: تُعتبر من أقوى القبائل النِّيليَّة بعد "الدينكا" في جنوب السُّودان، وفي الموروث المشترك بين القبيلتَيْن أنَّ الْجَدَّ المشترك بين الشقيقَيْن أَعطى أحدَهُما - جدَّ "الدينكا" - أبقارَه، بينما أعطى الآخرَ - جدَّ النوير - رُمْحَه، فصار أولئك أصحابَ أبقار، والآخرون مُحارِبين.

وقد اشتهر النوير عَبْر التاريخ بِهذه الصِّفَة؛ حيث كانوا من أوائل القبائل التي واجهَتِ الغزو البريطانِيَّ / المصريَّ فيما يُعرف بثورة "النوير" في عام 1930م، كما أنَّ أقوى حركات التمرُّد على الحكومات الوطنيَّة "أنانيا" كان يقودها "جوزيف لاقو"، وهو من قبيلة "النوير".

3- قبيلة الشلك: وهي ثالث أكبَرِ وأقوى قبائل الْجَنوب تأثيرًا، وإليها يَنْتمي الدكتور "لام أكول"، وما يُميِّزها عن القبيلتَيْن النِّيليتَيْن السابقتَيْن هو أنَّها الأكثر انفتاحًا على الآخَر، والأقَلُّ تعصُّبًا وشوفينيَّةً عِرْقيةً وعصَبية، وتميل أغلب الدراسات الأنثروبولوجية والأثنولوجيَّة إلى تَغْليب الرأي بأن الصُّوماليين هم - عِرقيًّا - فرْعٌ من هذه القبيلة، على ما هو وارِدٌ في الموسوعة البريطانيَّة.

4- بقيَّة القبائل: في الجنوب مثل الزاندي، والأنواك، لا يكاد يكون لَها تأثير في مُجْرَيات الأحداث السياسية في الجنوب، وهي في غالبِها الأعَمِّ قبائِلُ زنْجيَّة، وليست نيليةً مثل الدينكا، والنوير، والشلك.

5- منطقة أبيي: وتشكِّل عقْدَة المنشار في الفصل بين شمالِ وجنوب السُّودان، تَقْطُنُها منذ القِدَمِ قبيلتا الدينكانقوك والمسيرية، التي تَنْسب نفْسَها إلى عرب جُهَينة، الذين تقول: إنَّهم جاؤوا منذ قرونٍ خلَتْ عبْر هجرات متوالية من الجزيرة العربيَّة إلى السُّودان عبْر نافذتَيْن:

أُولاهُما: البحر الأحمر، واستقرَّ الوافدون منها حول البحر الأحمر في مناطق شرقِ السودان.

أمَّا الثانية: فقَدِم منها آخَرون من الغرْب عبْر "تشاد" وما جاورَها، واستقَرُّوا في جنوب "دارفور"، وجنوب "كردفان".

وتنقسم "المسيرية" إلى قسمَيْن: الْحُمر، والزُّرق، ويضُمُّ كلٌّ منها قبائِلَ تتفرَّع بِدَورها إلى عشائر، وتقوم حياةُ الغالبيَّةِ منهم على رعْيِ الماشية، وتَحديدًا الأبقار؛ لِهذا يُطْلَق عليهم وعلى مَن يُماثلهم اسْمُ "البقَّارة"، ويتميَّزون برحلتِهم السنوية صيفًا؛ لابتغاء الماء والكَلأ؛ حيث ينطلقون من جنوب "كردفان" إلى أقصى الجنوب السوداني؛ ليعودوا في الخريف ثانيةً من حيث أتَوْا، ويقولون: إنَّهم لم يتخلَّفوا عن هذه الرِّحلة منذ قرون.

وتعيش "المسيريَّة" إلى جانب بعضِ القبائل العربية الأخرى في المنطقة الممتدَّة من ولاية جنوب "كردفان" حتى جبال النوبة شرقًا، وبامتداد نحو 180 كيلو مترًا جنوبَ بَحر (نَهر) العرب، وهو أحَدُ روافدِ النِّيل الأبيض، وتُسَمِّيه قبائل الدنكا نقوك: "نَهر كير"، وترفض أيَّة تسميةٍ تَنْسب النَّهر إلى العرب، وقبائلُ الدنكا نقوك تُجاور المسيرية في المنطقة، وهي على نِزاعٍ معَهم حول الماء والكلأ، ومؤخَّرًا بوجه خاصٍّ حول النفط في منطقة "أبيي".

والجدير بالذِّكر أن منطقة "أبيي" تتبع في الوقت الحالي إداريًّا لولاية جنوب "كردفان" الجنوبية في الشمال، وتحاذي مقاطَعة بحر الغزال الجنوبية، وأصبحت هذه المنطقة الصغيرة "أبيي" مشهورةً جدًّا بعْد ظُهور النِّفط فيها، وأصبحَتْ أحدَ العناصر الرئيسيَّة في الخلافِ الحدوديِّ الدَّامي بين الشمال والجنوب، وبين قبائل المسيرية، والدنكا نقوك.

وهذا النِّزاع جعل من هذه القبيلة الرَّعَويَّة قبيلةً مُقاتلة، ودفَعَها إلى المقدِّمة لتكون شريكًا بوجهٍ ما في تحديد مصير السودان، ووَحْدة أراضيه، بل أصبحَتْ لاعبًا أساسيًّا - في نظر الحكومة السودانية، وبقية الأطراف المَحليَّة والدَّولية - لتحديد وِجْهة الثَّروة النفطية في "أبيي"، هل تكون للجنوب أم للشمال؟