• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة ...
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / المسلمون في العالم / تقارير وحوارات
علامة باركود

حوار شبكة الألوكة مع الداعية الصادق العثماني

خاص شبكة الألوكة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/12/2010 ميلادي - 2/1/1432 هجري

الزيارات: 8444

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حوار موقع الألوكة مع الداعية الصادق العثماني

مدير الشُّؤون الدينية والدعوية بمركز الدعوة الإسلاميَّة لأمريكا اللاتينية بالبرازيل


حياة الدُّعاة إلى الله في الأقَلِّيات الإسلامية حياةٌ دَؤُوبة ونشيطة، ومتحرِّكة بين تلك الأقاليم والبلدان، تراهم يَدْعون إلى الله صباحَ مساء، ليل نَهار، يَصْبِرون على الأذى، ويدلُّون الناس على الهُدى.

 

وفي هذا اللِّقاء سنتحدَّث مع أحد الدُّعاة إلى الله في البرازيل، والذي نحسب أنَّ لهم جُهودًا في تبليغ الدِّين الإسلامي للناس بعِلْم ورِفْق وحِلْم، نَحْسبه كذلك والله حسيبه، ولا نُزَكِّي على الله أحدًا.

 

والشيخ الصَّادق العُثْماني، هو مدير الشُّؤون الدينية والدعوية بمركز الدعوة الإسلاميَّة لأمريكا اللاتينية بالبرازيل، ورئيس مُؤَسَّسة الإمام مالك للأوقاف والشُّؤون الإسلامية بالبرازيل.

 

وُلِد سنة 1966 بقرية وادي اللَّيل بولاية تطوان بشمال المغرب.

 

والْتَحَق بالمركز القرآني في سنٍّ مبكرة، وحَفِظَ القرآن على ما يُوافِقُ رواية وَرْش، ثم حَفْص، وعُمره لا يتعدَّى 16 سنة.

 

بدأ في دراسة العُلُوم الشَّرعية والعربيَّة على بعض الشُّيوخ في قبيلته، حصل على شهادة الباكالوريا من المعهد الدِّيني بمدينة تطوان.

 

خرِّيج جامعة القرويِّين بالمغرب من كليَّة الشريعة والقانون بشهادة "الإجازة العُلْيا"؛ أي: الشهادة العالمية بنظام القرويين.

 

وهُو رئيس تحرير مجلَّة "مكة المكرمة" التي تَصْدر عن مركز الدعوة بالبرازيل، وكاتبٌ ومراسِل لعدَّة مجلاَّت عربية وإسلامية.

 

شارك في عدَّة مؤتمرات دوليَّة، كما شارك مُؤَخَّرًا في الدروس الحسَنِيَّة الرمضانية التي تُقام في المغرب خلال شهر رمضان، وتحت الرِّئاسة الفعليَّة لِمَلِك المغرب.

 

ونستهلُّ اللقاء معه بهذا السؤال:

س1) نُلاحظ هَجْمة شرسة من أعداء الإسلام على هذا الدِّين، ومع هذا نَجِد انتشار الإسلام، وبالذَّات في داخل الدُّول الغَرْبية من غير قُوَّة تحميه، ولا دُوَل تُؤازِرُه، فما سبب ذلك؟

ج1) في الحقيقة، الغَرْب اليوم يَدْرس هذه الظَّاهرة الآن، وما الأسباب الحقيقية لانْتِشاره؟ فالكنائس في أمريكا وفرنسا وألمانيا وإنكلترا تُباع وتتحوَّل إلى مساجد! وهناك دراساتٌ حديثة قام بها المَجْمع الكنَسِيُّ في إيطاليا، تُثْبِت بأنَّ الأمر إذا بَقِيَ على هذا الحال فإنَّ جُلَّ دُوَل أوربا ستتحوَّل سنة 2030م إلى دُوَل إسلاميَّة، فمراكز الدِّراسات في الغرب هي التي تؤكِّد هذه الحقائق.

 

وخُبَراء الغرب أدْرَكُوا أنَّ الدِّين الإسلاميَّ ليس كما يتَصَوَّر بعض الناس، أنَّه مُجَرَّد عبادات داخل المسجد، وإنَّما هو دين شُمولي متكامِل، حيٌّ حرَكي متجدِّد، صالِحٌ لكلِّ زمان ومكان، يُؤْمِن بجميع الرُّسل الكرام، كما يُؤْمِن بحرِّية الاختيار، ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]، ونَبْذ العنف والشِّدَّة في تبليغ رسالته؛ ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125]، ومنها قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 99]، فالغَرْب أدرك هذه الحقائق والقِيَم التي يَحْملها الإسلامُ بين جوانحه؛ من قِيَم العدل والرَّحمة والحُبِّ والمساواة والحُرِّية والصدق والأمانة والوفاء.

 

وبدون مُنازِع فالإسلام هو الدِّين الوحيد الصَّالح لقيادة الحياة، بإعطائه الحلول الدائمة لكافَّة الاحتياجات الإنسانية، والميول المختلفة والأجناس العِرْقيَّة الكثيرة، بلا فرق بين عبْد أو أمير، أو رئيس أو مَرْؤُوس، أو أسْوَد أو أبيض، وهو دين العقل والتَّسامُح والمحَبَّة، وبساطَتُه ووضوحه يجعله في القمَّة العالية بين الأديان، خصوصًا الدُّول الغربيَّة التي ترزح تحت الخرافة والشَّعوذة والدَّجَل وعبادة المادَّة الصمَّاء التي لا حياة ولا روح فيها، وهذا هو السبب الكامن في قُوَّة الإسلام وانتشاره بين عُقَلاء الغَرْب ومفكِّريه، ناهيك عن الفطرة السَّليمة النقيَّة التي أودَعَها الله في قلب كلِّ إنسان تَجْذبه دائمًا نحو دين الله الخاتم على غير عِلْم واستئذان مِن صاحبها؛ لأنَّه دين الفِطْرة والتَّوحيد.

 

س2) كيف ترى أوضاع المسلمين في البرازيل؟ وهل تتوقع أن تُشدد البرازيل حصارها على المسلمين كما الحال في غالب الدول الغربية والأمريكية؟

ج2) تُعَدُّ البرازيل من أكبر دول أمريكا اللاتينيَّة، فقد اكتُشِفَت عام 1500 على الأصحِّ، وتصل مساحتها إلى 9 ملايين كيلو متر مربَّع، ويصل عدد سكانها إلى أكثر مِن 180 مليون نسمة، ولُغتها الرسميَّة البُرتغاليَّة، أمَّا نوع الحكومة فهي جمهوريَّة اتِّحادية تتكوَّن من 26 ولاية، كلُّ ولاية لها حاكم خاصٌّ يُسيِّر شُؤونها، لكن تحت سيادة مركزيَّة موحَّدة.

 

ورئيس الدولة الحالي "لويس إناسيو لولاداسلفا" مِن حِزْب العُمَّال، وهناك أحزاب لها نشاطها ونفاذها، أهمُّها: الحزب الجمهوري، وحزب العُمَّال، وتُعَدُّ البرازيل القوَّةَ الاقتصادية الأُولَى في قارة أمريكا الجنوبية، والمحرِّك الأساسي والفاعل في السُّوق الدولية، كما أنها تعدُّ من الدُّول الصناعية والغنيَّة بثرواتها الطبيعية المختلفة، وهي الآن تحتلُّ الصفَّ الأول من حيث صادِرَاتُها لِلُحوم الأبقار والدَّواجن، وخاصَّة إلى الأسواق العربية والإسلامية.

 

وقد دخَلَها الإسلام فعليًّا منذ اكتشافِ أمريكا في القرن الخامس عشر مع العبيد الذين جُلِبوا من شمال وشرق إفريقيا، وقد استقرَّ أغلبهم في البرازيل، ثم انتَشَروا في باقي أنحاء أمريكا الشمالية والجنوبية، والأغلبية السَّاحقة لهؤلاء العبيد كانوا من المسلمين الذين أُرغِموا على تَرْك دينهم تحت التَّهديد والتعذيب، وذاب الكثيرُ منهم في هذه القارَّة، وتنَصَّر مَن تنصَّر تحت الإكراه البدَنِيِّ والنَّفْسي والمعنوي، وعليه تَقهقَر الإسلام في هذه القارَّة.

 

وبعد تحرير "العبيد"، وعودة الكثير منهم إلى الإسلام، والهجرات المتكرِّرة من العرَبِ والمسلمين إلى دول أمريكا اللاتينيَّة؛ أصبح وُجودُ الإسلام حقيقةً واقعة في المجتمع اللاتينيِّ، وهذا ما أقرَّ به الكثيرُ من رؤساء دول أمريكا اللاتينيَّة، وفي مقدِّمتهم رئيس جمهورية البرازيل في عِدَّة مناسبات؛ بحيث اعتَبَر الهجرة العربيَّة إلى البرازيل وباقي الدُّول في أمريكا اللاتينيَّة بِمَثابَة اللَّبِنَة الأساسيَّة والمُهِمَّة في إعمار أرض البرازيل، وبناء حضارتها وازدهار اقتِصادها.

 

وعليه أقول: إنَّ وُجود المسلمين بِدُول البرازيل هو بمثابة نقطة عُبور مهمَّة للتبادل الثقافي والمعرفي والتكنولوجي، والتِّجاري والسياسي، على نحو إيجابي بين الدُّول الإسلامية والعربية ودول أمريكا اللاتينية، وتطويره وتفعيله ونجاحه أكثر متوقِّف على تعاوُن الجمعيَّات والهيئات الإسلامية بعضها ببعض، وتناسي خلافاتها المذهبية الضيِّقة سيُعطي - ممَّا لا يدَعُ مَجالاً للشكِّ - وَمضاتٍ مُشْرِقةً طيِّبة تنعكس إيجابًا على وضع الإسلام والمسلمين.

 

وما وصل إليه المسلمون والعربُ اليومَ من نجاح في هذه البلاد يَعُود إلى عدَّة أسباب؛ منها: طيبة الشَّعب البرازيلي وحبُّه للآخَر، بالإضافة إلى حرِّية العقيدة الذي يكفلها القانون، ناهيك عن الدَّور الرائد والجَبَّار لبعض المراكز والجمعيات في رعاية الجاليات؛ من تقديم الخدمات، والرِّعاية الاجتماعية والدِّينية، من بناء المعاهد والمدارس، والمساجد والمستشفيات، وعليه فلا أتوقَّع أبدًاابدا بأن المسلمين في البرازيل سيَلْقَون في يوم من الأيَّام مُطاردة أو متابعة أو حصارًا من قِبَل الحكومات البرازيليَّة المتعاقبة، كما هو حاصل الآن في أوربا؛ لأن التشكيلة السُّكَّانية للبرازيل وثقافتِها وحضارتها وتاريخِها، مُغايِرة تمامًا لتاريخ أوربا التي تقدَّمَت ونمَتْ وتطوَّرَت وترعرعت من خلال الحروب، وسَفْك دماء الشُّعوب، والسيطرة على مُقَدَّراتهم!

 

س3) كيف تعاملتِ الحكومة البرازيلية مع ظاهرة الدُّعاة إلى الإسلام والدُّخول فيه؟

ج3) البرازيل دولة علمانيَّة، لا تتدخَّل في عقائد الناس وأيديولوجيَّاتهم، فكلُّ شخص برازيلي هو حرٌّ في أيِّ اعتقاد، أو أن يَدْخل في أيِّ دين شاء، مع أنَّ البرازيل وأمريكا اللاتينيَّة عمومًا تعدُّ القلب النابض للكاثوليكيَّة في العالَم، حيث تضمُّ نِصْف كاثوليك الكُرَة الأرضيَّة؛ أيْ: حوالَيْ 415 مليونًا، وكان "البابا" قد سمَّاها قبل أيام من موعد زيارتها بقارَّة (الأمل) أو (الرَّجاء).

 

وتعدُّ البرازيل من أكبر الدُّول الكاثوليكية، فمنذ 10 سنوات كان 88% من سكَّانها يَدِينون بالكاثوليكيَّة، وتراجَع الرقم حاليًّا إلى 64% حسب إحصائية مؤسَّسة "داتافوليا"، وفي خِضَمِّ علمانية الدَّولة، واعتراف دستورها بحرِّية الاعتقاد تَشْهد الحالة الدِّينية في البرازيل تنوُّعًا كبيرًا، فكلُّ ما يُعرض على أرضها من عقائد ومذاهب وديانات وإيديولوجيَّات وتيَّارات فكريَّة متنوِّعة يلقى رواجًا وأنصارًا وأتباعًا، ولو أنَّ المسلمين أحسنوا عَرْضَ دينهم وتطبيق أخلاقه على أرضيَّة الواقع، لكان الإسلام أكثرَ الأديان انتشارًا، وهذا ما لم يَحْدُث للأسف، وما زالت نِسْبتهم لا تتعدَّى 1 %.

 

ويعود تاريخ الدِّيانة الكاثوليكيَّة في البرازيل وأمريكا اللاتينية إلى اكتشاف القارَّة على يد "كريستوفر كولومبس"، وأخذت في التوسُّع إبَّان الاستعمار الإسباني والبرتغالي والهجرة الإيطالية، إلاَّ أنها بدأت تتقلَّص بعد ذلك؛ بسبب الانحراف الذي طرأَ على الكنيسة والقائمين عليها من رجال الدِّين، وبهذا أفقدت قوَّتها الجماهيرية بعد أن أصبَح أتباعُ هذه الكنائس يجدون المَلاذ في عتبات الكنائس البروتستانتيَّة والأرثوذوكسية والبوذيَّة، والمعابد اليهوديَّة، والمساجد الإسلامية، الأَمْر الذي أقلق بابا روما السابق "يوحنَّا بولس الثاني"، فتوالت زياراته إلى البرازيل؛ فكانت الأولى في عام 1982، والثانية في عام 1986، والثالثة في عام 1991؛ لِحَثِّ أتباعه على التَّمسُّك بمذهبهم وعقيدتهم الكاثوليكية.

 

وما زالت الكنائس الإنجيليَّة (البروتستانتيَّة) تُحقِّق نجاحات كبيرة في جَذْب الأتباع، خصوصًا في مدُنِ الصفيح الفقيرة في ضواحي المدن البرازيلية الكبيرة، ومن المؤسف جدًّا أنَّ الكنائس البروتستانتية (الإنجيليِّين الجُدُد) بدأت تسيطر عليهم النَّزْعة الأصوليَّة المتطرِّفة تجاه الإسلام والمسلمين؛ بحيث أقنعَتْهم بعضُ الأيادي الخفيَّة، والتي لها المصلحة في تطاحُن الأديان مع بعضها البعض، بأن السيِّد المسيح - عليه السَّلام - سيعود قريبًا إلى مسقط رأسه ووطنه (فلسطين)، لكنَّ فلسطين - كما أوهموهم - محاصَرة بالأعداء والكفَّار من المسلمين، ومن ثَم لا بُدَّ من مساعدتهم على تحريرها وإيجاد مناخ وظروف دوليَّة وسياسية واقتصادية، ونفسية وعسكرية وأَمْنية، ملائمةٍ لِعَودة السيِّد المسيح إلى وطنه سالِمًا غانمًا.

 

فجَنَّد هذا الفصيلُ النَّصرانيُّ جميع قدراته المادية والمعنويَّة والإعلامية في خدمة قضية أرض الأجداد والميعاد، وأعلن عداءه الشديد للإسلام والمسلمين وجميع المذاهب النصرانيَّة الأخرى، هذا التوجُّه الجديد في الحقل الديني النصراني بالبرازيل وأمريكا اللاتينية بدأ يُسيطر سيطرة تامَّة، فبعد 20 سنة من ظهوره أصبح يملك كُبْرى الكنائس في جميع المدُن البرازيليَّة، وخاصة مدينة ساو باولو، وريو ديجانيرو، وبرازيليا، وفوزدي كواسو، وكوريتيبا، وغيرها من المدُن، ويُقَدَّر أتباع هؤلاء بالملايين، الأمر الذي أدخل الرُّعب في قلوب المذاهب النصرانية الأخرى، وخصوصًا المذهب الكاثوليكي الذي كان يَعُدُّ قارَّة أمريكا اللاتينية قارةً كاثوليكية بدون مُنازع.

 

وما أوَدُّ الوصول إليه أن الدَّولة البرازيلية فعلاً تحترم دستورها ومبادئها العلمانية التي تجعل ما لله لله، وما لِقَيصر لقيصر، وبهذا تكون علمانيَّةُ أمريكا اللاتينية قد هزَمَت علمانيَّةَ أوربا المُزَيَّفة!

 

س4) ما فُرَص التقدُّم والتنمية الدعوية في البرازيل في ظلِّ بعض العراقيل التي تُواجهها؟

ج4) ما مِن مُسلم في بلاد الاغتراب إلاَّ ويُواجه صُعُوبات وتحدِّيات كثيرة، وليس الدُّعاة وحدهم، والتحدِّي الخطير هو ذوبان الأبناء في المجتمع في ظلِّ قلَّة المساجد والمدارس والدُّعاة.

 

بالإضافة إلى تهميش العالم الإسلامي ومنظَّماته الخيرية، وعدم اهتمامهم بإخوانهم في هذه البلاد البعيدة! وهناك تحدٍّ آخر يُعيق عمَل الدِّاعية، هو التفكَّك والشتات وعدم الوَحْدة فيما بين العاملين للإسلام من جهة، وبين الجمعيَّات والمراكز الإسلامية من جهة أخرى؛ كما أنَّ هناك عاداتٍ سلبيَّة بدأَتْ تظهر في أوساط الأقلِّية، كالأنانية والفردية والشُّعوبية، والولاء لبعض الآراء الضيِّقة التي يسعى أصحابها إلى تشويه صورة الإسلام وسماحته، مع ضعف المؤسَّسات الإسلامية وعدم فَهْمِها للواقع ولمعطيات الزمان والمكان.

 

لهذا يَجِب على المنظَّمات الإسلامية العالمية، والجمعيات المحلِّية والدُّعاة في البرازيل القيامُ بواجبهم في تقديم وعَرْض الدعوة الإسلامية بين الجالية، بطرق الحكمة والموعظة الحسنة؛ بُغْية الحِفاظ عليها وعلى كيانها وشخصيتها المتمثِّلة في دين الإسلام.

 

س5) للشيخ الصادق العثماني جهودٌ مشكورة في الدعوة إلى الإسلام عبر الإنترنت، فما الوسائل التي تستخدمونها في ذلك؟

ج5) في الحقيقة أهمُّ ما يميِّز هذه المرحلةَ من عمر التاريخ البشري هي عمليةُ التفجُّر التِّكنولوجي والمعرفي، وثورة الاتصالات والمعلوماتيَّة، وهذه سِمَات مترابطة ومتشابكة، فعمَلِية التطوُّر في إحداها تؤثر في الأخرى.

 

وبما أننا نحن أمَّة التبْليغ والرسالة؛ كان من الضروري جدًّا أن يُواكِبَ المسلمون هذا التطوُّر، ويُسايرونه بالتعايُش معه وصُحْبته، وفَهْم خصوصياته وأهدافه؛ بغْيَةَ تقديم وحَمْل ديننا ورسالتنا إلى الآخرين، وإبراز أهدافه الإنسانية النبيلة.

 

ومن أبرز معطيات التكنولوجيا في هذا العصر الشبكةُ العنكبوتية العالمية؛ بحيث تطوَّرَت هذه الأخيرة بشكل مذهل وسريع جدًّا، وأصبحت كتابًا مفتوحًا للعالم أجْمَع، ما على الدُّعاة المسلمين إلا أن يَعرضوا بضاعتَهم في هذه السُّوق المفتوحة، ومَن أخلَّ بواجبه نحو عَرْض بضاعته، فبالتأكيد سيَعرِض بضاعة مُزْجاة تكون ضِدَّ قِيَمنا وديننا، وبالتالي ستعمُّ البلوى على البلاد والعباد، وحينئذ سيفرح المُشَعوِذون والدجَّالون بِنَصْرهم!

 

ففي الحقيقة عندما تنبَّهْتُ إلى خطورة الأمر، وما يُرَوَّج بين الشباب المُسْلِم من أفكار عقيمة هدَّامة في هذه الشبكة، قمتُ بإنشاء مجلَّة إلكترونية دعَوِيَّة، تهتم بقضايا الإسلام والمسلمين بأمريكا اللاتينية، ثم تطوَّرَت الفكرة فيما بعد، وأصبح موقعًا إسلاميًّا باللُّغة البرتغالية، والعربية قريبًا، فخلال أسبوع يدخل على موقعنا بمركز الدعوة ما يزيد عن 10.000 شخص برازيلي، وتصلنا مئات الرَّسائل من قِبَلِهم تسأل عن الإسلام؛ ونتيجةً لذلك يعتنق الكثيرُ الدِّينَ الإسلامي.

 

ومن خلال هذا الحوار في موقع الألوكة العملاق أُناشد وأحثُّ كلَّ داعية على ألا يحصر نفسه في منبر خشبي ضيِّق، وألاَّ يكتفي بخطبة الجمعة التي غالبًا ما يَحْضرها 300 مُصَلٍّ في كل مسجد، وألاَّ يقتصر على تقديم المواعظ اليومية لِرُوَّاد المسجد بعد الصلوات الخمس، والتي يحضرها ما بين عشرة إلى خمسة عشر مصليًا غالبًا؛ بل عليه أن ينطلق بدعوته عبر هذه الوسيلة الناجحة (الإنترنت) إلى آفاق أوسع، حتى يوصل دعوته إلى أعداد كبيرة في دنيا النَّاس، خاصةً في بلد مترامي الأطراف كجمهورية البرازيل.

 

س6) صدر لكم كتاب "المسلمون بأمريكا الجنوبية والعودة إلى الجذور"، فما فكرة هذا الكتاب؟ وعن ماذا يتحدث؟

ج6) فعلاً صدَر لي كتابٌ عن مطابع الرسالة بالمملكة المغربية بمدينة الرِّباط بعنوان "المسلمون بأمريكا الجنوبية والعودة إلى الجذور"، والكتاب الآن يُباع في المكتبات بالمغرب، ويقع في 175 صفحة من الحجم المتوسط، نسلِّط من خلاله الضوء على أحوال الجالية المسلمة بدول أمريكا اللاتينيَّة، ودُوَل البحر الكاريبِي، وكيف وصَلَهم الإسلام؟ وعن طريق مَن؟ كما يُبْرز التحدِّيات المعاصرة التي تواجههم، وكيفية معالجتها؟

 

والكتابُ يهدف بالأساس إلى عَرْض تاريخ المسلمين في هذه البلاد الذي يُثْبت بالدليل القاطع والبرهان الساطع على أنَّ المسلمين والعرب اكتشفوا قارَّة أمريكا اللاتينية قبل "كريستوفر كولومبس" بمئات السنين، مُعزِّزًا هذه الدلائل بالشَّواهد المادِّية الملموسة؛ من صور فوتوغرافية، ومخطوطات قرآنيَّة، وغير ذلك من الأدوات الأثرية القديمة!

 

كما تطَرَّق الكتابُ وبأسلوبٍ دعويٍّ وأدبي إلى الحديث عن عشرات الآلاف من الموريسكيين المهجرين، والزُّنوج الذين اختُطِفوا من إفريقيا الشمالية والغربية، واقتُلِعوا من جذورهم بالحديد والنَّار، وتعرَّضوا لأبْشَع جريمة في التاريخ البشري، ارتكَبَها الرَّجل الأبيض في أخيه الأسود، وبعد قرون من الظُّلم والاضطهاد والعبودية ومَحْو هُويَّتِهم الإسلامية، خرجت أجيال من الزنوج أو المُوَلَّدين إلى الحُرِّية مرة أخرى لتسابق الزمن في العودة إلى دين الآباء والأجداد الذي هو الإسلام.

 

فالوجود الإسلامي بدول أمريكا اللاتينية ودُوَل البحر الكاريبي أصبح حقيقة لا غُبار عليها، ونقطةَ عبور مهمَّة للتبادل الثقافي والمعرفي والتِّكنولوجي، والتِّجاري والسياسي على نحْوٍ إيجابي بين الدُّوَل الإسلامية والعربية ودول أمريكا اللاتينية، وتطويره وتفعيله ونجاحه أكثر متوقِّف على تعاون الجمعيات والهيئات الإسلامية بعضها مع بعض، وتناسي خلافاتها المذهبيَّة الضيقة سيُعطي - بما لا يدع مَجالاً للشَّك - ومضاتٍ مشرقةً طيِّبة، تنعكس إيجابًا في بيان حقيقة الإسلام وأهدافه الإنسانية النبيلة في هذه البلدان.

 

س7) يقولون: إنَّ المراكز الإسلامية في الأقليات المسلمة في الدول الغربية وغيرها، تعيش دوَّامة من العطاء والبذْل، لَرُبَّما أكثر من عطاء بعض الجمعيات الإسلامية الخيرية في الدول الإسلامية، فهل هذا صحيح؟ ولماذا؟

ج7) التطوُّع لعمل الخَيْر من السِّمات العظيمة للمُسْلم الذي يُريد أن يعملَ ليحصل على مَرْضاة الله تعالى، وينال جنَّة عَرْضها السماوات والأرض.

 

هذا التطوع بالأعمال التي تفيد الناس، سواء كانوا في مجاعة، في حروب، في كوارث، في أمراض، أو سواء كانوا في الأحوال العادية، مجالاته رحبة وواسعة، هذا التطوع بالخير أجره عند الله كبير.

 

هذا التطوُّع يسدُّ حاجات الناس ويؤدِّي إلى إغنائهم ومساعدتهم، وتحقيق مقاصدهم، فالدِّين الذي نحن نَتَّبِعه - ولله الحمد - فيه مجالٌ رحْبٌ كبير للتطوُّع والذي يسخِّر نفسه لخدمة عباد الله من مُحتاج ومريض ومعوَّق، وهذا يريد مَلْبسًا، وهذا يريد نِكاحًا، وهذا يحتاج إلى تعليم، إنها في الحقيقة عبادة عظمية، يَنْبغي علينا أن نحتسبها, وأن نبتغي الأجر من الله تعالى، لا مِن عباده، فبما أنَّ الجمعيات والمراكز الإسلامية في البلاد الغربيَّة لا مُعِيل لها من البلاد الإسلامية الغنيَّة، وبما أنها هي المَعْنيَّة بالمحافظة على أبناء المسلمين من الانحراف والضَّياع والذوبان، وضمان استمرارهم على دين الله تعالى، فهذا يحتاج إلى بَذْل وعطاء، وجود وكرَمٍ من المُحْسنين والأثرياء؛ ليسدُّوا هذا اللَّبِنة، حتى يستمِرَّ نور الله تعالى في هذه البلاد.

 

وهذا حافزٌ قويٌّ يجعل من أبناء الجالية المسلمة، وخاصَّة الميسورين منهم، في دوامة من العطاء والبذل، ولرُبَّما كما قُلْت أحسن بكثير من عطاءات المسلم الذي يعيش بين أحضان إخوانه من المسلمين في الدُّوَل العربية والإسلامية، وفي الحقيقة، المسلم دائمًا يتطلَّع إلى الأعمال الخيرية؛ لِمَا في هذه العبادة من أجر عظيم وخير عميم في الدنيا والآخرة، يقول النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خير الناس أنفعُهم للناس))، وهذا النَّفع يشمل الإحسان بالمال وبالجاه؛ لأنَّ هؤلاء عبادُ الله، وأحَبُّهم إليه أنفعهم لخلقه.

 

وفي هذا المعنى يقول ابن القيِّم - رحمه الله -: "وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأُمَم على اختلاف أجناسها ومِلَلِها ونِحَلها، على أن التَّقرُّب إلى رب العالمين، والبرَّ والإحسان إلى خَلْقه، من أعظم الأسباب الجالبة لكلِّ خير، وأن أضدادها من كلِّ جانب أكبر الأسباب الجالبة لكلِّ شرٍّ، فما استُجلِبَت نِعَمُ الله واستُدفِعَت نقمه بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه، وكلُّكم عيال الله، وسيِّد القوم خادمهم.

 

س8) سَمِعنا عن انتشار بعض الأفكار الضالَّة، مثل البهائية والقاديانية، في البرازيل، فما حجم هذا الانتشار؟

ج8) المنظَّمات الأحمدية والبهائية موجودة بكثْرة في أمريكا اللاتينية، وخاصَّة في الدُّول التي يتواجد فيها بعضُ المسلمين الهنودِ والباكستانيِّين والإندونيسيين؛ لأنَّ أصل هذه الحركات من هناك!

 

فالتناقضات والاختلافات المذهبيَّة الموجودة في واقع الأقلية المسلمة تُبْرز خطورة المنظَّمات الأحمدية والبهائية، والتي تنتشر في البرازيل ودول أمريكا اللاتينية كالنار في الهشيم؛ لِما لَهم من أدوات مادِّية ومعنوية، تتجلَّى في قنواتهم الفضائية المثيرة، ومساجدهم ومعابدهم الفارهة المُتْقَنة، ومدارسهم المنتشرة؛ كلُّها في خدمة أفكارهم الفاسدة البعيدة كلَّ البعد عن تعاليم الإسلام وهَدْيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لكنَّ حكومات هذه الدُّول لا تستطيع أن تميِّز بين المسلمين والبهائيين والأحمديين والشِّيعة والسُّنَّة؛ بل هي تعتبر الجميع من فصيل الإسلام الواحد، ولهم قُوَّة اقتصادية كبيرة، ولوبي سياسي خطير، من خلاله حصلوا على عدَّة مناصب في سورينام، منها منصب وزير الدفاع، ووزير الصحة!

 

ولقد قَدِمَ داعية أحمديٌّ من إندونيسيا سنة 1988 إلى سورينام، وقام بإلقاء محاضرات ودروس داخل مساجد المسلمين، فاقتنع به الكثير؛ لما له من قدرة فائقة على إقناع الآخر؛ بحيث خلق ضجَّة كبيرة بين المسلمين خلال زيارته، والمراكز الإسلاميَّة لا تستطيع أن تعمل أيَّ شيء تجاه هذه الحركة؛ لأنها حركة رسميَّة تعمل من خلال قوانين البلد، ومسجَّلة رسميًّا في دوائرها.

 

كما أنَّ البهائية التي كانت إلى وقْت قليل لا تكاد تُبِين، أصبحت لها نشاطات قويَّة على الأراضي السورينامية، وأفكارها تنتشر رُوَيدًا رويدًا، وقبلوها، وشعبيَّتُها تزداد يومًا بعد يوم؛ بوسائلها الإعلامية القويَّة؛ من راديو، وتلفاز، وقناة فضائية محترِفة، يلتقطها جميع الشعب السورينامي من مسلمين وغيرهم، يبثُّون من خلالها برامج ثقافية وترفيهية، وندوات إسلامية علمية، ناهيك عن برامج حوارية خطيرة مع بعض الوُجَهاء والعلماء، وأصحاب الفكر، والرأي والقرار، فهذه الأمور كلها تصبُّ تجاه تشويه دين الإسلام، الذي أصبح الضحية رقم 1 في عالم التكنولوجيا المعاصِرة!

 

س9) بصِفَتِكم مغربِيّ الجنسية في الأصل، فما العلاقة بين المغرب والبرازيل؟

ج9) إنَّ الرئيس البرازيلي أوفى بعهده الذي قطعه على نَفْسِه مع العرب والمسلمين أثناء ترشيحه لرئاسة الجمهورية في البرازيل سنة 2002 بتطوير العلاقة الدِّبلوماسية والتجارية مع العالم الإسلامي والعربي؛ لذا قام بزيارة تاريخيَّة إلى بعض الدول العربية بتاريخ 12/4/2004، التقى خلالها بعض رؤساء الدُّول العربية، ومن بينهم: مبارك، القذافي، بشَّار الأسد، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، هذه الزيارة أعطت ثمارًا طيِّبة بعقد القمَّة العربية - اللاتينية أواخر 2004 وهي أول قمَّة تجمع الدُّول العربية ودول أمريكا اللاتينية للبحث في توثيق العلاقات بينهما، وخاصَّة السياسية والاقتصادية.

 

وفي سياق تحَسُّن العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين الدول العربية والبرازيل؛ تُعدُّ المغرب أوَّلَ دولة تقوم بهذه العلاقة مع الجمهورية البرازيلية؛ فمنذ عهد السلطان مولاي إسماعيل (سلطان المغرب) كان أوَّل بلد يعترف باستقلال البرازيل، وأول بلد كذلك يُقِيم علاقات دبلوماسية معها منذ سنة 1881، كما زادت الزيارة التي قام بها الملك محمَّد السادس إلى البرازيل بتاريخ 26/11/2004 في إطار الجولة التي قام بها جلالته لعددٍ من دُوَل أمريكا اللاتينية في توثيق العلاقة بين الشَّعْبين البرازيلي والمغربي الضاربة صداقتهما أعماقَ التاريخ، فتحسَّنَت صادرات البرازيل إلى المغرب بشكل كبير.

 

لكن للأسف هناك بعض المكدِّرات تعكِّر هذه العلاقة الطيبة من قِبَل بعض الأحزاب السياسية البرازيلية، وخاصَّة ذات التوجُّه الشيوعي الذين يُنكرون جميل ما صنَع المغرب منذ القديم؛ بإعلان عَدائهم للوحدة التُّرابية المغربية ومساندتهم "للجمهورية" الصحراويَّة الوهمية بقيادة جبهة البوليساريو التي تحاول أن تقيم دولة ماركسيَّة لينينيَّة وسط الصحراء المغربية؛ بغْيَة إحياء دولة جدِّهم ماركس العالمية؛ تحت شعار المطرقة والسندان، لِتَزيد مِن تَمْزيق الكيان العربي والمغاربي على الخصوص، وهذه ما تتمنَّاه القُوَى الغَرْبية المعادية للأُمَّة الإسلامية، فهل تعي هذا دولةُ المليون ونصف المليون شهيد؟

 

س10) حبَّذا لو ذكَرْتُم لنا طبيعة أنشطتكم الدعوية في البرازيل؟

ج10) مُهِمَّتي كمدير للشُّؤون الدَعَويَّة في المركز تتجلَّى في التخطيط ووضع الإستراتيجيات الدعوية، ومتابعة البرامج اليوميَّة والشهريَّة وكذا السنويَّة؛ من خلال متابعة الموظَّفين في المركز، كلٌّ بحسب تخصُّصه، فهناك من الإخوة مَن يُتَرجِم المقالات المفيدة لِنَشْرِها على موقع المركز، بينما البعض الآخر ينطلق في جولات دعوية خارجية للتعريف بالإسلام.

 

وهناك مَن يُشْرِف على عملية الذَّبح وفقًا للشريعة، والتي تُعَدُّ إحدى مهامِّ مركزنا، كذلك خصَّصنا أحد الموظفين لمتابعة ما يُكْتَب في الصحافة العربية والبرازيلية، والردِّ على بعض الشُّبهات التي تُطْرَح في وسائل الإعلام أحيانًا، وفي الحقيقة مركزنا الإسلامي يعدُّ كخَليَّة نَحْل نشطة على مدار اليوم، إضافة إلى ذلك، أقوم شخصيًّا بأعمال دعوية من إلقاء محاضرات ودروس وخطب جمعة في بعض المساجد، أو خارجها في بعض المنازل والنوادي والمدارس المختلفة.

 

بالإضافة إلى برنامج زيارات ولقاءات مع بعض التجمُّعات الإسلامية أسبوعيًّا، وخصوصًا يومَيِ السبت والأحد؛ بحيث يلتقي في أغلب الأحيان في المسجد ما يزيد على 150 طفلاً وطفلة، في المرحلة الصَّباحية، يتعلَّمون اللُّغة العربية ويحفظون القرآن الكريم، أمَّا مرحلة بعد صلاة الظهر فمُخَصَّصة للَّعب والترفيه والمرح، وفي يوم الأحد تذهب الأُسَر المسلمة إلى نادي السُّلطان يعقوب للترفيه والمرح، ويحتوي النادي على ألعاب ومرافِقَ رياضية وترفيهية، كما يوجد فيه مُصَلًّى، ويتم تناول الغذاء جماعة، فنحن كدُعاة في المركز نغتنم هذه المناسبات من أجل التوجيه والإرشاد.

 

كما أنَّ هناك زياراتٍ لبعض الأُسَر غير المسلمة، وخصوصًا جيران الحي والعمل والمسجد، مع تقديم بعض الهدايا لهم في مناسباتنا الدينيَّة؛ كعيدَيِ الأضحى والفِطْر، وهناك مَن يتأثَّر بهذه الأجواء، ويعتنق الإسلام عن اقتناع، فهذه أعمال دعويَّة بصفة عامَّة، أمَّا على مستوى العمل الإداري بمركزنا فنَقُوم بفتح أبوب مركزنا الساعة التاسعة صباحًا بعدما نكون قد صلَّينا الفجر جماعة وتناوَلْنا طعام الإفطار، سواء فُرادى أو جمَاعات، وفي مرحلة ما قبل الظهر هناك نوعان من الأعمال نقوم بهما:

أوَّلاً: ميدانيًّا: نتابع الأنشطة التعليمية المختلفة للمركز الإسلامي، كدورات تعليم اللُّغة العربية لأبناء المسلمين وغيرهم ممن يرغبون في تعَلُّمها، كما نتابع طلبة معهد أبي بكر الصدِّيق لتحفيظ القرآن الكريم.

 

ثانيًا: مكتبيًّا: نَسْعى إلى توثيق التَّواصل مع مجتمعنا المحيط؛ حيث نردُّ على كثيرٍ من الاستفسارات والأسئلة التي تأتينا عَبْر الهاتف، أو عن طريق البريد الإلكتروني، وبعضها يكون من مُسلمي البرازيل، وغالبًا ما يتعلَّق بالاستفسار عن أحكام الدِّين؛ والبعض الآخر متعلِّق بمشكلات اجتماعية يطلبون منَّا مساعدتهم في حلِّها، كما أنَّ هناك رسائلَ من غير المُسلمين يستفسرون عن الإسلام، وفي تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا نتوقَّف عن العمل لتأدية صلاة الظُّهر، وبعدها نستريح لمدَّة ساعة كاملة نتناول خلالها وجبة الغداء.

 

أمَّا مرحلة ما بعد الظَّهيرة فتُخَصَّص لأداء واجبين؛ الأوَّل: متعلِّق بالتواصُل مع الجالية العربية المتنوِّعة في البرازيل، حيث نتابع مناسباتهم وأعيادَهم الوطنيَّة والدِّينية، ونرسل برقيات التهاني للجاليات وسفرائها، الثاني: يتَّصل بالجانب الإعلامي الدعوي، حيث ننشغل بكتابة بعض التقارير الصحفية لمجلَّة "مكة"، وجريدة "الفجر" وموقعنا الإلكتروني:

(www.islambr.com.br)

بالإضافة إلى هذا كله، وبينما أنت بين أكوام الأوراق، فإذا بِمَن يخبرك أنَّ شخصًا ينتظرك بالخارج، فإذا به شابٌّ قادمٌ من بلد عربي تقطَّعَت به السُّبَل، ويريد مساعدة مادِّية للعودة إلى بلده، أو شخصٌ يطلب العمل في جهاز الذَّبح الإسلامي، أو شخص يفاجئك بأنَّ فُلانًا انتقل إلى رحمة الله تعالى، وسيُدفن في الساعة الفلانية، فنستعدّ لحضور الجنازة وتقديم التعازي لأهل الفقيد، والشَّرح يَطُول في أعمالنا الدعوية في هذه البلاد الشاسعة.

 

س11) هل لِلتمدُّد الشِّيعي الإيراني وجودٌ في البرازيل؟ وهل هنالك من ملاحظات أو إشارات حول ذلك؟

ج11) مع الأسف الشديد، الخلافُ عميقٌ بين السُّنة والشيعة، وفي الحقيقة فإنَّ الشِّيعة في البرازيل قلَّة قليلة لا تكاد تُبِين، لكنْ هناك مجهود إيراني بدأ يَظْهر على سطح السَّاحة البرازيلية، وخاصَّة فيما يتعلق بالنشاطات التجارية والثقافية تُوِّجت في الشهور الأخيرة بزيارة رسميَّة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد وبتخطيطٍ لإنشاء فرع جامعة المصطفى العالمية الإيرانية بمدينة ساو باولو/ البرازيل.

 

س12) هل صحيح أنَّ هنالك وجودًا فلسطينيًّا كبيرًا في البرازيل؟ وما سبب وجودهم فيها؟ وكيف هو مستوى تأثُّرهم في الوضع الغربي؟ وما دور الدُّعاة نَحْوَهم؟

ج12) الوجود الفلسطينيُّ في البرازيل قديم جِدًّا، فيُخبرنا التاريخ البرازيلي أنَّ رئيس البلاد "دون بيدرو الثاني" زار فلسطين وسوريا ولبنان خلال عامَيْ 1877 - 1878، وكان يُجيد التكلُّم باللغة العربية ويُتْقِن كتابتها، مما يؤكِّد صلته ببعض العرب والمسلمين قَبْل ذلك التاريخ.

 

والهجرة الفلسطينية إلى البرازيل لم تأتِ بالأساس كهجرة طبيعيَّة بكلِّ مراحلها، وإنما نتيجة ظروف سياسية مرَّت بها المنطقة العربية، فالهجرة الفلسطينية الأولى إلى البرازيل كانت بين 1890 - 1918؛ أيْ: خلال حكم الدَّولة العثمانية، وما عرَفَتْه هذه الأخيرة من ضعف في تسيير داوليب الحُكْم حتى كانت تنعت بالرجل المريض؛ وطبعًا فالدُّول العربية وبأيادٍ غربيَّة خفيَّة لهم الجزء الأكبر في تفكيكها، وفي الأخير القضاء على الخلافة الإسلامية، وقد تركَّزَت الهجرة الفلسطينيَّة منَ المُدُن ذات الكثافة السُّكَّانية التي يغلب عليها الطابع النصراني كبَيْت لَحْم وبيت جالا وبيت ساحور، واستقرُّوا في شرق شمال البرازيل في ولاية "بيرنام بوكو"، وعائلة عصفورة هي الأكثر شهرة بالمنطقة.

 

أمَّا الهجرة الفلَسطينيَّة الثانية التي جاءت نتيجة النَّكبة الفلسطينية وكانت بدايتها 1950؛ فنظرًا إلى الظُّروف المعيشيَّة والاقتصادية الجديدة التي خلَّفَتْها النكبة على الشعب الفلسطيني، والتي خلقت واقعًا جديدًا مما اضطر بالعديد من الشباب الفلسطينيِّ إلى البحث عن مصادر رزق خلف البحار؛ لِيَتسنَّى لهم إيجاد فرص عمل ومصادر رزق، حيث بدأ الشباب الفلَسطيني بالوصول إلى قارَّة أمريكا اللاتينية، وكانت البرازيل لها النصيب الأكبر من هذه الهجرة، حيث وصل المئات من أبناء الشعب الفلسطيني إلى هذه الدولة، وتركوا خلفهم عائلاتهم؛ ليقوموا بمغامرة لا يدرك أحدٌ مصيرها أو ما هو المستقبل الذي ينتظرهم.

 

أمَّا الهِجْرة الفلَسطينيَّة الثالثة فبدأتْ بعد عدوان 1967، وجعلَت العديد مِنَ الشباب المغتربين الذين تركوا عائلاتهم بالوطن قلقين على مصيرهم، مما اضطرَّ العديد منهم إلى دعوة عائلاتهم وإخوانهم، تحسُّبًا وتجنبًا لأيِّ آثار سلبيَّة قد يخلِّفها الوضع الجديد الناتج عن عدوان 1967، وتعدُّ هذه الهجرة الأخيرة هجرة جمع الشَّمل؛ لتلتحق العائلات بمغتربها المقيم بالمهجر لتصبح العائلة بالكامل في المهجر.

 

ولقد كانت المَرْحلتان الثانية والثالثة من منطقة رام الله وقُرَاها وهي تمثِّل أكبر نسبة من المهاجرين، يَتْبعها محافظة الخليل، ومهاجِرُون قلائل من المناطق الأخرى، والأغلبية السَّاحقة منهم تجَمَّعوا بولاية "الريو غراندي دو سول" بالجنوب البرازيلي، حيث إنَّ هذا التواجد يعدُّ أكبر تجمُّع للجالية الفلسطينية بالبرازيل، وتشير كلُّ التقديرات أنَّ هذا التواجد لا يزيد اليوم عن عشرة آلاف فلسطيني، أمَّا مُغتربو محافظة الخليل فأغلبهم يَسْكن بمنطقة الأمازون، وهناك مجموعة لا بأس بها بمدينة "فوريانا بوليس" بالجنوب البرازيلي، كما أنَّ هناك عددًا لا بأس به من الفلسطينيِّين بمدينة ساو باولو.

 

ويُعدُّ حنَّا خليل مرقص - من بيت لحم - أوَّلَ فلسطيني مهاجِر إلى البرازيل، وذلك عام 1851؛ حيث كان يصل المهاجر الفلسطيني إلى البرازيل، عن طريق الباخرة التي كان يستقلُّها من مطار بيروت، وعندما يصل هذه البلاد لن يكون أحدٌ باستقباله، ولا يعرف أحدًا، وكان البعض منهم عن طريق الصدفة يَصِل إلى هذه البلاد برفقة أحد اللُّبنانيين أو السوريِّين، الذين يكون لهم أقارِبُ بانتظارهم؛ حيث كانوا يُعْطونهم التوجيهات الأوَّلية لبداية الانطلاقة بالعالَم الجديد.

 

وعلى الرَّغم من أن عددَ أفراد الجالية العربية الفلسطينية الذين قَدِموا قبل النكبة كان قليلاً، إلاَّ أنهم أسَّسوا بمدينة ساو باولو في 9/5/1932 "جمعية الشَّبيبة الفلسطينية" الهادفة إلى جمع شَمْل الفلسطينيِّين في العاصمة الساوباولية، وقد اشترك معهم نفرٌ من الجاليتين السُّورية واللبنانية، وأَلْحَقوا بالجمعية مدرسة ابتدائية لتعليم اللُّغة العربية، غير أنَّ عمر هذه الجمعية كان قصيرًا، ولم تستمر طويلاً.

 

وفي 11 آب عام 1962 قرَّر جماعةٌ من المغتربين العرب الفلسطينيين في ساو باولو تأسيس الاتِّحاد العام للجمعيات الفلسطينية العربية الخيرية في البرازيل؛ ليكون وجهًا شاملاً تلتقي على صعيده الجمعياتُ الفلسطينية الأخرى في المدن البرازيلية كافَّة، وعلى الرغم من أن دستور هذا الاتحاد ودساتير الجمعيات الأخرى المسجَّلة رسميًّا لا تتطرَّق إلى الأهداف السياسية، إلاَّ أنَّها في الحقيقة تهتمُّ بالقضايا العربيَّة عامَّة، والقضية الفلسطينية بوجه خاصٍّ، فهي قضيتهم الأولى والقضيَّة العربية الأولى، وهذا ما حَدا بالبعثات الدبلوماسية العربية إلى التَّعاون معها، وخاصَّة بعثات الدُّول العربية، وهناك مدارِسُ ومساجد وجمعيات فلسطينيَّة كثيرة يصعب الإحاطة بها جميعًا، أمَّا دور الدُّعاة نحو هؤلاء الإخوة من أُولَى القبلتَيْن وثالث الحرَمَيْن فهو التوجيه والإرشاد والنُّصح لهم ومساعدتهم مادِّيًّا أو معنويًّا، فالمسلم للمسلم كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا، أو كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

س13) هنالك نسبة لا بأس بها من اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل كذلك، فلماذا هذه الدَّولة استقبلَتْهم أكثر من غيرهم؟

ج13) فعلاً استقبَلَت البرازيل أخيرًا ما يزيد عن 150 أُسْرة فلسطينيَّة كانوا على حُدود العراق، بعد أن رفضَتْ دُوَل العالم العربي والإسلامي استقبالهم، والأسباب معروفة لدى الخاصِّ والعام؛ لأنَّ الفلسطيني أصبح يُقْلِق هؤلاء كما تُقْلقهم القضية الفلسطينية على العموم، أمَّا البرازيل فقد استقبلتْ هؤلاء بكلِّ صَدْر رحب، ومنحَتْهم الإقامة الدائمة، كما أمَّنَت لهم قُوتَهم اليومي والشهري؛ ريثما يندمجون في مجتمعهم ومحيطهم الجديد، وحقيقة للتاريخ، فإنَّ الجالية المسلمة في البرازيل سواء الفلسطينيَّة أو العربية لم تَقُم بواجبها تُجاه هؤلاء، بل تركَتْهم عُرْضة للمساعدات الإنسانية، وخصوصًا من الكنائس الكاثوليكيَّة ومنظَّمة الأمم المتحدة (كاريتاس) في ساو باولو.

 

س14) وأخيرًا، ما نصيحتكم للجاليات الإسلامية التي تقطن البرازيل؟

ج14) قبل نصيحة زملائي الدُّعاة وأحِبَّتي وإخوتي من أبناء الجالية المسلمة في البرازيل، أريد أن أشير إلى أمر مهم:

فالجالية المسلمة في هذه البلاد لا يمكن أن تتحمَّل مسؤوليَّتها وحدها في الحفاظ على دينها وثقافتها؛ بل هي مسؤوليَّة مشتركة بينها وبين العالَم الإسلامي ومنظَّماته الخيرية والإنسانية؛ إذْ إنَّ لهذه الأقليات مشاكِلَها وهمومها، وما تُعانيه من جهل ديني، وشعوبيَّة، وقبَليَّة ومذهبيَّات ضيِّقة! تجعلها في خطر عظيم، فإذا لم يقم العالم الإسلامي بواجبه تُجاهها من خلال العلاقات الدِّبلوماسية والتجارية والثقافية والسياحية حتى تَبْسُط حمايتها لهذه الأقليات لكن - للأسف - إلى الآن العالَم الإسلامي ومنظَّماته الإسلامية الخيرية ما زالت في نوم عميق، لا مساعدات ولا قروض من المال لأجل الإسلام، ولا مؤسَّسات تجارية قويَّة تحقِّق تنميتها، وتَزِيد من عمر ثقافتها ووجودها، الذي أصبح مهدَّدًا من قبل تنينات أيديولوجية خطيرة تأكل الأخضر واليابس، وتحوِّل أبناء الجاليات إلى أكوام وغُثَائية لا وزن لهم في عالَمِ المعرفة والعلم والتقدُّم الاقتصادي والتِّكنولوجي.

 

وعليه يَلْزم قيام منظَّمات دعوية إسلامية قارِّية قوية بِدُول أمريكا اللاتينيَّة تعمل على نشر الثقافة والمعرفة والإسلام الوسَطِيِّ المُتَسامح، البعيد كل البعد عن الفظاظة والشِّدَّة والغلو؛ لأنَّ هذا أحسن وسيلة دعويَّة في تبليغ دين الإسلام إلى الآخَر، قبل المحاضرة وقبل الدروس والمواعظ وخطب الجمعة.

 

هناك جانب مهم أغفَلَه الكثير من العاملين في حقل الدعوة، وخصوصًا الدُّعاة مع الأسف، هو جانب السُّلوك والأخلاق والمُعاملة الحسنة مع الناس، بالإضافة إلى التَّواضع والحِكْمة، والصَّبر والتُّؤَدة والتَّسامُح مع عِباد الله، سواء كانوا من المسلمين أو غيرهم، هذه هي نصيحتي للمسلمين في بلاد الاغتراب؛ علمًا بأنَّ الشُّعوب كانت تهفو إلى الإسلام، وتُسارع إلى الدُّخول فيه عن طواعية وحُبٍّ؛ من وراء هذه القِيَم الإسلامية العظيمة التي لم يَأْلَفوها في معتقداتهم وحياتهم عَبْر شرق الدنيا وغربِها، وخصوصًا مع رحلات تُجَّار المسلمين في بلاد آسيا، وعلى ضفاف نهر السِّند والهند؛ حيث دخَل الناس في دين الله أفواجًا بلا خطَطٍ ولا جهود دعويَّة، ولا محاضرات في الجامعات، ولا منشورات ولا مطويَّات؛ وإنما من خلال سماحة البيع والشراء والمعامَلة الحسَنة التي تَميَّزَ بها هؤلاء التجَّار في شرق الكُرة الأرضية وغربها وجنوبها.

 

فكلُّ داعية أو كل مُسْلم يسير في طريق اليُسْر والعفو والتَّسامح، والصبر على البلاء والمِحَن التي تعترضه مع الآخرين، يستطيع أن يجذب القلوب إليه، وأن يحبِّب الناس فيه، وأن يَدْفع أبناء الأقلِّية المسلمة إلى نبذ التطرُّف والعنف، مُخْطئٌ الَّذي يَعُدُّ الحِلْم عجزًا، والعفو ضعفًا، فهذه حُجَج يَلْجأ إليها اللاَّئمون ويتبجَّح بها الجاهلون، والذي يريد أن يَسْبر غَوْر الحقيقة، وأن يتفحَّص ماهية الأمور يجد أنَّ ضبط النَّفْس عند الغضب، والاحتكام إلى العقل في ثورة الانفعال هو شارات القوَّة، ومِن مقتضيات البطولة في حياة الإنسان عامَّة، والمسلمِ خاصَّة.

 

رَوى مالِكٌ في مُوَطَّئِه أنَّه - عليه الصَّلاة والسَّلام - قال: ((ليس الشَّديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))، فقد أكَّد القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، أنَّ الفظاظة وغِلَظ القلب تسبِّب النُّفور، وتورث العداوة وتقضي على روح تقبُّل الخير في الناس، وتؤخِّر مسيرة النصر، وتفجِّر طاقة اليأس، وصدق الله العظيم إذْ يقول: {﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 159]، وروى البخاريُّ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قام أعْرابيٌّ فبالَ في المسْجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((دَعُوه وهَرِيقوا على بَوْله سَجْلاً منْ ماءٍ - أوْ ذَنوبًا منْ ماءٍ - فإنما بُعِثتم مُيَسِّرين، ولَمْ تُبْعثوا معسِّرين)).

 

فهذه أحسن الوسائل والطُّرق الدعوية في تبليغ الإسلام إلى الآخر، ونشير في الأخير إلى أنه قد آن الأوان أن تُدْرِك الجاليات الإسلامية بدولة البرازيل أخطاءها، وتُسْرِع إلى استجابة نداء ربِّها وسُنَّة نبيِّها - عليه الصَّلاة والسَّلام - التي نادت وحذَّرَت من الفُرْقة والغلُوِّ، لقد حان الوقت للاتِّحاد، للتَّضامن، للتآزُر؛ لأنَّ وَحْدة المسلمين في هذه البلاد تجعلهم في مركز قوَّة، تستطيع مخاطبة الجهات السِّياسية وأصحاب القرار في توصيل مَطالبها، وتحقيق أهدافها، كما أنَّها تُصبح وحدة مُتماسِكة، لها مصداقيَّة فعليَّة في واقع الناس، يُتاح لها جَمْع موارد المسلمين من صدقات وهِبَات وزكوات، وتستقطب جهدهم في بناء المؤسَّسات الدِّينية، والتعليمية والتربوية، والثَّقافية والإعلامية والتِّجارية، وغيرها، وخاصَّة إذا عَلِمْنا أنَّ إمكانيات المسلمين في البرازيل - والحمد لله - ليست بالضَّعيفة، والمسلم معروف بكرمه وسخائه، لكن مُشْكلة الجالية اليوم في عدم التَّخطيط واستشراف المستقبل الوضَّاء بومضات المحبَّة والإيمان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لقاء مع رئيس تحرير موقع (الألوكة)
  • حوار شبكة الألوكة مع رئيس جماعة تعاون المسلمين في نيجيريا
  • حوار شبكة الألوكة مع الدكتور صالح الرقب
  • حوار شبكة الألوكة مع الشيخ كفاح مصطفى
  • حوار شبكة الألوكة مع الباحث سامر أبو رمان حول: استطلاعات الرأي واستخداماتها
  • حوار شبكة الألوكة مع الأمين العام لجبهة علماء الأزهر
  • حوار مع الدكتور ياسر نصر مدرس الأمراض النفسية بجامعة القاهرة
  • حوار شبكة الألوكة مع مدير إذاعة القران الكريم في أستراليا
  • حوار شبكة الألوكة مع فضيلة الشيخ داعي الإسلام الشهال
  • حوار شبكة الألوكة مع الداعية الأستاذ أبي إسلام أحمد عبدالله
  • حوار أيان إدغار عن رؤيا النبي في الأحلام
  • حوار إيما تارلو حول الأزياء الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • حوار شبكة الألوكة مع الشاعر الإسلامي الأستاذ طاهر العتباني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حوار شبكة الألوكة مع الأستاذ "إبراهيم أنور إبراهيم" عن جمهورية باكستان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حوار شبكة الألوكة مع فضيلة الشيخ/ محمد تميم الزعبي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حوار شبكة الألوكة مع الأستاذ فايز الفايز حول (البوسنة والهرسك)(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حوار شبكة الألوكة مع الشيخ أميروميتش عن جمهورية التشيك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حوار شبكة الألوكة مع الشاعر الأستاذ/ علي المطيري(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الألوكة.. الرمز (قصيدة بمناسبة إطلاق شبكة الألوكة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مدير معهد دراسات الشريعة باليابان في حوار خاص لشبكة " الألوكة "(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار شبكة الألوكة حول بلاد الأحجار الكريمة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حوار الألوكة مع الشيخ بكاري سعيد - نائب مفتي رواندا(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
1- وفقكم الله
الحاج النور إبراهيم عبدالله - السودان 30-07-2020 11:04 PM

وفقكم الله وسدد خطاكم وبارك الله فيكم ونصركم الله على نشر الدعوة إلى الله تعالى. وصلى اللهم وبارك على سيد الخلق أجمعين محمد الصادق الأمين وآله وصحبه وسلم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب