• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    سويعات مشرقة مع الشيخ سعيد الكملي
    عبد الله فهيم السلهتي
  •  
    الجاليات المسلمة: التأثير والتأثر
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي ...
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / خطب الحج
علامة باركود

(إن الصفا والمروة من شعائر الله)

(إن الصفا والمروة من شعائر الله)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/7/2021 ميلادي - 7/12/1442 هجري

الزيارات: 16283

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ، ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، فَعَّالٍ لِمَا يُرِيدُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَرَعَ الْمَنَاسِكَ لِمَنَافِعِ النَّاسِ، وَفَرَضَ فِيهَا زِيَارَةَ الْمَشَاعِرِ، وَتَعْظِيمَ الشَّعَائِرِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ حَجَّ حِجَّةً وَاحِدَةً، وَدَّعَ فِيهَا أُمَّتَهُ، وَبَيَّنَ لِلنَّاسِ مَنَاسِكَهُمْ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى بَلَاغِهِ فَشَهِدُوا؛ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا حُرُمَاتِهِ وَشَعَائِرَهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ؛ ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الْحَجِّ: 30]، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ: 32].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ مِنْ مَشَاعِرِ الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ كَمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَفِي السَّعْيِ بَيْنَهُمَا تَخْلِيدٌ لِقِصَّةِ هَاجَرَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، حِينَ تَرَكَهُمَا الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي وَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، وَقِصَّةُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَفِيهِ: «وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ: هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ: هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَلِلصَّفَا ذِكْرَيَاتٌ فِي أَوَّلِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّ دَارَ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ الَّتِي اخْتَفَى فِيهَا الْمُسْلِمُونَ فِي أَوَّلِ الْبِعْثَةِ وَقَبْلَ الْجَهْرِ بِالدَّعْوَةِ؛ كَانَتْ عِنْدَ جَبَلِ الصَّفَا، وَحِينَ جَهَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَعْوَتِهِ جَهَرَ بِهَا عَلَى الصَّفَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 214]، صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ -لِبُطُونِ قُرَيْشٍ- حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾ [الْمَسَدِ: 1- 2]» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَحِينَ فُتِحَتْ مَكَّةُ وَحَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ عَلَى الصَّفَا؛ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَهُوَ يَسْتَحْضِرُ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالنَّصْرِ الْمُؤَزَّرِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ رَدُّوا دَعْوَتَهُ حِينَ جَهَرَ بِهَا عَلَى الصَّفَا، وَسَعَى إِلَى الْمَرْوَةِ، وَكَرَّرَ ذَلِكَ سَبْعًا، فَكَانَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، يَبْدَأُ بِالصَّفَا فَيَصْعَدُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَدْعُو، وَيَنْحَدِرُ إِلَى الْمَرْوَةِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ، وَهُوَ بَطْنُ الْوَادِي، حَتَّى يَبْلُغَ الْمَرْوَةَ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ حَجِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَابِرٌ: «ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 158]، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ؛ فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ، حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَبَعْدَ أَنْ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَجَّ؛ كَانَ الْأَنْصَارُ يَتَحَرَّجُونَ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَزَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الْحَرَجِ بِبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ السَّعْيَ بَيْنَهُمَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 158]، فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ، كَانَتْ: لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَطَوَّفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الْأَنْصَارِ، كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ، فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا، سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ الْآيَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُونَ: أَنَّ النَّاسَ، -إِلَّا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ- مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ بِمَنَاةَ، كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فِي الْقُرْآنِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نَطُوفُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا، فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ نَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ الْآيَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَأَسْمَعُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْجَاهِلِيَّةِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالّذِينَ يَطُوفُونَ ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ، بَعْدَ مَا ذُكِرَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا يُهِلُّونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِصَنَمَيْنِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ، يُقَالُ لَهُمَا: إِسَافٌ وَنَائِلَةُ، ثُمَّ يَجِيئُونَ فَيَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحْلِقُونَ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَرِهُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَهُمَا لِلَّذِي كَانُوا يَصْنَعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ إِلَى آخِرِهَا، قَالَتْ: فَطَافُوا». وَمِنْ أَحْكَامِ السَّعْيِ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ التَّنَفُّلُ بِهِ مُسْتَقِلًّا كَمَا يُتَنَفَّلُ بِالطَّوَافِ، وَإِنَّمَا يَسْعَى السَّاعِي لِحَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ فَقَطْ؛ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى عِلْمًا نَافِعًا، وَعَمَلًا صَالِحًا مُتَقَبَّلًا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ الْأَيَّامُ أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَالذِّكْرُ فِيهَا لَيْسَ كَمِثْلِهِ فِي غَيْرِهَا، وَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ فِيهَا فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مِثْلِهِ فِي سِوَاهَا، فَلْنَغْتَنِمْ مَا بَقِيَ مِنْهَا؛ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ، وَالْعِبْرَةُ بِكَمَالِ النِّهَايَاتِ، لَا بِنَقْصِ الْبِدَايَاتِ.

 

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الْعَظِيمَةِ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ؛ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَهِيَ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِهَا، وَفِي التَّنَعُّمِ بِلَحْمِهَا يَوْمَ الْعِيدِ، وَفِي أَجْرِهَا الْمُدَّخَرِ لِلْمُضَحِّينَ؛ ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الْحَجِّ: 34]. وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْحَجِّ: 36- 37]. وَضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَلْيَخْتَرِ الْمُضَحِّي السَّمِينَةَ الطَّيِّبَةَ؛ لِأَنَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَعُودُ لَحْمُهَا لِصَاحِبِهَا، قَالَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ: «كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَجْزُومًا بِهِ.

 

وَلْيَجْتَنِبْ عُيُوبَ الْأَضَاحِيِّ الْوَارِدَةَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دعاء الوقوف على الصفا والمروة
  • السعي بين الصفا والمروة
  • التحلل قبل السعي في الصفا والمروة
  • حديث: طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك
  • تفسير قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله...}
  • { إن الصفا والمروة ... }

مختارات من الشبكة

  • إن الصفا والمروة من شعائر الله (فيديو)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • تفسير: (إن الصفا والمروة من شعائر الله)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: إن الصفا والمروة من شعائر الله (الربع العاشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المجلد الأول من تفسير النسفي، من أوله إلى تفسير قوله تعالى: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مختصر السعي بين الصفا والمروة وبعض ما يتعلق به من أحكام(مقالة - ملفات خاصة)
  • صفة السعي بين الصفا والمروة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • حديث: سألنا ابن عمر عن رجل قدم بعمرة فطاف بالبيت ولم يطف بين الصفا والمروة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • أحكام السعي بين الصفا والمروة(مقالة - ملفات خاصة)
  • على الصفا.. نادى المصطفى(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/12/1446هـ - الساعة: 11:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب