• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في ...
    خاص شبكة الألوكة
شبكة الألوكة / المسلمون في العالم / مقالات
علامة باركود

الظلم خراب العمران

طارق البرغوثي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2016 ميلادي - 30/3/1437 هجري

الزيارات: 11746

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الظلم خراب العمران


(1)

الظلمُ عند أهل اللغة: هو وضعُ الشيء في غير موضعه، إما زيادةً أو نقصانًا، وإما بعدولٍ عن وقته أو مكانه[1].

 

والظلمُ أنواع، أكبرُها وأشدُّها ظلم الإنسان لربِّه: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]؛ لأن الإنسان يضعُ المخلوقَ في منزلة الخالق.

 

ومن الملاحظ أن بعضًا ممن آتاهم الله العلمَ الدنيوي لا يُوحِّدون الله، ويشركون معه آلهةً أخرى، وبالتالي وقعوا في الظلم الذي لا يغفرُه الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48].

 

ولما كان معظمُ العلماء يُعرِّفون الحكمة بأنها: وضعُ الشيء في موضعه، وبالتالي وضعُ الخالق فيما يليق به من التفرُّد والوحدانية، وكأني بالحكمة التي قال الله فيها: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [البقرة: 269]، هذه الحكمة تقابلُ الظلمَ بمفهوم الشرك، فالإنسانُ مهما بلغ من العلم الدنيوي، ولم يُوحِّدِ اللهَ، فهو جاهل؛ لأن الحكمةَ تقتضي أن يتعرَّف بعقله إلى الخالق البارئ، ويُفردَه بالوحدانيَّة.

 

(2)

في مَعْرِض البحث عن أولويات الإصلاح في زمن التردي، نتحدَّثُ عن العقيدة والشريعة، ومن المُلاحَظ أن الشريعةَ جاءت للحفاظ على المقاصد الخمسة، وهذه المقاصد لا بدَّ من العدل لتحقيقها وعدم الظلم، والظلمُ كثيرًا ما يأتي في القرآن بمعنى الشرك ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]؛ لأن أسَّ المصائب هو الشركُ بالله، هذا الشرك الذي به يُعظِّمُ المرءُ آلهةً أُخَرَ من البشر، فيعبدُهم من دون الله، ويسجدُ لهم، فيحدثُ الاستبدادُ الذي به تضيع العبادُ والبلاد، والذي لا يَنفعُ معه تزكيةٌ، فيشيعُ الظلمُ، ويَنْعدِمُ العدل، ذلك الظلمُ الذي لا يتمُّ به حفظُ المقاصد الخمسة: (الدين، النفس، العقل، النسل، المال)، ومن العلماء من يضيف الحريَّة لهذه الضرورات.

 

وكان من أكبر الظلم ما بيَّنه قولُه تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 114]؛ لأن هذه المساجد يُذكرُ فيها اسمُ الله، وهي مكانُ إفرادِه بالعبادة، والصلاةُ تنهى عن الفحشاء والمنكر، والمُصلُّون في الأصل يجبُ أن تمنعَهم صلاتُهم عن الظلم؛ لأن مَن جعل العَلاقة بينه وبين ربِّه أسمى العلاقات، يَنْهَلُ من اسمه الحكم العدل، فيعدلُ في كل شؤون حياته: مع نفسه، وفي بيته، وعمله، ومجتمعه، وفيما بينه وبين ربِّه.

 

(3)

بدأ الظلمُ عندما ظلَم آدمُ نفسَه بعصيان ربه ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ﴾ [الأعراف: 23]، ثم بقتل قابيل هابيل، فكان على كلِّ نفس تُقتَلُ على ابن آدم الأول كِفْلٌ منها.

 

على أن الموغل في التاريخ يجد كثيرًا من صور الظلم في العصور الرومانية، والإغريقيَّة، والفارسية، والهندية، وحتى في المجتمع العربي الجاهلي؛ ولهذا كلِّه كان الله سبحانه وتعالى يرسلُ رسلَه تَتْرَى إلى هؤلاء الأقوام؛ ليخرجوهم من الظلمات إلى النور.

 

قامت السموات والأرضُ على العدل، ومن أسماء الله الحسنى: "العدل"؛ لأن هذا الكون بأجرامه وأفلاكه وجميع مخلوقاتِه وُضِع كل شيء منه في موضعه، فلا زيادةَ ولا نقصان، والعقلُ البشري لا يستطيع أن يَعِيَ حكمةَ الله في هذا الوضع، وليس عليه إلا أن يُسلِّم أن ما يحدث هو من حكمة الله ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وهذا الخالقُ أراد لهذا الكون العدلَ، فإذا وقع الظلمُ، فهو من صنع الإنسان، وبالتالي تأمَّل الحديث القدسي: ((يا عبادي، إني حرمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلته بينكم محرَّمًا؛ فلا تظالموا...)) الحديثَ.

 

ولعلَّ مرحلةَ الجاهليَّة التي جاءنا توثيقُها بتفاصيلها بسبب توثيقِ سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم - تُسلِّط الضوءَ على أشكال عديدة من الظلم بجميع أقسامه، ابتداءً بالشرك؛ حيث اللَّات، العُزَّى، مناة، وَدٌّ، يغوث، يعوق، نَسْرٌ، وكثير من الأصنام التي كانت تُعبَدُ من دون الله، بالإضافة إلى الشهوات والانتهاكات، ووَأْدِ الإناث، وتجارةِ الرقيق، وامتهان الكرامة.

 

ويذكر لنا التاريخُ القرشي - رغم أشكال الظلم البشعة - أن النخوةَ والحميَّة لا تزال تشتعل جَذْوتُها في الرجال، وقد كان شعارُهم: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، وكما قال شاعرهم:

لا يَسألونَ أخاهم حين يَندُبُهم ♦♦♦ في النَّائبات على ما قال برهانَا


ويذكر لنا التاريخ[2] - أيضًا - أن رجلًا من زبيد خرج بتجارته إلى مكةَ، فاشترى منه العاصُ بن وائل- وقد كان شريفًا في قومه - فحبَسَ عنه حقَّه، فاستنجدَ الزبيديُّ بالأحلاف من مخزوم، وعبدالدار، وعَديٍّ وغيرهم، فأبَوْا نُصرتَه، فصعد المظلومُ على جبل أبي قبيس، وأنشد بأعلى صوته:

يا آلَ فِهر لمظلومٍ بضاعتُه
ببطن مكةَ نائي الدارِ والنَّفَرِ
ومُحْرمٍ أشعثٍ لم يقضِ عمرتَه
يا للرجالِ وبين الحِجْرِ والحَجَرِ
إن الحرامَ لمن ماتَتْ كرامتُهُ
ولا حرامَ لثوبِ الفاجرِ الغُدَرِ

 

فقام عندها الزبيرُ بنُ عبدالمطلب بالدعوة للحلفِ الذي ضمَّ: زهرةَ، وتيمًا، وهاشمًا، وعُقِد في دار سيد قريش عبدالله بن جدعانَ، وتعاهدوا أن يكونوا يدًا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يُؤدَّى إليه حقه، وذهب الحلف إلى العاصِ، واستردُّوا البضاعة، وردُّوها إلى الزبيدي.

 

يقول الرسولُ صلى الله عليه وسلم في حق هذا الحلف: ((لقد شَهِدْتُ في دار عبدِالله بنِ جُدْعان حلفًا ما أحبُّ أن لي به حُمْرَ النَّعَم، ولو دُعِيتُ إلى مثلِه في الإسلام لأَجَبْتُ)).

 

العربي بفطرتِه السليمة لا يقبلُ الضَّيْم، ويُحبُّ الحرية؛ فقد علَّمَتْه الصحراءُ وبيئته - حيث لا حدودَ بين الأرض والسماء - أن يرفض الذُّلَّ والظلم، وتغنَّى شعراءُ الجاهليَّة بهذه الخِصال، وعدُّوها من المفاخر، يقول السَّمَوْءَل في لاميَّته:

إذا المرءُ لم يَدْنَسْ من اللُّؤْمِ عِرضُه
فكلُّ رداءٍ يرتديه جميلُ
وإن هو لم يَحْمِلْ على النفس ضيمَها
فليس إلى حسنِ الثناءِ سبيلُ

 

فالثَّناء يحدثُ فقط عند رفع الظلم والذُّل.

 

ورُوِي أن عمرو بن هند ملك الحيرة قال لأصحابه: هل تعلمون أحدًا من العرب تَأْنف أمُّه خدمةَ أمي؟ قالوا له: عمرو بن كلثوم، فدَعاه وأمَّه، وقد اتفق الملكُ مع أمِّه أن تقول لأم عمرو: ناوليني الطَّبَق الذي بجانبك، فحدَث ذلك، فقالت لها أمُّ عمرو بن كلثوم: لتَقُمْ صاحبةُ الحاجة إلى حاجتها! فأعادت عليها الطلبَ، فصاحت أمُّ عمرو بن كلثوم: واذُلَّاه! يا لتَغلِبَ! فسمعها ابنُها، فاشتدَّ به الغضبُ، فرأى سيفًا مُعلَّقًا بالرِّواق، فتناولَه فضرب به رأسَ الملك[3]، وأنشد:

إذا مَا المَلْكُ سامَ الناسَ خسفًا ♦♦♦ أَبَيْنَا أن نُقِرَّ الذلَّ فينا


(4)

لما جاء الإسلام، ورفع عن الأمة رِبْقةَ الجاهلية، تم إرساءُ دعائمِ العدل؛ فكان العلماء والقضاة يحكمون بما أنزل الله، لا يَخْشَوْن في الله لومةَ لائم، وكان من أعظم الجهاد كلمةُ حقٍّ عند سلطان جائر، ومن السبعة الذين يُظلُّهم الله "إمام عادل"، ثم شدَّد الإسلام عقوبةَ الظالم في الدنيا والآخرة، وجاءت الآياتُ القرآنيَّة، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تزجرُ الظلمَ والظالمين، فإذا كانت المرأة تدخلُ النارَ في هِرَّة عذَّبتْها، وأخرى دخلَتِ الجنةَ في كلبٍ سَقَتْه، لم يكن العدلُ ورفعُ الظلم شعاراتٍ، وإنما تجسَّد مع العدو قبل الصديقِ ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8]، فلا عجبَ أن يدخلَ الناس عندها في دين الله أفواجًا؛ لأن الإسلام أصبحَ في نظر الناس مانعًا للظلم الواقع عليهم، وبالعدل انتشر الإسلامُ في كلِّ بِقاع الأرض، ذلك العدلُ الذي من معانيه: الحبُّ، والتسامحُ، والرحمةُ، والوسطيَّة، وعدمُ الغلوِّ، وكلُّ معاني الخير.

 

قال الخليفةُ المنصور: الخليفةُ لا يُصلِحُه إلا التقوى، والرعيَّة لا يُصلِحُها إلا العدلُ، وأولى الناس بالعفو أقدرُهم على العقوبة، وأنقصُ الناس عقلًا مَن ظَلَم مَن هو دُونَه.

 

قصص العدلِ في الإسلام لا تنتهي، عندما كانت الدولة عادلةً، بوصلتُها تحقيقُ أمرِ ربِّها، دانت لها أممُ الأرض، وعندما تُرِك شرعُ الله أصبَح الظالمُ سيفَ الله في الأرض ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 129].

 

وبعد، فمن يبحثُ عن سبب الانتكاسات للأمة، فإليه القانون الذهبي لابن تيمية:

"إن اللهَ ينصرُ الأمةَ الكافرةَ العادلةَ على الأمة المسلمة الظالمة".

 

"حكمتَ، فعدلت، فأمنتَ، فنِمْتَ" قانون ذهبي، بل حكمةُ فارسيٍّ لخليفةٍ قلَّ نظيره - بل كاد ينقطعُ - وكأنه يفسر قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]، ذلك الفارسيُّ وهو يُطلِقُ حكمتَه، وكأنه تذكَّر القصةَ حينما ضرب المُؤدِّبُ ولدَ كسرى ضربًا مُبرِّحًا دون جريرة، فأسرَّها الولدُ في نفسه، وعند وفاةِ كسرى ارتقى العرشَ، فبعث إلى المؤدب، وقال له: أتذكرُ قبلَ خمسةَ عشر عامًا وقد ضربْتَني دون ذنب؟! قال له المُؤدِّبُ: كنتُ قد عَلِمْتُ أنك صائرٌ إلى ما صِرْتَ إليه، فأردتُ أن أُذيقك مرارةَ الظلم؛ حتى لا تَظلمَ.

 

ولَّى أبو بكر - في خلافته - عمرَ الفاروق رضي الله عنهما القضاءَ عامًا كاملًا، أتى بعدَها عمرُ لتقديم استقالته، والسببُ كما جاء في قول عمر: ما جاءني خصمٌ واحد، ثم قال لأبي بكر: "ولَّيتني على قوم عرف كلُّ واحد منهم الحقَّ الذي له، فلم يأخذ أكثر منه، والواجبَ الذي عليه فأدَّاه كما هو".

 

حذر رجلٌ سليمان بن عبدالملك مرَّة، فقال له: أُحذِّرك من يوم الأذان، قال له: وما يومُ الأذان؟ قال: ﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 44]، فأُغْشِيَ عليه، ولما أفاق قال: هذا ذلُّ الوصف، فما بالك بذلِّ المعاينة.

 

نعم، لقد جعل الإسلام من الراعي والرعيَّة في عصوره الذهبية مثالًا يُحتذَى في العدل؛ عملًا بوصية خاتم المرسلين، وهو يُودِّعُ أمَّتَه في حجة الوداع: ((إن دماءكم وأموالَكم وأعراضَكم بينكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)).

 

(5)

واليومَ ونحن نشيِّعُ العدل، ونكفِّن بقايا الإنسانية، التي تُقتَلُ في سوريا والعراق وفلسطين واليمن وبورما، وانتهاك الأعراض والذبح على الهُويَّة، والتجويع في "مضايا" و"دوما" وغيرها من القُرَى السوريَّة، وينعدم الأمن، ويحلم الطفل أن يعيشَ طفولتَه، وتَحْلُم المرأة أن تُحافِظَ على جسدها، والشيخُ على كهولته حتى يوارى في التراب دون أن تُهانَ شَيْبتُه، نتذكر قول الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]، وقول نبيه صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليُملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفلِتْه))[4].

 

فكم من حضارة دَرَسَتْ بالظُّلم، وكم قصَم الله من ظالم! وقد قيل: إنه لما حجَّ أبو مسلم الخُراساني قام بعرفات يدعو ويقول: اللهم إني تائبٌ إليك مما لا أظنُّك تغفره لي، فقيل له: أيعظمُ على الله غفرانُ ذنب؟ فقال: إني نَسَجْتُ ثوبَ ظلمٍ لا يَبْلَى، ما دامت الدولة لبني العباس، فكم صارخةٍ لعنتْني عند تفاقم الظلم! فكيف يُغفَر لمَن هذا الخَلقُ خصماؤه؟

 

((ودعوةُ المظلوم يرفعُها الله فوقَ الغمام، وتُفتَّح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنَّك ولو بعد حين))[5].

يا أيها الجبَّار لا تزدري
فالحقُّ جبار طويل الأناهْ
يُغفي وفي أجفانه يقظةٌ
ترنو إلى الفجرِ الذي لا تراهْ


[1] الراغب الأصفهاني.

[2] فقه السيرة؛ علي الصلابي.

[3] الشعر والشعراء؛ ابن قتيبة الدِّينوري.

[4] متفق عليه.

[5] رواه الترمذي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عقود الظلم (قصيدة)
  • الظلم
  • كفن الظلم
  • الظلم إجرام
  • اتقوا الظلم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ظاهرة الظلم فاجعة كبرى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الظلم ظلمات يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن حديث (يا عبادي إني حرمت الظلم) وأنواع من الظلم 28-4-1435هـ(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • من موانع محبة الله عبدا (الظلم)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أنيس المظلومين (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنيس المظلومين (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم في ميزان الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم ظلمات يوم القيامة (ظلم العباد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم ظلمات يوم القيامة: ظلم النفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم ظلمات يوم القيامة (عاقبة الظالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب