• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية ...
    خاص شبكة الألوكة
شبكة الألوكة / المسلمون في العالم / مقالات
علامة باركود

المسلمون في المهجر

المسلمون في المهجر
سالم نجم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/9/2014 ميلادي - 4/12/1435 هجري

الزيارات: 7996

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسلمون في المهجر


يلاحظ المهتمُّون بأحوال المسلمين في المجتمع الغربي، أنه خلال العقود القليلة الماضية قد تضاعَف عددُ المسلمين في البلاد الأوروبية والأمريكية أضعافًا كثيرة، وأن الغالبيةَ العظمى منهم قد نزحوا إلى هذه الديار (ديارِ المهجر) من البلاد الإسلامية (الشرقية)، (الأدنى والأوسط والأقصى).

 

وأهدافُ هذه الهجرة متنوِّعة، فهي إما لتحصيل الرِّزق، أو الاستزادة من العلم، أو بحثًا عن بيئة حرة يلجأ إليها المسلمون فرارًا بدِينهم، وهربًا من الظُّلم والاضطهاد الذي وقع عليهم في أوطانهم المسلمة.

 

من هؤلاء المسلمين مَن يعيشُ بصفة مؤقتة للدراسة أو العمل أو التجارة، ومنهم من استقر به المقام وفضَّل البقاءَ في بلاد المهجر بصفة دائمة، بل وربما سعى إلى اكتساب جنسية الدولة التي يحيا فيها.

 

هذا بالإضافة إلى عددٍ غيرِ قليل من الأوروبيين والأمريكيين الذين اعتنقوا الإسلامَ بعد دراسة واقتناع.

 

من الأمور المسلَّم بها أن تكونَ لهذه الفئة المسلِمة في المجتمع الغربي مشكلاتُها الخاصة بهم، شأنها شأن أي أقلية تعيش في أي دولة من الدول.

 

ومن واقع تجربتي الشخصية: حيث أقمت في بريطانيا ست سنوات متصلة في أوائل الستينيات، ولا أزال على اتصالٍ بما يجري بين المسلمين في بلاد المهجر، يُسعِدني أن أساهم بجهد متواضع في رسم صورةٍ قريبة إلى الأذهان عن الصعوبات والمشاكل التي تواجِهُ المسلمين وتعُوق مسيرتهم، وتعرقل نشرَ دعوة الحق وكلمة الإسلام في ربوعِ تلك البلاد.

 

وذلك في محاولة لتشخيص مكامن العلَّة، ومواضع القصور؛ حتى نستلهمَ الحلول المناسبة، والأسلوب الأمثلَ لعلاج تلك الأدواء.

 

ومن الممكن تقسيم هذه العقبات إلى أنواع ثلاثة:

أولاً - عقبات تتعلق بالمجتمع الغربي نفسِه في أرض المهجر:

إن الأوروبيين والأمريكيين في مجمَلِهم ينظرون إلى المسلمين نظرةً دونية، على أنهم طبقةٌ متخلِّفة تعيش في أعماق الماضي السحيق، ينتمون إلى عقيدةٍ رجعية تناهضُ التطور الحضاري بالمفهوم الغربي؛ ولذلك أسباب كثيرة، نذكر منها:

1- الواقع المؤسِف الذي تعيشُه البلاد الإسلامية:

فالعالَمُ الإسلامي يعيش في حالة انفصام مع المنهج الإسلامي، والإسلام غريبٌ في أوطانه، محكومٌ عليه أن ينزويَ في نطاقٍ ضيق من العبادات الخالية من الرُّوح، وليس له رأي أو قول في مشكلات الوطن الاقتصادية، أو التعليمية أو الثقافية أو السياسية، ولئن صار من المألوف والمقبول أن يندرجَ العالَمُ الإسلامي ضمن نطاق ما يسمى بالعالم الثالث (الدول النامية)، وهذه تسميةٌ مهذَّبة، يقصد بها الدول المتخلفة، فإنه من الصِّدق مع الذات أن نعترفَ بأن المقاييس الحقيقية للإسلام لن تضعَ هذا العالم الإسلامي في الدرجة الثالثة، بل دونها أحيانًا.

 

إن معظم الدول الإسلامية في فقرٍ مُدقِع، ومع الفقير يأتي الجهلُ، وانحدار المستوى الاجتماعي، وضَياع القِيَم، والتراخي في مفاهيمِ الشَّرف والمروءة، والفضيلة والعِفَّة، وحقوق الأسرة والوالدين.

 

وهناك دولٌ إسلامية تعيشُ في طغيان من الماديات، وبُحبُوحة من العيش، أدى إلى فتنة الناس عن المنهجِ الإسلامي، وبذلك يكونُ المالُ قد لعب دورًا هامًّا لا يقلُّ عن الدور الذي لعِبه الفقرُ في تحطيمِ معنويات الأُمَّة الإسلامية.

 

إن العالَم الإسلامي (فقيرَه وغنيَّه) يعاني من تفشِّي الجهل، والأمِّية العِلمية، وانتشار الأمراض الخُلُقية؛ من الفساد والرِّشوة، والطغيان واستبداد السلطان، وانعدام الثِّقة بين الراعي والرعية، وغياب الشُّورى بين طوائف الأمة.

 

في هذا المناخ ارتقتِ الانتهازيةُ، واستشرى النِّفاق، واتَّسعت الفجوةُ بين الأنظمة الحاكمة وبين الداعينَ إلى الله...

 

والذي نراه ويراه المجتمعُ العربي من تنافرٍ وتقاتُلٍ بين الدول الإسلامية، ما هو إلا دليل آخرُ على عجزِ المسلمين ونُظُمِهم الحاكمة، وشعوبهم المغلوبة على أمرها.

 

ويعزو الغربُ هذا الضياعَ والتخبُّطَ والانحطاط الحضاري إلى الإسلامِ وتعاليمِه، وهو من ذلك بَراءٌ...

 

2- الواقع المتناقض الذي يعيشُه المسلمون في المهجر.

إن الطبقةَ العاملة تكوِّن الغالبيةَ العُظمى من المسلمين في المهجر، وهي بلا شك دون المستوى العِلمي والثقافي والتِّقني لعمَّال المجتمع الأوروبي؛ فالعمَّال الأتراكُ والإيرانيون والعربُ والآسيويون تنقُصُهم الثقافة والتدريب، وتُعوزُهم البيئةُ الاجتماعية والصحية، ليكونوا على مستوى نظائرِهم من الأوروبيين.

 

ولذا، فإننا نجدُ أن الأعمالَ التي يقومون بأدائِها لا يرضاها المواطِنون في أوروبا، ويأنَفون من مزاولتِها، ويتركونها للأجانب، فضلاً عن رضا المسلمين بأجورٍ أقلَّ، وساعاتِ عملٍ أطولَ، وشروط مجحِفة في كثيرٍ من الأحوال.

 

إن الظروفَ التي يعيش فيها هؤلاء العمَّال ظروف قاسية؛ فهم يرضون بأقل المستوى في المَطعَم والملبَس والمسكَن، بل هم مجبَرون على ذلكَ، ابتغاءَ توفير بعض المال لإرسالِه إلى ذويهم في مواطنِهم الأصلية، وإعانة أُسَرِهم وأولادهم.

 

إن مستواهم الاجتماعيَّ والثقافيَّ والاقتصادي يوازي مستوى الأفارقةِ والآسيويين من دياناتٍ أخرى، وهؤلاء جميعًا في نظر الأوروبيين يتدرَّجون في جدولِ الأجناس الدنيا.

 

أضِفْ إلى ما سبق ذِكره أن السلوكَ الشائن لبعض المسلمين ربما نظَر إليه الأوروبيون على أنه السلوكُ الغالبُ على جميعِ المسلمين، ومن ثَم يأخُذون به ويحاسِبون عليه.

 

3- الخَلْفية التاريخية للمجتمع الغربي:

مع الأسفِ الشديد لا تزال العقليةُ الغربية تنظُرُ للمسلمين من مِنظار القرون الوسطى، قرونِ احتلال الأتراكِ المسلمين لشرقي أوروبا، وقرون الحروب الصليبية؛ فالعقليةُ الغربية تصوِّر المسلمَ في أي مكان في العالم، بأنه ذلك التركي المتوحِّش الذي لا يُهمُّه إلا إشباعُ غريزته الحيوانية، وسفك الدماء، وانتهاك الأعراض، وتحطيم الحضارة والقِيَم الإنسانية.

 

وحتى اليوم لا تزال هذه النظرةُ سائدةً في بعض البلاد الأوربية؛ حيث نلاحظ ذلك في برامج الأطفاِل على مستوى النُّظُم التعليمية الرسمية أو شبه الرسمية، أو في مختلف وسائل الإعلام بما يحطُّ مِن قيمة المسلمين، ويشوِّهُ صورة الإسلام في أذهانِ النشء، بل ويَزيدون على ذلك بتلقينِ أطفالِهم بأن الواجبَ يحتِّمُ عليهم ألا يسمَحوا لِمِثل ما حدَث في الماضي في عهود الأتراك أن يحدُثَ مستقبَلاً، مهما كان الثمن، ويُغذِّي هذا الاتجاهَ المنظَّماتُ المعاديةُ للإسلام، وهي معروفة، وتعمل عملها ليلَ نهارٍ بإمكانات هائلة، وبلا كَلَلٍ أو مَلَلٍ.

 

المُلحِدون وموقفُهم من الإسلام...

المفروض في الملحد أنه يعتنق المذهبَ المادي، ولا يؤمِن بالدين أو العقيدة، ولا بالله ورسله، ولا باليوم الآخر وحسابه وجزائه، هذا إذا كان الأمرُ يتعلَّقُ بالدِّين النصراني، أو اليهودي، أو أي ملَّة أخرى.

 

أما حينما تناقش قضيةُ الإسلام، فالحال يختلف؛ فإن الكراهيةَ والبُغْض والتشنُّج ينتابُ الملحد، وكأنَّ شيطانًا مسَّه، أو عقربًا لدغته، إن هذا السلوكَ بالطبع يعود إلى جذورِ عقله الباطن، وما جُبِل عليه من كراهية للإسلام حينما كان طفلاً يُغذَّى بالأباطيلِ والأكاذيب ضد الإسلام والمسلمين، وهكذا فإن الغربيينَ في مجموعِهم - إلا القليل - يأخذونَ الموقف العَدَائي من الإسلام وأهله..

 

ثانيًا - عقبات من واقع المجتمع الإسلامي في المهجر:

لا يمكن إنكارُ أن الجماعةَ الإسلامية في المهجر لديها الكثيرُ من العلل والأمراض، وتواجه صعوباتٍ جمةً في بيئتها الجديدة، وأذكُرُ من ذلك:

1- تعدُّد القوميات والنزعات العِرقية: ودعوى الجاهلية في التمسُّك بهذه الروابط البالية، والتهاون بالأخوَّة الإسلامية وعُرَى الإسلام.

 

2- تعدُّد المذاهب والنِّحَل: وتعصُّب كل ذي رأي لرأيه، دون النظر إلى صفاءِ الجوهر الإسلامي، ونقاءِ العقيدة، وطُهر النَّفْس، وسلامة المقصد.

 

3- افتقار الجماعةِ إلى اللغة الواحدة: التي تجمَعُهم، ويتفاهَمون بها، ويحلُّون بها مشاكلهم، ويوحِّدون بها مواقفَهم ومعنوياتهم الإسلامية، ويرفَعون بها مستواهم الثَّقافي والفِكري.

 

4- اختلاف المستوى الفكري للجماعة: فعلى حين نجد الكثرةَ الغالبة من العمَّال غير المهرة بمستواهم الفِكري المتواضع، هناك الأفراد ذَوو الثقافة العالية، والتخصُّص الدَّقيق، وهيهات أن تجمَعَ بين هذينِ إلاَّ برِباط الإسلام، ووَشِيجة الأخوَّةِ في الله.

 

5- تباين المستوى الاجتماعي والاقتصادي: إن النتيجةَ الطبيعية لتباين دخول الأفراد أن يسلُكَ كلُّ فرد السلوكَ الذي يتناسب مع دَخْلِه وإمكاناتِه المادية، وطبقًا لذلك فإن المجموعةَ الكبرى من العمَّالِ تقطُنُ في تجمُّعاتٍ عزابية بدون أُسَرهم وزوجاتهم، في الأحياء الفقيرة ذات الخدمات الهزيلة، وعلى النقيضِ من ذلك، فإن القلةَ القادرة من المسلمين تعيش في أحياءٍ راقية باهظةِ التكاليف، وذات مستوًى اجتماعي رفيع، ولن نجدَ دافعًا يحرِّكُ المسلم القادر، ليصل أخاه المحرومَ إلا عقيدةَ الإسلام، ورباطَ الحب في الله.

 

6- ندرة المؤسَّسات التعليمية والترفيهية: من الملاحظ أن المسلمين في المهجر تنقصُهم الأندية والمدارس، وأماكنُ العبادة، ودور النشاط الثقافي والصحي، ويفتقرون إلى أماكنِ اللقاء الطاهر الذي يتم الانصهار الداخلي في بُوتَقة الإسلام، مع التعارفِ والاندماج، بل والمصاهرة، كما يفتقرون إلى التَّنظيم المِهْني أو النقابي، ليرعى شؤونَهم، ويطالب بحقوقهم في موطنِهم الجديد، وهم بذلك دونَ الجاليات الأخرى بدرجةٍ كبيرة.

 

ثالثًا: سوف أستعرض هنا بعض الجوانب السلبية للحضارة الغربية:

يقول الرئيس الفرنسي السابق ديستان:

لقد بدأنا نعيشُ الآن في دنيا غيرِ سعيدة، بل تعيسة؛ لأنها لا تعرفُ إلى أين هي ذاهبة، ولو قدر لها أن تعرفَ، فإنها سوف تكتشفُ أنها تتجهُ إلى كارثة، وهكذا فإننا سوف نرى خلال السنواتِ القادمة نوعًا من السقوطِ والتدهور في أوروبا، بينما دول أخرى سوف تتجه إلى أعلى.

 

ويقول الكاتب أندريه ماليرو:

(إنني بدأتُ أفقد إيماني بأنه يوجَدُ الآن عصرٌ من النهضة؛ لأنني أؤمن بأنه إذا استمرت أزمتُنا الإنسانية بغير حلٍّ، فإن نهضتَنا الثقافية مستحيلة، إن هذه الحضارةَ التي بدأت مع نابليون هي الآن في أزمةٍ، ما في ذلك شكٌّ).

 

1- أخلاقيات أوروبية جديدة..

مما لا شكَّ فيه أننا نعيش - بحقٍّ - عصرَ تلوث البيئة بأصناف المخلَّفات الكيماوية والذَّرية والميكروبية كافَّة؛ مما قد يسبب انعدامَ التوازن البيئي، ومن ثَم استحالة الحياة على هذا الكوكب في وقت ليس ببعيد، كما يتنبأ بالإعلان وبالغش والوضيع من الدعوة الإباحية الجنسية، وتحطيم القِيَم والمُثُل العليا.

 

2- بعض الثمن لهذه المفاهيم تدفَعُه الأممُ الغربية...

لأول مرة في التاريخ تُنتَهك حرمةُ الحياة الإنسانية على نطاق واسع في ملايين الإجهاضات التي تُجرَى كل عام، ولأول مرة في التاريخ تسجِّل بعضُ البلاد الأوروبية أن كل ثلاثة مواليد منها واحد مولود سفاحًا.

 

3- العنف والإدمان وتمزق الإنسان...

إن الأرقام والإحصائيات المفزِعة التي تطالعنا بها التقارير الدورية الرسمية وغير الرسمية لَتُبيِّن بجلاءٍ مدى انتشار العُنف والإدمان بين الأوروبيين.

 

ويعزو أرنولد توينبي ظاهرةَ العنف في العصر الحديث إلى انسحاق الفردِ وضَياعه في صخب الآلة، وميكانيكية الحياة الاجتماعية وخُلُوِّها من القِيم الإنسانية والرُّوحية.

 

هل لدينا ما نقدِّمُه للحضارة الغربية؟

لتحقيق هذا الهدف، فإني أرى أن تُعنَى كلُّ جماعة في كل بلد بدراسة لغةِ البلد الذي تقيم فيه، وتعملُ على الارتقاء بالمستوى اللغوي؛ لتكونَ هي لغةَ التفاهم بين المسلمين على اختلاف جنسياتهم وأوطانهم وذلك يخدم عدة أهداف:

1- تحقيق التفاهم، وتقوية الروابط بين المسلمين بمستوياتهم المختلفة.

 

2- إيجاد الوسيلة التي يحتكُّ بها المسلمون مع المواطنين في هذه الدولة؛ لعَرْض الإسلام عليهم عرضًا حسنًا بالحوار، وإقامة الحجة، وإظهار الدليل، على أن الإسلامَ هو الدِّين الذي يقدِّم الحلولَ إلى العالم لإنقاذِه من الهلاك والفوضى.

 

3- إن إجادةَ لغةِ القوم تُعطي فرصةً للمسلمين لكي يطَّلعوا على علوم الدولة المُضِيفة وتطبيقاتها المثمرة، ومن ثم إفساح المجال أمام المسلمين لكي يُبدِعوا ويشاركوا في تطوير المعارف والخِبرات بما يعودُ عليهم بالنفع، وعلى بلاد المسلمين عامةً بالتطور والرُّقي، ويكونون بذلك قد ساهَموا في دفع عجلة التقدُّم على المستوى العالمي، ولخير البشريةِ جمعاء.

 

4- لا شكَّ في أن إجادةَ المسلمين للُّغة الوطنية سوف يتيح لهم فرصًا أفضلَ للعمل، وبالتالي مستوى أعلى للمعيشة والحياة داخل الدولة.

 

5- إن الإلمامَ باللغة الوطنية يمكِّن الآباءَ المسلمين من الإشرافِ على أبنائهم وتوجيههم، وإظهار الغثِّ من السمين فيما يدرسونه في مدارس الدولة المضيفة، وبهذا يحفَظونهم من الضياع، والتشتُّت والتناقض بين ما نشَؤوا عليه في بيوتهم المسلمة، وما يرونه في المدرسة والشارع ووسائل الإعلام، ومظاهر الحياة الغربية.

 

التحرُّر من القِيَم والعادات الغربية...

إن النظرةَ الإسلامية تحتِّمُ على المسلم أن يتحرَّرَ من العبودية للقِيَم والمبادئ والغربية، وما يتبَعُها من سلوكٍ ومعاملات؛ فالمجتمعُ الغربي في مجمَلِه يقوم على المادة، ونصيب اللهِ فيه مرفوض.

 

أما الإسلامُ فكل الأعمال فيه: من سعي للرزق، وتحصيلٍ للعلم، وتقديم عون للناس على اختلاف معتقداتهم، بل والرأفةُ بالحيوان هي في صميمها عبادةٌ يؤجَر المسلِمُ على فِعلها، والدعوة إليها.

 

والمسلمون في المهجر مطالَبون بأن يبحثوا عن ذواتهم دون انطواءٍ على النفس، ودون التقوقع في زوايا المجتمع، وإنما هي محاولةٌ لفَهْم أعماقهم ومعرفةِ ما لديهم، ثم الانطلاق إلى آفاقِ هذا المجتمع لنحملَ إليهم خيرَ الإسلام وهديَه.

 

وحينما يرفُض المسلِمون القِيَمَ والمبادئ الغربية - كما هي موضَّحة في أولِ هذه البحث - فلابد أن يقدِّموا بديلاً عنها، والمُثُل الإسلامية لا تُعرَض على الناس من خلال المواعظ والخُطَب، ولكن يصلُ أثرها وتؤتي أكُلَها من خلال السلوكيات والأخلاقيات النبيلة، والأعمال الفاضلة القائمة على مبادئ الإسلام.

 

ما يلزَمُنا إذًا هو أن نسلِّح أنفسَنا لمعرفة الإسلام وتوجُّهاته العمَلية، ومعرفة حلاله وحرامه، ومُستحَبِّه ومكروهه، ثم نلتزم بذلك سلوكًا ومعاملةً مع بعضنا بعضًا، وفيما بيننا وبين المواطنين في بلادِ المهجر.

 

القُدوة في المعاملات خيرُ إعلان عن عظمة الإسلام...

وغني عن البيانِ أن دعوةَ الإسلام تقومُ على مكارم الأخلاق، وخشية الله ومراقبته، وتجنُّب ما حرم اللهُ، وامتثال ما أمر به من فرائضَ ونوافل، فلو أخلصنا في تطبيقِها في مجتمع المهجر، لكان ذلك وحده كفيلاً بأن يعطيَ الأوروبيين الأنموذجَ الحيَّ للدعوة إلى عقيدةِ التوحيد، وأن فلسفة الإسلام لا تقومُ على أساسٍ نظري بقدر ما هي سلوك ودستور قابلٌ للتطبيق لإسعادِ البشرية كلِّها.

 

لِنُقِمِ الإسلامَ في أنفسنا، فينتقل حينئذ إلى غيرنا، ويفتح الله به قلوبًا مغلقة، ويدخل الناسُ في دينِ الله أفواجًا.

 

إن إقامةَ الصلاة في جماعةٍ بصورة ظاهرة، والإعلان عنها بشكل واضحٍ، هو دعوة في حد ذاتها؛ تجتذبُ المواطنين إليها ولو من بابِ حبِّ الاستطلاع، على أن نكون جاهزينَ بتوضيح أساسيات الإسلام في بساطته العظيمة، وفِطرته السَّمحة، وباللغة التي تفهمُها العقليةُ الغربية.

 

الإسلامُ دين القوةِ ودين الخلود...

إن الناظرَ إلى واقعِ البلاد الإسلامية الحزين، وإلى فُرقتِها وتمزُّقها، ربما يتملَّكه اليأس من إصلاحِها، بل إن مِن المفكِّرين العربِ مَن يقول باختصار الأمة الإسلامية، وهذا خطأٌ فاحش؛ فالأمةُ الإسلامية لن تموت، فلَكَمْ تعرَّضت في تاريخها الطويل لهزَّات وأزماتٍ طاحنة، وبقيت على مسرَحِ التاريخ مؤثِّرةً ثابتة، ولم تغِبْ عنه فترة كما غابت أممٌ عريقة شرقية وغربية.

 

والمجتمعُ الأوروبي يحترم القويَّ العزيز؛ فلنكُنْ أقوياءَ بالله، نستمد النصرَ والعزة منه سبحانه، ولكن في الوقت نفسِه نأخُذُ بأسباب القوة - قوة العقيدة، قوة الشخصية، احترام الذات، شجاعة بالحق، تحرٍّ للحلال، ومفارقة للحرام فيما نأكلُ ونشرَب، ونلبَسُ ونسكُنُ، ونُصادق ونُعاهد، ونُنفِق، ونختلف، نُعلِن كلَّ هذا في وضوح وحزمٍ دون تكبُّرٍ أو استعلاء.

 

الأمن النفسي والانتماء للجماعة...

إن الإنسانَ بطبعِه بحاجة ماسة إلى الأمن، ومصدرُه الأول الإيمانُ بالله القادر المهيمن، والإيمان برسلِه وبالقدرِ واليوم الآخِر، والإنسان الأوروبي أحوجُ ما يكون إلى الأمن، خاصة وهو يعيش حالة انقسام ذاتي، وشتات فِكري، وأنانية مُفرِطة، وتفكُّك أُسَري، ومجتمع مادي لا يعرف الرحمةَ، ولا الأخوةَ، ولا الإيثار.

 

والمؤمِن الذي لا يخافُ إلا اللهَ تعالى أكثرُ الناس إيمانًا وطمأنينة؛ فهو يحمل نَفْسًا مطمئنَّة، لا يخاف الناس؛ لأنهم لا يملِكون له نفعًا ولا ضرًّا، ولا يخاف الفقرَ؛ لأنه لا يلوذُ إلا بمالك السمواتِ والأرض، ولا يخاف المستقبلَ؛ لأنه يؤمِن بالقضاء والقَدَرِ خيرِه وشرِّه من الله تعالى.

 

والانتماء إلى العشيرة ضروري - أسرته - أصدقائِه - زملاء مهنته - أبناء وطنه وإخوانه في العقيدة - والإنسان جُبِل على أن يتقيَّد بالجماعة، ويلتزم بما تعارَفَتْ عليه من تقاليدَ وأنماط سلوكيةٍ، ومشاركة الجماعة في حياتِها وقِيَمِها ومبدئها، والانتماء يحقِّقُ للنفس السكينةَ والاستقرار، ويؤدِّي عدم إشباعِها إلى عدم القدرة على النموِّ السليم للفرد، والشعور بالقلق والخوف، ثم العُزْلة والسلوك العُدْواني.

 

وهذا ما نُلاحِظُه في نسبةٍ كبيرة من الشباب الأوروبي، فهل نستطيع أن نقدِّمَ لهذا الشباب ما يبحثُ عنه من أمنٍ وسكينة وانتماءٍ وحياة اجتماعية سليمةٍ في ظلِّ الإسلامِ العظيم؟


تعاوُنُ المسلمين أفرادًا وجماعاتٍ ضرورةٌ ملحَّة...

نُريد للجماعةِ الإسلامية في المهجر أن تتخلَّص من العصبيَّات والقوميَّات، والتطرُّف في تبنِّي المذاهب الغريبة عن رُوح الإسلام وهديه، بسماحة الإسلام وسَعتِه للاتِّفاق والاختلاف.

 

نريد للجماعة الإسلامية أن تتكافَلَ فيما بينها، يأخذُ القوي بيدِ الضعيف، والعالِم بيدِ الجاهل، والغني بيدِ الفقير، والقادر بيدِ العاجز؛ لتكون - بحق - الجماعةَ التي عناها الله بقوله: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

 

نريد القدوةَ الحَسَنة من كلِّ مسلم بأرض المهجر أيًّا كان موقعه، طالبًا أو عاملاً أو تاجرًا صانعًا؛ بشاشةَ الوجه، وحُسْن السَّمت، وكرامة المَظْهر، وأن يكونَ صاحبَ مُروءةٍ ووفاء، مخلِصًا في عملِه، متقنًا له، أمينًا، عفَّ اللسان، متسامحَ القلب، دائمَ العطاء، ملتزمًا بأوامرِ الله ونواهيه.

 

نريدُ من الجماعة أن تُقِيل العَثَرات، وأن تعفوَ عن السيئاتِ، وأن تفتحَ ذراعيها لكلِّ تائب نادم، وفي فضلِ الله ورحمتِه متَّسَعٌ للجميع.

 

نريدُ من الجماعة أن ترحِّبَ بأي جهدٍ من أي مسلم، سواء كان ملتزمًا أو عاصيًا؛ فمن سار معنا شوطًا ثم انقطع، شكَرْنا له، ومن لم يستطِعْ أن يكمل معنا الطريق، فأجرُه على الله، ومن أعطانا فِكرَه ونُصحَه ورأيه، حمِدْنا عمله.

 

فجهدُ الناس مختلف، وطاقتهم متفاوتة، وقلوبُ العباد بين أُصبُعين من أصابع الرحمن يقلِّبُها كيف يشاء، ولا يستطيع إنسانٌ أن يصبَّ الناسَ في قالبٍ، وعلى صورة مكررة.

 

والإسلام اليوم في حاجةٍ إلى جمع الشمل، ورأبِ الصَّدع، ولكل مسلم مكانٌ في الصف، ولا تحقِرَنَّ عملاً مهما كان في نظرِك صغيرًا، فعند الله وحده الموازين القسط.

 

وهي لا شكَّ أمانةٌ عظيمة، ومسؤولية كبرى، ندعو الله أن يعينَنا على القيامِ بأدائِها، حتى لا تكون فتنة، ويكون الدينُ كله لله...

 

المراجع:

1- محمد بشير أحمد - القيم والآداب الإسلامية وعلاج الاضطرابات العاطفية، مؤتمر الطب الإسلامي - الكويت 1401هــ / 1981م.

 

2- حسان حتحوت - مشكلات ما بعد المراهقة في العالم الإسلامي، مؤتمر المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية - جامعة الأزهر 1980م.

 

3- زهير الكرمي - كتاب العلم ومشكلات الإنسان المعاصر، طبعة أولى - الكويت 1978م.

 

4- عائشة عبدالرحمن - سلسلة مقالات أزمة الفكر - الأهرام، رمضان 1403هــ/ 1983م.

 

5- عبدالحليم محمود - كتاب الإسلام والإيمان - الطبعة الأولى - القاهرة 1978م.

 

6- عبدالعزيز كامل - الطب والدعوة الإسلامية، المؤتمر الأول للطب الإسلامي - الكويت.

 

7- نعمات أحمد فؤاد - أزمة الشباب، مؤتمر المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية - جامعة الأزهر 1980م.

 

8- محمد جواد رضا - ظاهرة العنف في المجتمعات المعاصرة، مجلة عالم الفكر - المجلد الخامس - العدد الثالث.

 

9- محمد سيف فهمي - مؤتمر المركز الدولي للدراسات والبحوث السكانية - جامعة الأزهر 1980م.

 

10- محيي الدين صابر - التغيير الحضاري وتنمية المجتمع - الطبعة الأولى - دار المعارف - القاهرة 1974م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأقليات الإسلامية ظروفها وآمالها وآلامها
  • الأقليات المسلمة في أوروبا ودلالاتها

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث عبدالله بن عمرو: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علاقة المسلمين وغير المسلمين في نسيج المجتمع المسلم(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • إسبانيا: المسلمون الإسبان يمثلون 40% من تعداد المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حديث: المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده...(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • إفريقيا الوسطى: تقسيم الدولة بين المسلمين والنصارى(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المسلمون المهجرون والمشتتون بميانمار(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث أبي هريرة: "المسلم أخو المسلم لا يخونه"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضعف الشعور بالعزة(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب