المخططات الصليبية في بلاد الإسلام (نيجيريا نموذجًا)

حينَ يتحدَّثُ العلماءُ عمَّا يُسمَّى بـ: الغزو الفكري لبلاد الإسلام، ويضَعُون مُؤلَّفاتهم في بَيان تاريخِه في بلادنا، تجدُ كثيرين ممَّن يحمِلون أسماءَ المسلمين يُشكِّكون فيه، ويعدُّونه نوعًا من التفسير التآمُري للأحداث، حتى ولو تبيَّن أنَّ بعضَ ما يجري على أرض الواقع تسرَّبَ قبلَ ثلاثين عامًا في صورة تَقارير مخابراتيَّة عن نشاط شنودة، وقد نقَلَه الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - في بعضِ كُتبه فقال: "كنتُ في الإسكندريَّة في مارس سنة 1973، وعلمتُ من غير قصدٍ بخطابٍ ألقاه البابا شنودة في الكنيسة المرقصيَّة الكُبرى في اجتماعٍ سري أعانَ الله على إظهارِ ما وقَعَ فيه... ويتحدَّثُ الشيخ الغزالي كيف أنَّ البابا شنودة صرَّح بأنَّ عددَ النصارى يصلُ إلى ثمانية ملايين (عام 73، وكان هذا العددُ أربعةَ أضعاف العدد الحقيقي)، وأنَّ على النصارى أنْ يُروِّجوا لهذا العدد؛ إذ سيكونُ هو السندَ في المطالب التي سيتقدَّمُ بها النَّصارى إلى الحكومة، وأساس التخطيطِ الهادفِ إلى بُلوغ تعداد شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري؛ بحيث يتساوى عددُ شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأوَّل مرَّةٍ منذ 13 قرنًا؛ أي: منذُ (الاستعمار العربي الإسلامي) - على حدِّ قوله - والمدَّةُ المحدَّدة وفقًا للتخطيط الموضوع للوصول إلى هذه النتيجةِ المطلوبةِ تتراوَحُ بين 12 - 15 سنة، وقال شنودة: إنَّ المال يأتينا بقدرِ ما نطلبُ وأكثر ممَّا نطلبُ من مَصادر ثلاثة: أمريكا، الحبشة، الفاتيكان، وقد ثَبَتَ من واقِع الإحصاءات الرسميَّة أنَّ أكثرَ من 60 % من تجارة مصر الداخليَّة هي بأيدي المسيحيين، وعلينا أنْ نعمَلَ على زيادةِ هذه النسبة، وتخطيطُنا الاقتصاديُّ للمستقبلِ يستهدفُ إفقارَ المسلمين، ونزْع الثروةِ من أيدِيهم ما أمكَنَ".

كان هذا منذُ أكثر من ثلاثينَ عامًا، ولعلَّنا نلاحظُ مُقاربةَ واقعِ النَّصارى اليوم لما خطَّطوا له قبلَ ثُلثِ قرنٍ، وهم يُركِّزون جُهودَهم على احتِكار تجاراتٍ بعينِها، ومِهَنٍ ذات أهميَّة إستراتيجيَّة لغَرَضٍ طائفي مفضوحٍ، وللأسَف لا يُحاول المسلمون مُنازَعتهم هذه الجهود، إلا قطاعًا ضئيلاً من أبناءِ الحركة الإسلاميَّة، وهم لم ولن يَصِلوا لربع الشعبِ المصري المسلم - بحمد الله - لكنَّ الأجدرَ بالمسلمين أنْ يتأهَّبوا لِمُجابَهة التآمُرَ عليهم بما يليقُ من جديَّة، فنحنُ نتعاملُ مع النصارى بمثاليَّاتنا، ونتغافلُ عن تسريب إشاعاتٍ خطيرةٍ، ولا نزالُ نستبعدُ خطرَ التقسيم والتدخُّل الغربي لصالح نصارى مصر ونستخفُّ به؛ باعتبارِ أنَّنا أكثرُ وأقوى، حتى لو تكرَّرت سيناريوهات مماثلة في بلدانٍ مسلمةٍ قريبةٍ؛ مثل: إندونيسيا والسودان، وقد تابعتُ خلالَ العقد الأخير ما يَجرِي في نيجيريا ذات الأغلبيَّة المسلمة التي تبلغُ 75% من تعداد السكان هناك، فضلاً عن ثَراء المسلمين بالقياس إلى النصارى، لكنَّ العالم فُوجِئ برئيسٍ نصراني يحكُم نيجيريا "أوباسانجو"[1]؛ والذي نجحَ خِلال حُكمِه في تطوير القُدرة التعليميَّة والإعلاميَّة والاقتصاديَّة للكنائس في نيجيريا، كما ساعَدتْ دولٌ ومُؤسَّسات غربيَّة بما فيها جهازُ الاستِخبارات الأمريكيَّة الذي لَعِبَ الدورَ الرئيس في هذه الناحية، وشركةُ ميكروسوفت، ومجلسُ اتِّحاد الكنائس العالميَّة، وكنائس أمريكيَّة وبريطانيَّة، وعلى ضوء الوضع الأخير والعمليَّات الانتقاميَّة التي شَهِدَتْها جوس الأسبوع الماضي، فإنَّ الأوضاع - دُون شَكٍّ - مرشحةٌ لتشهَدَ مزيدًا من التصعيد والتفاقُم، على الرغم من وُجود تعزيزاتٍ أمنيَّة وعسكريَّة مُكثَّفة.

ويبدأُ النصارى في شَنِّ هجماتٍ مُنظَّمة على مدن المسلمين، ويتزايدُ التعصُّب النَّصراني بعدما عاشوا في كنف المسلمين قُرونًا دُون أنْ نسمع بمشكلةٍ واحدةٍ، لكن اليوم.. "تشيرُ تقاريرُ اللجنة الوطنيَّة لمواجهة الكوارث والأزمات إلى نُزوح ما يزيدُ عن 18000 شخص من مَنازلهم من المسلمين والنَّصارى بسبب الاشتباكات، فيما تشيرُ تقاريرُ المسؤولين في وكالة الإغاثة الإسلاميَّة المحليَّة إلى وُجود عمليَّة إبادةٍ جماعيَّة ضد المسلمين، وذلك بعدَ اكتشافِ 200 جثة لمواطِنين مُسلمين مُلقاة في آبارٍ بحيٍّ يَقطُنه مسلمون.

المنظمة العالميَّة لحقوقِ الإنسان من جانِبها أكَّدت في تقريرٍ لها وقوفَها على مُؤشِّراتٍ قويَّة لوجود نيَّة مُبيَّتة لشنِّ هجومٍ ضارٍ على أحياء يَقطُنها المسلمون في مدينة جوس..."[2].

وللتبشيرِ فنونُه المكررة؛ فما شهدَتْه مصرُ ومعظمُ دول العالمِ الإسلامي يتكرَّرُ بتفاصيلِه في نيجيريا؛ فمثلاً يملكُ النصارى تقريبًا 20 معهدًا لإعدادِ وتدريبِ الصحافيين في نيجيريا، ولا يملكُ المسلمون واحدًا منها، كما أنَّهم يُسَيطرون على القِطاع الصِّحي، فشعارُ الصحَّة في نيجيريا هو الصليب باللون الأحمر، فأكثر من 90 % من الأطبَّاء في نيجيريا من النصارى، ويسيطرون على المستشفيَات الحكوميَّة، حتى في شمال نيجيريا ذاتِ الأغلبيَّة المسلمة، كما تمكَّنت الكنائسُ النيجيريَّة من تأسيس المستشفيات في كلِّ مدن نيجيريا"[3].

واليومَ صِرنا نخشَى على الإسلامِ والمسلمين في نيجيريا رغمَ كثرتِهم وغناهم، والطَّبيعة الإفريقيَّة لا تتوغَّل في التديُّن بالشكل الذي نعرفُه في بلاد الشرق الأوسط عمومًا، ولا ننسى الزيارةَ الأخيرة لكلينتون للقاهرةِ حينَ قام بزيارةٍ خاطفةٍ لنيجيريا يومَ سمعَ بنَجاحِ نصرانيٍّ في الانتخابات، واللهُ وحدَه يعلمُ ماذا خطَّطت أمريكا وقتَها لدَعمِه وترسيخِ حُكمِه، وكيف خطَّطوا لِمُحارَبة الإسلام!