• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    اختتام ندوة حول العلم والدين والأخلاق والذكاء ...
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / المسلمون في العالم / مقالات
علامة باركود

المهاجرون الجدد

سيد أحمد الشاعر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/9/2010 ميلادي - 11/10/1431 هجري

الزيارات: 4859

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) اكتُشِفت الأمريكتان، على يد عملاء للحكومات الكاثوليكية المتعصِّبة في شبه جزيرة أيبيريا.

 

وقبل ذلك بسنوات قليلة، كان المسلمون قد أُخرِجوا من شبه الجزيرة المذكورة، بعد أن ازدهر الإسلامُ وحضارته فيها لثمانية قرون، وكان ذلك بسبب تخاذُلِ حكَّام المسلمين، وجريهم وراء الشهوات والمصالح الذاتيَّة، فخسِروا الدنيا والآخرةَ، وأَورثوا ذرِّياتِهم وشعوبَهم من أنواع البؤس والاضطهاد شرَّ ما عَرَفه التاريخُ.

 

ولما اكتَشفتْ هذه الحكوماتُ النصرانية ما في هذه البلاد الجديدة من خيراتٍ لا حصر لها، وإمكانيات بعيدة المدى - بادرتْ منذ القرن السادسَ عشرَ باستعمارها، واستغلال خيراتها، فهاجر إليها الإسبان والبرتغاليون، ثم زاحمهم الهولنديون، ثم الإنجليز، ثم الإيطاليون، والألمان، والبولنديون، وغيرهم من سائر بلاد أوروبا.

 

أقام هؤلاء المهاجرون - الذين يُعرفون بالشعب الأبيض - مستعمراتٍ ودولاً في كلٍّ من أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية، وكانت هذه المستعمراتُ تُحكَم من قِبَل الحكومات التي أسَّستْ هذه المستعمراتِ، ثم أضحتْ هذه البلادُ تستقلُّ بطريقة أو بأخرى، واكتَسب بعضُها قوةً وسيطرة، ونفوذًا دوليًّا كبيرًا، وكان أهمها الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وقد قضى الشعبُ الأبيض على سكان أمريكا الأصليين من الهنود الحمر؛ ليستأثرَ بالسلطان، وبخيرات البلاد، وأوشك على إبادتهم إبادة تامة.

 

وهكذا ظهرَتِ البلادُ الأمريكية على مسرح الحياة كدولٍ بيضاءَ نصرانية، تربطها بشعوب أوروبا علاقاتٌ تاريخية، وأواصرُ عنصريةٌ ودينية.

 

ونتساءل هنا: وماذا كان دور الإسلام والمسلمين في تعمير هذه البلاد وتنميتها، في المراحل الأولى من تاريخ استعمارها؟ وماذا نأمل أن يكون للإسلام وأهله من شأن في هذا النصف الغربي من العالم؟


يقف التاريخُ مكتوفَ اليدينِ إزاءَ الشطر الأول من هذا السؤال؛ حتى إنه لَيسودُ الاعتقادُ بأن مجد البلاد الأمريكية بُنِيَ بسواعد أجيال الشعب الأبيض النصراني وحدَهم، الذين هاجروا إليها في القرن السادسَ عشرَ الميلادي وما تلاه.

 

الحقيقة غير ذلك؛ لقد ساهَمَ المسلمون مساهمةً فعالة في بناء المجد الشامخ لهذه البلاد، ولولا جهودُهم ما وصلتْ إلى ما هي عليه اليوم، ولكن الظلم، والتعسف، والطمع، والضلال، والكفر، كلُّ ذلك جَحَد المسلمين فضلَهم، وطَمَسَ ما كان لهم، وأضاع عليهم حقوقَهم؛ بل حَرَمهم حتى من المعاملة الإنسانية، التي هي حق مكتسَب لكل وليد من البشر!

 

لقد عجز الأوروبيون عن تعمير البلاد وفلاحة الأراضي بأيديهم، فلجؤوا - كما هو معروف - إلى العدوان على بلاد غرب إفريقيا ودولهم، التي كانت قد بدأتْ تضمحل وتتفكَّك، وتقع فريسةً للاستعمار الأوروبي الغربي الغاشم، فاختطف المستعمرون لأمريكا الأشداءَ من أبناء غرب إفريقيا، مستخدمين في ذلك كلَّ ما بيدهم من وسائل الظلم والتعسف والفساد، وشحنوا الآلافَ المؤلَّفة من هؤلاء المساكين مشدودةً أيديهم، مكبلةً بالحديد، إلى ضياعهم وحقولهم عبر المحيط الأطلنطي؛ ليعيشوا عيشةً، لم يعرف التاريخُ لها نظيرًا، من البؤسِ، والغبنِ، والحمق، وقد بلغ عددُ مَن جُلِب منهم إلى أمريكا في القرون السادسَ عشرَ، والسابع عشر، والثامن عشر، ما بين عشرة ملايين، إلى خمسة عشر مليونًا، ضُرب عليهم الذلُّ والاسترقاق!

 

ولقد كان رجال الكنيسة أنفسُهم أصحابَ فكرةِ هذا الاسترقاق الإفريقي، وأدخلوا في روع الأوروبيين أن الله - تعالى - خَلَقَ هؤلاء؛ ليكونوا عبيدًا لهم؛ ليخدموهم في ضياعهم ومساكنهم، كما خلق الله - تعالى - الأنعام؛ ليركبوا على ظهورها؛ وليعيشوا على ألبانها ولحومها!

 

كما قطع الأوروبيون الصلةَ تمامًا بين هؤلاء المغلوبين على أمرهم، وبين ثقافة آبائهم ودينهم، ولغتهم وحضارتهم، كانوا يسكنون في زرائب كقطعان البقر، ويُبعِدون الأطفالَ منذ مهدهم عن آبائهم وأمهاتهم؛ حتى لا يتعلَّموا لغةَ كبارهم، أو يسمعوا قصصهم وأحاديثهم، أو يَنقُلوا عنهم عادةً أو تقليدًا، فنطقَتِ الأجيالُ البائسة بلُغةِ سادتهم، وتبعوهم إلى كنائسهم.

 

والآن نسأل: ماذا كان دِينُ هؤلاء الملايين من المغتصَبِينَ المسترقِّينَ من الإفريقيين، الذين كافحوا وكدُّوا، وعاشوا وماتوا، في تشييد هذه البلاد الأمريكية، واستغلال ثرواتها؟


هلمَّ بنا لنقتبسَ بعضَ الحقائق التاريخية عن البلاد الواقعة في غرب إفريقيا، في القرون السابقة مباشرة على اختطاف هذه الملايين البشرية منها، ولنلتمس منها قبسًا يساعدنا على الإجابة على هذا الاستفسار.

 

إننا لنعلم أن القارة الإفريقية أوَتِ الإسلامَ منذ مهده، ورحَّبت بأوَّل فئة هاجرتْ مِن أتباعه عند بدء الدعوة، ولجأتْ إلى رحاب أحد ملوكها، كان مِن بينهم ذو النورين، وذو الجناحين، وكريمة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

وفي القرن الأول من حياة الإسلام، انتشر نورُه، حتى شمل الساحل الشمالي الإفريقي كله، ووصل إلى المحيط الأطلنطي، ثم بدأ يتسرَّب للشعوب الإفريقية جنوبًا عبر الصحراء، وعلى السواحل الغربية للقارة، ثم قامتْ دولٌ وحضارات إفريقية، كان الإسلام عنصرًا مهمًّا فيها، يعتنقه الكثيرُ، أو الأكثر من أهلها وحُكامها، كان مِن بين هذه الدول إمبراطورية "غانا" القديمة، التي قامتْ في غرب إفريقيا، وبلغتْ أوج مجدها في الحقبة ما بين القرن التاسع إلى منتصف القرن الثاني عشر الميلاديَّينِ، يقول المؤرخون: إن عاصمة غانا القديمة "كومبي"، كانت تنقسم إلى حيَّينِ، وكان أغلبُ السكان في أحد الحيين مسلمِينَ، كثر بينهم العلماءُ والفقهاء، وبفضل عِلمهم، وعلوِّ كعبهم، قُلِّدوا المناصبَ الوزارية، ونحوها من المراتب الراقية في الدولة.

 

ومن بين هذه الدول التي نهضتْ في غرب إفريقيا، واصطبغتْ بصبغة الإسلام: إمبراطوريةُ "مالي" العظيمة، التي قامت في القرن الثالث عشر، ووسَّعتْ مُلكَها في جميع النواحي، وكان من حكَّامها الإمبراطورُ (منسا)، المعروف في المراجع الإسلامية باسم "موسى"، وقد حكم منذ 1307 إلى 1332م، وقد قام برحلة إلى الحجاز عام 1324م، يرافقه خمسمائة من الخدم والحشم، وحمل معه ثروةً كبيرة من الذهب، وزَّع منها بسخاء في البلاد التي مرَّ بها في طريقه إلى الحجاز، وفي عودته منه، ويحدِّثنا مؤرخ نصراني زار هذه البلادَ عام 1510 عن ثروة هذه البلاد العظيمة وحضارتها، وعمَّا شاهَدَ مِن مساجدها، ومَن لقيه مِن الكثير مِن علمائها وفقهائها.

 

كما يحدِّثنا التاريخ أيضًا عن مملكة "سنوجي" الإسلامية، التي نالتْ حظًّا عظيمًا من الحضارة والمجد في القرن الخامس عشر، ومما يُذكَر أنها كانت أعظمَ دولةٍ إفريقية عرَفها التاريخُ في العصور الغابرة، بعد مصر القديمة، ولقد كان أحد ملوكها يُسمَّى "محمد الأول".

 

والآن وقد ذَكرْنا طرفًا عن هذه الدول على سبيل المثال؛ لنرسمَ صورةً لما كان عليه الإسلامُ في بلاد غرب إفريقيا، عندما بدأ الأوروبيون يستعمرون البلادَ الأمريكية، ويجلبون إليها اليدَ العاملة من هذه المنطقة، نقطع جازمين بأن الكثير من هؤلاء الملايينِ التعساءِ كانوا من المسلمين؛ بل لقد كان سائرهم على وشك أن يُسلِموا، أو تُسلم ذُرِّياتُهم، لولا تدخُّلُ الأوروبيين، وقضاؤهم على الحكومات الوطنية، واستعمارها لصالحهم، وبيع سكانهم؛ ليعيشوا عبيدًا أذِلاَّء في أمريكا.

 

لذلك لما أُلغي الرِّقُّ عام 1861، واستردَّ أحفادُ هؤلاء حريتَهم، أدرك الأذكياءُ منهم صلةَ آبائهم بالإسلام، وصلتهم بالعروبة لحمًا ودمًا، ولنقتبس هنا ما ذكره "إدوارد بلايدين"، وهو أمريكي إفريقي الأصل، عاش في القرن الماضي، والتحق بأعمال التبشير النصراني، كتب يقول:

"إن الحضارة العربيَّة والدينَ الإسلامي أنسبُ للأفارقة"، كما تنبَّأ بأن الإسلام لا النصرانية سوف يتفشَّى بين الإفريقيين؛ نظرًا لروحه الباعثة على التقدُّم، ومما قال: "إن الإفريقي عرف النصرانيةَ كرقيق مستغَلٍّ، مستعبَدٍ ومُهان، وعرَف الإسلامَ كإنسان دائمًا، وكقائد غالبًا".

 

ولما قامتْ بعد ذلك حركاتٌ بين الإفريقيين الأمريكيين[1] تنادي بحقوقهم السياسية والمدنيَّة، ارتبط كثيرٌ من هذه الحركات باسم الإسلام، وباتِّجاه نحو تعلُّم اللغة العربية، ويسود التفكيرُ بين الكثير منهم بأن اعتناق الإفريقي الأمريكي للإسلام عودةٌ إلى دين آبائهم، الذي سلَبَه منهم الأبيضُ المستعبِد، وأن نُطقَه بالعربية استئنافٌ للغُته القومية الأصلية، التي أنساهم إياها هؤلاء المستبِدُّون.

 

والحديث عن الحركات الإسلامية بين الإفريقيين في أمريكا حديثٌ شائق، ولكنه يطول، وربما يَخرج بنا عن أصل الموضوع؛ لذلك نقتصر على هذه الإشارة، داعين اللهَ - تعالى - أن يُبارك هذه الحركاتِ، وينقيَها من المزيفات، ويحفظَها من المكايد الظاهرة والباطنة، ويجعلها لصالح الإسلام والمسلمين.

 

وإلى جانب هذا الاتِّجاه لدى الإخوان الأفارقة الأمريكيين، نحو إحياء ما يُعْتَقد أنه كان دينَ أسلافهم الذي مُحي ظلمًا وعدوانًا، جاء الإسلامُ إلى العالم الجديد على يد المهاجرين من البلاد العربية، وغيرها من البلاد الإسلامية، منذ بداية هذا القرن.

 

كان المهاجرون المسلمون الأوائل قلَّةً، أغراهم ما سمعوا عن خيرات البلاد، فضربوا في الأرض يبتغون من فضل الله مُراغَمًا كثيرًا وسَعة، وقد كان لبعضهم حظٌّ موفور من الرِّزق بعد كدح وكفاح، والمعروف أن هذه البلادَ بلادُ كفاح وعمل، ولا يربح فيها المتواكل، ثم جاء بعد هؤلاء أفواجٌ أخرى من المهاجرين من شتَّى البلاد، ثم تكاثر عددُهم في الأعوام الأخيرة، حيث حضر عشرات الألوف، من بينهم الكثير من البلاد العربية.

 

وإن الأمل لكبير أن يكون في هذه الظاهرة كسبٌ للإسلام بعد أن يستقرَّ هؤلاء النازحون، ويتغلبوا على متاعب المراحل الأولى للهجرة، ويكتسبوا الثقةَ والأمن، فينظِّموا جهودَهم، ويوحِّدوا كلمتَهم، ويستخدموا ما يَكسِبون من نفوذٍ لصالح الإسلام ووطنه، كما تعمل الجاليات الأوروبية المختلفة على خدمة شعوبها، وبلادها، ومجدها، عن طريق نفوذ هذه البلاد.

 

على أن لنا بعضَ الملاحظات، نودُّ أن نبديَها بهذا الصدد:

لقد نزح منذ قرون عددٌ من المسلمين أيامَ غارات المغول والتتار على قلب البلاد الإسلامية، إلى أطراف الأرض شرقًا؛ فرارًا من أهوال الحرب، وقد استطاع هؤلاء المهاجرون أن يؤثِّروا على الشعوب التي هاجروا إليها؛ بفضل خُلُقِهم، واعتزازِهم بدينهم، وثقتِهم بأن ما بيدهم أسمى وأرقى مما بيد مَن هاجروا إليهم، فانعكستْ هذه الثقةُ على مَن جاورهم، فأحبُّوهم وخالطوهم، وصاهروهم وقلَّدوهم، حتى تبعوا دينَهم، ونرى الآن من أحفاد هؤلاء دولاً إسلامية شرقية، لها مكانتها ومهابتها.

 

فينبغي لنا إذ ننزح في هذا العصر، أن نعتزَّ بثقافتنا وتراثنا، وألاَّ نسمح لأنفسنا بأن نذوب في المجتمع الذي نعيش فيه، ونقلِّده تقليدًا أعمى بدعوى التقدمية الكاذبة، ليس في هذا التقليدِ خيرٌ لأنفسنا ماديًّا أو أدبيًّا، وأنه لو أخذنا به - لا سمح الله - سيضيع علينا وعلى ديننا فرصةٌ ذهبية، ونظلم بذلك أهلَنا، وأسلافَنا، وذرياتِنا مِن بعدنا.

 

إنه لينبغي أن نُلقي جانبًا بالعنصرية، والشعبية الوطنية، والخلافات المذهبية، والعنجهية الكاذبة، وأن تكون الصلة الإسلامية الأساسَ الأول والأخير، والرابطةَ التي تجمع بيننا، وتبعث على تعاوننا الإسلامي في هذا البلد الغريب.

 

إن من العبث أن نسمع المسنِّين من العرب المهاجرين القدماء، يشيرون إلى الأفارقة من إخواننا المسلمين، بكلمة "العبيد"، ولقد ساء هذا الكاتبَ، لمَّا سمع في بدء عهده بالعمل بهذه البلاد، من عائلة عربية قدمتْ لزيارته بمكتبه، فذَكَروا أنهم يضنون بإرسال أولادهم إلى المدرسة الإسلامية؛ حتى لا يكونوا بجانب أولاد "العبيد"، ولقد نفرتْ أذنُه من هذا الاستعمال، ويعلم الله أن هؤلاء ليسوا عبيدًا، ولم يُخلَقوا عبيدًا، وأنهم لأحرصُ على دين الله، وأكثر جودًا، وأسخى بما في أيديهم من أجل الله، وأخلص قلبًا وطبعًا من الكثير منا، ممَّن نشأ على الإسلام ووُلد في أحضانه، وصدِّقني - أيها القارئ - إذا ذكرتُ أن الكثير من هؤلاء المسلمين مِن إخواننا الإفريقيين الأمريكيين شعروا بهذا الجانب من المعاملة السيئة مِن إخواننا الذين سبقونا، عندما خالطوهم في الأربعينيات والخمسينيات، آملين أن يكتسبوا ثقتَهم، وانسحبوا وكوَّنوا لأنفسهم جمعياتِهم، مؤثِرينَ القناعةَ بالقشور في عِزَّة، على المزيد في ذلٍّ ومهانة.

 

وعلينا أن نكون في مهجرنا مَثَلاً لما نزعم أنه أدبُ ديننا، وتكاليفُ شرعِنا، فلا يليق بمهاجرٍ مسلم، أو مبعوثٍ من قِبَل دولة إسلامية، أن يجهر بتناول المُسكِر في الاجتماعات، أو يدخن، وإن المرء لَيخجلُ مِن تعليق بعض المسلمين هنا في حياء وخجل، على موقف هؤلاء: "أليس قوله - تعالى -: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ ﴾ [الإسراء: 78] موجَّهًا إليهم؟! أَوَلاَ يصل النداءُ - حي على الصلاة - إلى آذانهم، ولو مرة واحدة؟!".

 

أما التشدُّقُ بما يُسمَّى التقدميَّة، والنعيُ على ما يُسمُّونه بالرجعية، فهو مغالطة ومكابرة، ومجاراةٌ من الجاهلين المغمورين، لذوي النيَّات السيئة من أعداء الله ورسول رب العالمين، أهناك دِين يحضُّ على التغيير والتجديد، والأخذ بأنسب الأساليب مِن ديننا؟!

 

إن الإسلام جاء ثورةً على التقليد الأعمى، ودعا إلى نبذ التقاليد البالية، وأيُّ بأس هناك في تقليد الغربيين في جهدهم في العمل، والحرص على الوقت، والصدق في القول، ومراعاة شعور الغير؟! وأيُّ مسلم يعارض في الأخذ بالعلوم النافعة، والأساليب الدراسية الحديثة؟ وأيُّ مبدأ إسلامي لا يتَّفق مع الانتفاع بما أنتجتْه العلومُ والفنون في العصر الحديث؟


إن الإسلام قديم وحديث، وعتيق وجديد، ومبادئه الأساسية يسيرة سليمة، تتلاءم مع كل بيئة، ولا تتعارض مع حاجةِ أيِّ عصر، إنما ينفر الإسلامُ من المادية الجافة، والشذوذِ الخُلُقي، الذي أدَّى إلى تصدُّع المجتمع الغربي، وثورة الأجيال الناشئة على الأوضاع البالية، المشحونة بالنفاق والبهتان.

 

وإن ظهورنا أمام مَن يجاورنا بالتمسُّك بآدابنا، ومراعاة تقاليدنا - لَممَّا يبعثُ الثقة فينا، ويعمل على احترام تراثنا، ويثير الرغبةَ في دراسته والتعرُّف عليه، وبالتالي لاحتمال الهدى به، وخاصة في زمن كثرتْ فيه الشكوكُ، وتتطلع فيه النفوسُ لقاعدةٍ تبعث على الأمل، وتعطي الحياةَ والوجود مغزًى ومعنى، وقيمةً وهدفًا، وما مِن قاعدةٍ تفي بذلك كلِّه كما يزود به ديننا المجيد.

 

إننا - بهجرتنا في طلب العلم، أو السعي إلى الرزق - نتَّبع سُنةَ رسول الله، ونطيع هدي الكتاب، الذي يرشدنا ويقول: ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك: 15].

 

فلتكن هجرتُنا للدُّنيا وللدِّين معًا؛ ((فمَن كانت هجْرتُه إلى الله ورسوله، فهجْرتُه إلى الله ورسوله، ومَن كانت هجرته لدنيا يُصيبُها، أو امرأةٍ يَنكحُها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه)).

 



[1]إن كلمة "زنجي" ومقابلها بالإنجليزية "نجرو NEGRO"، كلمةٌ مبغضة لدى الملونين في أمريكا؛ لذلك نُؤثِر اللقبَ الذي يطلقونه على أنفسهم، وهو الإفريقي الأمريكي AFRO-AMERICAN.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سفراء الإسلام في الغربة
  • مهاجرو وسط آسيا المسلمون يغيرون وجه موسكو
  • مهاجرون وأنصار
  • مهاجرون لهم قصة: أبو سلمة وزوجه أم سلمة
  • المقاصديون الجدد

مختارات من الشبكة

  • السويد: توزيع المصاحف والكتب مجانا على المهاجرين الجدد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • افتتاح مسجد وبئر جديدين وتعليم المسلمين الجدد في غانا وبنين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • 27 مسلما جديدا والبدء في بناء مركز لتعليم المسلمين الجدد بمالاوي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هولندا: المسلمون المهاجرون يريدون أن يُدفنوا في هولندا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إيطاليا: المهاجرون غير الشرعيين يعاملون كالعبيد في جني المحاصيل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بلجيكا: المهاجرون سيصوتون في انتخابات البلدية القادمة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إيطاليا: المهاجرون يشكون سوء المعاملة من قبل المسؤولين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • اليونان: المهاجرون هدف لليمين المتطرف في أثينا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الدنمارك: المهاجرون يرفضون مدارس الاحتياجات الخاصة لأبنائهم(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب