معَا ضد إصدار قانون منع الحجاب في كوسوفا

الحمد لله وحْدَه، والصَّلاة والسَّلام على مَن لا نبي بعده.

وبعدُ:

نظرًا لكثرة الفِتَن التي حصَلت في دولة "كوسوفا" بسبب طَرْد الفتيات المسْلِمة المتحجِّبة من المدارس الابتدائية والثانوية والجامعات؛ فقد قرَّرتْ بعض الجمعيات المحليَّة - للدِّفاع عن الحريَّة العامة - أن تُقِيمَ مظاهراتٍ ضدَّ إصدار القانون الذي يمنع الحجاب في المدارس والجامعات والوظائف، وذلك في عدة مدن في "كوسوفا" بعد صلاة الجمعة، الموافق 11/6/2010.

وهذه إحدى طُرُق ومحاولات العلمانيَّة في محاربة الإسلام ومسْلِمي المنطقة.

والذي يؤسِفُني جدًّا أنَّ هذا القرار صدَرَ مِن أبناء جلدتنا، وممَّن يتكلَّمون بألسِنَتِنا، الذين أمَّهاتهم متحجِّبة متعفِّفة، وآباؤهم مسْلِمون، حُجَّاج محترَمون.

فسبحانَ مَن بِيدِه القلوبُ، يُقلِّبها كيف يَشاء؛ يَهدي مَن يشاء، ويُضِلُّ مَن يشاء!

ولستُ أكتب هذا الكلماتِ وأنا أُدافِعُ عن هذه المظاهَرات؛ لأنَّها ليستْ من الإسلام في شيء، ولكنْ أُريد أنْ أُخبر المسلمين أنَّ عامَّة مسلمي "كوسوفا" - مع الأسَف الشديد - لا يَعلمون كيف يُعلنون عن رفْضَهم لمثْلِ هذه القوانين، فتمشِّيًا مع قاعدة: "اتباع طريقة الأكثرية" في مثل هذه الأمور، قاموا بذلك.

فشعب كوسوفا المسْلِم منذ عشْرِ سنوات يَصبر على كثيرٍ مِن القوانين الصَّادرة ضدَّ تعاليم الإسلام.

ومِن الأمور التي صبَر عليها مسلمو "كوسوفا" - ويَصبرون إلى الآن - بدون أن يستحِثَّ ذلك الحكومةَ الكوسوفية في فعْلِ شيءٍ ما لمصلحة المسلمين، فضلاً عن احترام شُعُورهم وشعائرهم الدينية - ما يَلي:

1- ليس العهد ببعيد عندما سكت مسلمو "كوسوفا" على قرار الرئيس الكوسوفي السابق أبراهام روغوفا في بناء الكنيسة الكبيرة في وسط العاصمة، ونِسْبةُ النَّصارى فيها 2 %.

2- وقَبْله بقليل أيضًا إقامة هيكل "أم تريزا" في وسط الشارع الرئيسي في العاصمة.

3- تحديد مبلغ هائل - بالملايين - مِن الميزانية المالية الدولية في ترميم كنائس الصِّرْب الأَرْثُوذكْسيَّة.

4- منع "المشيخة الإسلامية" بكوسوفا من بناء مركز إسلامي في العاصمة.

5- منع فتْحِ قناة مرئية دينية إسلامية؛ لأنها بِزَعْمهم تشوِّه سمعة شعارنا "الألبانية" (shqiptaria) أمام الدول الأوروبية.

6- منع إدخال تعْليم المادة الإسلاميَّة في المدارس والجامعات.

7- عدم مساعدة الحكومة الكوسوفية المشيخةَ الإسلامية بكوسوفا ماديًّا؛ لترميم وبناءِ أكثر مِن مائة مسجد للمسلمين هُدمت أثناء الحرب.

8- محاولة إبراز اللَّون النصراني لشعب "كوسوفا" أمام الدُّول الأوربية.

9- محاربة الدعوة الإسلامية، والدُّعاةِ إلى التوحيد والسُّنَّة والأخلاقِ وَفْق منهج ربَّاني، بزَعْم محاربة الحركة الوهَّابية.

10- عدمُ الاهتمام بقضايا المسلمين في العالم، وتعزيز حقوقهم.

11- بُغْضُ العرب والعربية، والتُّرْكِ والتركية، وإن كانت تُظْهِر وُدَّها، ولكنْ بنفاق؛ وذلك مِن أجْل تحقيق العدد المعيَّن للدول المعترِفة باستقلالية "كوسوفا"؛ لكي يُسمح لهم بالدخول في المجمع الأوربي، وهذا هو السبب الأقوى في إظهار وُدِّهم الخسيس للدول العربية، وليس مِن أجْل الإيمان والأخوة الإسلامية.

وأنا مُوقِنٌ يقينًا جازمًا أنه لو اعتَرفت باستقلال "كوسوفا" دولٌ أخرى غير الدول العربية الباقية ممن لم تعترف باستقلالها، وأكْملت العددَ المطلوب الذي يَسمح باشتراك "كوسوفا" في المجمع الأوربي، لَمَا احتاجت الحكومة الكوسوفيَّة ولا راجعت ولا طلبَتْ من الدول العربية شيئًا من ذلك.

بدليل أنَّ هناك كثيرًا من المسلمين الذين يَحملون جنسيَّة بعض الدول الإسلامية من التي لم تعترفْ باستقلال "كوسوفا"، عندما أرادوا الإتيان إلى "كوسوفا" مِن أجل إقامة العلاقات التِّجارية مع بعض التجار المَحليِّين، لم يسمحوا لهم ذلك؛ بل منهم مَن عندما وصل إلى مطار العاصمة، أعادوه بدون أيِّ اعتذار، وذلك بشهادة بعض الموظفين المختصِّين في "المطار".

والسبب واضح جَلِيٌّ كما ذكَرْنا: "لستَ مِن الدول التي اعترفَتْ باستقلال كوسوفا"، وإن كان هناك استثناءات!

12- وأخيرًا الحكومة الكوسوفية تريد أن تصْدِر قانونًا بِمَنْع لبْس الحجاب في المدارس والجامعات والوظائف، لكنْ ترَكوا تحقيق ذلك لمدة شهر؛ كي ينْظُروا ما هو موقف مسْلِمي "كوسوفا" تجاه هذا القرار.

هداهم الله، أو قصَم ظُهورَهم! أيُلعَب بشعور المسلمين بهذه السفاهة؟

وهؤلاء - أعني رجال الحكومة - بدلاً من اجتهادهم أن يكونوا قدوةً حسنةً أمام شعْبهم؛ لكنهم كل يوم يُفضحون بأعمال بَئِيسة؛ مثل: السَّرقة، والزِّنا، والقتل.

وختامًا لِما سبق فأنا أتوجَّه بهذا الخطاب لجميع المسلمين في العالَم، خاصةً أُولي الأمْر منهم؛ ألاَّ يُقيموا علاقاتٍ دوليةً مع "كوسوفا" دون أن يُرَاعوا مصلحة المسلمين هناك، بل أنْصحهم أن يشترطوا على رجال حكومة "كوسوفا" قبل ربط أي علاقة معهم أن يحقِّقوا رغبات مسلمي "كوسوفا"؛ كإدخال تعليم المادة الإسلامية في المدارس والجامعات، وبناء المَراكِز الإسلامية والمساجد والمدارس الإسلامية، وغير ذلك.

هذا، وأسأل الله العلِيَّ القدير أن يرُدَّ مسلمي "كوسوفا" والمسلمين في كل العالَم إلى تطبيق كتاب الله العظيم وسُنَّة نبيِّه الكريم، ويُصْلحَ وُلاة أمورهم، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، وآخِر دَعْوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالَمين.