• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / مواعظ وخواطر وآداب


علامة باركود

مع العشر الأواخر لنا حكايات

د. محمد خالد الفجر


تاريخ الإضافة: 22/6/2017 ميلادي - 28/9/1438 هجري

الزيارات: 11016

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مع العشر الأواخر لنا حكايات

 

حكاياتنا مع العَشر الأواخر لا ندري كيف نسردُها؛ لأنَّها حكاية قلبٍ متردِّدٍ وَجِلٍ، قلبٍ يخفق أملًا في أن يحظى بالغنيمة، ولكنَّ خفقةً أخرى تشدُّه إلى حزنِ الفشلِ الذي تَلاحَقَ وتَتالى مع تعاقُب الليل والنهار، فتتنازعنا حكايتنا مع أنفسنا بين شدَّةٍ ترى النفسَ طفلًا لا بدَّ من فطمِه؛ حتى لا يشبَّ على التسكُّع في طرقات العجز والكسل، وبين تراخٍ نابعٍ من قلَّة التوفيق المرافقة لتتابع نيَّة الإنسان فيها صوغَ طريقٍ جديد لنفسه.

 

حكاياتنا في العشر لها نغمٌ خاص، نغمها يكون مبتهجًا، ويزداد بهجة وحبورًا عند الفوز بأوَّل ليلة فيه؛ بقيامٍ يغسل أدرانَ القلب، وبتلاوةٍ لكتاب الله تشعر الإنسانَ بالقرب مِن خالقه، وتزيل عنه حُجُبَ الوهم الدنيوي، وتجعله يعيش حقيقة البقاء الأخروي... يحكي الإنسان مع نفسه في تلك اللَّحظة حكايةَ الأمل بالعودة إلى تلك الدِّيار، ويسرد لها منتشيًا عن همَّته وقوَّته، وأنَّه انتقل إلى مرحلةٍ أخرى من مراحل حياته في رحلته ومساره في الحياة... يبشِّرها بأنه عاد إلى جادَّة الصواب، وبأنها لن تهزمه؛ لا هي ولا كلُّ شهوة تغري بالراحة.

 

يخاطب نفسَه: حان أوان الجدِّ والعمل، وفي اليوم التالي تنطفئ تلك الشعلةُ، ويعود إلى سابق عهده؛ فتنظر إليه النفسُ بلؤمٍ، وتضحك ضحكةً ساخرة وتقول له: أين الهمَّة يا صاحب الهمَّة؟! أين توعدك لي ولكلِّ الشهوات يا رجل؟! دعْ عنك ذا وابقَ كما أنت، لِمَ تفتح عليك أبواب التعب؟! الزمن معك... والعمر ما زال ينبض بالشباب، ستعوِّض، صدِّقني ستعوِّض كلَّ ما فاتك! فاملأ المعدة، وأرح دماغك بوضع رأسك على وسادة الراحة، ونَم...

 

ومع أوَّل وضعِ الرأس على الوسادة تتصارَع الحكايات؛ حكايةُ الهِمَّة وحكايةُ الوَهن والكسل، حكاية الانطلاق وحكاية التثاقل إلى الأرض، وتبدأ حكايةٌ أخرى؛ حكايةُ الصراع بين الرَّغبة في النهوض وإلف الراحة.

 

ثم يأتي مشهدٌ حكائي آخرُ يروي قصَّةَ ذكرياتِ أولئك الذين رحلوا وما شاركونا هذا الرمضان، تبدأ الروح الطيِّبةُ بتذكير الإنسان، وتعقد معه حوارًا محفِّزًا للإرادة، تخاطب الروح صاحبَها وهي التي هبطت من المحلِّ الأرفع كما قال ابن سينا في قصيدته المشهورة (النفس)، فتبدأ بشدِّ أُذن صاحبها، تهمس به قائلةً: أتذكُر صديقك فلانًا، وقريبَك فلانًا؟ أين هم الآن؟ غادَروا! تذكَّر أنَّ مِن بين الناس مَن سيقول: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99، 100]، ألا تريد أن تكون ممَّن يقال لهم: ﴿ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ ﴾ [الحديد: 12]؟ فينتفض الجسد حاملُ الروح تاركًا خلفَ ظهره كلَّ وساوس النفس ومغرياتها، ينطلق راكعًا ساجدًا ودموعُ العين على الخدَّين تسيل، يبرق في لمعانها حكاياتٌ؛ حكايةُ عودةٍ وأَوبةٍ إلى الباري، حكايةُ ندمٍ على التفريط وأملٍ بالمغفرة، حكاية شوقٍ إلى الكريم العليم بخبايا الأنفس... الجنة تحكي معه بنعيمِها الدائم، والنار تحذِّره بلهيبها الخالد... حواراتٌ وحكايا تأتي في كلِّ سجدةٍ، وكلُّ دمعةٍ قصةٌ، وكلُّ دمعةٍ روايةٌ لمشهدٍ قديم وجديد.

 

وهكذا تعيش حكايانا مع هذه اللَّيالي، وكيف لا؟ وفيها وضمنها ستكون اللَّيلة التي هي خيرٌ مِن ألف شهر، فمعذورٌ هذا الإنسان في أن تكون حالُه في هذه الليالي مغايرةً لكلِّ ليالي العام، تَصوَّر أنَّ إنسانًا ينتظر صفقةً مؤكَّدة، ولكنها تحتاج منه إلى يقظةٍ ووَعيٍ وتركيزٍ، وشرطها ألَّا ينصرف عنها إلى سواها، وأيُّ صارفٍ يصرفه يَعني خسارةَ صَفقة العمر، فهل تراه يكون بحالٍ طبيعيَّة؟ ربما يبدأ الاستعداد لهذه الصَّفقة، وتنبع الحكايات من أوَّل يوم في العام، ينتظر هذا اليوم يوم الصفقة، لا يملُّ، فحاله كحال الذي يَبحث عن كنزٍ وهو متأكِّدٌ أنه سيكون في البقعة التي هو واقفٌ فيها وتحت صخرةٍ من الصخور المعدودة، فإذا توقَّف مع أول صخرة اقتلعها؛ فهذا يعني أنه أضاع كنزَه الذي ربَّما كان سيجده تحت الصخرة الثانية، أو تحت الصَّخرة ما قبل الأخيرة.

 

فما أجملَك يا ليالي العشر! وما ألذَّ نعيمَك لِمن فقه كيف يُحْيِيك، وكيف يشمر عن ساعد الجِدِّ، ويشدُّ مئزره، ويناجي خالقَه يفتح معه خطًّا تواصليًّا لا ينقطع! وحوارًا دائمًا لا يُمَلُّ، وأملًا لا ينكسر، يشدُّ عضده بالله، ويبدِّد أمواج الهمِّ بذكره، وينير مستقبله بتلاوة كتابه، فتستقر روحُه وتقول في هدأةٍ من ليل: الآن نَم قريرَ العين، صبرتَ فنلتَ الراحة الحقيقية الخالية من القلق، وسهرت ففقهت معنى وجودك، إنَّك الآن نفَيْتَ عن معدنك الذَّهبيِّ كلَّ صدأ، فعاد إليك بَريقُكَ السابق، عُدتَ قدوةً صافي النَّفس، طاهرَ الروح، نقيَّ القلب.

 

وهكذا تأتي بنا خاتمةُ الحكاية إلى باب وداع هذا المحبوب؛ رمضان، يا شهر الودِّ والنَّقاء، عرفنا الآن قيمةَ أن يكون العام كلُّه رمضان، شهدنا خيرَك وذُقنا حلاوتك، فوداعًا، ونرجو أن نكونَ ممَّن حملت بجَعبتك جوائزَ لهم تنجيهم يوم الحساب.

وداعًا يا ليالي العشر! ونرجو أن تكونَ صفحاتُكِ قد دُوِّنتْ فيها أسماؤنا ضمن قائمة المغفور لهم ما تقدَّمَ من ذنوبهم وما تأخَّر.

 

سنحكي في قابل الأيام ما فعلنا، وسنسترجع مع أنفسنا وأرواحنا وقلوبنا صورَ حكاياتنا معك يا ليالي العشر، ليت ما زوِّدنا به مِن غنيمة مِنْكِ يبقى وَقودًا لنا بعد رحيلك؛ لأنَّ هذه الفسحة الروحيَّة التي عشناها فيك نَعجِز عن تقديرها بقيمةٍ دنيوية، وهكذا كلُّ نفحةٍ من نفحات ربِّنا تتعرَّض لها أرواحُنا نرى أنَّها أعلى مِن مستوى المعاني اللُّغوية، فتعجز الكلمات الدنيوية عن الوصول إلى وَصْفها ورسمها، وما الكلمات إلَّا رسم معانٍ! ولكن الكلمات أحيانًا تعجز عن توضيح معالم المعنى إذا كان فوق دنيويٍّ... وهكذا كنتِ يا ليالي العشر، وإلى حكاياتٍ أخرى إنْ نَسَأ اللهُ في الأجَل مع ليالي عشر قادمة، وتقبَّل اللهُ طاعتكم، وكل عام وأنتم بخير.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة