مقدمة كتاب: النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان

مقدمة كتاب: النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان

الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّه الأمين، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه المختارين.

وبعد:

فهذه ومضات وقبسات وأخبار من حياة النَّبي صلى الله عليه وسلم وهديه في شهر رمضان المبارك، وكان عمَلي فيها وفق الخطوات الآتية:

1- تتبَّعتُها - على قدر ما تيسر لي الآن - في كتب السيرة والسنة.

2- رتبتُها على حسب تسلسلها من رمضان الأول في السنة الثانية من الهجرة إلى رمضان التاسع في السنة العاشرة، وقد صام النَّبي صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات.

3- اجتهدتُ في معرفة تأريخ ما لم يؤرَّخ، وأبديتُ بعضَ الآراء في ذلك، ومثلُ هذه الطريقة - حين يُربط الحدَث بزمانه ومكانه - تزيد الرواية وضوحًا، وتساعد على فهمٍ أدق وأفضل، وتثير كذلك بعضَ التساؤلات، كما سترى - أخي القارئ - في ثنايا هذه الرسالة؛ فإن وُفِّقت فالحمد لله، وإن أخطأت فأستغفره سبحانه.

وأرجو ممن يَقرأ هذا الكتاب المشاركة في استِكمال الأحداث، فثمَّ رمضانات لا نَعرف فيها عن حياة النَّبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، ولعلَّ التوسُّع في مراجعة المصادر يدلُّنا على أحداث أخرى، تغطِّي هذه المساحة الفارغة.

وقد أردتُ من هذا العمل أن أسهِم في إرواء ظمأ نفوس تتطلَّع إلى معرفة كليات حياة النبي صلى الله عليه وسلم وجزئياتها، وترجو أن تعيش لحظات مباركة سامية معه صلى الله عليه وسلم في سيرته العطرة المباركة؛ ومن ذلك أن تعرف كيف صام وأفطر، وقام وصلَّى، واعتكف وتعبَّد، وسافر وأقام، واستقبل الوفود وبلَّغ الدين، ونشر الإسلامَ وربَّى المسلمين، وكيف كانت حياته الشريفة التي ملأت الدنيا نورًا وسرورًا، وبهجة وحبورًا، وأشاعت في أجوائها عطرًا يفتح منافذَ القلوب، وأريجًا يَغسل صدأ النفوس، فصلَّى الله عليه وسلَّم، وبارك وعظَّم، وجزاه الله خير ما جزى نبيًّا عن أمَّته، وألهمنا التمسُّك بسنَّته، والتملي من سيرته، والعمل على نهجه وطريقته.

ولا شك أن العودة إلى السيرة النبوية، والكينونة مع النبي صلى الله عليه وسلم من خلالها، هي من أحسن الوسائل التي تزيد المسلم عزمًا وحزمًا، وبَصارة وبِشارة، وترتقي به في منازل سَيره اهتداءً واقتداء، ولا سيما اليوم ونحن نشهد أهوالًا وأوجالًا، وظلمات تريد الإطباق على القلوب والأرواح والنفوس.

وهذا الكتاب نواة لعمل كبير أرجو أن أُوفَّق - أو يُوفق أحد - للقيام به، وقد جاء مختصرًا موجزًا، وتحت كل فقرة كلام يطول، وأخبار ونصوص، وتعليق، ودروس وعِبر.

وإذا كان هذا خطوةً على الطريق فأرجو أن تَتبعها خطوات، والله المستعان.