• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / كورونا وفقه الأوبئة


علامة باركود

ذكرى الوباء (خطبة)

د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم


تاريخ الإضافة: 12/3/2020 ميلادي - 17/7/1441 هجري

الزيارات: 20177

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ذكرى الوباء

 

إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

أما بعد، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ﴾ [النساء: 1].

أيها المؤمنون، إن مما لا يصح الإيمان إلا بتحقيقه الاعتقادَ بأن كل ما يجري في الكون من خير ومصاب إنما هو قدَرٌ من الله نافذ؛ عَلِمه الله، وكتبه في اللوح المحفوظ، وشاء وقوعه، وخَلَقَه؛ فلا رادَّ لما قضى، ولا مانع لما أعطى. يقول الله – تعالى -: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة" رواه مسلم. ومقادير الله – سبحانه – جارية وفق حكمته البالغة وقدرته النافذة، وإن بدا في ظاهرها الضرر والألم. هذا، وإن من جملة هذه المقادير التي يبتلي الله بها عباده الأوبئةَ والأمراض التي يتسع نطاقها في الأرض ويعمُّ زماناً أو مكاناً؛ فإن لله فيها حِكماً بالغة ينبغي للمرء أن يستحضرها حين معايشته هذا البلاء؛ لينعم من خلال هذا الاستحضار بنعمة الله عليه من تفتيح بصيرته، ويقظة ضميره، وانكسار قلبه، وطمأنينة إيمانه؛ بل زيادتِه وتمتينِه وصلابتِه حين اختلَّت موازين مَنْ خفَّ الإيمانُ في قلبه أو انعدم، وتملَّك الذعرُ وجدانَه، وأرجف في الناس، وتوارى عن قلبه استحضار عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر وشعيرةُ المحاسبة.

 

عباد الله، إن في تقدير الأوبئة إظهاراً لعظيم قدرة الله وقهره، كما أن فيها تجليةً لهوان الخلق وشدة افتقارهم وضعف حيلتهم؛ حين أرعب فيروسٌ لا يُرى إلا بالمكبرات المجهرية دولاً كان لسان حالها يقول: من أشد منا قوة! فلم يغن عنها تفوقها الطبي ولا العسكري ولا السياسي ولا الاقتصادي شيئاً، وباتت تتسول مساعدة الغير في مكافحة الوباء! وفي هذه الأوبئة نُذر الاستعتاب الإلهي؛ ليراجع الناس علاقتهم بربهم، ويحاسبوا أنفسهم عن مدى قيامها بأمره، كما قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]. وصار هذا الوباء لأهل الإيمان كفارة وطهراً ورفعةَ درجة ومرضاةَ إله، بينما غدا على غيرهم وبالاً وعذاباً وسخطاً ربانياً، قالت عائشة – رضي الله عنها -: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فأخبرني: «أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمةً للمؤمنين؛ ليس من أحد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابراً محتسباً، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له؛ إلا كان له مثل أجر شهيد» رواه البخاري ومسلم، يقول ابن القيم: "وأكثر هذه الأمراض والآفات العامة بقيةُ عذابٍ عُذِّبت به الأمم السالفة، ثم بقيت منها بقيةٌ مُرْصَدَةٌ لمن بقيت عليه بقية من أعمالهم؛ حكما قسطاً، وقضاءً عدلاً، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله في الطاعون: «إنه بقية رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل»".

 

أيها المسلمون، إن لزوم المنهج الشرعي في التعامل مع بلاء الوباء من ألزم ما يجب العناية به؛ علماً، وعملاً، وتواصياً، وتذكيراً؛ إذ إنّ مَنْ قدّر البلاء بحكمته هو القادر على دفعه ورفعه بقدرته ورحمته، وهو المرشد لطريق التعامل معه والنجاة من شره. ومن أهم معالم ذلكم الطريق ملءُ القلب بزاد التوكل على الله وحسن الظن به، واستشعار رحمته وحفظه، وتسليم الأمر لحسن اختياره؛ فإن لذلك بالغَ الأثر في دفع البلاء ورفعه، والصبر عليه، وحسن عاقبته. وتجديدُ التوبة، والاعتراف بالذنب، والانكسار بين يدي المولى، والرجوع إلى طاعته، وتصحيح المسار إليه، وإظهار شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم ما يرفع البلاء، كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 42، 43]. واللهج بدعاء الله – سبحانه -، وتسبيحه، والضراعة إليه من أعظم ما يرفع الله به البلاء؛ إذ فيه خالص التوحيد من التبرؤ من الحوْل البشري وصدق التعلق بالحول الرباني، قال الشافعي: "لم أر أنفعَ للوباء من التسبيح". والصبر والاحتساب زاد عظيم لتخطي البلاء والظفر بغنيمته. والأخذ بالأسباب الوقائية والعلاجية دون تعلق بها من معالم التعامل الشرعي مع الأوبئة؛ فقد ثبت النهي النبوي عن إيراد الصحيح على ذي المرض المعدي، وعن دخول الأرض الموبوءة وخروج أهلها منها؛ لئلا ينتشر الوباء، كما ثبت الإرشاد النبوي بالتحصن بالأوراد والأذكار الشرعية، والمعالجة بالرقية المشروعة والصدقة. وتثبيتُ الناس، وتطمينُهم، وعدم الإرجاف فيهم وبثِّ الشائعات، وأخذُ الأمر واستقاءُ المعلومات من أهلها المختصين المعروفين من معالم التعامل الشرعي مع الأوبئة، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83].

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

أما بعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...

أيها المؤمنون، إن مما ينبغي استحضاره في بلاء الوباء حسنَ التفكر الذي به ينيب العبد إلى ربه؛ وذلك باستشعار عظيم نعمة عافيته؛ فذلك من أعظم ما يدفع العبدَ إلى حفظ تلك النعمة واستدراك ما فات منها أو نقص. وأن يتفكر في تعامل البشر الهائل مع ذلك المُصاب الدنيوي الفاني، ثم يقارنَ ذلك التعاملَ بتعاملهم مع مُصاب الدين الباقي؛ لينظرَ أيَّ التعاملين كان أكثر عند البشر حضوراً وهمّاً، وأيَّها كان أكثر عند الله حثاً وعزماً. كما أن من سمو التفكر في بلاء الوباء أن يسمو به فكر النفوس عن دار الغرور والأسقام إلى التفكر والشوق إلى دار الخلود والسلام، حين ينادي أهلَها مناديها - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم -: "ينادي مناد: إن لكم أن تصِحُّوا؛ فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا؛ فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبُّوا؛ فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا؛ فلا تبأسوا أبداً" رواه مسلم؛ فلا يكون زخرفُ هذه الدنيا وحسن زهرتها - مع يعتريه من تنغيص المصائب وسرعة انقضاء اللذات - مُنسياً العبدَ الاستعدادَ للدار الباقية الذي بها ثواؤه السرمديُّ الأبديّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة