• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / العيد سنن وآداب / مقالات


علامة باركود

المقامة العيدية

المقامة العيدية
عبدالله بن عبده نعمان العواضي


تاريخ الإضافة: 16/5/2020 ميلادي - 23/9/1441 هجري

الزيارات: 5941

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المقامة العِيدية


روى مسلم بن عبدالله قال: غربتْ شمسُ الثلاثين من رمضان، وملأ النفوسَ الفرحُ بإتمام عبادة الرحمن، فهلَّ علينا هلالُ العيد، وأشرق لنا ثغرُ اليوم السعيد، فألبسَ جسدَ الحياة بهجةً وألقا، وكسا الوجوهَ سروراً ورونقا، فبدا الزمانُ تَبرقُ أساريرُ مبسمه، وتلمع على جوانبه جِدّةُ موسمه، وكأنه غسلَ عنه غبار الدهر السالف، ونزعَ عنه أسمالَ الأحزان والمخاوف. فرأى أهلَه قد ألقوا عنهم الثيابَ العتيقة، وارتدوا الألبسة الجديدة الأنيقة، وأهدوا فلذاتِ الأكباد وسائل الفرح والإسعاد، وتوسعوا في المباحات، وأخذوا في الاستزادة من الملذات المشروعات، وتبادل الأقارب والأصدقاء، عبارات التهاني والدعاء.

 

هكذا كنا نعهد يوم العيد، قبل هجوم البلاء الجديد.

وبينا أنا في عصر هذا اليوم أقرأ رسائل الأحباب، وأحبِّر في الرد عليها لطيف الجواب، إذ سمعت طرق الباب بلا إيذان، فقلت: من زائرنا في هذا الأوان؟!

 

فمضيت إلى باب الدار والعَجَب يملكني، واليقين بتعيين زائري لا يسعفني، فقلت مَنِ الطارقُ الكريم، في هذا اليوم العظيم؟ فقال: السلام عليك ورحمة الله، هذا صديقك الذي تحب رؤياه.

 

ففتحت الباب فإذا هو شيخنا أبو الحارث العالم، صاحب الفضائل والمكارم.

فقلت: هذا عيدٌ توِّج بعيد، ويوم سعيد أَتم سعدَه ضيفٌ مجيد، فأهلاً بزائر لا يُمَل، ونازلٍ لا يُستثقل.

 

ففرشتُ لضيفي العزيز على وجهي المحبةَ والابتسام، وعلى صدري الإجلال والإعظام، ثم شرعنا في نشر طيِّ الحديث المحبوب، وفضِّ ختام القول المرغوب.

 

فقال: إن هذا اليوم هو بسمة الأيام، وغيثُ السعادة من جدب العام، وعطية لمن أجادوا العبادة في رمضان، وتسابقوا إلى رياض الثواب والغفران، فليس لمن أساء في شهر الصوم عيد على الحقيقة، ولا فرحةٌ كفرحة من أحسنوا فيه الطريقة.

 

في هذا اليوم شرع الله عباداتٍ تزيد الحسنات، وتمحو السيئات، وتعقد عُرى المحبة بين المسلمين، وتحلّ عقد البغض بين المتشاحنين، وتنزلهم منازل السرور، وتلقي على قلوبهم مباهج الحبور؛ فأمر بصدقة الفطر قبل الذهاب إلى الصلاة، إسعاداً للفقير وإطفاء لجذوة بلواه، ودعا عباده للخروج إلى المصليات الفِساح، لأداء صلاة العيد في تلك البطاح، فيلتقي المسلم بأخيه، فيصافحه ويحييّه، ويهدي إليه ابتسامة الوداد، ويفارقه على عهد التواد.

 

وفي هذا اليوم تُوصل الأرحام، ويَفيض الكريم بعطائه على الأرامل والأيتام، ويتزاور الأقارب والجيران، والأصدقاء والخلان.

 

فقلت: لكننا في هذا العام لم نجد للعيد حسن ما ذكرت، ولا ألفينا شواهد مما تحدثت، فلم نذق في رمضان لذةَ الصيام، ولا حلاوة الاجتماع في المساجد للقيام، وعلى إثر ذلك جاء هذا اليوم وبساطُ السعادة مطوي عنا، وطائر الراحة قد أجفلَ منا.

 

فقال: صدقت، فوباءُ كورونا قد كرَّ بخيلِه ورَجِلِه، فنشر في المجتمعات طلائع عِلله ووجَلِه، فبدَّد جمع الارتياح، وسلبَ من الناس حقوقَ الأفراح، فصاروا في عزلة اجتماعية، وإقامة بيتية؛ خشية العدوى، وتفشي هذه البلوى، فلم تعد المساجد تجمعهم، ولا المجالس تلمُّ فرحتهم، ولا الحدائق تنفِّس كربتهم، ولا لقاءات الأصحاب تخفِّف غُربتهم، فصارت مجامع حياتهم أوحشَ من طللٍ مُقفر، وأوجلَ من بيت مُصفِر، وأضحى هذا العيد أرخصَ من قاضي مِنَى[1]، بعدما كان أغلى أيامِ الهناء، وأمسى أمرَّ من الحنظل، بعدما كان أحلى من المُنى وأفضل.

 

فغدا الناس وحوشًا بعد الاستئناس، متنافرين بعد الإيناس، سجناء ولكن في الدور، ينتظرون في تلك القبور، تباشير النشور، بذهاب المحذور.

 

فقد والله" جَرَى الْوَادِي فَطَمَّ عَلَى القَرِيِّ"[2]، ولا تكاد تسمع في الناس إلا شجيًا يشكو إلى شجي.

 

فأي عيد أتى عليهم وهم في تلك الحال، وأي فرحة ستغمرهم وقد صاروا إلى ذلك المآل؟

 

فكأنهم يقولون اليوم:

[عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيد
بمَا مَضَى أمْ لأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ (فالأدواءُ) دونَهُمُ
فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ]
لم يترك المرض المُعدي لنا فرحًا
إلا وكدّره ضيقٌ وتنكيدُ
فيما مضى كانت الأفراحُ تجمعنا
في عيدنا وبه تحلو الأناشيد
ونلتقي وظِلالُ الحبِّ تُبرِدنا
والسعدُ يغمرنا والأُنسُ موجود
ونمتطي بهلال العيد أجنحةً
إلى السرور ونهرُ السعد مورود
واليوم لا فرحٌ يبدو ولا شغَفٌ
بالعيد حين بدا في الناس كوفيد

 

ثم قال: لكننا نطمع بفضل الرب الكريم، ورحمة الرحمن الرحيم، ليزيل عنا هذا البلاء، ويكشف عن ساحنا هذا الوباء، وحينئذ ستأتي الأفراح بعد الأتراح، ويشرق صبح العافية، برحيل ليالي الداء الداجية، ويعود علينا العيد كما عهدناه سعيدا، ويضحي الغم عن زمنه بعيدا.

 

فقلت: ما أحسن ما وصفت، وأجمل ما به وعظت، فقد جلوت الأمر على حقيقته، وحكيت عن حاله وسليقته، ووضحت المسألة وضوحا، وتركت باب الرجاء مفتوحا، فكم لله من فضل في كشف البلايا، وبَسْط يده بالعطايا، وطيِّ بُسُط الرزايا، وحينئذ يعود وجه الحياة براق الثنايا.

 

ثم ودعني وهو ينشد:

يا ربّ إنَّا سائلوكَ المخرجا
مما دهانا من بَلا وأزعجا
وكدَّر اليومَ الجميل المبهجا
حتى دجا وكان قبلُ أبلجا
والقلبُ من جمر العنا توهّجا
حتى اكتسى في عيده لونَ الدجا
وحارَ في هذي البلية الحجا
حتى غدت على الورى مثلَ الشجا
فيا إلهي أنتَ نِعم الملتجا
وفيك يا ربَّ البرية الرجا
أرسل إلينا بعد هذا فرجا
يطوي بساطَ ليلنا الذي سجا


[1] وذلك أنه كان يصلي بهم، ويَقْضي لهم، ويَغْرَمُ زيتَ مسجدهم من عنده!!. مجمع الأمثال (1/ 317).

[2] يضرب عند تجاوز الشر حده.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة