• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / ملف الحج / خطب الحج


علامة باركود

قوافل الحجيج

الشيخ خالد بن أحمد المسيطير


تاريخ الإضافة: 12/9/2009 ميلادي - 22/9/1430 هجري

الزيارات: 23884

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قوافل الحجيج

 

أيّها النَّاس:

إنَّ الله فرض فرائضَ فلا تضيِّعوها، وسنَّ سننًا فلا تتركوها، وإنَّ الله تبارك وتعالى قد فرض على عباده الحجَّ فريضةً من أكبر وأعظم الفرائض، الحجّ هو تلك الرِّحلة الفريدة في عالَم الأسفار والرحلات، ينتقل المسلم فيها برُوحه وبدنه وقلبه إلى البلَد الأمين لمناجاة ربِّ العالمين.

 

ما أرْوعها من رحلة! وما أعظَمَه من منظر يأخذ الألباب! فهل شممتَ عبيرًا أزْكى من غبار المُحْرمين؟!

 

وهل رأيت لباسًا قطّ أجْمل من لباس الحجَّاج والمعتمرين؟! هل رأيت رؤوسًا أعزَّ وأكرَم من رؤوس المحلّقين والمقصّرين؟! وهل مرَّ بك ركبٌ أشرف مِن ركب الطَّائفين؟! وهل سمعْتَ نظمًا أرْوع وأعْذب من تلبية الملبِّين، وأنين التَّائبين، وتأوُّه الخاشعين، ومناجاة المنكسِرين؟!

فَأَجِيبُوا إِجَابَةً
لَمْ تَقَعْ فِي المَسَامِعِ
لَيْسَ مَا تَصِفُونَهْ
ووليائي بِضَائِعِ
تَاجِرُونِي بِطَاعَتِي
تَرْبَحُوا فِي البَضَائِعِ
وَابْذُلُوا لِي نُفُوسَكُمْ
إِنَّهَا فِي وَدَائِعِي

 

فكان في إيجابه تذكيرٌ ليوم الحشر، بمفارقة المال والأهْل، وخضوع العزيز والذَّليل، في الوقوف بين يديْه، واجتماع المطيع والعاصي، في الرَّهبة منه والرَّغبة إليه، مرَّة في العمر، وهو الرّكن الخامس من أرْكان الإسلام، إنَّ الله بيَّن ذلك في كتابه وفي سنَّة رسولِه صلَّى الله عليْه وسلَّم ووضع الأجْرَ العظيم والكبيرَ لمن فعله مخلصًا لله وحده، ومَن تركه تهاونًا وهو قادر فعليْه الوعيد الشَّديد، فبادر يا مَن أنت مقتدر قبْل انقطاع العمر والعمل.

 

عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه قال: سُئِل رسولُ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم: أيّ العمل أفضل؟ قال: ((إيمان بالله ورسولِه)) قيل: ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)) قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حج مبرور))؛ متَّفق عليه.

 

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((مَن حجَّ فلم يرفث ولم يفسُق رجع كيوم ولدتْه أمُّه))؛ متَّفق عليه.

 

وعنْه رضِي الله عنْه قال: إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم قال في الحديث الطَّويل: ((والعُمرة إلى العمرة كفَّارة لما بيْنهما إذا اجتنبت الكبائر، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنَّة))؛ متفق عليه.

 

أحبَّتي في الله:

ننقل السياق الآنَ إلى مواكب الحجيج وإقْلاع أهل المعاصي عمَّا اجترحوه، وندم المذْنبين على ما أسْلفوه، فقَلَّ مَن حجَّ إلاَّ وأحدث توبة من ذنب، وإقلاعًا عن معصِية؛ ولذلك قال بعض السَّلف: "من علامة الحجَّة المبرورة أن يكون صاحبُها بعدها خيرًا منه قبلها".

 

وهذا صحيح؛ لأنَّ النَّدم على الذنوب مانع من الإقدام عليْها.

يا لجلال الموقف! ويا للروعة والعظمة! السَّماء هناك في مهرجان نوراني يتنزَّل فيه الرُّوح والملَك، سبحانك ربِّي، ما أعظمك وأعدلك! حين شرعت لنا هذا المنسكَ العظيم الَّذي تتجلَّى فيه رُوح المساواة والوحْدة، والسَّلام والمساواة واضحةً جليَّةً؛ فالجميع قد طرحوا الملابِس والأزْياء وظهروا في زيٍّ واحد، الغنيّ والفقير، والأمير والحقير، والطَّائع والعاصي.

 

والوحْدة ترى معناها في الحجِّ واضحًا جليًّا كالشَّمس، ناصعًا كالبدر، وحْدة في المشاعر ووحدة في الشعائر، لا عنصريَّة ولا عصبيَّة للونٍ أو جنسٍ أو طبق.

 

إنَّها مرفوضة في الإسلام، النَّاس من آدم وآدم من تراب، لا فضْل لعربيٍّ على أعجمي ولا أبيض على أسود إلاَّ بالتقْوى.

أَرَى النَّاسَ أَصْنَافًا وَمِنْ كُلِّ بُقْعَةٍ
إِلَيْكَ انْتَهَوْا مِنْ غُرْبَةٍ وَشَتَاتْ
تَسَاوَوْا فَلا أَنْسَابَ فِيهَا تَفَاوُتٌ
لَدَيْكَ وَلا الأَقْدَارُ مُخْتَلِفَاتْ

 

ولا بدَّ لِلمسلمين أن يحقِّقوا معنى التَّوحيد والوحْدة.

التَّوحيد حقّ لله عزَّ وجلَّ والوحْدة حقّ الجماعة المسلِمة؛ ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92]، ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ﴾ [آل عمران: 103].

 

ومن دروس الحج أنَّه يذكِّر الإنسان باليوم الآخر؛ فالإنسان منذ أن يَخلع ملابسَه ويلبس ملابِس الإحْرام البيْضاء، فإنَّ ذلك يذكِّره باليوْم الآخِر والَّذي يجرّد فيه ملابسه بعد موتِه، ويكفَّن في قطعة من القماش الأبيض، وقبل ذلك سفره عنِ الأوْطان ووداعه الأهلَ والأبناءَ والأقاربَ راحلاً للحج، فينبغي أن يذكِّره بسفره الأخير إلى الدَّار الآخرة، على المسلِم أن يتذكَّر بزحمة الطَّواف والسَّعي والرَّمي ذلك الزّحام الرَّهيب يوم يقوم النَّاس لرب العالمين، يوم يَجمع الله الأوَّلين والآخِرين في صعيدٍ واحد، وأن يتذكَّر بحرارة الشَّمس في مكَّة يومًا تدنو الشَّمس فيه على رؤوس الخلائق قدْر ميل، وأن يتذكَّر بالتَّعب والضنك والعرَق المتصبِّب من على جسدِه وأجساد النَّاس من حوله، ذلك اليوم الرَّهيب والموقف المهول يوم يبلغ النَّاس في العرق مبلغًا عظيمًا يَختلفون فيه بحسب أعمالِهم وإيمانِهم.

 

وعلى المسلِم أن يتذكَّر بوقوفِه يوم عرفة وقوفَه بين يدَي الله عزَّ وجلَّ.

 

أيُّها الإخوة المسلمون:

لنتذكَّر جميعًا أطْهر نفسٍ أحْرمت، وأزْكى روح هتفتْ، وأفضل قدمٍ طافت وسعَت، وأعذَب شفة نطقتْ وكبَّرت وهلَّلت، وأشرف يدٍ رمَت واستلمتْ، هنا تتراءى لنا تلك الرَّوعة، حيث ينقل خطاه في المشاعِر، ينتقل مع أصحابِه ومحبِّيه مردِّدين تلك النغمة الرَّائعة، ومترنِّمين بتلك العبارات الناصِعة: "لبَّيك اللهمَّ لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك، إنَّ الحمد والنِّعْمة لك والملك، لا شريكَ لك".

 

يتقدَّم صلَّى الله عليْه وسلَّم في إحرامه الطَّاهر وقلبِه الخاشع، يتقدَّم في قولبه الباصِر وخُلقه المتواضع، يتقدَّم إلى حيث ذكرياتُ جدِّه أبي الحنيفية، ومُرْسي دعائم هذا البيْت العتيق، وجنبات الحرم تدوِّي بالتَّهليل والتكبير: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، كلمات التَّلبية وعبارات التَّوحيد تملأُ المكان وتطرِب الزَّمان، وتتصاعد في إخْلاصها إلى الواحد الدَّيَّان، هنا يقترِب الرَّسول صلَّى الله عليْه وسلَّم من الحجَر الأسْود ليقبّله قبلةً ترتسِم على جبينه، درَّة مضيئة على مرِّ السّنين، لَم يتمالك نفسَه صاحب النَّفس الخاشعة والعين الدَّامعة، فينثر دموعه مدرارًا وتتحدَّر على خدّه الشريف المشرق - صلَّى الله عليْه وسلَّم.

 

هنا كان عُمر بن الخطَّاب يتابع الموقِف بلهْفة وتعجُّب: يا رسولَ الله لماذا تبكي؟ يُكفْكف دُموعه الطَّاهرة صلَّى الله عليْه وسلَّم ويُجيب صاحبَه الوفيَّ بعبارات هادئة خاشعة باكية، قائلاً: ((هُنا تسكب العبرات يا عُمر)).

 

أسألُ الله تبارك وتعالى أن يصلحني وإيَّاكم ظاهرًا وباطنًا، سرًّا وعلانية، وأن يَجعلنا من المتَّقين المهتدين، الَّذين سلك بهم صراطَه المستقيم وهداهم إلى البرّ العميم والأجر العظيم.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفِر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغْفِروه وتوبوا إليه، إنَّه هو التوَّاب الرَّحيم.

 

الخطبة الثانية

اللَّهمَّ لك الحمد حتَّى ترضى، ولك الحمْد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرِّضا، لك الحمد عدد الكائنات وملْء الأرض والسموات.

 

اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على النعْمة المهداه والمنَّة المسداة، على مَن بعثته رحمةً للعالمين، وقدْوة للسَّالكين، وإمامًا للمتَّقين، وخاتمًا للمرْسلين، وعلى آلِه وصحْبِه أجمعين.

 

أمَّا بعد:

أيُّها النَّاس، خرَّج البخاري من حديثِ ابن عبَّاس رضِي الله عنه عن النَّبيّ صلَّى الله عليْه وسلَّم قال: ((ما من أيَّام العمل الصَّالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيَّام)) - يعني أيَّام العشْر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله؛ إلاَّ رجل خرَج بنفسِه ومالِه ثمَّ لَم يرجِع من ذلك بشيء)).

 

فالغنيمةَ الغنيمةَ بانتِهاز الفرْصة في هذه الأيَّام العظيمة، فما منها عِوَض ولا لها قيمة، المبادرة المبادرةَ بالعمَل، والعجَل العجل قبل هجوم الأجل، قبل أن يندم المفرِّط على ما فعل، قبل أن يسأل الرَّجعة ليعمل صالحًا فلا يُجاب إلى ما سأل، قبل أن يحول الموت بين المؤمِّل وبلوغ الأمَل، قبل أن يصير المرء مرتهنًا في حفرته بما قدَّم من عمل.

 

أيُّها النَّاس:

وصلُّوا وسلِّموا على مَن أمركم بالصَّلاة والسَّلام عليْه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].

 

ويقول عليه الصَّلاة والسَّلام: ((مَن صلَّى عليَّ صلاة واحد صلَّى الله عليه بِها عشرًا)).

 

اللَّهمَّ صلِّ على نبيك وحبيبك محمَّد صلَّى الله عليْه وسلَّم.

 

عبادَ الله:

إنَّ الله يأمركم بالعدْل والإحسان وإيتاء ذي القُرْبى، وينْهى عنِ الفحْشاء والمنكر والبغْي، يعِظكم لعلَّكم تذكَّرون، فاذْكروا الله العظيم يذكركُم، واشْكُروه على نعمِه وآلائه يزِدْكم، ولذِكْر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة