• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / ملف الحج / خطب الحج


علامة باركود

خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال

خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي


تاريخ الإضافة: 21/5/2025 ميلادي - 23/11/1446 هجري

الزيارات: 17263

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عشرُ ذي الحِجَّة: فَضائلُ وأَعْمَال

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

١- عِبَادَ الله: ألا إنَّ لربكم في أيَّامِ دهرِكُمْ لنفحاتٌ فتعرضُوا لها، فليشمر كلٌّ منَّا عن ساعدِ الجدِّ، وليعدَّ العدةَ لاستقبالِ الأيامِ العشرِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، استقبالًا يليقُ بمكانتِهَا عندَ اللهِ، حَيْثُ أقسمَ بِهَا فِيْ كتابِهِ العزيزِ، فَقَالَ – سُبْحَانَهُ -: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ ومنها مَوْسِمُ الحَجِّ العَظِيْمِ، وَالعملُ فيهَا عظيمٌ، قالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فمَعَ عِظَمِ الجِهَادِ عِنْدَ اللهِ؛ إلاَّ أنَّ عَمَلَ العَامِلِ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أفضلُ مِنْ جِهَادِ مُجَاهِدٍ فِي سبيل الله، بقيةِ شُهُورِ العامِ.

 

2- وَمِنْ أَعْظَمِ الأَعْمَالِ التي يُمكِنُ أنْ يُؤديَهُ المُسلِمُ فِي هذه الأيَّامِ العَشْرِ:

أولًا: الْحَجُّ: وهُوَ ركنٌ مِنْ أركانِ الإسلامِ، قَالَ – صَلَى اللهُ عليهِ وَسَلمَ-: «مَنْ حَجَّ للهِ فلمْ يَرْفُثْ ولمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كيومِ ولدَتْهُ أُمُّهُ» رواه البخاري. وقالَ – صَلَي اللهُ عليهِ وسلَمَ-: «أفضلُ الجهادِ حجٌّ مبرورٌ» رواهُ البخاريُّ.

 

ثانيًا: التَّكبِيرُ: حيثُ أمرَ اللهُ سبحانَهُ أنْ يذكرُوهُ فِي أيَّامٍ معلوماتٍ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهما: «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا». رواهُ البخاريُّ.

 

ثالثًا: الصِّيامُ:

1- صيامُ يومِ عَرفةَ لقولِهِ – صَلَى اللهُ عليه وَسَلَّمَ - صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ " رواه مسلمٌ،

 

2- صيام الثمان أيام الأول قبل عرفة: لأنَّ الصيامَ منْ أحبِّ الأعمالِ إلَى اللهِ؛ فهُوَ دَاخِلٌ فِي الأعمَالِ الصَّالِحَةِ التِي يُحِبُّهَا اللهُ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ.

 

وأمَّا استدلاَلُ البعضِ بعدمِ استحبابِ صيامِ العشرِ لِمَا رَوَاهُ الإمَامُ مسلمٌ مِنْ قولِ عائشةَ - رَضِيَ اللهُ عنهَا -: مَا رَأيتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- صَائِمًا العَشْرَ قَط " فلا يُفهمُ منهُ عدمُ صِيامِ العشْرِ عَلَى إطلاقِهِ: لسببينِ:

السَّبَبُ الأَوَّلُ: أَنَّ الرسولُ -صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمًا كَثِيْرًا-: حَثَّ علَى صيامِ يومِ عَرَفَةَ لغيرِ الحَاجِّ، وهُوَ منَ العشرَ قطعًا، فدلَّ علَى عدمِ أخذِ حديثِ عائشةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- عَلَى إِطْلاقهِ.

 

السَّبَبُ الثَّانِي: انه ثَبَتَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِه رضي الله عنها: أَنَّهَا قَالَتْ:" كَانَ رَسُول اللهِ صَلَى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ يَصُوْمُ تِسْعَ ذِيْ الحِجَّةِ وَيَوْمُ عَاشُورَاء. وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ كُلِّ شَهَر، أَوَّلُ اثْنَيْن مِنَ الشَّهْرِ، وَالخَمِيْسِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، أخرجه أبو داود (2437) وسكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة: كُلُّ مَا سَكَتَ عنهُ فَهُوَ صَالِحٌ]، وَصَحَّحَهُ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ.

 

وَالجَمْعُ بَيْنَهَا مَا يَلِي:

أوَّلًا: أَنَّ عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها- أَخبَرَتْ بِمَا عَلِمَت، وأَخبَرَ غيرُها بخلافِ خبرِها، ومَن عَلِمَ حُجَّةٌ عَلَى مَن لَمْ يَعلَم، والمُثبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّاف

1- وهناك قَاعِدَةٌ مَعْلُومَةٌ: بِأَنَّ القَول مُقَدَّمٌ عَلَى الفِعل، وحديثُ ابنِ عبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-مِنْ بابِ القَولِ، وحديثُ عائشةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- مِنْ بابِ الفِعلِ، فيُقَدَّمُ القَولُ لاحتمالِ خصوصيَّةِ الفِعْلِ، أو لوجودِ عُذرٍ، ونحوِه.

 

2- قَالَ الإمامُ أحمدُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَرَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ-: فِيْ الجَمعِ بينَ ما ظاهِرُهُ التَّعارُضُ بين هذين الحديثَين: "بأن المُثبِتُ مُقَدَّمٌ على النَّافي". الشَّرحِ المُمتع (154/6).

 

ثانيًا: وَكَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ حدِيثِ عائشةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-:

1- أنَّهُ مَا صَامَ جميعَ أيـَّامِ العَشْرِ، وليسَ المقصودُ أنَّهُ مَا صَامَ مِنَ العشرِ شيئًا، وَالْدَلِيْلُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ عَرَفَةَ، وَهِيَ مِنَ العَشْرِ.

 

2- وَكَذَلِكَ خَبَرُ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ التِّسْعَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ،

 

ثالثًا: القَولُ الصَّادِرُ من رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-والمُوَجَّهُ إلى الأُمَّة، هو شريعةٌ عامَّة، أمَّا الفِعلُ الذي يَفعَلُهُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم تَسْلِيْمًا كَثِيرًا- يكونُ شريعةً عامَّةً، إذا لم يُعارِضْهُ مُعارِض، وقد يكونُ خاصًّا به -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- إِذَا ظَهَرَ مَا يُعَارِضُهُ.

 

رابعًا: يُحتَمَل أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- تَرَكَ صيامَ هذهِ الأيَّامِ لِعَارِضٍ من سفرٍ، أو مرضٍ، أو شُغلٍ، ونحوِه، فَحَدَّثَتْ عائشةُ -رضيَ اللهُ عنها- بما رَأَتْ.

 

خَامِسًا: قال النَّوويُّ -رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ-: "قال العلماءُ: هو مُتَأَوَّلٌ على أنَّها لم تَرَهُ، ولا يَلزَمُ من ذلك تَرْكُهُ في نفسِ الأَمْرِ؛

1- لأنَّهُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- كَانَ يكونُ عندَهَا فِيْ يومٍ مِنْ تِسعةِ أيَّامٍ، وَالبَاقِي عندَ بَاقِي أُمَّهاتِ المؤمِنِيْنَ، رضيَ اللهُ عَنْهُنَّ.

 

2- أَو لعلَّهُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- كان يَصومُ بَعضَهُ فِيْ بعضِ الأوقاتِ، وكُلَّهُ فِيْ بعضِها، ويَترُكُهُ فِيْ بعضِها لِعَارِضِ سفرٍ، أو مرضٍ، أو غيرِهِمَا، وبهذا يُجمَعُ بَيْنَ الأَحَادِيْثِ. انْتَهَى مِن المَجْمُوعِ (6/ 441).

 

سَادِسًا: قال الحافظُ ابنُ حجرٍ - رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ- الله: "واستُدِلَّ بحديثِ ابنِ عبَّاس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَلَى فضلِ صيامِ عشرِ ذي الحجَّةِ، لِانْدِراجِ الصَّومِ فِيْ العَمَلِ". فَتْحِ البَارِي (٢/٤٦٠).

 

سَابِعًا: سُئِلَ شيخُنا ابنُ عثيمين -رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ-: هَلْ وردَ عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- صيامُ عشرِ ذي الحِجَّة كاملةً؟ فأجاب:

1- "وَرَدَ عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- ما هو أبلغُ من أن يَصومَها، فقد حَثَّ على صيامِها بقولِه -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-"ما من أيَّامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العَشْرِ".

 

2- ومنَ المعلومِ أنَّ الصيامَ من أفضلِ الأعمالِ الصالحة، أمَّا فِعلُهُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- فَقَدْ جَاءَ فِيْهِ حَدِيْثَان:

الحَدِيثُ الأَوَلُ: حديثُ عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- "ما رَأَيْتُ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- صامَ العشرَ قَطُّ".

 

الحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيْثُ حَفْصَةٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: "إنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- لم يكنْ يَدَعُ صيامَها".

 

وإذا تعارَضَ حَدِيْثَانِ، أحدُهما يُثبِتُ، والآخرُ يَنفِي، فالمُثبِتُ مُقَدَّمٌ على النَّافي. وَلِهَذَا قَالَ الإمامُ أَحْمَدُ: حديثُ حَفْصَة مُثبِت، وحديثُ عَائِشَة نَافٍ، والمُثبِتُ مُقَدَّمٌ على النَّافي. ثُمَّ قَالَ: وَأَنَا أُريدُ أن أُعطِيَكَ قَاعِدَة:

 

(إِذَا جاءتِ السُّنَّةُ في اللَّفظ، فخُذْ بما دلَّ عليهِ اللَّفظ، أمَّا العملُ، فليسَ مِن شرطِه أن نعلمَ أنَّ النبيَّ -صلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمًا كَثِيْرَا- فَعَلَهُ، أو فَعَلَهُ الصَّحَابَة-رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أَجْمَعِيْن- وَلَو أنَّنا قُلْنَا: لَا نَعملُ بالدليلِ إلَّا إِذَا عَلِمْنَا أنَّ الصحابةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أَجْمَعِيْن- عَمِلُوا بِهِ، لَفَاتَتنَا كثيرٌ مِنْ العِبَادَاتِ. وَلَكِن أمامَنا لَفْظٌ، وَهُوَ حُجَّةٌ بالغةٌ وصلَ إِلَيْنَا، يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعملَ بمَدلولِه، سواءٌ عَلِمْنا أنَّ الناسَ عَمِلُوا بهِ فِيْمَا سَبق، أَمْ لَمْ يَعْمَلُوا."لقاءِ البابِ المَفْتُوحِ" (12/ 92)

 

رابعًا: الصَّدَقةُ، خاصة على الأقارب، والجيران، والفقراء.

 

خامسًا: تِلَاوَةُ الْقُرْآن وَالْإِكْثَار مِنَ الْأَذْكَارِ وَالْتَنَفُل.


سادسًا: الدُّعاءُ، فهو من أجل العبادات، قال الله تَعَالَى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان: 77]، قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الدُّعاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ»؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوودَ، والتِّرْمِذيُّ، وابنُ مَاجَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

 

سَابِعًا: عِبَادَ اللهِ: فَعَلَى المُسْلِمِ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ فِي هذِهِ العَشْرِ عُمُومًا، كَحُضُورِ مَجَالِسِ العِلْمِ، وَصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَنِ، وَالإِكْثَارِ مِنَ النَّوَافِلِ، فَيُصِيبَ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ بِسَهْمٍ، وَلا يُفَوِّتَنَّ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الخَيْرِ.

 

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبَادَ الله: وَمِنَ الأَعْمَالِ الَّتِيْ يَنْبَغِي الحِرْصُ عَلَيْهَا فِيْ عَشْرِ ذِيْ الحِجَّةِ: نَحْرُ الأَضَاحِي.

 

وَقَدْ دَلَّت الأَدِلَّةُ عَنْ نَبِيِّ الهُدَى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمًا كَثِيْرَا- عَلَى ذَلِكَ، وَمِنْ ذَلِكَ:

1- مَا ثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: «نَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ»؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

2- وعَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، ألاَّ يأخذَ منْ شعرِهِ ولا منْ أظفارِهِ شيئًا، إِذَا دَخَلَت العَشْر حَتَّى يضحِيَ، سَوَاءٌ كَانَ شَعَرَ الرَّأْسِ أَوْ شَعَرَ الْإِبِطِ؛ أَوْ الْعَانَةِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ؛ سَوَاءٌ كَانَ ظُفْرَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ، حَتَّى يَذْبَحَ أُضْحِيَتَهُ.

 

3- وَلِقَولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَمَا فِيْ الصَّحِيْحِ: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ، فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ، وَلَا مِنْ بَشَرِهِ شَيْئًا».

 

4- وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أَهْلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعَرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ».

 

5- فَيَلْزَمُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ وَالِدَيْهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، أَلَّا يَأْخُذَ مِنْ شَعَرِهِ، أَوْ أَظْفَارِهِ، أَوْ مِنْ بَشَرَتِهِ شَيْئًا إِذَا دَخَلَ شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ.

 

أَمَّا الْوَكِيلُ، وَمِنْ يَتَوَلَّى الذَّبْحَ مِنْ جَزَّارٍ وَغَيْرِهِ؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ حَرَجٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَعَرِهِ، أَوْ بَشَرَتِهِ، أَوْ أَظْفَارِهِ.

 

6- وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَى الْبَعْضِ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَتْ: «فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ».

 

7- قَالَ الإمام أَحْمَدُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - هُوَ عَلَى الْمُقِيمِ الَّذِي يُرْسِلُ بِهَدْيِهِ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْهَدْيِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ شَيْئًا، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ، وحَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فِي مِصْرِهِ، حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْهُ الْأَثْرَمُ.

 

8- وَقَالَ يَحْيَى بن سعيد: «وَلَا تُضْرَبُ الْأَحَادِيثُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ: فَيُعْطَى كُلُّ حَدِيثٍ وَجْهَهُ»، وَالْوَاجِبُ عِنْدَ التَّعَارُضِ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ النُّصُوصِ مَا أَمْكَنَ، وَهُوَ هُنَا مُمْكِنٌ بِلَا تَعَسُّفٍ بِفَضْلِ اللَّهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- لَهُ سَبَبٌ، وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانَ يَرَى أَنَّ مَنْ بَعَثَ الْهَدْيَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمُحْرِمِ؛ كَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- فَكَانَ كَلَامُهَا رَدًّا عَلَى ذَلِكَ.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ بِحِفْظِكَ، وَأَحِطْهُمْ بِعِنَايَتِكَ، اللَّهُمَّ وَفِّق وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى. وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى؛ وَأَصْلِحْ بِهِمَا البِلَادُ وَالعِبَادُ. اللَّهُمَّ احْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْإِيمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَام، وَالْخَيْرَات، وَالِاقْتِصَاد، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُم، وَانْصُرْهُم عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنَا، وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا.

 

اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِكُلِّ مَنْ يُرِيْدُونَ، ويَسْعَوْنَ لِزَرْعِ الفِتْنَةِ فِيْ بِلَادِنَا، اللَّهُمَّ اكْفِ بِلَادِنَا شَرَّهُم، وَشَرَّ جَمِيْعِ الأَشْرَارِ، وَكَيْدَ الفُجَّارِ، وَمَكْرَهُم، وَاجْعَلْ مَكْرَ كُلّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا بِشَرٍّ بَنَحْرِهِ،

 

اللَّهُمَّ احْفَظْ لِجَمِيعِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، الْأَمْنَ وَالْإِيمَانَ، وَاكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارهِمْ، الَّذِينَ يَسْعَوْنَ لِزَرْعِ الفِتْنَةِ فِي بُلْدَانِهِمْ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،اللهمَّ أعنِّي على ذكرِك وشكرِك وحسنِ عبادَتِك،اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ العفو والْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ وَفِّق الْقَائِمِينَ عَلَى مَصَالِحِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ ، مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ الْمَسْؤُولَةِ، الْأَمْنِيَّةِ،، وَالدِّينِيَّةِ، وَالصِّحِّيَّةِ،وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَالْخِدْمِيَّةِ، وجميع الحملات ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ فِي رِضَاكَ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَمْكُمُ الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة