• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / ملف الحج / يوم عرفة والأضحية


علامة باركود

حكم الأضحية

حكم الأضحية
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف


تاريخ الإضافة: 17/6/2024 ميلادي - 10/12/1445 هجري

الزيارات: 1628

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ

 

قَالَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-:[وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ، وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا، وَسُنَّ أَنْ يَأْكُلَ، وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ أَثْلَاثًا، وَإِنْ أَكَلَهَا إِلَّا أُوقِيَةً تَصَدَّقَ بِهَا جَازَ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا، وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعَرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ شَيْئًا].

 

وَالْكَلَامُ هُنَا فِي فُرُوعٍ:

الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ).

 

أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ[1]، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهَا عَلَى أَقْوَالٍ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، يُكْرَهُ لِلْقَادِرِ تَرْكُهَا، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ الْعِلْمِ[2]؛ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»[3]، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّقَ الْأُضْحِيَّةَ بِالْإِرَادَةِ، وَالْوَاجِبُ لَا يُعَلَّقُ بِالْإِرَادَةِ، كَذَلِكَ ثَبَتَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَمَا يُضَحِّيانِ عَنْ أَهْلِهِمَا؛ خَشيَةَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِمَا، فَلَمّا جِئْتُ بَلَدَكُمْ هَذَا حَمَلَنِي أَهْلِي عَلَى الْجَفَاءِ بَعْدَ مَا عَلِمْتُ السُّنَّةَ» أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ[4]؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَلِمَا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- خِلَافُ ذَلِكَ.


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِينَ الْقَادِرِينَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ[5]، وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وَهَذَا أَمْرٌ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ[6]،قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: "وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ"[7]، وَقَالَ فِي الْبُلُوغِ: "لَكِنْ رَجَّحَ الْأَئِمَّةُ وَقْفَهُ"[8]؛ كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ جُنْدُبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ»[9].


الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِينَ وَالْمُسَافِرِينَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ[10].


الْفَرْعُ الثَّانِي: ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلُ مِنَ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ مِنَ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا).

 

وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا هُوَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ، وَلِأَنَّهُ "عَمَلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخُلَفَائِهِ وَالْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُضَحُّونَ، وَلَوْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلَ لَعَدَلُوا إِلَيْهَا، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَعْمَلَ عَمَلاً مَفْضُولاً وَيَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ مُنْذُ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللهُ، مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ وَتَيَسُّرِهِ، ثُمَّ لَا يَفْعَلُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يُبيِّنُ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ"[11].


قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: "فَكَانَ‌‌ ‌الذَّبْحُ ‌فِي ‌مَوْضِعِهِ ‌أَفْضَلَ ‌مِنَ ‌الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ وَلَوْ زَادَ، كَالْهَدَايَا وَالْأَضَاحِي، فَإِنَّ نَفْسَ الذَّبْحِ وَإِرَاقَةِ الدَّمِ مَقْصُودٌ، فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ مَقْرُونَةٌ بِالصَّلَاةِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وَقَالَ: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]؛ فَفِي كُلِّ مِلَّةٍ صَلَاةٌ وَنَسِيكَةٌ لَا يَقُومُ غَيْرُهُمَا مَقَامَهُمَا؛ وَلِهَذَا لَوْ تَصَدَّقَ عَنْ دَمِ الْمُتْعَةِ وَالقِرَانِ بِأَضْعَافِ أَضْعَافِ الْقِيمَةِ لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ، وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ"[12].

 

إِذًا: فَالْأُضْحِيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-.

 

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ أَفْضَلُ مِنَ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ[13].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ، وَهَذَا قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ[14]، وَقَالَ بِهِ بَعْضُ السَّلَفِ[15].

 

الْفَرْعُ الثَّالِثُ: الْأَكْلُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَسُنَّ أَنْ يَأْكُلَ، وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ أَثْلَاثًا).

 

السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ ثُلُثَهَا، وَيُهْدِيَ ثُلُثَهَا، وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا، وَهَذَا هُوَ أَدْنَى الْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا»[16].


وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَأْكُلُهُ صَاحِبُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَأْكُلَ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيُهْدِيَ الثُّلُثَ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَدِيدِ[17]؛ وَ"لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمَا مُخَالِفًا فِي الصَّحَابَةِ، فَكَانَ إجْمَاعًا"[18].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَأْكُلُ النِّصْفَ وَيَتَصَدَّقُ بِالنِّصْفِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ، وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ[19]؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28].

 

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: أَكْلُ جَمِيعِ الْأُضْحِيَّةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَكَلَها إِلَّا أُوقِيَةً تَصَدَّقَ بِهَا جَازَ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا).

 

أَيْ: يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ كُلَّ الْأُضْحِيَّةِ إِلَّا شَيْئًا قَلِيلًا يَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ؛ فَقَالَ: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ، فَمَتَى أَكَلَ وَأَطْعَمَ فَقَدْ أَتَى بِمَا أُمِرَ[20]، وَإِنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا ضَمِنَ مِقْدَارَ الْأُوقِيَةِ لَحْمًا يَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36]، فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى وُجُوبِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ مِنَ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَإِنْ قَلَّ هَذَا الشَّيْءُ، وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ وَارِدةً فِي الْهَدْيِ، إِلاَّ أَنَّ الْهَدْيَ وَالأُضْحِيَّةَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ. وَأَيْضًا: مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِ التَّصَدُّقِ: قَوْلُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَكُلُوا، وَادَّخِرُوا، وَتَصَدَّقُو»[21].

 

وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ مِنْهَا: هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ[22]؛ لِلْأَدِلَّةِ الِّتي ذَكَرْنَا، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ الْأُضْحِيَّةِ كُلِّهَا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ[23].

 

مَسْأَلَةٌ: فِي وُجُوبِ الْأَكْلِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَكْلَ مِنْهَا مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ[24].


الْقَوْلُ الثَّانِي: يَجِبُ الْأَكْلُ مِنْهَا وَلَوْ شَيْئًا يَسِيرًا، وَهَذَا وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[25]؛ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- الْمُتَقَدِّمِ، وَكُلُّهَا آمِرَةٌ بِالْأَكْلِ مِنْهَا.

 

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: حُكْمُ أَخْذِ الْمُضَحِّي مِنْ شَعَرِهِ أَوْ بَشْرَتِهِ شَيْئًا فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعَرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ).

 

هَذَا مَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-. وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى قوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَعَرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ شَيْئًا إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[26]؛ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ[27]، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا: «فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»[28].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ[29]. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِك: بِقَوْلِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «فَتَلْتُ قَلاَئِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ»[30]. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا الاِسْتِدْلَالِ: بِأَنَّ "حَدِيثَ عَائِشَةَ إِذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ وَأَقَامَ، وَحَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِالْمِصْرِ، قَالَ أَحْمَدُ: وَهَكَذَا أَقُولُ"[31]، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.


الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يُكْرَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ[32].

 


[1] ينظر: اختلاف الأئمة العلماء (1/ 331).

[2] ينظر: الحاوي الكبير (15/ 71)، والهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: 204).

[3] أخرجه مسلم (1977).

[4] أخرجه البيهقي في الكبرى (19067).

[5] ينظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (7/ 305).

[6] أخرجه أحمد (8273)، وابن ماجه (3123)، وصححه الحاكم (7566).

[7] فتح الباري، لابن حجر (10/ 3).

[8] بلوغ المرام من أدلة الأحكام (ص: 413).

[9] أخرجه البخاري (5500)، ومسلم (1960).

[10] ينظر: التهذيب في اختصار المدونة (2/ 42).

[11] أحكام الأضحية والذكاة، للعثيمين (2/ 220).

[12] تحفة المودود (ص92).

[13] ينظر: درر الحكام (1/ 268)، والمدونة (1/ 547)، والمجموع، للنووي (8/ 425)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 421، 422).

[14] ينظر: شرح مختصر خليل للخرشي (3/ 39).

[15] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 425).

[16] أخرجه مسلم (1971).

[17] ينظر: تحفة الفقهاء (1/ 412)، والمجموع، للنووي (8/ 413)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 422).

[18] المغني، لابن قدامة (9/ 449).

[19] ينظر: القوانين الفقهية (ص: 128)، والمجموع، للنووي (8/ 413)، وقال المالكية: إن اقتصر على أحدهما أجزأ على كراهة.

[20] ينظر: الشرح الكبير على متن المقنع (9/ 423).

[21] تقدم تخريجه.

[22] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 413)، الإنصاف، للمرداوي (9/ 422).

[23] ينظر: الأصل، للشيباني (2/ 434)، والرسالة، للقيرواني (ص80).

[24] ينظر: بدائع الصنائع (5/ 80)، والقوانين الفقهية (ص: 128)، والمجموع، للنووي (8/ 419)، والمغني، لابن قدامة (9/ 449).

[25] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 419).

[26] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 392)، والمغني، لابن قدامة (9/ 436).

[27] أخرجه مسلم (1977).

[28] أخرجه مسلم (1977).

[29] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 391، 392)، والمغني، لابن قدامة (9/ 436).

[30] تقدم تخريجه.

[31]التمهيد (17/236)، وينظر: الكافي (2/ 484).

[32] ينظر: التجريد، للقدوري (12/ 6344)، والبيان والتحصيل (17/ 315).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة