• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / محمد صلى الله عليه وسلم / مقالات


علامة باركود

الإساءة بين الإهمال والترويج

الإساءة بين الإهمال والترويج
أ. د. فهمي أحمد عبدالرحمن القزاز


تاريخ الإضافة: 4/10/2012 ميلادي - 18/11/1433 هجري

الزيارات: 7333

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإساءة بين الإهمال والترويج


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهداه.

 

وبعد:

فقد شاع على لسان الفقهاء: "إن الماء إذا بلغ قلَّتَين، لم يَحمِل خبثًا"، وأصل ذلك حديث يُروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[1]، فإذا عَلمْت ذلك تيقَّنت أن الماء الجاري والبحر لا يُكدِّره شيءٌ مما ذُكر؛ لحديث أبي هريرة قال: سأل رجل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمِل معنا القليل من الماء، فإن توضَّأنا به عطشنا، أفنتوضَّأ بماء البحر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هو الطَّهور ماؤه، الحلُّ ميتتُه))[2]، هذا إذا كان ماءً مِن مياه الدنيا الآسِنة، وأما نهر الصفات والذوات، فلا يُكدِّرها شيء مما ذُكر جزمًا، فإذا وقفت أمام مَن اعتلى الصفاتِ العاليةَ، والأخلاقَ السامية، مَن قال عنه ربُّه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، فهذا البحر الفيَّاض الذي لا ساحِل له، لا يُكدِّره شيء مهما بلَغ مِن الأقاويل والأكاذيب، كيف لا وقد نصَره ربه وكفاه المستهزئين؛ ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾[الحجر: 95]؟ وقال تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].

 

وقد عاب الله على أقوام يَنقُلون الأخبار مِن غير تمحيص، ولا يَحسبون عواقبها، فجعلهم يتلقون الأخبار بألسنتهم، والتلقِّي المعلوم يكون بالأُذن لا باللسان، وهو مجاز عن نقْل الخبر من دون التفكر فيه؛ قال تعالى: ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15]، حتى قال العقلاء قديمًا: مِن حكمَة الله في خَلقِه أنه خلَق لنا أذنَين ولسانًا واحدًا؛ لنتفكَّر ونسمَع ضِعفَي ما نقول.

 

والعاقل - فيما أظنُّ - مَن يفكِّر في العواقب قبل اتخاذ أيِّ إجراء، والكل في هذه الأيام يَسمع الإساءة المشينة لخَير البرية، وهذه الإساءة لا تكدِّر صفْوَ بحْر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاشاه ذلك، وهذه الإساءة ليست بالجَديدة؛ فهي قديمة، وقد سجَّلها القرآن مرارًا وتَكرارًا؛ فقد قالوا عنه: ساحر ومجنون، وحاشاه عن ذلك كلِّه، ولسان حالنا يقول:

يا ناطحَ الجَبَلِ العالي ليَكْلِمَهُ
أَشفِقْ على الرَّاسِ لا تُشفِقْ على الجبلِ

 

وأنا أقول: إهمال هذه الأقوال أولى مِن نَشرِها وتردادِها وكثرة ترويجها؛ فقد تأتي بالشيء العكسيِّ، وهو مقصود الكفار والمُغرِضين، فلو خاطَبْنا أنفسنا: مَن يعرف هذا الفلم المسيء لولا نَشرُنا له؟ كم مِن فرد يعلم ذلك ويُعيره أهمية؟

 

لا أقول نتقاعس عن الدفاع والذبِّ عن خير البرية، ونتنازَل عن شرف النصرة، ولكن الأمر يحتاج إلى روية وتفكُّر في العاقبة، وهذا هو شأن العُقلاء؛ مِن أجل ذلك أمَرنا ربُّنا ألا نسبَّ آلهة الكفَّار وإن كانت رموزًا للشِّرك بعَينه؛ مِن أجل ألا يسبُّوا الإله الفرد الصمد بقوله: ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 108]، والمرء مع الإساءة يَتعامل بالأمر نفسه؛ بإعطائها حجمَها، وعدم جَعلِها معركةً فاصِلةً ومَصيرية؛ لأن قائلها تافه لا يستحقُّ النظر ولا الاهتمام؛ لأنه يُريد أن يُعرَف ويَشتهر ويُعلن أمره، وقد نطَق الفاروق عمر - رضي الله عنه - في مثل هذه الحالات بهَجرِها؛ لأن هجرَها يُميتُها ويَمحقها بقوله: "إن لله عبادًا يُميتون الباطل بهَجره، ويُحيون الحقَّ بذِكره، رَغبوا فرعبوا، ورَهبوا فرهبوا، خافوا فلا يَأمنون، أبصروا مِن اليقين ما لم يُعايِنوا، فخلَطوه بما لم يُزايلوه، أخلصَهم الخوف فكانوا يَهجُرون ما يَنقطِع عنهم لما يَبقى لهم، الحياة عليهم نعمة، والموت لهم كرامة، فزُوِّجوا الحور العين، وأُخدِموا الوِلدان المُخلَّدين" [3]، والنصُّ وإن كان فيه كلام بين مُصحِّح ومضعِّف له، ولكن هذا أصله الواقع والتجرِبة أيضًا؛ وهذا هو فعل المُحدِّثين في مثل هذه الحالات؛ فقد قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: "وقد تكلم بعض مُنتحِلي الحديث مِن أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمِها بقولٍ لو ضربنا عن حكايته وذِكْر فساده صفحًا، لكان رأيًا متينًا، ومذهبًا صحيحًا؛ إذ الإعراض عن القول المطَّرح أحرى لإماتتِه وإخمال ذكْرِ قائله، وأجدر ألاَّ يكون ذلك تنبيهًا للجُهَّال عليه، غير أنَّا لما تخوَّفْنا مِن شرور العواقب، واغترار الجهَلة بمُحدَثات الأمور، وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المُخطئين..."[4].

 

وعليه؛ أرى أن نُميتَ الباطل بهَجرِه، فإذا فعلنا هذا أخمَدنا ذِكرَه، وألاَّ نكون أمَّةً تَشتغِل بردود الأفعال، ونضع أنفسنا بخندق الدِّفاع دائمًا، بل لا بد أن نكون نحن أهل المُبادَرة وزِمامها، وعلينا أن نَشتغِل بنشر فضائله وشمائله، وبيان خلُقه العظيم بين الأمم - صلى الله عليه وسلم - لنفتخِرَ نحن بانتسابنا له وإليه، لا على سبيل الدفاع؛ بل على سبيل المُفاخَرة والمفاضَلة، ورحم الله شوقيًّا إذ قال:

يا مَن له عِزُّ الشفاعةِ وحدَهُ
وهو المنزَّهُ ما له شُفعاءُ
عرشُ القيامةِ أنت تحتَ لوائهِ
والحَوضُ أنت حيالَه السقَّاءُ
تَروي وتَسقي الصالِحينَ ثوابَهم
والصالحاتُ ذَخائرٌ وجزاءُ
أَلِمِثْلِ هذا ذقتَ في الدنيا الطَّوى
وانشَقَّ مِن خَلَقٍ عليكَ رِداءُ؟
لي في مديحِكَ يا رسولُ عرائسٌ
تُيِّمْنَ فيكَ، وشَاقَهنَّ جلاءُ
أنتَ الَّذي نظَمَ البريةَ دِينُه
ماذا يقولُ ويَنظِمُ الشُّعراءُ؟
المُصلِحونَ أصابِعٌ جُمِعتْ يدًا
هي أنت، بل أنتَ اليدُ البَيضاءُ[5]

 

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] ينظر: "سنن ابن ماجه": (1: 172)، (517)، "المستدرك": (1: 227)، (463).

[2] "سنن الترمذي": (1: 100)، (69)، و"سنن أبي داود": (1: 31) (83)، و"سنن ابن ماجه": (1: 136) (386).

[3] "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (1: 55).

[4] صحيح مسلم، (1: 22).

[5] "ديوان أحمد شوقي" (ص: 14).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- نصرة النبي صلى الله عليه وسلم
رغد ياسين - الجزائر 05-10-2012 05:47 PM

تكون نصرتنا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالتخلق بأخلاقه أولا التي مدحه فيها ربنا عز وجل في قرآنه عندما قال {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}, وثانيا باتباع أوامره واجتناب نواهيه .فكيف ندعي حبنا للرسول وأخلاق المسلمين وحالهم يبعث على الحزن والأسى والحب الحقيقي للرسول صلى الله عليه وسلم يكون باتباع سنته قولا وفعلا.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة