• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / روافد


علامة باركود

الصوم والحرية

الصوم والحرية
علي عيد


تاريخ الإضافة: 9/7/2014 ميلادي - 12/9/1435 هجري

الزيارات: 6237

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصوم والحرية


الحريةُ في اللغةِ تعني: الخُلوص مِن العبودية، فهو حُرٌّ؛ أي: غيرُ مملوكٍ، ولا مُسْتَرَقٍّ، وأيضًا تعني: الانعتاق مِن القيدِ، أو مِنَ الأسْرِ، وأصبح حرًّا؛ أي: تَمَّ عتقُه، كما تعني أشياءَ أخرى كثيرةً.

 

ولقد جاء الإسلامُ فحرَّر الإنسانَ مِن كل قيدٍ، وأنْقَذَهُ مِن كل مُسَيْطرٍ مِن طغاة الأرض، فقرَّر حرية كلِّ مولودٍ، وعبَّر عن ذلك عُمَرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - بقوله لِعَمْرو بن العاص: "متى استعبدتُم الناسَ وقد ولدتْهم أمهاتُهم أحرارًا؟"، قال ذلك قبلَ مِيثاقِ الأمم بمئات السنين! ثم جاء نصُّ ميثاق الأمم المتحدة يقول: "الناس يُولَدُون أحرارًا مُتساوِين".

 

وقرَّر الإسلامُ مُساواة الناس جميعًا في الحقوق والواجبات؛ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، وقرَّر ذلك نَبِيُّ الإسلامِ فقال: ((كلُّكم لآدم، وآدمُ مِن ترابٍ، لا فضْلَ لِعَرَبِيٍّ على عجمي إلا بالتقوى))، وبذلك حرَّر الإسلامُ الناسَ مِن كل سلطانٍ على الأرض يُقَيِّد سعْيَ البشرية لتحقيق غايتها العليا، وهي: الخلوصُ إلى الله سبحانه، فحرَّرهم مِن سلطان أولئك الطُّغاة الذين يستَذِلُّون الناسَ بالتخويف والقهْرِ، ويستعبدون البشر لأنفسهم، حين جعَل الإسلام كل سلطان لله وحده، فهو مالكُ المُلك، وهو القاهرُ فوق عبادِه، وكلُّ الناس آتيةٌ يوم القيامة فردًا، وكلُّهم لا يملك لنفسِه نفعًا ولا ضرًّا، وإذا كان الأمرُ كذلك، فلْتُحَطَّم القيودُ جميعًا، ولْتُدَكّ جميعُ العروش الطاغية، ويُحَرّر الناس، وتملأ العِزَّةُ نفوسهم؛ فإنها مِن الله وحده؛ ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10].

 

ولو أن الأمر اقتصر على القيودِ الماديةِ التي تسلب الإنسانَ حريتَه، لهان الخَطْبُ، وإنما الإنسانُ يَجِدُ قُيودًا كثيرةً، وأغلالاً سُودًا تنال مِن حريتِه، لا ينسلخ عنها إلا حين يستكمل حقيقةَ عبوديته لله وحده - سبحانه وتعالى؛ ومِن هذه القيود: قيدُ الطعام، وقيدُ الفرْجِ، وقَيْدُ الهوى، وقيدُ الأهل، وغيرُ ذلك مِن القيود، وجميعُها تَنَاوَلَها الإسلامُ بالتربية والتهذيب في فطرة الإنسان، حتى استَنْقَذَهُ مِن أسْرِها حين علَّمَهُ كيف لا يجعلها أكبر هَمِّه، ولا مبلغَ عِلْمِه.

 

فقَيْدُ الشهوات مثلاً الذي يقول فيه اللهُ تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14]، هذا القَيْدُ - ولا ريب - يستذلُّ الناسَ، ويَحُطُّ مِن كرامتهم، ويَصْرِفُهم عن ربهم، ويجلب عليهم نسيان الله - سبحانه وتعالى - ويَدَعُهم كالحيوانات يهيمون على وُجُوهِهم بين مَطالِب الجسد الحيوانيِّ ومَطالِب النفْسِ الأَمَّارة بالسوء.

 

والترَفُّعُ عن تلك الشهوةِ والتَّنَزُّهُ عنها يأتي برياضة النفس، وتربيةِ الإرادة على الفرار منها إلى العبودية لله تعالى، وترْكِ هذه المعبودات؛ ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]، فوَضَعَ الله - سبحانه وتعالى - الشهواتِ كلَّها في كفةٍ، وَوَضَع حُبَّ الله سبحانه في كفَّةٍ أخرى.

 

وأظْهَرُ ما تتبدى هذه الصورةُ عند المسلم الحرِّ عندما يصومُ؛ فقد شرَع اللهُ له الصومَ ليستعليَ بإيمانه على ضروراته وقُيوده الآسرة، فلا يشغَلُه طعامٌ، ولا تأسِرُه شهوةٌ، بل لا يشغله حظُّ نفسِه فيرد عنها شتْمَهُ ولَعْنَهُ أو خِصامَهُ، وليس الصيامُ مجردَ ترْكِ الأكل والشُّرْب والجماع، بل لا بد مِن نزْعِ الميل إليهم مِن النفس أصلاً؛ فرُبَّ صائمٍ ليس له مِن صيامه إلا الجوعُ والعطشُ.

 

إذًا ليس ذلك مرادَ الصوم، وإنما حكمتُه التشريعيةُ العالية هي تربية إرادة الإنسان على تحرير نفسه مِن القيود الضرورية التي تغله وتأسِرُه، ويبدو عند كلِّ إنسانٍ ضعيفٍ مُتخاذلٍ، بينما المؤمنُ مُستعلٍ بإيمانه وعبادته لله وحده عليها، مُحْتَقِرٌ لها، مُتَخَلٍّ عنها، وهذه الحريةُ ذاتها هي عبوديةٌ لله وحده، وكأنها لا تتحقَّق بتمامها وكمالها إلا حين تتحقق الحريةُ مِنْ كل قيدٍ، وحين يوجد الخلاصُ مِن كلِّ أسْرٍ، وقد قال أحدُ العلماء: "في الحريةِ تمامُ العبودية، وفي تمام الحريةِ تحقيقُ العبودية"، ونحن نرى كيف أن الناس تأسِرُهم العادةُ والشهوةُ، ولا يستطيعون الخُلوص مِن عبادتها؛ كمَن يتعاطى المُخَدِّرات والمُسْكِرات، فتسلبه عقله وكرامته؛ أيكون ذلك حرًّا؟

 

ونرى مَن لا هَمَّ له إلا صُحبة الغيد الحسان مِن بنات الهوى الفاتن، ويَسْلُك في سبيل ذلك ما يهوى مِن خَلاعةٍ ومُجُونٍ وإسرافٍ في الأناقة والزينة الفاضحة؛ أيكون ذلك حرًّا؟

 

ومَن يَتَعَصَّب للبلد والعشيرة، فينصُر الباطل، ويرفُض الحقَّ، لا لشيءٍ غير أنه على خلافِ عصبيَّتِه؛ أيكون حرًّا؟

 

ألسنا نَجِدُ ما سبق جميعه اتِّباعًا للهوى والشهوة، وطاعة عَمياء للعادة، التي قال الله فيها: ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [الفرقان: 43].

 

وكمالُ الصوم وحقيقتُه إنما تكون إذا تخلَّص القلبُ مِن الأهواء، وصَفَتِ النفسُ مِن الشهوات، وصَدَق مَن قال: "لا تجد حلاوةَ العبادة حتى تجعلَ بينك وبين الشهوات حائطًا مِن حديدٍ"

 

والله يقول الحقَّ، وهو يهدي السبيل.

 

المصدر: مجلة التوحيد - عدد رمضان 1401 هـ - صفحة 30





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة