• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / ملف الحج / يوم عرفة والأضحية


علامة باركود

الأضحية

الأضحية
الشيخ عادل يوسف العزازي


تاريخ الإضافة: 28/11/2013 ميلادي - 24/1/1435 هجري

الزيارات: 15804

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأضحية

تمام المنة - الحج (12)

 

يتعلَّق بحكم الأُضْحِية عدَّة مسائل، أوضِّحها فيما يلي:

المسألة الأولى: معنى الأُضْحِية:

الأُضْحِية: ما يُذْبَح يوم الأضحى؛ تقربًا إلى الله - عزَّ وجلَّ - ويقال فيها: أُضْحِيَّة، وإِضْحِيَّة، وضَحِيَّة، وأَضْحَاة.

 

المسألة الثانية: حكم الأُضْحِية:

الذي ذهب إليه جمهور أهل العلم أن الأُضْحِية سُنَّة، وهو الثابت عن الصحابة.

 

فعن حُذَيفة بن أَسِيد - رضي الله عنه - قال: "لقد رأيتُ أبا بكر وعمر وما يضحِّيان؛ كراهية أن يُقْتَدى بهما".

 

وعن أبي مسعود البَدْري - رضي الله عنه - قال: "لقد هممتُ أن أَدَع الأُضْحِية - وإني لمن أيسرِكم - مخافةَ أن يحسب الناس أنها حتم واجب".

 

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "الأُضْحِية سنة".

 

قال ابن حزم: "ولا يصح عن أحد من الصحابة أن الأُضْحِية واجبة"[1].

 

هذا، وقد ذهب أبو حنيفة إلى أن الأُضْحِية واجبة، ومال إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال ابن عثيمين: "والقول بالوجوب للقادر قوي؛ لكثرة الأدلة على عناية الشرع واهتمامه بها" [2].

 

المسألة الثالثة: السِّنُّ المعتبرة في الأُضْحِية:

عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تَذْبَحوا إلا مُسِنَّة، إلا أن يَعْسُر عليكم، فتذبحوا جَذَعة من الضَأْن))[3].

 

فهذا الحديث يدل على أنه يشترط في الأُضْحِية أن تكون ((مُسِنَّة))؛ أي: ((ثَنِيَّة))، وأنه لا يجزئ الجَذَع من الضَأْن إلا إذا تعسَّر المُسِنَّة.

 

و((المُسِنَّة)): من الإبل ما له خمس سنوات، ومن البقر ما له سنتان، ومن المَعْز ما له سنة[4].

 

وأما ((الجَذَع)) من الضَأْن، فقيل: ما له سنة، وقيل: ستة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر[5].

 

فهذا الحديث يدل بظاهره على أن الضَأْن لا يجزئ إلا إذا تعسَّر المُسِنَّة، ويشكل على هذا ما ثبت في الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الجَذَع يُوفِّي مما يُوفِّي منه الثَّنِيُّ))[6].

 

قال النووي: "ومذهب العلماء كافَّة أنه يجزئ؛ يعني: الجَذَع من الضَأْن، سواء وُجِد غيره أم لا، وحَمَلوا هذا الحديث على الاستحباب والأفضل، وتقديره: يُستَحبُّ لكم ألا تَذْبَحوا إلا مُسِنَّة، فإن عجزتم فجَذَعة ضَأْن، وليس فيه تصريح بمنع جَذَعة الضَأْن، وأنها لا تجزئ بحال، وقد أجمعت الأمة أنه ليس على ظاهره"[7]، وقوَّى هذا الكلام الحافظ ابن حجر - رحمه الله - وساق الأدلة على جوازه.

 

المسألة الرابعة: وقت الذَّبح:

عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يومَ النحر: ((مَن كان ذبح قبل الصلاة، فليُعِد))، وفي رواية: ((مَن ذبح قبل الصلاة، فإنما يَذْبَح لنفسه، ومَن ذبح بعد الصلاة، فقد أتم نُسُكَه، وأصاب سُنة المسلمين))[8].

 

فهذا يدل على أن أول وقت الأُضْحِية يكون بعد صلاة العيد، وأما مَن ذبح قبل ذلك، فلم يُصِب الأُضْحِية، وتكون ذبيحتُه للأكل، وليس فيها ثواب القُربة، ويجب عليه إعادة الذبح بأضحية أخرى.

 

وقيَّد المالكية الذبح بقَيْدٍ آخر، وهو: أن يكون بعد ذبح الإمام؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن جابر، قال: "صلَّى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر بالمدينة، فتقدَّم رجال فنَحَروا، وظنُّوا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نَحَر، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- مَن كان نَحَر قبله أن يُعِيد بنحر آخر، ولا يَنَحروا حتى يَنَحر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم"[9].

 

ويُحْمَل هذا - والله أعلم - على خصوصيته بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه لم يُشِر -صلى الله عليه وسلم- أن هذا الحُكم لمن يَذْبَح قبل الإمام مطلقًا، ولتَعَذُّر تحقُّقه في هذه الأعصار، والله أعلم.

 

ولا مانع أن يكون ذلك تقديريًّا، كما قال الشافعي - رحمه الله -: "وقت الأضحى قدر ما يدخل الإمام في الصلاة، وذلك إذا نوَّرت الشمس، فيصلِّي ركعتين، ثم يخطب خطبتين خفيفتين، فإذا مضى من النهار مثل هذا الوقت، حلَّ الذبح"[10].

 

وأما عن آخر وقت النحر، فقد ثبت في الحديث: ((كل أيام التشريق ذبحٌ))[11].

 

وهذا يدل على أن أيام الذبح: يوم النحر وأيام التشريق، فتكون الأيام بَدْءًا من يوم النحر حتى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وسواء في ذلك الليل أو النهار على الراجح.

 

المسألة الخامسة: ما لا يضحَّى به لعَيْبِه:

عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أربع لا تَجُوز في الأضاحي: العَوْرَاء البيِّن عَوَرُها، والمريضة البيِّن مرضها، والعَرْجَاء البيِّن ظَلْعها، والكسير التي لا تُنْقِي))[12]، وفي رواية الترمذي ((العَجْفاء)) بدلاً من الكسير. والمقصود بها: الهَزِيلة التي لا مخَّ لها.

 

وعن علي - رضي الله عنه - قال: "أَمَرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نَستَشْرِف العين والأُذُن، وألا نضحِّي بمقابَلَة، ولا مُدَابَرَة، ولا شَرْقَاء، ولا خَرْقَاء"[13].

((المقابَلة)): التي قُطِع طرف أذنها.

و((المُدَابَرة)): قطع مؤخر أذنها.

((والشَّرْقَاء)): مشقوقة الأذن طولاً.

و((الخَرْقَاء)): التي في أذنها خرق مستدير.

 

فدلَّت هذه الأحاديث على أنه لا يُجْزِئ الأُضْحِية إذا كان بها عيب بأُذنها أو عينها، أو أن تكون عَرْجَاء بيِّنًا ظَلْعها، أو مريضة بيِّنًا مرضها، وكذلك الهَزِيلة.

 

ملاحظات:

1- إذا كان المرض أو العَوَر أو العرج يسيرًا غير واضح، جازت الأُضْحِية؛ لأنه قيِّد في الحديث بكونه (بيِّنًا)؛ يعني: (واضحًا).

 

2- لا يجوز الأُضْحِية بما كان في معنى ما ذُكِر، وأشد: كالعمياء، والمقطوعة الرِّجل، وشبهه، قاله الشوكاني [14].

 

3- يُسْتَحبُّ اختيار الأُضْحِية؛ لقوله: "أُمْرِنا أن نَستَشْرِف العين والأذن"، وكذلك ما ثبت في الحديث عن أبي أُمَامَة قال: "كنا نسمِّن الأُضْحِية بالمدينة، وكان المسلمون يسمِّنون"[15].

 

وأفضل اختيار للأضحية أن يكون سمينًا، وأن يكون كامل القرون، وأن يكون "أملح"، وهو الأبيض، والأفضل فيه: أن تكون قدماه وفمه وعيناه في سواد.

 

والأدلة على ذلك:

أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – "ضحَّى بكبشين سمينين، عظيمين، أَمْلَحين، أَقْرَنين"[16]، وعن أبي سعيد قال: "ضحَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكبش أَقْرَن فَحِيل، يأكل في سواد، ويمشي في سواد، وينظر في سواد"[17].

 

4- ما تقدَّم هو في بيان الأفضل، ولكنه يجوز أن يضحَّى بأي لون، ولكن الأبيض أفضل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((دَمُ عَفْرَاء أحبُّ إلى الله من دَمِ سوداوين))[18].

 

و((الأَعْفَر)): بياض يعلوه حمرة؛ أي: ليس بشديد البياض.

 

5- تجوز الأُضْحِية بالفَحِيل والخَصِي:

أما دليل الأُضْحِية بالفَحِيل وهو الذي لم يُخْصَ، فقد تقدَّم في حديث أبي سعيد السابق.

 

وأما دليل الخَصي، فلما ثبت عن أبي رافع قال: "ضحَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أَمْلَحين، مَوجُوءين، خَصِيَّين"[19].

 

((والمَوجُوء)): منزوع الأُنْثَيين؛ يعني: الخُصْيَتين.

 

6- إذا كانت بالأُضْحِية عيوب أخرى غير المذكورة في الأحاديث السابقة، جازت الأُضْحِية وأَجْزَأت، وإن كان الأفضل اختيار الأكمل.

 

وعلى هذا؛ فمكسور القرن كلِّه أو بعضه، ومقطوع الذيل والأَلْيَة، ومكسور الأسنان وغير ذلك، لا يؤثر في جواز الأُضْحِية؛ لأن الأحاديث الواردة في عدم الأُضْحِية بها ضعيفة لا تصح[20].

 

المسألة السادسة: ما يُجزئ عن الشخص:

تُجْزِئ الشاة عن الشخص الواحد وعن أهل بيته، وتجزئ البقرة، والبَدَنة عن سبعة؛ يعني: وأهاليهم، فيكون نصيب كل واحد سُبع بقرة، أو سُبع بَدَنة.

 

فعن عطاء بن يَسَار، قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال: "كان الرجل في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويُطْعِمون"[21].

 

وأما دليل البقر والإبل؛ فعن جابر - رضي الله عنه - قال: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نَشْتَرك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بَدَنة))[22].

 

و((البَدَنة)): البعير، ويطلق أيضًا على البقر.

 

المسألة السابعة: فيما يتعلَّق بالذبح:

يُسْتَحبُّ نحر الإبل قائمةً معقولةً؛ يعني: مربوطة اليسرى.

 

فعن ابن عمرو - رضي الله عنهما - أنه أتى على رجل قد أناخ بَدَنته ينحرها، فقال: "ابعثها قيامًا مقيَّدة؛ سنة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم"[23].

 

ومعنى (مقيدة)؛ أي: مربوطة.

 

وأما الغنم، فقد ثبت عن أنس - رضي الله عنه - قال: "ضحَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكبشين، أملحين، أقرنين، ورأيتُه يذبحهما بيده واضعًا قَدَمه على صِفَاحهما، وسمَّى اللهَ وكبَّر"[24].

 

ويُشْتَرط للذبح شروط:

1- أن يسمِّي بأن يقول: "بسم الله، والله أكبر"، انظر: الحديث السابق، ويستحب أن يَزِيد: "اللهم هذا عن فلان - ويسمي نفسه - وآل بيته".

 

أو يقول: "اللهم إن هذا عني وعن أهل بيتي، اللهم إن هذا منك ولك"، وقد ثبت ذلك عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث عائشة - رضي الله عنها[25].

 

2- أن يُنْهِر الدمَ؛ وذلك بقطع أحد الوَدَجَين على الأقل مع الحُلْقُوم والمَرِيء، وهما العِرْقَان الغليظان المحيطان بالحُلْقُوم، والأكمل في الذبح أن يقطع الوَدَجَين مع الحلقوم والمَرِيء.

 

3- أن يكون الذابح عاقلاً، ويجوز للمضحِّي أن يتولَّى الذبح بنفسه، ويجوز له أن يوكِّل غيره؛ على أن يكون وكيله مسلمًا[26].

 

المسألة الثامنة: في الأكل منها وتقسيمها:

وردت الأحاديث بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاهم في بادئ الأمر عن ادِّخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ثم قال لهم: ((إنما نهيتُكم من أجل الدافَّة التي دفَّتْ، فكُلُوا وادَّخروا وتصدَّقوا))[27].

 

و"الدافَّة": جماعة قَدِموا المدينة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنهاهم عن الادِّخار؛ لكي يزوِّدوا هؤلاء بالطعام.

 

فدل ذلك على: جواز الأكل من الأُضْحِية، ووجوب التصدُّق منها، وقد ذهب بعض أهل العلم أيضًا إلى وجوب الأكل منها.

 

واعلم: أنه لم يحدِّد الشرع تقدير القسمة في الأكل والتصدُّق، بل يصح بكل ما يطلق عليه إتيان المأمور به من الأكل والتصدق، ولو كان بعضها قليلاً جدًّا، والآخر كثيرًا جدًّا.

 

قال الشوكاني: "فيه دليل على عدم تقدير الأكل بمقدار، وأن للرجل أن يأكل من أضحيته ما شاء وإن كثر، ما لم يستغرق - أي: كل الأُضْحِية - بقرينة قوله: ((وأطعموا)) [28].

 

المسألة التاسعة: ما يجب على من أراد أن يضحِّي:

عن أم سَلَمة - رضي الله عنها - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليُمْسِك عن شعره وأظفاره))، وفي رواية: ((حتى يضحِّي))[29].

 

ففي هذا الحديث: دليل على وجوب ترك الشعر والظُّفر لمن أراد أن يضحِّي، بَدْءًا من أول رؤية هلال شهر ذي الحجة حتى يضحِّي، وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى تحريم الأخذ من الشعر والظفر؛ عملاً بهذا الحديث، وهو الراجح.

 

وهو مذهب أحمد، وإسحاق، وداود الظاهري، وبعض أصحاب الشافعي.

 

ويتعلَّق بذلك أمور:

1- هل هذا الحكم يَجْرِي على أهل بيته الذين يضحِّي عنهم، أم يختص بالمضحِّي فقط؟

فيه خلاف، ورجَّح ابن عثيمين أن هذا خاص برب البيت فقط الذي يضحِّي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خصَّه به.

 

2- لو انكسر ظفر، أو نبت في داخل الجَفْن شعر فتأذَّت به العين، فجائز إزالته؛ لأنه لرفْع أذى.

 

3- لو تجاوز الإنسان وأخذ من شعره، أو بشَرَتِه، أو جلده شيئًا، أَثِم، ولا فدية عليه.

 

4- لا علاقة بين الأخذ المذكور وصحة الأُضْحِية، فأضحيته صحيحة إذا تمَّت شروطها، حتى لو أخذ شيئًا مما ذكر.

 

5- ما اشتهر على الألسنة أن هذا النهيَ ليكونَ المضحِّي متشبهًا بالحاج قياس باطل لا دليل عليه، وبناءً على هذا؛ فلا يَحْرُم على المضحِّي شيء من محظورات الإحرام التي يمتنع منها الحاج.

 

6- إذا لم يَنْوِ الأُضْحِية إلا في أثناء العشر، فإنه يبتدئ تحريم الأخذ من حين نيته في الأُضْحِية.

 

ملاحظات عامة:

1- ما ورد عن بعض الفقهاء بتقسيم الأُضْحِية إلى ثلاثة أثلاث، لا يعني المساواة في الثلث، ولكن يفهم بأن المراد بأنها تقسم ثلاثة أجزاء: يأكل جزءًا، ويتصدق بآخر، ويُهْدي ثالثًا، ولا يشترط المساواة.

 

2- ما يفعله كثير من الناس من الذبح ليلاً يوم العيد أو الذبح قبل الصلاة، لا يقع ذبحهم أضحية، ولا يثابون عليها ثواب الأُضْحِية؛ وإنما يثابون ثواب الصدقة لو تصدَّقوا بها، ويجوز أكلها إذا ذُبِحت ذبحًا صحيحًا.

 

3- الأُضْحِية إذا ذُبِحت لا يُعْطَى الجزَّار منها شيئًا لأجل الأجرة، لا من جلودها ولا من غيره؛ فعن علي - رضي الله عنه - قال: "أمرني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بُدْنه، وأن أتصدَّق بلحومها، وجلودها وأَجِلَّتها، وألا أُعْطِي الجَازِر منها شيئًا، وقال: ((نحن نُعْطِيه من عندنا))[30].

 

وقوله: (وأجلتها): جمع جلال: ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه أثناء إهدائه للبيت.

 

4- وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز إعطاء الجازِر بعد توفيته أجرته، إذا كان فقيرًا، ويرى بعضهم المنع عمومًا؛ خشية أن يقع تسامح في الأجرة من أجل الذبح.

 

وإن أخذ الفقير من جلودها أو لحمها شيئًا، فله حق التصرف فيه ولو بالبيع.

 

5- إذا فات وقت الأُضْحِية، ولم يتمكَّن من الذبح، فهل يَقْضِيها بعد وقتها؟

 

قال ابن عثيمين: "والصواب في هذه المسألة: أنه إذا فات الوقت، فإن كان تأخيره عن عَمْد؛ فإن القضاء لا ينفعه، وأما إن كان عن نسيان، أو جهل، أو انفلتت البهيمة وكان يرجو وجودها قبل فوات الذبح حتى انفرط عليه الوقت، ثم وجدها، ففي هذه الحالة يذبحها" [31].

 

6- في تعيين الأُضْحِية: اختار شيخ الإسلام أنه إذا اشترى الأُضْحِية بنية الأُضْحِية تعيَّن ذلك، ويرى بعض أهل العلم أنه لا تتعيَّن إلا بالقول بأن يقول: "هذه أضحية"، وقد ذهب ابن حزم إلى أنها لا تتعيَّن، ولا تكون أضحية إلا بذبحها أو نحرها، إلا إذا نذر ذلك فيه، فيلزمه الوفاء.

 

قال ابن حزم: "ولا يلزم مَن نوى أن يضحِّي بحيوان مما ذكرنا أن يضحِّي به ولا بد، بل له ألا يضحِّي به إن شاء إلا أن ينذر ذلك فيه، فيلزمه الوفاء به" [32].

 

7- بِناءً على ما تقدَّم من قول ابن حزم - وهو الراجح عندي - فيجوز لمن اشترى أضحية ولم يضحِّ بها بعد، أن يتصرَّف فيها كيف شاء: من إبدالها، أو بيعها، أو هِبَتها، أو أن يَجُزَّ صوفها، ويتصرف فيه كيف شاء ولو بالبيع، ويشرب لبنها أو يبيعه، وإن ولدت فله أن يُمْسِك ولدها، أو يذبحه، أو يبيعه[33].

 

8- إن اشتراها وبها عيب لا يجزئ في الأُضْحِية ثم برئت، فالراجح جواز الأُضْحِية بها، والعكس إن اشتراها سليمة ثم أصابها عيب لا يجزئ في الأُضْحِية، فإنها لا تصح.

 

9- لا يجوز شراء لحوم والتصدق بها بدلاً من الأُضْحِية، أو التصدُّق بثمنها؛ إذ الأُضْحِية لا تكون قربة إلا بذبحها.

 

10- إذا أعطاها للفقراء سليمة قبل الذبح، لم تَصِحَّ أضحيته، وله ثواب الصدقة؛ إذ شرط الأُضْحِية الذبح، فلو وكَّلهم أن يذبحوها أجزأت، ولكن لا يفعل ذلك إلا إذا وَثِق بالفقير؛ خشية أن يبيعها ولا يذبحها.

 

11- لا تُشْرَع الأُضْحِية عن الأموات استقلالاً: كأن يقول هذه الأُضْحِية عن فلان "متوفَّى"، ولو كان قريبًا؛ إنما يَدْخُلون ضمنًا، بأن يقول: هذا عني، وعن أهل بيتي.



[1] المحلى (8/9).

[2] الشرح الممتع (7/519).

[3] مسلم (1963)، وأبو داود (2797)، والنسائي (7/218)، وابن ماجه (3141).

[4] الشرح الممتع (7/460).

[5] نيل الأوطار (5/202)، وفتح الباري (10/5).

[6] صحيح: رواه أبو داود (2799)، والنسائي (7/215)، وابن ماجه (3140).

[7] نقلاً من فتح الباري (10/15).

[8] البخاري (5546، 5561)، ومسلم (1960).

[9] مسلم (1964).

[10] نقلاً من معالم السنن للخطابي على هامش أبي داود (2/234).

[11] حسن لشواهده: رواه أحمد (4/82)، وابن حبان (3854)، والدارقطني (2/284).

[12] صحيح: أبو داود (2802)، والترمذي (1497)، والنسائي (7/214)، وابن ماجه (3144).

[13] صحيح: أبو داود (2804)، والترمذي (1498)، والنسائي (7/215)، وابن ماجه (3142).

[14] نيل الأوطار (5/206).

[15] رواه البخاري تعليقًا (10/9)، ووصله أبو نُعَيم في المستخرج، كما قال الحافظ.

[16] صحيح: رواه أحمد (6/136)، وأصل الحديث في البخاري (5553، 5554) دون قوله: "سمينين".

[17] صحيح: رواه أبو داود (2796)، والترمذي (1496)، والنسائي (7/321)، وابن ماجه (3128).

[18] حسن لغيره: رواه أحمد (2/417)، وانظر: الصحيحة للألباني (1861).

[19] صحيح: رواه أحمد (6/8)، وله شواهد من حديث عائشة، وأبي هريرة.

[20] انظر في ذلك المحلى (8/9 - 13).

[21] صحيح: رواه الترمذي (1505)، وابن ماجه (3147).

[22] مسلم (1318)، وأبو داود (2808)، والترمذي (904)، والنسائي.

[23] البخاري (1713)، ومسلم (1320).

[24] البخاري (5558)، ومسلم (1966)، وأبو داود (2794)، والترمذي (1494)، والنسائي (7/219)، وابن ماجه (3120).

[25] مسلم (1967)، وأبو داود (2792).

[26] رجح ذلك ابن عثيمين، وعلَّل أنها عبادة؛ فلا تصح إلا ممن تصح منه القربة، ورجَّح ابن حزم جواز الذبح من الكتابي أيضًا، وما ذهب إليه ابن عثيمين أَولى وأحوط، وأما ذبيحة الكتابي، فحلال بشروطها.

[27] البخاري (5570) مختصرًا، ومسلم (1971).

[28] نيل الأوطار (5/220).

[29] مسلم (1977)، وأبو داود (2791)، والترمذي (1533)، والنسائي (7/211)، وابن ماجه (3149).

[30] البخاري (1707)، ومسلم (1317)، وأبو داود (1769)، وابن ماجه (3099).

[31] الشرح الممتع (7/504).

[32] المحلى (8/40).

[33] المحلى (8/41)، وهذه المسألة - والمسألتان بعدها - مبنية على ما رجحناه، وإلا ففي هذه المسائل خلاف بناء على الخلاف المذكور في الملاحظة (6).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة