• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / محمد صلى الله عليه وسلم / خطب منبرية


علامة باركود

نسب النبي صلى الله عليه وسلم ونشأته

نسب النبي صلى الله عليه وسلم ونشأته
الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني


تاريخ الإضافة: 21/1/2014 ميلادي - 19/3/1435 هجري

الزيارات: 109028

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نسب النبي صلى الله عليه وسلم ونشأته


الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليماً كثيراً.

 

أَمّا بعد: عباد الله:

اتقوا الله تعالى، واعلموا أنه يجب على كل مسلم ومسلمة معرفة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، التي هي أحد الأصول الثلاثة، التي يُسأل عنها في قبره.

 

فهو محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب، بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام[1].

 

ولد - صلى الله عليه وسلم - عام الفيل بمكة في شهر ربيع الأول[2] يوم الاثنين[3] الموافق 571م[4].

 

وقد نشأ النبي - صلى الله عليه وسلم - يتيماً فآواه الله تعالى، وعائلاً فأغناه الله، فقد تُوفِّي والده عبد الله وهو - صلى الله عليه وسلم - حملٌ في بطن أمه، وأرضعته ثُويْبَةُ أيَّاماً[5] وهي مولاة لأبي لهبٍ، ثم أرضعته حليمة السعدية في البريَّة، وأقام عندها في بني سعدٍ نحواً من أربع سنين، وَشُقَّ عن فُؤاده هناك وهو يلعب مع الغلمان، فعن أنس رضي الله عنه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج القلب فاستخرج منه علقةً فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طستٍ[6] من ذهب بماء زمزم ثم لامَهُ[7] ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (يعني ظئره)[8] فقالوا: إن محمداً قد قُتِلَ، فاستقبلوه وهو مُنتقع اللَّون[9] قال أنسٌ: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره"[10] وعند هذه الحادثة العظيمة خافت عليه حليمة السعدية رضي الله عنها، فردّته إلى أمه آمنة بنت وهب، فخرجت به أمه إلى المدينة، تزور أخواله، ثم رجعت متجهة إلى مكة فماتت في الطريق بالأبواء، بين مكة والمدينة، وعمره - صلى الله عليه وسلم - ست سنين وثلاثة أشهر وعشرة أيام[11] ولما ماتت أمه كفله جده عبد المطلب، فلما بلغ ثماني سنين توفي جده وأوصى به إلى عمه أبي طالب؛ لأنه كان شقيق عبدالله بن عبدالمطلب فكفله، وأحاطه أتمَّ حياطة، ونصره حين بعثه الله، أعزَّ نصرٍ، مع أنه كان مستمراً على شركه إلى أن مات، فخفَّفَ الله بذلك من عذابه بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال - صلى الله عليه وسلم -: "هو في ضحْضاحٍ من النار، ولولا أنا لكان في الدَّرْكِ الأسفلِ من النار". وفي لفظٍ: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامةِ فيُجعلُ في ضحْضاحٍ من النارِ يبلغ كعبَيه، يغلي منه دِمَاغُه"[12]، وخرج مع عمِّه أبي طالب إلى الشام في تجارةٍ، وهو ابن ثنتي عشرة سنة، وذلك من تمام لطفه به؛ لعدم من يقوم به إذا تركه بمكة، فَرَأَى عبد المطلب وأصحابه ممن خرج معه إلى الشام من الآيات فيه - صلى الله عليه وسلم - ما زاد عمَّه في الوصاة بِهِ، والحرص عليه، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبي - صلى الله عليه وسلم - في أشياخٍ من قريشٍ، فلما أشرفوا على الراهب هبطُوا فحلُّوا رحالهم، فخرج إليهم الرّاهبُ، وكانوا قبل ذلك يمرُّون به فلا يخرج إليهم، ولا يلتفتُ، قال: فهم يحلُّون رِحالهم فجعل يتخلَّلهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "هذا سيدُ العالَـمِين، هذا رسولُ ربِّ العالمين، يبعثه الله رحمةً للعالمين، فقال له أشياخٌ من قريش ما علمك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبقَ شجرٌ ولا حجرٌ إلا خرَّ ساجداً، ولا يسجدان إلا لنبي، وإنِّي أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروفِ كتفهِ مثل التُّفَّاحة..." الحديث وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أظلته غمامةٌ ومالت الشجرة بظلها عليه[13] وأمر الراهب أبا طالب بالرجوع به إلى مكة؛ لئلا يراه اليهود؛ فيحصل له منهم سوء، فأرسل به عمه إلى مكة، ثم أرسلت به خديجة بنت خويلد في تجارةٍ لها إلى الشام مع غلامها ميسرة، فربحت تجارة خديجة رضي الله عنها، فرأى ميسرة ما بهره من شأنه، فرجع فأخبر سيدته بما رأى، فرغبت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجها، لِـمَا رجَتْ في ذلك من الخير الذي جمعه الله لها، وفوق ما يخطر بِبَالِ بشر، فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وله من العمر خمس وعشرون سنة، وكان عمرُ خديجة أربعون سنة[14]، وقد حماه الله تعالى من صغره من دنس الجاهلية، ومن كلِّ عيب، فلم يُعظِّم لهم صنماً في عمره قط، ولم يحضر مشهدا ًمن مشاهد كفرهم، وكانوا يطلبونه بذلك فيمتنع، ويعصمه الله من ذلك، وما شرب خمراً قط، وما عمل فاحشة قط، وكان يعلم بأنهم على باطل، ولم يشرك بالله قطٌّ، ولم يحضر مجلس لهوٍ[15]، ولم يعمل شيئاً مما كان يعمله قومه من الفواحش والمنكرات، فقد نشأ في مجتمعٍ كَثُرت فيه المفاسد وعمت فيه الرذائل، فالشرك بالله تعالى، ودعاء غيره معه، وقتل الأنفس بغير حق، والظلم، والبغاء، والاستبضاع، والزنى الجماعي، والأفرادي، ونكاح أسبق الرجال ممن مات زوجها، والاعتداء على الأعراض، والأموال، والدماء، كل ذلك كان شائعاً في قومه قبل الإسلام، لا ينكره أحد، ولا تحاربه جماعة، بالإضافة إلى وَأْدِ البناتِ، وقتل الأولاد خشية الفقر، أو العار، ولعب الميسر، وشرب الخمر، أمور تعدُّ في الجاهلية من المفاخر، والتباهي، وليس من شرط أن يكون المجتمع كلُّه يرتكب هذه الجرائم، وإنما عدم إنكارها هو دليل على الرضى بها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعمل أي عمل أو يباشر أيَّ خُلقٍ من هذه الأخلاق الرذيلة، وقد أدَّبه ربُّهُ فأحسن تأديبه[16]، وهذه الأخلاق التي اتصف بها قد عرفها قومه منه؛ ولهذا لُقِّب بين قومه "بمحمدٍ الأمين"[17].

 

وقد بنت قريش الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعندما وصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا، واشتجروا فيمن يضع الحجر الأسود موضعه، فقالت كلُّ قبيلةٍ: نحن نضعه، ثم اتفقوا على أن يضعه أَوَّلُ داخلٍ عليهم، فكان أول من دخل عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففرِحوا به كثيراً، فقالوا: جاء الأمين، فرضوا به أن يكون حكماً بينهم؛ ليحلّ النزاع ويقف القتال الذي كاد أن يحصل، فأمر - صلى الله عليه وسلم - بثوبٍ فَوُضِعَ الحجر في وسطه، وأمر كلَّ قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب، ثم أخذ الحجر فوضعه بيديه في موضعه - صلى الله عليه وسلم - [18].

 

وبعد ذلك حبب الله إليه الخلوة والانعزال عن الناس؛ لكي يتعبد لله تعالى، وكان يخلو بغار حراء يتعبد لله تعالى على ملة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، ولما كمَّل الأربعين أكرمه الله تعالى بالنبوّة، ولا خلاف أن مبعثه كان يوم الإثنين، وقيل بأن الشهر كان ربيع الأول سنة إحدى وأربعين لثمانٍ خلون منه، من عام الفيل وهذا قول الأكثرين[19].

 

وجاءه جبريل في غار حراء، فقال له: اقرأ، فقال: "لست بقارئ"، قال: اقرأ قال: "لست بقارئ" فغتَّه[20] حتى بلغ منه الجهد، فقال له: اقرأ، فقال: "لست بقارئ" فقال: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [21]، وبهذه السورة كان - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا، ثم رجع - صلى الله عليه وسلم - إلى خديجة رضي الله عنها يرجفُ فؤادُهُ فدخل عليها وقال: "زملوني زمِّلوني" فزمَّلوه[22] حتى ذهب عنه الرَّوعُ، فأخبر خديجة الخبر، فقالت خديجة رضي الله عنها: (كلا واللهِ ما يُخزيك اللهُ أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتحمِل الكلَّ، وتكسِب المعدوم، وتقري الضيف، وتعينُ على نوائب الحق...) الحديث[23]، ثم أرسله الله تعالى بسورة المدثر إلى الإنس والجن، قال - صلى الله عليه وسلم -: "بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء فرفعتُ بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرُعبْتُ منه، فرجعت فقلت زمِّلوني، فأنزل الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾ إلى قوله ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ فحميَ الوحيُ وتتابع"[24]، وبهذه السورة كان رسولاً - صلى الله عليه وسلم -، وقد بعثه الله تعالى بالنذارة عن الشرك، والدعوة إلى التوحيد، فبدأ - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة إلى الله تعالى سراً، فأسلم على يديه: السابقون الأولون، وكان أول من أسلم خديجة رضي الله عنها، ثم علي ثم زيد بن حارثة، ثم أبو بكر رضي الله عنهم، ثم دخل الناس في دين الله واحد بعد واحد، حتى فشى الإسلام في مكة، ثم أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن يجهر بالدعوة فقال: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [25]، فدعاهم إلى الله، وصعد على الصفا وقال: "يا بني فهر، يا بني عدي" لبطون قريش، حتى اجتمعوا، فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج عليكم بسفح هذا الوادي أكنتم مصدقي؟" قالوا: نعم ما جرَّبنا عليك كذباً، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذابٍ شديد"[26]، وقد ناصبه صناديد قريش ومن معهم العداء، ولكن مع ذلك لم يستطع أحد منهم أن يتهمه بصفة الكذب أو صفة غير لائقة، وقد قال الله تعالى: ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُون ﴾ َ[27]، ولو عرفوا خُلُقاً ذميماً - وقد عاش بينهم أربعين عاماً -؛ لأراحهم من التنقيب عن خصلة غير حميدة يتهمونه بها أمام الناس، ووجدوا أن كلمة (ساحر) و(كاهن) هي أنسب الصفات التي يطلقونها عليه؛ حيث يفرق بدعوته إلى الله بين الأب وابنه، والأخ وأخيه، والزوجة وزوجها، واتهموه بالجنون؛ لأنه خالف شركهم ودعا إلى عبادة الله وحده، وتابع دعوته إلى الله في المواسم، والأسواق، وخرج إلى الطائف، وأسلم الجن في طريقه عند رجوعه من الطائف، وحصل له من الأذى الكثير فصبر واحتسب، وبقي في مكة عشر سنين يدعو إلى التوحيد، ثم جاءه جبريل قبل الإسراء، ففرج صدره ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطستٍ ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدره، ثم أطبقه[28]، وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شُقَّ صدره ثلاث مرات، الأولى في بني سعد وهو صغير، والثانية عند البعثة فقال: (وثبت شق الصدر أيضاً عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوَّة، فالأول وقع فيه من الزيادة كما عند مسلم من حديث أنس "فأخرج علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك" وكان هذا في زمن الطفولية فنشأ على أكمل الأحوال، من العصمة من الشيطان، ثم وقع شق الصدر عند البعث زيادة في إكرامه؛ ليتلقى ما يُوحى إليه بقلبٍ قويٍّ في أكمل الأحوال من التطهير، ثم وقع شق الصدر عند العروج إلى السماء؛ ليتأهب للمناجاة، ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثالثة كما تقرر في شرعه - صلى الله عليه وسلم -"[29]. ثم أُسري به إلى بيت المقدس، ثم عُرج به إلى السماء إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام فوق السماء السابعة، وفُرِضَت عليه الصلوات الخمس، وصلّى بالأنبياء ركعتين، ورجع قبل أن يُصبح إلى مكة، وصلَّى في مكة ثلاث سنين، وبعدها أُمِر بالهجرة إلى المدينة، فلما استقر بالمدينة[30] أُمِر ببقية شرائع الإسلام مثل: الزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والأذان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من شرائع الإسلام، أخذ على هذا عشر سنين وبعدها توفي - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين من ربيع الأول على القول المشهور، في السنة الحادية عشرة من الهجرة[31]، وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً رسولاً، وقد توفي - صلى الله عليه وسلم - ودينه باقٍ وهذا دينه، لا خير إلا دلَّ أمته عليه، ولا شر إلا حذَّرها منه، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين لا نبي بعده، وقد بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض الله طاعته على الجن والإنس، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار[32].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾[33] بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: عباد الله!

اتقوا الله تعالى، وتعلموا سيرة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - العطرة، فإن من لم يعرفه، وما هو عليه من الخلق العظيم لا يُحبه، وهذا يبين أن معرفته - صلى الله عليه وسلم - واجبة على كل مسلم ومسلمة.

 

عباد الله! إن العبد المسلم مأمور بالاقتداء بهذا الرسول الرحيم ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾[34]، هذا وصلوا على الرحمة المهداة كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [35]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً"[36]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعَنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، وأعذهم من عذاب القبر وعذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا وسددنا، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾[37].

 

عباد الله!

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾[38]، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾[39].



[1] انظر نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى آدم: البداية والنهاية لابن كثير 2/195، وسيرة ابن هشام 1/1، قال ابن القيم عن نسبه صلى الله عليه وسلم إلى عدنان: (إلى هاهنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسَّابين، ولا خلاف فيه البتَّة، وما فوق عدنان مختلف فيه، ولا خلاف بينهم أن "عدنان" من ولد إسماعيل عليه السلام، وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم [زاد المعاد، 1/71].

[2] هذا هو الصحيح المشهور أنه ولد صلى الله عليه وسلم عام الفيل في شهر ربيع الأول، وقد نقل بعضهم الإجماع على ذلك، انظر: تهذيب السيرة للإمام النووي ص 20.

[3] التحديد بيوم الإثنين ثابت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن صومه: ((فيه ولدت وفيه أُنزِل عليَّ)) مسلم 2/820. أما تحديد تاريخ اليوم ففيه عدة أقوال: فقيل في اليوم الثاني، وقيل لثمانٍ، وقيل لعشر، وقيل: لسبعة عشر، وقيل في الثاني عشر، وقيل غير ذلك، وأشهر وأقرب الأقوال قولان: الأول: أنه ولد لثمانٍ مضين من ربيع الأول، ورجحه ابن عبد البر عن أصحاب التأريخ: انظر: البداية والنهاية 2/260 وقال: "هو أثبت". القول الثاني: أنه ولد في الثاني عشر من ربيع الأول، قال ابن كثير في البداية والنهاية: "وهذا هو المشهور عند الجمهور" 2/260، وجزم به ابن إسحاق: انظر: سيرة ابن هشام 1/171.

[4] انظر: الرحيق المختوم ص 53.

[5] البخاري مع الفتح، 9/124.

[6] طستٍ: إناء كبير مستدير [فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 1/460].

[7] لامه: جمعه وضم بعضه على بعضٍ [شرح النووي على صحيح مسلم].

[8] ظِئره: هي المرضعة، ويقال أيضا لزوج المرضعة [شرح النووي].

[9] منتقع اللون: أي متغير اللون [شرح النووي على صحيح مسلم].

[10] مسلم، برقم 261-(162) وانظر: البداية والنهاية لابن كثير، بتحقيق الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، 3/413.

[11] البداية والنهاية، 4/423، والفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، لابن كثير، ص92 وقد ماتت أمه وأبوه انظر: صحيح مسلم، برقم 203 (على دين الجاهلية ولا حول ولا قوة إلا بالله).

[12] البخاري، برقم 3883، 3884، و3885، 6208، 6572، ومسلم، برقم 209.

وانظر: الفصول لابن كثير، ص93، والبداية والنهاية، 5/431-434.

[13] الترمذي برقم 3620، وقال عنه ابن كثير في الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ص94: ((بإسناد رجاله كلهم ثقات)) وصححه الألباني في صحيح الترمذي، برقم 3620، في فقه السيرة للغزالي ص68 وقال: ((إسناده صحيح)) وقال: لكن ذِكر بلال فيه منكر كما قيل قال: ((قلت: وقد رواه البزار فقال: وأرسل معه عمه رجلاً)).

[14] قاله ابن القيم في زاد المعاد، 1/105، وقال ابن كثير في البداية والنهاية 3/466: ((وكان عمرها آنذاك خمساً وثلاثين وقيل: خمساً وعشرين)).

[15] الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، لابن كثير، ص91-95، والبداية والنهاية، 3/406-451، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/24.

[16] لم يثبت ((أدّبني ربي فأحسن تأديبي)) لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الرسائل الكبرى، 2/336: ((معناه صحيح ولكن لا يعرف له إسناد ثابت))، وأيده السخاوي والسيوطي، فراجع كشف الخفاء 1/70. انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني برقم 72.

[17] أحمد في المسند، 3/425، وحسنه الألباني في تخريج فقه السيرة لمحمد الغزالي، ص84.

[18] الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لابن كثير، ص95.

[19] زاد المعاد لابن القيم، 1/78، قال: وقيل: (( كان ذلك في رمضان، وقيل كان ذلك في رجب)).

[20] غته: حبس أنفاسه، وفي رواية البخاري: ((غطني)) ومعناه: ضمَّني وعصرني.

[21] سورة العلق، الآيات: 1-5.

[22] زمِّلوني: أي غطُّوني أو لُفُّوني بثوبٍ أو نحوه.

[23] البخاري، برقم 3، ومسلم، برقم 160.

[24] البخاري، برقم 4.

[25] سورة الشعراء، الآيات: 214-216.

[26] البخاري، برقم 4971، ومسلم /194 – (برقم 208).

[27] سورة الأنعام، الآية: 33.

[28] البخاري، برقم 349، ومسلم برقم 163.

[29] فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 7/204-205.

[30] وصل إلى المدينة صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين من شهر ربيع الأول وحدده بعضهم باليوم الثاني عشر من ربيع الأول، انظر: فتح الباري 7/224.

[31] انظر: البداية والنهاية لابن كثير، 5/255، وتهذيب السيرة للنووي ص25، وفتح الباري لابن حجر 8/129.

[32] انظر: صحيح البخاري، برقم 3851، والأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص75، 76.

[33] سورة التوبة، الآية: 128.

[34] سورة الأحزاب، الآية: 21.

[35] سورة الأحزاب، الآية: 56.

[36] مسلم، برقم 384.

[37] سورة البقرة، الآية: 202.

[38] سورة النحل: الآية: 90.

[39] سورة العنكبوت: الآية: 45.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة