• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / محمد صلى الله عليه وسلم / روافد


علامة باركود

المنصفون والرسول العربي صلى الله عليه وسلم

المنصفون والرسول العربي صلى الله عليه وسلم
طه المدور


تاريخ الإضافة: 20/1/2014 ميلادي - 18/3/1435 هجري

الزيارات: 7251

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنصفون والرسول العربي صلى الله عليه وسلم

 

سادتي الكرام:

كان أوغست كونت أحد فلاسفة الفرنسيس لا يترك فرصة إلا وينتهزها للطعن بالإسلام وبالنبي العربي عليه السلام، لأنه متشبع بالروح المسيحية الاكليريكلية لا المسيحية النبيلة المتسامحة، فحدث له أن زار مصر واجتمع فيها ببعض العلماء المسلمين فتأثر بأقوالهم وأراد أن يتتبع سيرة النبي العربي ويدرس آثار المدنية الإسلامية فزار الأندلس وبقي فيها مدة طويلة تفقد خلالها ما تركه المسلمون من آثار تدل على عظمة التمدن الإسلامي ثم جاء إلى (رومية) وانعكف على الدرس والتتبع في مكتبة الفاتيكان مدة سنة تقريباً تشرب خلالها روح التمدن والشريعة الإسلاميتين وتفهم شخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصبح مشغوفاً بخلاله وأوصافه وفلسفته، وإنما كان لا يؤمن بأميته عليه الصلاة والسلام وكثيرًا ما كان يتساءل قائلاً:

ترى كيف يتاح لبدوي عاش في الصحاري والقفار بدون أن يتعلم أو يدرس أو يقرأ أو يكتب أن ينشئ مثل الشريعة الإسلامية التي لا تماثلها شريعة بين الشرائع السماوية سواء في التشريع أو الأحكام أو الفلسفة؟ إلى أن بدا له أن يجتمع بالبابا بيوس التاسع ويسأله رأيه في هذا الشأن وكان هذا من أهل العلم والتتبع، وقف على جوهر الشريعة الإسلامية، وتعمق بدراسة حياة النبي العربي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وبعد نقاش وحديث طويل بين الفيلسوف والبابا سأل الأول الثاني: هل صحيح أن محمداً كان أمياً كما يدعي المسلمون وتذكر التواريخ لا يعرف القراءة والكتابة؟ فأجابه بجوابه المشهور:

Si lui incancente أي نعم إنه كان أميًا.....


ويقول المؤرخ الشهير (مراد): إن (أوغست كونت) لطم عند ذلك وجهه وقال:

[واخجلتاه منك يا محمد، إنني قد ظلمتك، فالويل لك يا أوغست.... ألا إنني أقر وأعترف بأن محمدًا أصغر من إله ولكنه بكل حال أسمى من البشر].

 

سادتي:

قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ﴾.


فالحق أن صديقنا الأستاذ (لبيب الرياشي) قد أدى في كتابه (نفسية الرسول العربي) صلى الله عليه وسلم رسالة كان مسلمو الشرق عامة والعرب منهم خاصة يترقبون من زمن بعيد، أن يقوم بأدائها مسيحي يمت إلى أهل الشرق بصلة عريقة لا بل هو من أبناء يعرب الخلّص.


وكيف لا نرقب ذلك ونحن نقرأ الفينة بعد الفينة، لعلماء الفرنجة الذين لا تربطهم بالشرق ولا بالعرب فلذة من عرجونة الجنسية أو الشعور الديني أو النعرة الثقافية، كتبًا ورسائل قيمة في تبجيل شخصية الرسول العربي صلى الله عليه وسلم وتعداد أوصافه السامية، وفلسفته الخالدة، وشريعته السمحة فنطالع في أسفارهم شواعرهم الشريفة، القائمة على دعائم التفكير، والمستنبطة من صميم الحقيقة العلمية المجردة.


قد يكون العلم وحب العلم، هما الدافع الأول لأولئك الأفذاذ من علماء الغرب لتتبع الحقائق التي نقرأها لهم في أسفارهم عن حياة محمد صلى الله عليه وسلم وعن الدين الإسلامي بروح الإعجاب والامتنان - والتي لا يرونها هم أنفسهم خارجة عن مناجع الاستنباط العلمي ليس إلا أقول قد يكون العلم وحده هو الدافع لهؤلاء الأفاضل الكرام في إخراج أسفارهم إلى عشاق العلم في أوربا وأميركا، وهم لا يمر ببالهم أننا معاشر المسلمين سنقرأ لهم كتبهم ونبعث إليهم من أجلها برسائل الشكر والمنة. وليت شعري كم كتاب بعثنا من هذا النوع إلى هؤلاء المنصفين ومتى؟ ومن الذي بعث بها؟ اللهم إلا إذا كان هنالك بعض الأفراد الذين لا يتجاوزون عدد أصابع الكف قادتهم صلات علمية، أو ألجأتهم صدف غير مرتقبة فأبدوا لأولئك العبقريين شيئًا من الإكبار غير السخي...


فذلك العلم الذي علم الغربي المنصف أن يكتب ما يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ليفقد من صدور العلماء العرب من إخواننا النصارى فنستمع إلى أكثر من واحد منهم على الأقل يقوم لتبجيل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهم يمتون إليه بصلة الجنس واللغة والوطن والثقافة والأخلاق.


أجل أنا لا أنكر أن العلماء الأماثل من النصارى كالمرحوم خليل زيدان وكالصديق الأستاذ عيسى اسكندر معلوف، والأب شيخو، والأب انسطاس الكرملي، وغيرهم من الأفاضل القلائل الذين لا تحضرني أسماؤهم، قد بحثوا في تآليفهم إما بطريق العرض أو عن طريق ذكر الوقائع التاريخية حياة محمد صلى الله عليه وسلم. ولكن كانوا كلهم بدون استثناء أشبه بالفيلسوف اليوناني (تميسته كلوس) الذي جاء إلى شاطئ البحر في إبان البرد والزمهرير فاقتلع ثيابه وغطس في الماء المثلج عدة مرات، ثم خرج وأخذ يلبس وهو يكاد يموت. فلما سأله تلامذته عن السبب الذي دفعه إلى ذلك أجاب: "لأنني أحببت أن أتلذذ بنعمة الدفء".


وهؤلاء المؤلفون، أرادوها شهرة وتجارة لاسيما أن كلًا منهم يعيش في بيئات إسلامية كمصر وسورية والعراق... وكم كنت أتمنى أن أراهم كتبوا عن الإسلام أو عن نبيه القليل أو الكثير مما كتبه (ليبرتيني) الإيطالي و(ماسينيون) الفرنسي و(هارون الرشيد) الألماني و(غرونه ل) البلجيكي و(تولستوي) الروسي و(فلاندز) الهولاندي وغيرهم من الذين ما ألفوا كتبهم لأجل التجارة ولا لأجل أن نقرأها لهم نحن معاشر العرب، ونفعمهم عليها ثناء، بل أرادوها رسالة لمحض العلم ومن أجل العلم فقط...


وماذا نقول إذا علمنا أن معظم هؤلاء المؤلفين من إخواننا كانوا يتعمدون التحريف في الوقائع والمس من كرامات الكثيرين من رجال النهضة الإسلامية سواء الذين عاصروا صاحب الرسالة الأعظم أو الذين جاءوا من بعده وكم نصروا شاعرًا وكفروا فيلسوفًا وأنكروا الحقائق التي قررها علماء الفرنجة. فكان الغريب كريمًا سخيًا ومنصفًا. وأما القريب (وأعني به هؤلاء الإخوان) فقد كان ممسكًا وحتى متعسفًا في حكمه...


إلا أن القلب كان يود أن يستمع إلى العالم المسيحي الأوربي (ليبرتيني) يقول عن محمد صلى الله عليه وسلم: [ليتني عرفت محمدًا عن كثب فأتعرف أيضًا إلى جوهر هذه الشخصية التي بزت كل نبي وكل عظيم] وإلى (هارون الرشيد الألماني) القائل: [لم نقرأ شخصية تخر الهامات أمام جلالها وعظيم جهودها كشخصية محمد] وإلى (أوغست كونت) يترنم بمحمد قائلًا: [إن محمدًا أصغر من إله ولكنه بكل حال أعلى من البشر].


أجل كم كان يود القلب أن ينسب هذه الأقوال النبيلة القائمة على الحقائق المجردة عن التدليس والمداهنة إلى إخواننا المؤلفين من نصارى العرب فنقول قال خليل... وقال أسعد... وقال عبدالله بدلًا من أن نقول قال ليبرتيني وقال ماسينيون وقال لامارتين.


إني لا أنكر على الأخطل الصغير الصديق الأستاذ بشارة الخوري التبجيل والتكريم اللذين قام بهما تجاه النبي العربي عليه السلام في بعض أشعاره، كما لا أنكر على الأستاذ مازن عبود كبير عواطفه نحو محمد صلى الله عليه وسلم حتى إنه من فرط ولعه به أسمى ولده (محمدًا) وربما كان هناك أفاضل غير هؤلاء من إخواننا أحبوا محمدًا وأنصفوه ولكن القليل لا حكم له ويا للأسف. لأننا كنا نريد أن نرى بجانب كل غربي نصراني يمتدح الإسلامية ونبيها 100 عربي نصراني يؤدي هذه الرسالة ولو باسم العلم والحقيقة. وإذا كنا نحن معاشر المسلمين نجري في الإيمان بسيدنا عيسى عليه السلام بدون أن تدفعنا إلى ذلك عاطفة التزلف، بل نؤمن به إيمانًا صادقًا بريئًا فليسمح لنا إذن إخواننا بأن نلزمهم الشيء نفسه باسم العاطفة القومية على الأقل.


نعم، ليس ثمة لأنهم نصارى فقط يجب أن يحبونا مودتهم، بل لأنهم من خلص العرب أيضًا. ومحمد صلى الله عليه وسلم بعث نبيًا من بين العرب وللعرب ثم لكافة الناس. وإن المفكرين من إخواننا ليعلمون جيدًا بأننا معاشر المسلمين نحترم مودتهم، ونرعى جوارهم، ونضن بكراماتهم، ونصون حقوقهم، ونجل رجالاتهم، ونفتدي الغالي والرخيص في سبيل سلامتهم. وكيف لا ونحن وهم من عشيرة واحدة تربطنا بعضنا ببعض صلة الدم، وصلة اللغة، وصلة العنصرية العربية.


غير أن الرسالة التي أداها الأستاذ الفاضل لبيب الرياشي الذي نقوم اليوم إلى تكريمه لتحليله نفسية الرسول العربي عليه السلام بكتابه (فلسفة الدين الإسلامي) قد سدت الفراغ الذي لمسناه في كلماتنا آنفًا، فقد مثل في كتابه العربية المسيحية خير تمثيل، ومثل معها شواعرها نحو المسلمين، ومثل عاطفتها، ومثل نعرتها العربية، ومثل الإخاء القومي، كما مثل بجانب ذلك الإنصاف، ومثل العلم والجرأة والعبقرية الفذة. نعم لقد بز الأستاذ الرياشي بكتابه هذا معظم ما كتبه الغربيون في الرسول العربي محمد عليه السلام. فإن شكرناه أجابنا بكل شمم لا تشكروا من يعتبر أن الواجب، وحب الحقيقية هما اللذان دفعاه إلى كتابة ما كتب. وإن سكتنا كان ذلك إجحافًا منا بجنابه وإهمالًا لشريف عاطفته..


ولذا قمنا اليوم بحفلتنا النبوية هذه مكرمين له صنيعه المحمود - وذلك أقل ما يجب عمله تجاهه - وربما كانت لنا من وراء ذلك أيضًا غاية نبيلة أخرى هي أن نكرم بشخصه المسيحية العربية التي نـزلت الآية الكريمة بحقها والتي استهللنا بها هذا الخطاب وهي: ﴿ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ﴾ [المائدة: 82].


وختامًا اسمحوا لي يا سادتي أن أهتف من صميم القلب ليحيا الأستاذ الرياشي ولتحيا الرابطتان العربية والإسلامية.. والسلام عليكم.


المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الثانية، العدد الثالث، 1356هـ - 1937م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة