• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / محمد صلى الله عليه وسلم / مقالات


علامة باركود

تواضع الرسول وغرور السلطة الزمنية

خالد الدرملي


تاريخ الإضافة: 10/1/2013 ميلادي - 28/2/1434 هجري

الزيارات: 11811

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تواضع الرسول
وغرور السلطة الزمنية


الحمد لله رب الملائكة والروح، خالق كل شيء ومليكه، مالك الخَلق والأمر، تبارك الله ربُّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى كان يَستفتِح صلاة ليله بأدعية كثيرة منها: ((اللهم ربَّ جبريل وإسرافيل وميكائيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلف فيه من الحق بإذنك؛ إنك أنت تهدي إلى صراطك المستقيم)).

 

الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - في هذا الدعاء يَذكر أقوياء هذا الكون جبريل وإسرافيل وميكائيل، ثم يُثبت أن الله هو ربُّ هؤلاء الأقوياء، وأن الله خالق السماوات والأرض ومَن فيهنَّ، ثم يُثبت العلم والحكْم لله وحده، وبما أن الله يَحكم بين العباد فهذا تقرير بأن الخلاف بينهم لا بد أن يكون موجودًا، وأسباب الخلاف كثيرة، منها أن تجد طرفًا على حق وطرفًا على باطل، أو طرفَين على حق ولكن الحق غير ظاهر، أو الطرفَين على باطل والحق ضائع بينهما، أو كل طرف على حق في شيء وعلى باطل في شيء، وكل منهما متمسك بحقه ويغضُّ الطرف عن باطله.

 

وهذه هي أوضاع أصحاب الخلاف، وعلى الحاكم الذى مكَّنَهُ الله في الأرض أن يحكم بالحق بينهم، ولكنه لا يستطيع أن يحكم بالحق بين أصحاب الخلاف إلا إذا أقام الحق على نفسه أولاً، ولكى يفعل ذلك لا بدَّ أن يَعرض نفسه وحكمه على كتاب الله وسُنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ثم يَعرض حكمه على فترات الحكم الرشيدة التي كانت في زمن الخلفاء الراشدين الأربعة، ونقول خمسةً مجازًا إذا أضفنا لهم الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز، فإن رأى اعوجاجًا عن رشدهم فليَرجع سريعًا، وإن رأى غير ذلك - وهذا قَلَّما يحدث هذه الأيام - فليحمد الله ويسأله التوفيق والهداية، وليتعلم من الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- كيف يسأل ربه؛ انظر في هذا الحديث عندما يدعو ربه ويقول: ((إنك أنت تهدي إلى صراطك المستقيم)).

 

[2]

والحاكم الذى يرجو لقاء ربه وهو راضٍ عنه لا بد أن يتَّقيَه في كل أحواله، وإلا فهو على خطرٍ عظيم؛ فإن الله يقول لنبيه داود - عليه السلام -:﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26].

 

وهذ هو داود - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - يقول له ربه: احكم بالحق ولا تتبع الهوى، فما بالك أيها الحاكم حين تقرأ هذه الآية وغيرها من الآيات التي تحضُّ الحاكم على أن يَحكم بالحق، وقد تكون وعَيْتها وغيرها مِن الآيات في صدرك، فلا تكتفي بأن تكون وعاءً للقرآن وفقط، بل كن عاملاً به واقفًا عند حدوده، لا تتعدَّ أوامره، ولا تقترب مِن نواهيه، وكن قابلاً للنصيحة، فإذا قال لك أحدٌ من عباد الله الذين تحسبهم على خير: اتق الله ولا تتبع هواك الذى يَميل إلى أحد الطرفين المتخاصمَيْن أو المتنازعَيْن على شيء من الدنيا، أو تَميل إلى الجماعة التي أنتَ منها على الجماعة الأخرى، تأخذك العزة بالإثم وتتولى وتصدر قرارات وفرمانات لا تعقيب عليها فيَنطبق عليك قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 206].

 

ألم ترَ إلى الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- في الحديث يلجأ إلى ربه يدعوه ويرجوه أن يهديه إلى الحق المختلف فيه فيقول: ((اهدني لما اختُلف فيه من الحق بإذنك)).

 

[3]

فسرعان ما استجاب الله لرسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- فقال له: ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِين﴾ [النمل: 79]، ثم قال له بعد أن ثبته وأعلمه أنه على الحق: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم ﴾ [الشورى: 52].

 

فكن - أيها الحاكم - ملتمسًا لهذا الصراط المستقيم قدْر استطاعتك، ولتعلم أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وطالما أنه - سبحانه - كلف فلتعلم أنه أصبح بوسعك هذا التكليف، فكلِّفْ نفسك ما كَلفها الله؛ حتى تكون من الذين قال الله فيهم: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213].

 

وليعلم كل حاكم مكَّنَهُ الله في الأرض وفى الحكم بين العباد أن آفة المُلك والسلطان هي الهوى؛ وذلك لأن الحاكم المُمَكَّن إذا أشار إلى بطانته إلى شيء يريده، استُجيب له فورًا، وعندما يتعود هذه المسألة ينسى أن الله هو الذى مكنه، وأنه - سبحانه وتعالى - قادرٌ في لحظة أن يسلب منه كل شيء ويجعله ذليلاً بعد أن كان عزيزًا، وفقيرًا بعد أن كان غنيًّا، وفى ذلك يقول المولى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

 

وتعَوُّد الحاكم على المُلك والسلطان وتمسُّكه بهما يُسمى السلطة الزمنية، التي تجعله يرى الحق باطلاً والباطل حقًّا، أو أنه يرى الحق حقًّا، ولكن لا يتّبعه، ويرى الباطل باطلاً ويتبعه، ولذلك كان رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((اللهم أرني الحق حقًّا وارزقني اتباعه، وأرنى الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه))، فهذا هو حال الرسول الذى يُوحى إليه من ربه، الذى يقول عنه ربه: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3].

 

[4]

والسلطة الزمنية هي التي جعلَت الذى حاجَّ إبراهيم في ربه يقول: أنا أُحيي وأُميت، وهى التي جعلت فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل الأبرياء وهم في المهد، وهى التي جعلت أبا جهل وأُميَّة بن خلف وغيرهم يُنكرون دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهى التي جعلت كِسرى يُمزِّق كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهى التي جعلت كل الطغاة يُنكرون الحق وهم يعلمونه.

 

والله يُمهِل ولا يُهْمل، والعبد الحاكم لا بدَّ أن يعلم أنه عبدٌ لله يَحكم بين العباد بأمر الله، وأمرُ الله في كتابه وفى سُنَّة رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- والبعد عن أمر الله يُعرِّض هذا العبد الحاكم المسكين إلى عذاب عظيم، فهو وأمثاله قال الله فيهم: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50].

 

والحاكم يجب أن يجمّع الأُمة ولا يفرقها؛ فإن الفُرقة والشقاق فيهما الضعف والهوان وتجرُّؤ الأمم الأُخرى، وكلمة الحق جامعة للمسلمين وغيرهم، وتسع وتشمل كل مَن يعيش مع المسلمين على أرضهم، فالحاكم لا يُفرِّق الأُمة المسلمة ويجعلها تتشرذَم فِرَقًا وأحزابًا وغير ذلك من الأسماء، فكلهم مسلمون تابعون لحبيبهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا مَن أنكر هذا الاتباع وهو محسوب على المسلمين.

 

والحاكم يجب أن يتجرد من أي شيء يُحرِّك هواه إلى غير الحق، فلا يتحرك هواه إلا إلى الحق؛ بل يجعل هواه تابعًا للحق، ولا يخشى في الحق لومة لائم، ويكون كالذين أحبَّهم الله وأحبوه؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54]، ولا يكون كالذين قال الله فيهم: ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾ [المائدة: 52]، وليجتهد ليكون مِن هؤلاء الذين وصفهم الله بالإيمان، وقال آمِرًا لهم:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135].

 

[5]

وهذه الأوامر الربانية في كتاب الله وسُنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - كثيرة جدًّا للحكام والقضاة، ولكل مَن وليَ أمرًا من أمور المسلمين، فإن أخطؤوا في شيء بغير قصد فهم معذورون، ولكن إذا أخطؤوا بقصد وهم يعلمون فليس لهم عذر، والطامة الكبرى إذا كانوا يحفظون كتاب الله ويَستشهدون بالسُنة المطهرة في كثيرٍ مِن المواضع، وهذه والله مصيبة كبرى أُصيب بها أغلب حكام هذه الأيام، ولا أريدك - أيها القارئ الكريم - أن تُسقِط حديثي هذا على بلدٍ بعينها؛ فكلنا يعلم أحوال العباد والبلاد.

 

واللهَ أسأل أن يوفق حكام المسلمين وأن يردَّهم إلى الحق، ويرزقهم الفهم الصحيح كما رزقه سليمان - عليه السلام - فقال: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 79]، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة