• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / فضائل رمضان


علامة باركود

مدرسة الصيام

مدرسة الصيام
هيام محمود


تاريخ الإضافة: 4/4/2022 ميلادي - 3/9/1443 هجري

الزيارات: 10366

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مدرسة الصيام


الصوم هو مدرسة المؤمنين التي تصنع إيمانهم، وتصهر عيوبَهم، وتصنع منهم أناسًا جددًا، وتصنع لهم إرادة قوية تُعليهم فوق شهوات الدنيا ومُتعها الرخيصة، ينتصرون على أنفسهم فينتصرون على عدوهم، فأعظم الفتوحات والانتصارات حقَّقها المسلمون في رمضان وهم صائمون، لم يمنعهم الجوع والعطش والحر والجهد من تحقيق أروع الانتصارات بعون الله ونصره لهم، فلقد تغلبوا بالصوم على العدو الحقيقي، وهو النفس والشيطان، فما بقي للعدو الخارجي سلطان عليهم.


إن الصوم هو مدرسة بكل ما تعنيه الكلمة من معان عظيمة، فهو مدرسة المراقبة والإحسان، وهو مدرسة الصبر والإرادة، وهو مدرسة الزهد، وهو مدرسة الرحمة، وهو مدرسة التقوى، وهو مدرسة الافتقار، وهو مدرسة التجارة الحقيقية مع الملك جل جلاله.


فأما المراقبة والإحسان، فنحن نتذكر رقابة الله علينا في كل وقت يؤلِمنا فيه الجوع أو العطش، أو تتحرك النفس تجاه مطلب لها من شهوات الدنيا المباحة في غير نهار رمضان، فننتهي عن رغباتنا برغم سهولة الحصول عليها، إنه درس يترك أثرًا عميقًا في نفس المؤمن يذكِّره بأن الله معه في كل وقت وحين، فهو رقيب عليه، يرى ما يفعله، ويسمع ما يقوله، ويعلم خوافي نفسه وما يحويه صدره، إنه هو مَن يعينه على اجتياز رحلة الحياة، وهو من يحفظ نفسه من الوقوع في فتن الدنيا والسقوط في أوحالها النجسة.


إنه الصوم؛ حيث لا أحد يرانا ولا أحد يراقبنا، ولكننا مع الله فقط والله معنا يرانا ويسمعنا، نتحرز من قطرة من المياه أن تسقط في جوفنا ونحن نتوضأ، فنتعلم أن نراقب اطلاع الله على سرائرنا وضمائرنا وما تخفيه نفوسنا.


وأما الصبر والإرادة، فنحن نتعلم في هذا الشهر أن نترك حاجاتنا الأساسية والطبيعية طاعة لله وامتثالًا لأمره، فنتعلم أن نصبر، ونتعلم الدرس الأعظم: إنما الدنيا صبر ساعة، فكما نقطع اليوم الطويل من الجوع والعطش ونحن نمني أنفسنا بساعة الإفطار، نقطع العمر الطويل القصير بكل ما فيه من كبدٍ ومشقة، وبكل ما فيه من فتن ومِحن، نمني أنفسنا بساعة الخروج من سجن الدنيا إلى النعيم الذي أعدَّه الله للمتقين، وهكذا تقطع الدنيا وهكذا نصبر عن فِتنها، ونصبر على محنها وشدائدها وآلامها.


وأما الزهد، فإننا في رمضان نتعلم أن الأيسر هو حاجة الجسد، وأن الجسد يمكن أن يرضيه القليل، فلا نعيش حياتنا لأجل ذلك الجسد الترابي، وإنما نتعلم أننا يمكننا أن نتنعم حتى لو جاع الجسد، لكننا سنشقى لو جاعت الروح ومهما أشبعنا الجسد، نتعلم أن الدنيا رخيصة، وأن علينا أن نترك لنأخذ، وأن نُحرم لننعم، وأننا كما نقدر على أن نزهد في الحلال وهو أمامنا وبين أيدينا، فقدرتنا على الزهد في الحرام أولى وأقوى.


وأما الرحمة، فإن الصوم يرقِّق القلب ويرقي النفس، ويكسب الإنسان رهافة في الحس؛ فحين يجوع جسده ويصيبه الوهن لحرمانه من الطعام والشراب لعدة ساعات، يحس بحاجة إخوانه الفقراء الذين لا يجدون ما يسدون به رمقهم، أو يشبعون أطفالهم، أو يكسون أنفسهم، فيعطف عليهم ويبذل الخير، فيطعم الطعام ويعين المحتاجين، ويبذل لهم ما يحبه لنفسه من الطعام الطيب والشراب الهنيء والملبس الحسن.


وأما التقوى، فهي الدرس الأعظم من الصيام؛ لقوله تعالى في ختام آية الأمر بالصوم: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾، حين تترك الحلال الذي أحله الله لك خوفًا منه وابتغاء مرضاته، ستصون نفسك عن مواطن الزلل والفتن، لقد سيطرت على نفسك ومنعتها من الحلال، فكيف ستكون سيطرتك عليها في الحرام؟ إن الصوم يجعلنا أقوى على الشيطان، فيضيق عليه مجاريه، وأقدر على النفس فيهذبها ويؤدبها، وأكثر صمودًا أمام الفتن والشهوات البالية، فلقد تعلمنا الصبر عن الحلال، وسنصير عن الحرام أصبر بعون ربنا.


وأما الافتقار والشكر، فأما الافتقار، فالجوع الذي نشعر به، والحرمان الذي نحرمه من النعم وهي بين أيدينا وتحت تصرُّفنا، يشعرنا بالفاقة لله وأننا عبيده الضعفاء المحتاجين إليه، نتذكر ذلك اليوم الذي يطول فيه الجوع والعطش: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 6] خمسين ألف سنة ليس لحاجاتهم كاشف إلا الله.


وأما الشكر، فحين تخف مؤونة الجسد من حمولِها تخف الروح أيضًا، فيكون القلب أكثر رقة وأكثر استشعارًا لنعمة الله علينا وفضله الذي يجود به علينا دومًا، من دون أن نشعر بتلك النعم وبذلك الفضل، فيزداد شعورنا بالامتنان لربنا على ما وهبنا من خير كثير.


وحين يأتي وقت الإفطار، نجد أن الله قد أنعم علينا بالقدرة على الصيام، وأكرمنا ورزقنا بالطعام الطيب على جوع طويل، وبالماء البارد على ظمأ شديد، وبالعافية التي تمكِّننا من مد أيدينا للطعام ومضْغه وابتلاعه وهضْمه، وبالمسكن الآمن الذي نجلس فيه لنتناول طعامنا بعيدًا عن الحر والبرد، وعن الحيوانات الضالة والحشرات المؤذية، وبالبلد الآمن الذي نعيش فيه، فنتناول طعامنا آمنين من أن يقصف أحدهم منزلنا، أو أن يهجم علينا فيؤذينا، حين نرى كل تلك النعم التي حبانا الله إيَّاها، فيكون قلبنا شاكرًا لأنعُم الله وأفضاله الكثيرة التي أكرمنا بها على الرغم من ذنوبنا، وعلى الرغم من تقصيرنا في طاعته وشكره، حينها نرفع أيدينا ونلهج بالحمد والشكر لرب كريم أنعم علينا بكل تلك النعم، ونقول: الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت، فعن معاذ بن زهرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت".


وأما التجارة الحقيقية مع الملك، فرمضان فرصة عظيمة لكسب الأجور، دقائقه ثمينة غالية، وفي كل وقت يُمكننا أن نغتنم غنيمة باردة، فمن ذكر لشكر، ومن صلاة لتلاوة، ومن صيام لقيام، ومن صدقة لإطعام، ومن إحسان للآخرين لصنائع المعروف، ومن عمرة لدعوة لاعتكاف، ففيه يتعاون الناس على الطاعة، وتبتهج النفوس بها، وفيه تضاعف أجور الأعمال اليسيرة لتكون أعظم أجرًا وأزكى أثرًا على النفوس، فيتسابق الناس في عمل الخير ومساعدة الغير.


وفي كل ذلك يبقى شعار القلب المرفوع نطلب يا رب عتقك لنا من النار، نحاول أن ننجو من عذابك وأن نحصل على رضاك، فيا رب نوِّلنا ما نريد..


دروس فوق دروس:

ليتنا لا نفارق رمضان قبل أن نتعلمها، ليت رمضان يبقى مدرسة لنا، فتصلح به دنيانا وأخرانا، ليتنا نستطيع أن نعقد مقارنة بين الدنيا والآخرة، فننصب سوق الآخرة أمام أعيننا، ونعرف قيمة الدنيا على حقيقتها، فنستثمر كنوز رمضان، لنجعل منه طريقًا موصلًا للسلعة الغالية، إنها الجنة.


فالصوم إذن مدرسة القلوب، فإن كان الصيام يفعل كل ذلك في القلب، فهو يغسله ويطهره، وهو مطلب عظيم جدًّا، فالقلب هو محل نظر الله جل جلاله، وبه يتفاضل العباد أمام الله جل جلاله، وبه ينجو العباد يوم القيامة، قال تعالى في سورة الشعراء: ﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].

 

وفي الحديث الحسن عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه"؛ رواه أحمد، فصلاح القلب يصلح الدين كله، وفساده يفسد الدين كله، وكأنك من دون قلب حي تعمل في غير معمل، وتسعى في غير مسعى، ففي الحديث الصحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"؛ رواه البخاري ومسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة