• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام


علامة باركود

استقبال الشهر العظيم (خطبة)

استقبال الشهر العظيم (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي


تاريخ الإضافة: 24/3/2022 ميلادي - 21/8/1443 هجري

الزيارات: 95506

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

استقبال الشَّـهْر الـعَظِـيم

 

الْـخُطْــبَــةُ الأُولَى

إنَّ الْـحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتِغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا، وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ وَخَلِيلُهُ، وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عليه، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ:

 

فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْـجَمَاعِةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْـجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ، هَا هِيَ الأَنْفُسُ تَشْرَئِبُّ، وَالْقُلُوبُ تَـخْفِقُ، والأَنْفُسُ الزَّكِيَّةُ تَـهْفُو تَنْتَظِرُ قُدُومَ الشَّهْرِ الْعَظِيمِ، الَّذِي فَرَضَ اللهُ عَلَيْنَا صِيَامَهُ، وَجَعَلَهُ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ دِينِنَا الْعَظِيمِ؛ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] ؛ حَيْثُ خَاطَبَ اللهُ بِـهَذِهِ الآيَةِ أَهْلَ الإِيـمَانِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّـهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَسْتَجِيبُونَ لأَمْرِ اللهِ.

 

وَجَعَلَ مِنْ ثِـمَارِ الصِّيَامِ التَّقْوَى؛ لِأَنَهُ يَقِيَ الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ.

 

وَمِنْ ثِـمَارِهِ العَظِيمَةِ أنْ يَعْرِفَ الإِنسَانُ نِعمَةَ اللهِ عليهِ؛ فَهُوَ طوَالَ دَهْرِهِ يَأكُلُ وَيَشْرَبُ، وَيَأتِي أَهْلَهُ مَتَـى شَاءَ، فَلا يَشْعُــرُ بِالحرْمَانِ مِنْ هَذِهِ النَّعَمِ، وَلَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا؛ إِلَّا مَنْ حُرِمَ مِنْهَا. فَعِنْدَمَا يُـحْرَمُ مِنْهَا سُوَيْعَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ لِـمُدَّةِ شَـهْرٍ؛ يَعرِفْ قَدْرَهَا، وَيَشْكُرِ اللهَ عَلَيْهَا.

 

وَمِنْ ثِـمَارِهِ أَنَّ الإِنسَانَ قَدْ لَا يَشْعُرُ بِـحَاجَةِ الْفُقَرَاءِ والْمَسَاكِيـنِ، وَلَا يَعْرِفُ أَثَرَ الْـجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَرُبَّـمَا قَادَهُ ذَلِكَ إِلَى الْبُخْلِ وَالشُّحِّ، وَإِهْمَالِ الْمُحْتَاجِيـنَ، أَوِ التَّغَافُلِ عَنْهُمْ؛ لِكُونِهِ طوالَ دَهْرِهِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَإِذَا حُرِمَ مِنَ الطِّعَامِ وَالشَّرَابِ سُوَيْعَاتٍ فِي الْيَوْمِ مُدَّةَ شَهْرٍ كَامِلٍ؛ شَعَرَ بِـمُعَانَاتِـهِمْ؛ فَقَادَهُ ذَلِكَ إِلَى الْعَطْفِ عَلَيْهِمْ، والإِحْسَانِ إِليهِمْ. وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا تَقِيٌّ. فَالصَّوْمُ يَقُودُ الْمُؤْمِنَ لِلتَّقْوَى.

 

عِبَادَ اللهِ، هَا هُوَ الشَّهْرُ الْعَظِيمُ يُقْبِلُ عَلَيْنَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُـخْبِـرُ أَصْحَابَهُ بِقُدُومِهِ بِقَوْلِهِ:" قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا، فَقَدْ حُرِمَ "، رَوَاهُ أَحْـمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فَالشَّيَاطِيـنُ فِي هَذَا الشَّهْرِ لَا يَـخْلُصُونَ فِيهِ مِنْ إِفْسَادِ النَّاسِ إِلَى مَا يَـخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْـرِهِ، وَذَلِكَ بِـحِفْظِ اللهِ لَـهُمْ، وَانشِغَالِـهِمْ بِقِرَاءَةِ القُرآنِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَقَمْعِهِمْ للشَّهَوَاتِ. فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ هَذَا الشَّهْرَ العَظِيمَ بِالفَرَحِ، والسُّرُورِ، والْغِبْطَةِ، وَشُكْرِ اللهِ الْعَظِيمِ؛ أَنْ نَسَأَ فِي عُمْرِهِ حَتَّـى بَلَّغَـهُ شَهْرَ رَمَضَانَ، الَّذِي أَكْثَرَ اللهُ فِيهِ مِنَ الْبَـرَكَاتِ.

 

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ للصِّيَامِ فَضَائِلَ عَظِيمَةً، وَمِنْ ذَلِكَ قَولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ»، وَفي الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ) وَمَعْنَـى (جُنَّةٌ) كَمَا جَاءَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: (حِصْنٌ حَصِيـنٌ مِنَ النَّارِ).

 

وَمِنْ فَضَائِلِ رَمَضَانَ:

أنَّ اللهَ احْتَفَظَ بِأَجْرِ الصَّائِمِ لِنَفْسِهِ، فَجَاءَ فِي الْـحَدِيثِ الصَّحِيحِ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَفِي حَدِيثٍ عَظِيمٍ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّائِمُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ، صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ" رَوَاهُ أَحْـمَدُ وَغَيْـرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. وَلَعَلَّ ذَلِكَ لأَنَّهُ جَاهَدَ نَفْسَهُ، مَعَ وُجُودِ الْمُفْطِرِينَ أَمَامَهُ، وَذَلِكَ كَمَنْ يَصُومُ صِيَامَ النَّفْلِ، أَوْ يَصُومُ الْفَرْضَ، وَيُفْطِرُ عِنْدَهُ أَهْلُ الأَعْذَارِ، وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمِ الَّذِي يَصُومُ فِي بِلَادِ الْكُفْرِ، وَلَا يُرَاعُوْنَ حُرْمَةَ الصِّيَامِ؛ فَمُجَاهَدَتُهُ لِنَفْسِهِ أَعْظَمُ مِنْ مُـجَاهَدَةِ غَيْـرِهِ؛ فَكَانَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ هَذَا الأَجْرِ الْعَظِيمِ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ الصِّيَامِ كَمَا فِي الْـحَدِيثَ: (لِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) رَوَاهُ التِّـرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ فِي نَفْسِهِ فِي رَمَضَانَ، وَأَنْ يُنَزِّهَهَا عَنِ اللَّغَطِ وَالْمُشَاتَـمَةِ، وَمَا لَا يَلِيقُ بِهِ.

 

لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَـجْتَنِبَ الْمَعَاصِي، كَمُشَاهَدَةِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَإِطْلَاقِ الْبَصَرِ فِي الْفَضَائِيَّاتِ، وَأَنْ يَرُدَّ الْمَظَالِـمَ إِلَى أَهْلِهَا، وَأَنْ يَغْتَنِمَ هَذَا الشَّهْرَ بِالْبِـرِّ بِوَالِدَيْهِ أَمْوَاتًا وَأَحْيَاءً، وَأَنْ يَصِلَ رَحِـمَهُ، وَأَنْ يَتَعَاهَدَ الْفُقَرَاءَ، وَالْمَسَاكِيـنَ، وَالْمُحْتَاجِيـنَ، مِنْ أَقَارِبِهِ وَجِيـرَانِهِ، وَعُمُومِ الْمُسْلِمِيـنَ، وَأَنْ يَعْطِفَ عَلَى الأَيْتَامِ،

 

جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ بِالْبَـرَكَات، فَأَكْرِمْ بِهِ مِنْ زَائِرٍ آتٍ.

جَعَلَنِـي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ المقبولِينَ، ونَفَعَنِـي وَإِيَّاكُمْ بِالقرآنِ العظيمِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبً فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْـخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً. أمَّا بَعْدُ:

 

فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبَادَ اللهِ، اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُقْبِلُونَ عَلَى شَهْرٍ تُقَالُ فِيهِ الْعَثَرَاتُ، وَتُـجَابُ فِيهِ الدَّعَوَاتُ، وتُرْفَعُ فِيهِ الدَّرَجَاتُ، وَتُضَاعَفُ فِيهِ الْـحَسَنَاتُ، وَتُـمْحَى فِيهِ السَّيِّئَاتُ؛ فَأَحْسِنُوا الاِسْتِعْدَادَ لَهُ، وَتَـخَلَّصُوا مِنْ مَشَاغِلِ الدُّنْيَا قَبْلَ دُخُولِهِ، فَلَوْ فَرَّغَ النَّاسُ أَنْفُسَهُمْ هَذِهِ الأَيَّامِ قَبْلَ دُخُولِ الشَّهْرِ الْفَضِيلِ، وَأَنْـهَوا مَا قَدْ يَشْغَلُهُمْ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ؛ لَكَانَ خَيْـرًا لَـهُمْ. فَهُنَاكَ مَنْ يَقْضِي لَيَالِ رَمَضَانَ يَـجُوبُ الأَسْوَاقَ، إِمَّا للاِسْتِعَدَادِ للأَعْيَادِ، وَإِمَّا لِقَضَاءِ الأَوْقَاتِ بِالتَّسْلِيَةِ؛ أَوْ فِي السَّهَرِ عَلَى الْمُبَاحَاتِ، أَوِ الْمَكْرُوهَاتِ، أَوِ الْـمُحَرَّمَاتِ؛ فَلَمْ يُرَعُوا للشَّرْعِ حُرْمَتَهُ، وَقَدْ يَقُودُهُمْ هَذَا السَّهَرُ إِلَى التَّــفْـرِيطِ فِي صَلَاتيِّ الظُّهْرِ والْعَصْرِ، وَهَذَا مُنْكَرٌ عَظِيمٌ؛ فَالصَّلَاةُ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الصِّيَامِ، وَلَيَالِي رَمَضَانَ لَيْسَتْ لِلَّهْوِ وَالْعَبَثِ، بَلْ لِتَـرْوِيضِ النَّفْسِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَإِحْيَاءِ لَيْلِهِ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ. وَلَيْلُ رَمَضَانَ أَعْظَمُ فَضْلًا مِنْ نَـهَارِهِ؛ فَفِيهِ صَلَاةُ التَّـرَاوِيحِ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فِي لَيَالِيهِ أَعْظَمُ مِنْ نَـهَارِهِ؛ لِذَا (كَانَ جِبْـرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَلْقَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ؛ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ) رَوَاهُ أَحْـمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. كَذَلِكَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَلَّا تَـجْعَلَ جُلَّ وَقْتِهَا فِي رَمَضَانَ لِلتَّفَنُّنِ فِي صِنَاعَةِ الطِّــعَــامِ وَالإِسْرَافِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ تُؤْجَرُ عَلَى صُنْعِ الطَّـعَـامِ لأَهْلِ بَيْــتِــهَا؛ لَكِنْ عَلَيْهَا الْـحَذَرَ أَنْ تَنْشَغِلَ بِالطَّبْخِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَطَاعَتِهِ، أَوْ أَنْ تُسْرِفَ فِي الطَّعَامِ الَّذِي تُقَدِّمُةُ لأَهْلِ بَيْتِهَا؛ فَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ كُلِّ طَـعَـامٍ لَا يُؤْكَلُ. وَأَنْصَحُهَا بِالاِسْتِعْدَادُ لِلْعِيدِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ؛ حَتَّـى لَا تَنْشَغِلَ فِيهِ عَنِ الطَّاعَةِ، كَمَا عَلَيْنَا اِسْتِغْلَالُ هَذَا الشَّهْرِ بِالدَّعَاءِ، لِأَنْفُسِنَا، وَوَالِدِينَا، وَذَرَارِينَا، وَأَصْحَابِنَا، وَأَحْبَابِنَا، وَلِلْمُسْلِمِيـنَ الَّذِينَ أَصَابَتْهُمُ النَّكَبَاتُ، وَشَرَّدَتْـهُمُ الْـحُرُوبُ، وَتَفَرَّقَ جَـمْـعُــهُمْ، وَتَشَتَّـتَ شَـمْلُهُمْ، وَفَقَدَ الْكَثِيـرُ مِنْهُمْ عَائِلَهُ، فَرَّجَ اللهُ عَنَّا وَعَنْهُمْ!

 

عِبَادَ اَللَّهِ؛ اِتَّقُوا اَللَّهَ حَقَّ اَلتَّقْوَى، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ اَلْمَسْؤُولِيَّةَ اَلْمُلْقَاةُ عَلَى عَوَاتِقِنَا عَظِيمَة، مَسْؤُولِيَّة حِمَايَةِ أَبْنَائِنَا، وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا مِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْفِكْرِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ، وَمِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْأَخْلَاقِيَّةِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَقُومَ بِمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، بِحِمَايَةِ هَذِهِ اَلنَّاشِئَةِ مِنْ جَمِيعِ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. أَوْ تَضُرُّ بِبِلَادِهِمْ، جَعَلَهُمْ رَبِّي قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَنَا.

 

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُـحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ. الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَلَا تَـجْعَلْ فِينَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَـحْرُومًا، الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْـرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، اللَّهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ وَالْـمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، اللَّهُمَّ اِحْفَظْ لِبِلَادِنَا أَمْنَهَا وَإِيمَانَهَا وَاِسْتِقْرَارَهَا، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَـهْدِيًّــا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْـمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاِكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرُوا مَعَنَا، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا،اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- شكر
عبدالسلام مصطفى الرضا - مصر 01-04-2022 11:12 AM

بارك الله فيكم وكثر من أمثالكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة