• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / مواعظ وخواطر وآداب / خواطر صائم / مقالات


علامة باركود

غصون رمضانية (27) نسيم التغيير

عبدالله بن عبده نعمان العواضي


تاريخ الإضافة: 2/7/2016 ميلادي - 27/9/1437 هجري

الزيارات: 8739

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نسيمُ التغيير

غصون رمضانية (27)


من دوحة رمضان الزكية ينبعث نسيمُ التغيير على النفوس فيحملها على أُفُقِه الناعم في رحلة سعيدة تنتقل بها من الضيق إلى السعة، ومن الإظلام إلى الإصباح، ومن وهْي الرُّوح وشيخوختها إلى ريعانها وعنفوانها، ومن ذلِّ الأسر في يد النفس الأمارة بالسوء إلى فضاء النفس المطمئنة التي تجد الحياة مبتسمة رغم العبوس، طليقة رغم القيد، صحيحة رغم الجراح، آملة رغم الآلام.

خذوني للعُلا معكمْ خذوني
ولا تدعوا فؤادي للفُتونِ
خذوني قد برِمتُ بحكم همّي
وفرّقَ جورُه بين الجفونِ


نزل بالنفوس هذا الضيف الكريم لينزع عنها أغشية عمّها غبارُ الشقاء والإعراض عن سلسبيل الجلاء، وليحلّيها حُلل التقوى التي تجعلها تبدو في غاية الرونق والبهاء، ﴿ يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 26].


يحمل رمضان بين ثناياه رياحَ التغيير فتمر بطيبها على الأرواح والقلوب والعقول والجوارح فتدعوها إلى تغيير شامل من حياةٍ تسلّط عليها النفور عن الطاعة، والقصور عن المسابقة، إلى حياة تصبح الطاعة هي روحها التي بها تحيا، والمعصية منونها التي بها تموت، وإن بقي الجسد يمشي على الأرض.


إن شهر رمضان موسم خصب للتغيير الحسن الذي ينشده الصادقون، وينتظره المشتاقون، والناظر في أحوال رمضان يجد على جبينه ملامح التغيير تعظ بصمت؛ لعل الناس أن يفهموا رسالة صمتها التي أبلغت في الذكرى، فجدول الإنسان اليومي الحياتي وصلت إليه يد التغيير عما كان قبل رمضان؛ فنوم الإنسان واستيقاظه، وأكله وإمساكه، ومعاشرته وبعدُه، ودوامه الوظيفي وسكونه، وغير ذلك؛ كله قد تغيّر، فهذا التغيير الدنيوي يحث على تغيير ديني، والتغيير في العادات يدعو إلى التغيير في العبادات، من شر إلى خير، ومن كسل إلى نشاط، ومن غفلة إلى يقظة.


ومن حِكم جعلِ الله تعالى واجبَ الصيام شهراً كاملاً: أنه يساعد على حصول التغيير، وكسر حاجز العادة المطردة، فيكون ذلك حاثّا للمسلم على الاستجابة لنداء التغيير، ولكن في الجانب الروحي كما تم في الجانب البدني.


تعيش الروح غالبًا قبل رمضان في ناحية ضيقة فيشرق عليها شهر الصيام بدعوتها إلى تغيير صالح ينقلها به إلى نواحٍ واسعة من أفراح الروح، تحلّق فيها متلذذةً بأنواع من القربات كثرةً ووصفًا.


وتهب رياح التغيير الرمضاني إلى القلب ولعله كان أسيراً في أغلال القسوة فتسعى إلى تحريره؛ ليكون سيّداً في عالم الرقة وسموِّ الإيمان، حتى يصير من أهل هذه الآية: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].


وتأتي إليه أسيفًا يحسو كؤوس الأوجاع فتهطل عليه بغيث السرور؛ لينطلق فرحًا بين خمائل الطاعات.


وتزور العقل ويكاد -أو يكون- غارقًا في أمواج شهوات الدنيا مفكراً كَلِفًا مهمومًا بها وحدها فترمي إليه قوارب النجاة ليطفو عليها؛ ليفكر في مصالح الآخرة وأعمالها؛ حتى يصل إلى مرافئ السلامة لدنياه وآخرته.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدّر له)[1].


وتمر بالجوارح فتجد لسانًا يفري في أعراض الأحياء والأموات، وطَرْفًا يسرح في أودية المحارم، وأذنًا تسرق مقالات الألسنة مما حرم عليها سرقته، ويداً تستطيل إلى مآثم الأخذ، ورجلاً ترسل الخطو إلى مسالك الخطيئة، فتقول لها: قفي فالاتجاه غير صحيح؛ فأمامك منحدرات ومنعطفات تقود إلى الهاوية.


فمن تأمّل بعد هذا يلحظ أن رمضان مدرسة للتغيير العام الذي يحوي منهجًا متكاملاً لتبديل الأحوال السيئة إلى أحوال حسنة في الواقع الإيماني والتفكيري والسلوكي، فمن تخرج في هذه المدرسة ناجحًا، وحمل نجاحه إلى ما بعد رمضان فهو الناجح حقًا، وإلا ففي انتظامه في هذه المدرسة نظر؛ ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة)[2].



[1] رواه الترمذي وغيره، وهو صحيح.

[2] رواه الترمذي والحاكم، وهو صحيح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة