فضائل الصيام (1)

فضائل الصيام (1)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وجميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذه جملة من فضائل الصيام منتقاة من القران الكريم، وصحيح سنة النبي الحبيب - صلى الله عليه وآله وسلم - ومنها:

• الصيام من أسباب التقوى:

قال الله - عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.

فتأمل قوله - عز وجل -: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ فإنه بيان منه - عز وجل - على أن الصيام من أسباب التقوى بل هو من أعظمها؛ ووجه: أن فيه امتثال أمر الله - عز وجل - واجتناب نهيه. كما ذكر بعض أهل العلم.

• الصيام من أسباب مرافقة الشهداء والصديقين:

عن عمرو بن مرة الجهني - رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - رجل من قضاعة فقال: يا رسول الله! إن شهدت أن لا إله ألا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات، وصمت رمضان، وقمت الشهر، وآتيت الزكاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (( من فعل ذلك كان مع الشهداء والصديقين )). أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني وقال شيخنا مقبل - رحمه الله - في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين: " هذا حديث صحيح ".

• الصيام وقاية:

وعن علقمة قال: كنت مع عبد الله - رضي الله عنه - فلقيه عثمان - رضي الله عنه - بمنى فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن لي إليك حاجة فخلوا. فقال عثمان: هل لك يا أبا عبد الرحمن في أن نزوجك بكرا تذكرك ما كنت تعهد؟ فلما رأى عبد الله أن ليس له حاجة إلى هذا أشار إلي. فقال: يا علقمة! فانتهيت إليه وهو يقول: أما لئن قلت ذلك لقد قال لنا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )). أخرجه البخاري رقم: (4778)، ومسلم رقم: (1400).

• الصيام شافع:

وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -قال: (( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيشفعان )). أخرجه أحمد (2/ 174) وصححه الألباني رحمه الله في تمام المنة (ص:394).

• الصيام جنة:

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال لكعب بن عجرة: ((.... يا كعب بن عجرة! الصوم جنة..)). أخرجه أحمد (3/ 321) وهو في الصحيح المسن مما ليس في الصحيحين لشيخنا مقبل - رحمه الله.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((.. والصيام جنة...)). أخرجه البخاري رقم: (1805)، ومسلم رقم: (1151) ويأتي معنا بعد.

وعن مطرف وهو رجل من بني عامر بن صعصعة أن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - دعا له بلبن ليسقيه فقال: مطرف إني صائم. فقال عثمان: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: (( الصيام جنة كجنة أحدكم من القتال )). أخرجه النسائي (4/ 167)، وقال شيخنا مقبل - رحمه الله - في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (2/ 366): " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ".

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ((الصيام جنة وحصن حصين من النار )). أخرجه أحمد (2/ 402) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب، وقال شعيب الأرناؤوط: " صحيح وهذا إسناد حسن ".

وعن جابر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: (( إنما الصيام جنة يستجن بها العبد من النار هو لي وأنا أجزي به )). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب، وقال شعيب الأرناؤوط: " حديث صحيح بطرقه وشواهده وهذا إسناد حسن ".

• الصيام كفارة:

وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كنا جلوسًا عند عمر - رضي الله عنه - فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الفتنة؟ قلتك أنا كما قاله. قال إنك عليه - أو عليها - لجريء. قلت: (( فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي)). أخرجه البخاري رقم: (502)، ومسلم رقم: (144).

• الصيام لا مثل له:

وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال:.. فقلت يا رسول الله! مرني بعمل. قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: (( عليك بالصوم فإنه لا مثل له..)). أخرجه أحمد (5/ 248) وهو في الصحيح المسن مما ليس في الصحيحين لشيخنا مقبل - رحمه الله.

وفي رواية قال أبو أمامة - رضي الله عنه -: مرني بعمل آخذه عنك ينفعني الله به. قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((عليك بالصوم )).

وللنسائي (4/ 165): عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقلت: مرني بأمر آخذه عنك. قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: (( عليك بالصوم فإنه لا مثل له )). وهو في الصحيح المسن مما ليس في الصحيحين لشيخنا مقبل - رحمه الله.

وفي رواية قال أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه -: قلت: يا رسول الله! مرني بأمر ينفعني الله به. قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((عليك بالصيام فإنه لا مثل له)).

• مثل الصيام:

وعن الحارث الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: (( إن الله أمر يحيى بن زكريا - عليه السلام - بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها وإنه كاد أن يبطئ بها فقال عيسى: - وفيه -: ((.. وآمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)). أخرجه الترمذي رقم: (2863) وهو في الصحيح المسن مما ليس في الصحيحين لشيخنا مقبل - رحمه الله.

• الصيام يباعد عن النار:

وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ((من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه و بين النار خندقًا كما بين السماء والأرض )). أخرجه الترمذي رقم: (1624) وهو في السلسلة الصحيحة رقم: (563) للعلامة الألباني - رحمه الله.

وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ((من صام يوما في سبيل الله باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام)). أخرجه النسائي (2/ 314) وغيره وهو في السلسلة الصحيحة رقم: (2565) للعلامة الألباني - رحمه الله.

• الصيام له - عز وجل - وهو يجزي به:

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (( قال الله - عز وجل -: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه )). أخرجه البخاري رقم: (1805)، ومسلم رقم: (1151).

وعند مسلم في رواية رقم: (1151): ((كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشرة أمثالها إلا سبعمائة ضعف قال الله عز و جل إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك )).

• الصيام وباب الريان:

وعن سهل - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: (( إن في الجنة بابًا يقال له: الريان؛ يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلن يدخل منه أحد )). أخرجه البخاري رقم: (1797)، ومسلم رقم: (1152).