• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / مواعظ وخواطر وآداب / خواطر صائم / مقالات


علامة باركود

غصون رمضانية (15) أيادي الندى

غصون رمضانية (15) أيادي الندى
عبدالله بن عبده نعمان العواضي


تاريخ الإضافة: 20/6/2016 ميلادي - 15/9/1437 هجري

الزيارات: 7515

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيادي النَّدى

غصون رمضانية (15)


حينما تعبِس الأرض بالجدب فإنها تضحك ببكاء السماء، وعندما تُقرن الأحوال بأغلال الشدة فإنها تُطلق بأيادي العطاء، فالغيث غيثان: غيث السماء، وغيث الكرماء، والغيث يذكر بالغيث:

فيا قبر معنٍ كيف واريتَ جودَه
وقد كان منه البر والبحر مترعا
بلى قد وسعت الجودَ والجودُ ميّتٌ
ولو كان حيًا ضقتَ حتى تصدعا
فتى عيشَ في معروفه بعد موته
كما كان بعد السيل مجراه مرتعا[1]

 

الجود تاج يتلألأ على رؤوس أهل السماحة، يَهدي إلى ملوكٍ بين الناس بلا ممالك، فيجذب بريقُه العافين، أو ينطلق بلمعانه إلى المعوزين، فيخلع عنهم أسمالَ الحاجة، ويلبسهم حلل الكفاية أو الغنى، فيكسو وجوههم بالبسمة، وقلوبهم بالفرحة، وألسنتهم بالثناء والدعاء.

أوليتني نعمًا أبوح بشكرها
وكفيتني كلَّ الامور بأسرها
فلأشكرنك ما حييتُ وإن أمتْ
فلتشكرنّك أعظمي في قبرها[2]

 

فأكرمْ بتلك اليد السخية التي تطلق خيرها في وديان المعروف: فتنجد ملهوفًا من حَيْن، وتنجي غريقًا في دين، وتمسح دمعة يتيم، وتفرح أرملة، وتداوي بؤس محتاج، وتعين على نوائب الحق، وتنقّب عن الذين غشاهم الحياء بجلبابه، وسترهم الخجل خلف بابه، ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 273].


وأحسنْ بذلك اِلمعطاء الذي فجر ينابيع الندى ففاض بالنوال قبل السؤال، فأروى بنميره الرقراق أرضًا يحب الله أن تُسقى، وأحيا بسخائه الفياض بلاداً يحب الله أن تحيا، فمتى هبّت على الناس عواصفُ الضراء دفعها بيد السخاء، ومتى دجت معايشَهم الظُلَم بدّدها بنور الكرم.

ترى الجود يجري ظاهراً فوق وجهه ♦♦♦ كما زان متنَ الهندواني رونق[3].


يبذل المؤمن سمحُ الكفين ما يفنى ليربح ما يبقى، ويقدم ذخائر الدنيا لينال ذخائر الدنيا والآخرة، فكم من أيدٍ رُفعت داعية له، وألسنةٍ نطقت ثناء عليه، وكم دفع الله تعالى عنه من مصيبة كانت به محدقة، وكم فرج الله عنه كربة كانت له مطوّقة، وكم أطفأت صدقاته من غضب الرب تعالى.


قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول ابن آدم: (مالي مالي، قال: وهل لك يا ابن آدم، من مالك إلا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت )؟ [4].


وفي المثل: " الرَّبَاحُ مَعَ السَّمَاح"[5].

أَلبستني نعماً على نِعمِ
ورفعتَ لي علماً على علمِ
وَعَلَوْتَ بي حتّى مَشَيتُ على
بُسطٍ مِنَ الأعناقِ وَالقِمَمِ
فلأَشكرنّ نداك ما شكرَتْ
خُضرُ الرّياضِ صَنَائِعَ الدِّيَمِ
فالحمد يبقي ذكرَ كلّ فتى
وَيُبِينُ قَدْرَ مَوَاقِعِ الكَرَمِ
وَالشّكْرُ مَهْرٌ للصّنِيعَةِ إنْ
طُلِبَتْ مُهُورُ عَقَائِلِ النِّعَمِ[6]

 

يسخو أرباب الكرم من أهل الإيمان على الخلق طالبين بسخائهم ثواب من أعطاهم سبحانه وحده، ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾[الإنسان: 9] ، ولا يصحب جودَهم غرورٌ ولا مفاخرة، ولا يكدر إفضالَهم منٌّ ولا أذى، ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 263].


إن المسلم يعلم أن المال عارية مستردة، ووديعة جعلها الله عنده، ورزق ناله بفضل الله لا باستحقاق نفسه، وأن تكرّمه في ميادين الخير يباركه وينميه، ويثاب عليه يوم القيامة ثوابًا جزيلاً، وأن المرء تحت ظل صدقته يوم القيامة، فهذه المحفزات وأمثالها تدعوه إلى البذل والعطاء في سبل الحق، وعلى قدر يقين المسلم بذلك تكون سماحته.


لقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم جواداً كريمًا - مع قلة ذات يده -، فإذا جاء رمضان زاد بسط عنان الكرم لديه، فصار طلق اليدين، كثير الأيادي، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة)[7].


هُوَ اليَمُّ مِنْ أَي النَّواحي أتيتَهُ
فلُجَّتُه المعروفُ والجُودُ سَاحِلُهْ
تعوَّدَ بسط الكفِّ حتى لو انَّه
ثناها لقبضٍ لمْ تُجبهُ أنامِلُهْ
ولو لم يكنْ في كفِهِ غيرُ روحِهِ
لجادَ بها، فليتقِ اللهَ سائلُهْ[8]

 

إن شهر رمضان هو شهر الجود، فيحب الله تعالى من المسلم أن ينفق فيه، ويتقرب إليه بقربة الكرم؛ فكرم الله تعالى في رمضان يتضاعف، فيحب من عباده أن يكونوا كرماء بين خلقه.


والمسلم الحريص ينبغي أن يكون له في هذا الشهر الكريم نصيب وافر من السخاء: زكاة، وصدقة، وصلة، وهدية، فيؤدي ما أوجب الله عليه من الزكاة - إن وجبت عليه فيه -، وينظر بكرم جمّ إلى ذي قرابته، وإلى القراء والمحتاجين، ويفطّر الصائمين، ويشارك في أعمال البر القائمة على المال، بقدر استطاعته، ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7]. فرمضان لأرباب المال فرصة سانحة، وتجارة رابحة، ولأهل البخل غنيمة ضائعة، وصفقة خاسرة، فـ" رُبَّ شَبْعَانَ مِنَ النِّعَمِ غَرْثَانُ مِنَ الكَرَمِ"[9].



[1] الأبيات للحسين بن مطير الاسدي، البيان والتبيين، للجاحظ (ص: 501).

[2] المستطرف، للأبشيهي (1/ 508).

[3] ديوان الاعشى (33/ 3).

[4] رواه مسلم.

[5] مجمع الأمثال، للميداني (1/ 301).

[6] ديوان الشريف الرضي (ص: 1633).

[7] متفق عليه.

[8] ديوان أبي تمام (ص: 15).

[9] مجمع الأمثال، للميداني (1/ 310).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة