• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / رمضان / فضائل رمضان


علامة باركود

شهر الاقتصاد

شهر الاقتصاد
محمد بن محمود الصالح السيلاوي


تاريخ الإضافة: 20/6/2016 ميلادي - 15/9/1437 هجري

الزيارات: 4334

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شهر الاقتصاد


إن الحمد لله، نحمَده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فهو المهتدِ، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فإن للصيام آدابًا كثيرةً، ومن تلك الآداب: أن يقتصد الصائم في طعامه وشرابه، ولعل بعض الصائمين يجعلون من شهر رمضان مَوسِمًا سنويًّا للموائد المليئة بألوان الطعام، وتراهم يتزاحمون في الأسواق؛ لشراء ما يستطيعون مِن الأطعمة التي لا عهد لهم بأكثرها في غير رمضان، والنتيجة من وراء ذلك: إضاعةُ المال، وإرهاق الأبدان من كثرة الطعام، وثقلُ النفوس عن أداء العبادات، وإهدار الأوقات الطويلة بالتسوق، وإعداد الكميات الهائلة من الأطعمة، التي يكون مصيرها في الغالب إلى سلال القمامة.


إن هذا الاستعداد الذي يقع فيه كثير من الناس لرمضان بالتفنن والاستكثار من المطاعم والمشارب - مخالفٌ لأمر الله، منافٍ لحكمة الصوم، مناقضٌ لحفظ الصحة، معاكس لقواعد الاقتصاد، والأَوْلى بالمسلِم في شهر الصوم الاقتصارُ على المعتاد مِن طعامه وشرابه، وأن ينفق الزائدَ في طرق البِرِّ والإحسان التي تناسب رمضان؛ مِن إطعام اليتامى والأيامى، وتفطير الفقراء والمساكين، ولو فعَل الأغنياء ذلك لأضافوا إلى قُربة الصوم قربةً عظيمة عند الله؛ ألا وهي الإحسان إلى المحتاجين، مما يعمَل على تقريب القلوب بين المسلمين في هذا الشهر المبارك، ويُشعر الصائمين كلهم بأنهم في شهر الأخوَّة والتكافل.


إن الإنسان لو أطلق لنفسه العِنان في تعاطي الشهوات، والتهام ما يطيبُ له من المطاعم والمشروبات، وطاوَع نفسه باستيفاء اللذة إلى أقصى حد - لكانت عاقبة أمره مرَضًا ونقصًا في صحته، مع أن الحكمةَ تدعو صاحبها إلى استغلال شهر الصوم بالحمية عن الطعام؛ ليريح معِدته مِن العناء والتعب الذي يترتب على عملها المتواصل طوال العام.


قال الله عز وجل: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، قال بعض العلماء: جمَع اللهُ بهذه الآية الطِّبَّ كله.


وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما ملأ ابنُ آدم وعاءً شرًّا من بطنه، حَسْب المرءِ أكلات يُقِمْنَ صُلْبَه، فإن كان لا محالة، فثُلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشَرابه، وثلثٌ لنَفَسِه))[1]؛ أخرجه أحمد.


أخي الصائم، لا يخفى على عاقلٍ ما للتوسع في المآكل والمشارب مِن عواقب وخيمة على دِين المرء ودنياه زيادةً على ما مضى؛ فهو مما يورِث البَلادة، ويعُوق عن التفكيرِ الصحيح، وهو مَدْعاةٌ للكسل، وموجِبٌ لقسوةِ القلب، وهو سببٌ لمرض البدَن، وتحريك نوازع الشر، وتسلُّط الشيطان.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الشيطانَ يَجري مِن ابن آدمَ مجرى الدمِ))، ولا ريب أن الدمَ يتولد مِن الطعام والشراب، وإذا أكل أو شرِب اتسعَتْ مجاري الشياطين؛ ولهذا قال: (فضيِّقوا مجاريَه بالجوع)، وبعضهم يذكر هذا اللفظ مرفوعًا؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل رمضان، فُتحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين))، فإن مجاريَ الشياطين الذي هو الدم ضاقت، وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فِعل الخيرات التي بها تفتح أبواب الجنة، وإلى ترك المنكرات التي بها تفتح أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين فضعُفَتْ قوتهم وعملهم بتصفيدهم، فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلون في غيره، ولم يقل: إنهم قتلوا، ولا ماتوا، بل قال: ((صُفدت))، والمُصفَّد مِن الشياطين قد يؤذي، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون في غير رمضان، فهو بحسَب كمال الصوم ونقصِه، فمَن كان صومه كاملًا دفَع الشيطان دفعًا لا يدفعه دفع الصوم الناقص، فهذه المناسبة ظاهرةٌ في منعِ الصائم مِن الأكل والشُّرب)[2].


واسمَعْ إلى أقوال الحكماء والعارفين في أضرار الإكثار مِن الطعام والشراب، وما يؤدي إليه مِن المفاسد؛ مِن ذلك ما قاله لقمان عليه السلام لابنه: يا بُني، إذا امتلأتِ المعدة، نامت الفكرة، وخرَست الحكمة، وقعَدت الأعضاءُ عن العبادة.


وقال عمرُ رضي الله عنه: (مَن كثُر أكله لم يجِدْ لذِكر الله لذة، ومَن كثُر نومه لم يجد في عمره بركة، ومَن كثُر كلامه في الناس سقَط حقُّه عند الله).


وقال عليٌّ رضي الله عنه: (إن كنتَ بَطِنًا، فعُدَّ نفسَك زَمِنًا).


وقال بعض الشعراء:

فكم مِن لقمة منَعَتْ أخاها
بلذَّةِ ساعةٍ أكَلاتِ دهرِ
وكم مِن طالبٍ يَسعى لأمرٍ
وفيه هلاكُه لو كانَ يَدري


وقال آخرُ:

كم دخَلَتْ أَكلةٌ حشَا شَرِهٍ
فأخرَجَتْ رُوحَه مِن الجسدِ
لا بارَك اللهُ في الطعامِ إذا
كان هلاكُ النُّفوس في المِعَدِ


وقال ابن القيم رحمه الله: (وأما فضولُ الطعام فهو داعٍ إلى أنواع كثيرة مِن الشر؛ فإنه يحرِّك الجوارحَ إلى المعاصي، ويُثقِلها عن الطاعات، وحَسْبك بهذين شرًّا، فكم مِن معصية جلبها الشِّبعُ، وفضول الطعام! وكم مِن طاعة حال دونها! فمَن وُقي شرَّ بطنه، فقد وُقي شرًّا عظيمًا، والشيطانُ أعظم ما يتحكم مِن الإنسان إذا ملأ بطنَه مِن الطعام)[3].


بل إن الذين يتوسَّعون في المآكل لا يجدون لها لذةً كما يجدها المقتصدون؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فالذين يقتصدون في المآكِل نعيمُهم بها أكثرُ مِن المسرفين فيها؛ فإن أولئك إذا أدمنوها وألِفوها لا يبقى لها عندهم كبيرُ لذة، مع أنهم قد لا يصبِرون عنها، وتكثُرُ أمراضُهم بسببِها)؛ اهـ[4].


فالأَوْلى بنا - أيها الإخوة الصائمون - أن نجعَلَ مِن شهرنا الكريم فرصةً لتعويد أنفسنا على الاعتدال في المآكل والمشارب؛ فالنفس لا ترضى بالقليلِ مِن اللذات، فإذا جاهَدْناها ارتدعَتْ عن شهَواتِها ورغَباتها.


والحمد لله رب العالمين

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمَّد وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين



[1] أحمد: 17186، والترمذي: 2380، والنسائي في الكبرى: 6739، وابن ماجه: 3349 وصححه ابن حبان: 674، والحاكم: 7139.

[2] مجموع الفتاوى: 25/ 247.

[3] بدائع الفوائد: 1/ 273.

[4] جامع الرسائل: 2/ 340.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة