• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / الإسراء والمعراج


علامة باركود

قراءة بلاغية في سورة الإسراء (1)

د. جمال عبدالعزيز أحمد


تاريخ الإضافة: 12/6/2013 ميلادي - 4/8/1434 هجري

الزيارات: 36881

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قراءة بلاغية في سورة الإسراء (1)

 

نحن في شهر الله، شهر الإسراء والمعراج، رجب الفرد، ذلك الشهر الذي حدثت فيه النقلة الكبرى للإسلام، والذي فُرِضَتْ فيه الصلاة على المسلمين، وقد نزلت فيه سورتان: سورة الإسراء، وسورة النجم، ونحاول قراءة تلك الآيات واكتشاف الجوانب البلاغية، ودلالة أحرف المعاني فيها والبني الصرفية، وطبيعة التراكيب النحوية التي نقلت هذه الحادثة نقلا رائعا تضمن كل ألوان البلاغة، وجلال الأسلوب، ورصانة التعبير، وكمال الصورة، قال - تعالى -:﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

 

بدأت الآية بإشاعة جو التسبيح والعبادة، ومناخ التحميد والجلال، فالسين والباء والحاء تحمل معنى الطاعة والخشوع، والتسليم والخضوع، بدأها الله - جل جلاله - بتسبيح نفسه؛ لأن الموقف يشمله الجلال، وتحوطه صفات الكمال حيث لا يقدر على إسراء أحد على تلك الصورة وبهذه الصفة إلا الله - سبحانه وتعالى -، وهي مسألة من المسائل العقدية التي يلزم الذهاب إليها، واليقين بها، فهذه العبادة في هذا المطلع كناية عن كمال القدرة وتمام المشيئة، وهو لفظ يحمل أكمل معاني التنزيه، وقد استعمل الفعل (سبح) في القرآن متعديا بنفسه ومتعديا باللام، ومتعديا بالباء، قال - تعالى -: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1]، وقال: ﴿ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 42]، وقال: ﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [الجمعة: 1]، وقال: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ﴾ [النصر: 3]، وقال: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الطور: 48].

 

وقد ورد اللفظ (سبحان) مصدرا منصوبا "سبحانَ الذي" فهو إما مفعولا مطلقا، وإما نائبا عن المفعول المطلق لكونه اسمَ مصدرٍ، وهو لفظٌ يُمنع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، إلا أن يكون مضافا فيُصرف كما هو الحال في الآية التي نحن بصدد الحديث عنها، والتعبير بالاسم آكد من التعبير بالفعل لدلالته على الثبوت والدوام، فالتسبيح لله ثابتٌ مستمر وأزليٌّ مستقر، والتعبير بالموصول الذي هو الفاعل في المعنى، وهو هنا مضاف إليه أوصفه للمضاف إليه المحذوف ؛ أي أن المعنى: سبحان الله الذي أسرى بعبده.

 

وعَبَّر عنه بالاسم الموصول دون الاسم الظاهر(الله) للعلم بأن جميع الخلق لا يشك في ذلك، وكلهم متيقنٌ من أنه لا يقدر على فعل مثل ذلك إلا الله، ومن ثَم لم يشأ أن يصرح بالظاهر على شاكلة: ﴿ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾ [القيامة: 9]، ونحو: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]، ونحو: ﴿ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ ﴾ [النبأ: 19، 20]، والفعل أسرى مأخوذ من السُّرَى وهو السير ليلاً، وهي تفيد المعية والمصاحبة، فلم يتركه يسري وحده، وإنما أسرى بعبده أي مع عبده، فالمعية توحي بالاطمئنان والصحبة، والأمان والاستقرار، والفاعل وهو الله -عز وجل- وهو هنا ضمير مستتر تقديره (هو)، فالذي أسرى وفعل ذلك الفعل الدال على القدرة والاقتدار هو ال له-جل في علاه-.

 

وقوله: (بعبده)، الباء هنا للمعية، كما تقول: جئت بأخي (أي معه)، ومعية الله هي نعمة النعم ويجب أن يستصحبها المسلم ليلا ونهاراً، غُدُوَّا ورواحا، مساءً وصباحًا وحِلاًّ وترحالا، وهي تحمل في الوقت نفسه معنى الراحة الكاملة؛ لأن المرء إذا رحل مع شخص كبير، ومعه القدرة شعر بالعزة، وأنه لا تنغيص سيصيبه ولا تكدير، فما بالك إذا كان المُسْرِي هو الله القادر القدير المقتدر، صاحب القدرة المطلقة، والذي وصف نفسه كثيرا بأنه على كل شيء قدير، واختيار لفظ "عبد" يعد القمة في مكانه، والجلال في موضعه ؛ لأن مقام العبودية للإنسان هو أسمى مقام، وأجل منزلة.

قال القائل:

حَسْبُ نفسي عِزًّا بأنيَ عبدُ يَحْتَفِي بي بلا مَواعيـدَ رَبُّ

هـــو في قدسه الأعزُّ وأنـا ألقى متى وأين أحبُّ

 

وقول الآخر:

ومما زادني فخراً وتيها وكـِدْتُ بأخـمَصي أَطـَـأُ الثُّرَيـَّا

دُخولي تحتَ قولِكَ يا عبادِي وأَنْ صَيَّرْتَ أحمدَ لي نبيـَّا

 

نعم، مقام العبودية هنا مقام تشريف للعبد، وخصوصا إذا أُسْند وأضيف إلى رب العالمين: (بعبده) فالإضافة هنا للتشريف، وهو كناية عن الخضوع الذي هو صفه ملازمة لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فإذا التقت العبودية من الإنسان الشريف، مع الإله المعبود الكريم اللطيف - كانت العلاقة سامية والصلة راقية، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- /هو العابد الكامل في عبادته لربه، المستحق لهذا الوصف الكريم، والسُّرَى لا يكون إلا بالليل، كما قالت الحكمة، وصرَّح المثل العربي: ( عند الصباح يحمد القوم السُّرَى)، فما فائدة (ليلا)؟، لعل في هذَا الاستعمال هنا يُضفي على الجو لونا من السكينة والوقار، والهدوء حيث العبادة تحلو بليل، فيخلو العابد في معتكفه بربه، يبثه شكواه، ويفترش له الجِباه، يسبح مولاه، ويرجو رحمته وهداه، ويستمطر عفوه ورضاه، في دنياه وأخراه، كما أن "ليلا" توحي بالنور حيث طلوع القمر الذي يعكس ضوءه كاملا على صفحة الكون، في ليل داجٍ ساجٍ منير حالم، تتملى النفس بهاءَه، وترى بعين الفؤاد صفاءه، في رحلة قدسية علوية ربانية، يحتفي فيها الخالق بالمخلوق، والإله المعبود بالعابد له المحب الذليل.

 

قوله: ﴿ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾ [الإسراء: 1]: رحلة من بيت من بيوت الله، بيوتِ الطاعة والطهر، إلى بيت آخر من بيوت الله بيوتِ العزة والصفاء، ف(مِنْ) تفيد ابتداء الغاية المكانية و"إلى" تفيد انتهاء الطاعة المكانية، فقد حُدَّدَتْ رحلة الإسراء من مسجدين، فَعُرِفَتْ حدودها الجغرافية، وفي هذا إعلام بوراثة المسجدين لأهل الإسلام، فهما معا من ممتلكات المسلمين، ولا يحق لأحد في هذا الكون أن يَدَّعِيَ غير ذلك، وهنا لمحة أخرى هي تشبث المسلم ببيوت الله وتعلقه بها، فهو لا يخرج منها إلا ليعود إليها، وإذا كان في شأن من شؤونه تعلق فؤاده بها، كما في حديث السبعة: "ورجلٌ قَلْبُهُ معلَّقٌ بالمساجد" أو "معلَّق في المساجد"، فالمسلم فؤاده ونفسه وباطنه وظاهره مرتبط بالمسجد ارتباطا وثيقا، فهو يعشق بيوت الله؛ لأنها مصانع توحيد، ومواضع طهر النفس، ومحالّ تصفية النفوس: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18]، فالرحلة بدأت بتسبيحٍ، وتخللتها عبودية كاملة، وحدثت في زمن هادئ، وتمت في مساجد يُتَنَقَّل بينها، ونور وطهر، وصفاء وجلال، وفي اللقاء القادم إن شاء الله نواصل كشف بعض تلك الجوانب البلاغية لهذه الرحلة المباركة، وهذا الحدث الجلل من أحداث الإسلام العظام، وتواريخه الجسام، وصلى الله وسلم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- حفظك الله أستاذي
محمد شرف - مصر 04-01-2016 11:18 PM

بارك الله فيك أستاذنا الدكتور ونفع بك وبعلمك ونشرك اللغة العربية

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة