• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ملفات خاصة / المرأة في الإسلام


علامة باركود

وما انفك الحجاب وما انخلع

غادة الشافعي


تاريخ الإضافة: 13/5/2015 ميلادي - 24/7/1436 هجري

الزيارات: 4620

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وما انفك الحجاب وما انخلع


الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

اللهم صلِّ على محمد وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، ثم أما بعد:

فما دعاوى سمعناها تطالب بنزع الحجاب عن النساء المسلمات في بلاد الإسلام؟ وما سذاجة في عقول البعض تجعلهم يزعمون أو يصدقون أن امرأة مسلمة تتكشف بعد الستر، وتتعرض للنظر بعد الصون لتغيظ هذا أو ذاك، أم يظنوننا نحن السذج، أم بلغ ظن السوء بهم أبعد من ذلك؟ أم أنها البداية فقط؟

 

فلا نزع الحجاب سيكون آخر معاصي النساء - وإنما مجرد وضع أقدامهن على بداية المنحدر، وأول طريق الندم - ولا هو آخر المطالب والدعوات والمظاهرات ضد كل ما شرع الله تعالى، وضد كل ما يعصم المجتمعات من التفكك والانهيار، وفي الطريق مظاهرات إباحة الخمور، والمخدِّرات، والزنا، والشذوذ.

 

فهل سمعتم بأمة نحَتْ هذا المنحى من الظلم واتباع الشهوات وعبادة الهوى، وبقيت سالمة معافاة؟!

وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما ظهَرت الفاحشة في قوم قط حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضَوا))؛ العقوبات لابن أبي الدنيا.

 

فهلَّا أبصرنا مواقع أقدامنا، وأدركنا ما نحن مقدمون عليه، فنتوب إلى الله؟ أم سنظل مغيبين في شهواتنا، منشغلين بحروب وهمية، يدافع فيها كل منا عن هواه، ويوالي ويعادي في رغباته وذاته.. حتى تعمى القلوب بعد أن عمت الأبصار، فلم نعد نرى المسلمين يقتلون ويجوعون وتستباح بيضتهم وتنتهك أعراضهم على بعد أميال منا وكأننا في مأمن مما حاق بهم، فلا نمد لهم أيدينا ولو من باب خشية أن تدور علينا الدوائر، وتنزل بنا مغرفة الحياة إلى قاع القدر؟

 

في مواجهة من يتظاهرون؟ وضد من؟!

إن الذي فرض الحجاب هو الله جل وعلا من فوق سبع سموات؛ إذ يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].

 

وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صنفانِ من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البُختِ المائلة، لا يدخُلْن الجنة، ولا يجِدْن ريحَها، وإن ريحها ليوجدُ مِن مسيرة كذا وكذا)).

 

وكل من نسب إلى الغَيرة على شرع الله، والاغتياظ من مخالفة أوامره سبحانه، إنما نسب إلى الخير والبر عند أهل الإسلام، فأما الذين يدَّعون أن مِثلَ هذه الدعاوى لخلع الحجاب هي صفعةٌ على وجه أحد من المسلمين - فأخشى أن تكون الصفعة قد نزلت على وجوه أصحاب هذه الدعاوى وأَقْفَائهم؛ إذ قد ينظر المسلمون إلى مثل هذه الدعاوى على أنها عقوبة لمن حاد عن طريق الحق، فزاده الله ضلالاً.

 

والله تعالى يقول: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 27، 28].

 

فعار علينا أن نكره ما أنزل الله، وتنبع دعوات هؤلاء المحنطين في ماضيهم المظلم الكئيب الذي يسمونه (الزمن الجميل)، ويريدون أن يفرضوا علينا العودة إليه، أما زمن النبوة ونزول الوحي بما شرع الله إلى يوم الدين، فيرونه تخلفًا ورجوعًا إلى الوراء.

 

والحق أننا نتقدم بهدي نبينا صلى الله عليه وسلم، ونعمر الدنيا بشرع ربنا جل وعلا، أما هم فيتخلفون إلى ماضيهم، وإفلاسًا يعودون إليه.

 

ليس هذا وحسب، بل ولم يوقظهم أحد ليخبرهم أن كثيرًا من النساء قد خرجن بالفعل منذ حوالي قرن من الزمان وبعضهن خلعن الحجاب نتاج دعوات مشؤومة مماثلة، وأن كثيرًا منهن قد عُدْن إلى أمر الله تعالى بالحجاب طواعية، بعد أن أدركن الفخ الذي وقعن فيه، وأن المطالبين بحرية المرأة لا ينادون إلا بتكشُّفها، وفقًا لأهوائهم ومصالحهم ومرجعياتهم، فإذا ما اختارت الستر والحجاب وفقًا لقناعتها ومرجعيتها، أرادوا إرهابها فكريًّا، وتقييد إرادتها الحرة، فشنوا ضدها الحروب الإعلامية والاجتماعية البَغيضة.

 

وتأملوا حال بعض من اتبعوا دعاوى المبطلين؛ إذ يقول تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [سبأ: 31 - 33].

 

وبالرغم من ذلك، كان من النساء من ثبَتْنَ على الحق، ولم يعطين من عقولهن وأوقاتهن لمثل هذه الدعوات شيئًا يذكر، وأخذن يتمتعن بكل ما منحه الشرع الحنيف للمرأة من حقوق، دون أن يتنازلن عن شيء من حيائهن أو كرامتهن أو سعادتهن، فانشغلن بتحصيل العلم النافع، وتنمية مهاراتهن العلمية والفكرية والحياتية، ورعاية أُسَرِهن، وتربية أبنائهن؛ فارتقين أعلى الدرجات العلمية، واعتلين أرفع المناصب الأدبية والفكرية، وما زلن يحصدن ثمرة خدمتهن للمجتمع، وينعمن بدفء الأسرة وبر الأبناء، ولا زالت أنفسهن تهفو شوقًا وطمعًا إلى ما عند الله تعالى من أجر أخروي.

 

وتأملوا حال بعض مَن حفظهم الله من اتِّباع دعوات المبطلين؛ إذ يقول تعالى يخبر عن حالهم في الآخرة: ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ * أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾ [الصافات: 50 - 61].

 

ومن الذي يتظاهر ضد الحجاب؟!

أهُمْ بعض المسلمات المنقادات بلا بصيرة إلى أمر قد يحسبونه هينًا ويكون عند الله عظيمًا؟! فإن عموم المسلمات، مهما بلغن من التجاوز، لا يعدون أن يخلعن الحجاب معصية، وهم يدعون الله أن يهديهم إليه ذات يوم، لا أن يتظاهرن ضده.

 

أم إنهم بعض اللاتي ارتدين الحجاب رياءً ومسايرة لدعوات الحجاب والعفاف التي شاعت لسنوات، وطمعًا في نيل بعض ما للمحجبات في قلوب الناس من إكبار واحترام، وقد زين الشيطانُ لهن دعوات خلع الحجاب على أنها غطاء اجتماعي مناسب يستر ما في قلوبهن من زيغ عن اتباع أوامر الحق سبحانه؟!

 

فهؤلاء يُذكِّرْنَني ببعض من أظهر الإيمان بالمدينة - وقلبه منكر له - حين شرفها النبي صلى الله عليه وسلم بالسكنى ولم يعد بها بيت إلا دخل نور الإسلام إليه، وصار الحكم فيها لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا خرج الرسول إلى بعض غزواته وخانه من خانه من المنافقين، واجتمع عليه أعداء الدين من كل صوب، وصف الله حالهم قائلاً: ﴿ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ﴾ [الفتح: 12].

 

وعاد الرسول صلى الله عليه وسلم وعاد المؤمنون ليحكموا العالم بما أنزل الله قرونًا طويلة، وما كان الأمر إلا كما قال الله عز وجل: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]، وكما قال رسوله صلى الله عليه وسلم: ((وجعل الذِّلَّة والصَّغار على مَن خالَف أمري))؛ صحيح البخاري.

 

أم إنهم بعض النصارى ممن ينظرون إلى الحجاب على أنه فريضة إسلامية، وقد لا يعلمون أنه فريضة إلهية، وأنه مذكور في كتبهم؛ فقد جاء لديهم في رسالة بولس الأولى لأهل كورنثوس: إذ المرأة إن كانت لا تتغطى، فليقص شعرها، وإن كان قبيحًا بالمرأة أن تقص أو تحلق، فلتتغطَّ!

 

فلعل من يريد أن يغيظ المسلمين يريد أن يغيظ بولس أيضًا! فلا يعقل أنه يخص المرأة المسلمة وحدها بالحرية والتنوير والبعد عن التخلف والرجعية دون مواطنتها النصرانية، أو أنه يخص بهذا النصرانيات خارج الكنسية دون الراهبات داخلها، وليس هناك ما يمنع - طالما وصل الأمر للتدخل في العقائد - أن نرى بعد قليل من يدعو الراهبات إلى خلع أغطيتهن، وهو والله ما لا نرضاه.

 

ولا يقال في ذلك: إن الراهبات اخترن حياة الستر والتغطي طوعًا؛ لأن المسلمات أيضًا اخترن الحجاب وحياة الستر والطهارة طوعًا، حتى بلغ الأمر في بلادنا الإسلامية - للأسف - أن نرى في الأسرة الواحدة أختين إحداهما محجبة، والثانية - هداها الله - متبرجة.

 

وإن قيل: لأن الراهبات وهبن أنفسهن للكنيسة، فإننا لا نكون مسلمين - نساءنا ورجالنا، عامتنا وعلماءنا - إلا بأن يكون أمرنا كله لله، هكذا قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

ومع كون أمرِنا كله لله، فقد أحل الله لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث، ولم يجعل علينا في الدين من حرج؛ فلا تمنع المرأة من التمتع بما جُبِلت عليه من حب التزين والتجمل، وسماع كلمات الإطراء، ولكنه قصر ذلك على الزوج من دون الرجال؛ حتى لا تشيعَ الفاحشة والفساد في المجتمع، وتكون المرأة هي أول من يدفع الثمن، ويدفعه باهظًا.

 

ثم إن الشرع مع ذلك لم يجعل على المرأة حرجًا في أن يظهر منها أمام محارمها ما يشق عليها تغطيته أثناء قيامها بواجبات المنزل وأعباء الأسرة، مع طبيعة دخولهم عليها، وغير ذلك من الحكم مما علمنا أو جهلنا.

 

بل لقد أنكر سبحانه على من يحرم الطيبات، فقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 32].

 

ولم يأمر ولم يُرِدْ من أحد أن يحرم نفسه مما أنعم الله به على عباده؛ إذ يقول تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، ويقول سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ [النحل: 72].

 

فنحن نتعبَّدُ لله عز وجل بالزواج؛ طهارةً للأبدان والأنفس والمجتمعات، وبالتناسل إنجابًا لمزيد من الأنفس العابدة لله عز وجل، المعمرة للأرض بشرعه، وامتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لنا؛ إذ يقول: ((تكاثَروا؛ فإني مُبَاهٍ بكم الأممَ يوم القيامة))؛ صحيح، وشكرًا لله على نعمه، ولا فرق في ذلك بين مسلم وآخر.. فلا رهبانية، ولا إقرار بالمعاصي.

 

أم إن من المتظاهرين بعض المأجورين الذين يعزفون لكل دافع، وربما يتحولون غدًا إلى منادين بالحجاب والفضيلة إذا وُجد من يدفع أكثر.

 

أم بعض المستخدَمين كالأدوات بأيدي قوى داخلية وخارجية، يلهثون وراء مصالحهم الشخصية، ولو خانوا مبادئهم وأوطانهم ودينَهم.

 

وما يغني عنهم الجمع، والله تعالى يقول: ﴿ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 17]، والله تعالى يقول: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 116]؟!

 

فلو كان أكثر أهل الأرض على ضلال، لَمَا جعل ذلك الضلال هداية، ولو خلعت كل النساء الحجاب، ولو عشن في بلاد غير إسلامية، لما جعل ذلك التبرج حلالاً، ولما أسقط عن المسلمات أمر الله لهن وفرضه عليهن بالحجاب.

 

والله تعالى يقول: ﴿ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 95].

وفي بلاد الغرب، حيث ينعم المواطنون بالكثير من أسباب التقدم والحياة الكريمة، تخرج النساء من غير المحجبات ولا حتى المسلمات يرتدين الحجاب الإسلامي دفاعًا عن حقوق المسلمات في ارتداء ما يناسب عقيدتهن إذا ما حاول بعض المجحفين إجبارهن على خلع الحجاب، فهل أقل من أن تعود المسلمات في بلاد الإسلام إلى شرع ربهن، ويأخذن على عواتقهن مهمة تعليم الأجيال الجديدة تعاليم دينهم، وتحذيرهم مما يراد بهم في مواجهة مثل هذه الدعاوى المَشينة التي لا ترى للمرأة حقًّا إلا في كشف ما أمرها الله بستره، دون المطالبة بحقها في توفير موارد دخل شريفة تصون كرامتها وتحقق متطلباتها، ودون المطالبة بحقها في توفير أساليب التعليم الحديثة، كالتي تستمتع بها النساء بالغرب، وتقديم الخدمات الطبية الملائمة بما يتناسب وكرامة الإنسان، وتوفير الطرق الآمنة ولقمة العيش النظيفة، وشربة الماء النقية؟! أليس من حقها أن تطالب بالمزيد من الإنتاج وتوفير فرص العمل للشباب مما يعينهم على توفير تكاليف الزواج مع بدء ربيع حياتهم وتفتح زهرة شبابهم لينعموا مبكرًا بأُنس الصاحب وبهجة إنجاب الولد؟!

 

أم انتهت كل مشاكل النساء في عالمنا، فلا تشريد ولا تجويع ولا غيرهما، ولم يتبقَّ إلا أن تخلع المرأة الحجاب؟!

ولا تخدعن إحداهن نفسها فتظن أن التبرج يفتح لها أسباب الزواج والسعادة؛ ((فإن اللهَ لا يُنالُ ما عنده إلا بطاعته))؛ رواه ابن ماجه.

 

ويقول تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الجاثية: 21].

 

فإنما هي دعوة شيطانية قديمة، وقد حذَّرنا الله تعالى منها، فقال عز وجل: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 27].

 

وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 22].

 

وقال تعالى: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴾ [يس: 60 - 62].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- سؤال عن مقال للباحثة الفاضلة
محمد بن فريد بن فرج بن فراج بن أحمد. - أين مقال "ضد التشتت" "الرجل الصفر" 14-05-2016 08:24 AM

أول مقال قرأته للكاتبة كان أهم مقال قرأته في حياتي، وأظن أن اسمه "الرجل الصفر"
وكان موضوع المقال حول الرجل الذي يعمل كثيرا جدا ولكنه لا يحصل شيئا لأنه مشتت الجهود.
أين هذا المقال؟

1- لا فاض الله فاكِ ولا قصف لك قلمًا
محمد فريد - مصر 12-11-2015 10:55 AM

بارك الله فيكم من دين قويم، وإيمان راسخ، وتقوى طاغية، وبيان ناصع، وبرهان ناجع، وأسلوب ماتع، ومنطق قاطع، فأنعم به من قلم وأنعم بهامن داعية. سددكم الله ووفقكم.
ولكن لا يجوز لمثل هذا الأقلام أن تغيب عن الكتابة كل هذا الوقت.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • في الاحتفال بأعياد ...
  • ملف الحج
  • العيد سنن وآداب
  • محمد صلى الله عليه ...
  • العطلة وأيام ...
  • المرأة في الإسلام
  • الإنترنت (سلبيات ...
  • الرقية الشرعية
  • في الاحتفال بالمولد ...
  • قضايا التنصير في ...
  • رمضان
  • الكوارث والزلازل ...
  • رأس السنة الهجرية
  • كورونا وفقه الأوبئة
  • شهر شعبان بين ...
  • في يوم عاشوراء
  • زواج المسيار ...
  • التلفاز وخطره
  • مأساة المسلمين في ...
  • مكافحة التدخين ...
  • الإسراء والمعراج
  • العولمة
  • قضية حرق المصحف
  • ملف الصومال
  • نصرة أم المؤمنين ...
  • رأس السنة الميلادية
  • العصبية القبلية
  • كرة القدم في
  • مسلمو بورما ...
  • ملف الاستشراق
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة