• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد  فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمدالشيخ عبدالقادر شيبة الحمد شعار موقع فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد / مقالات


علامة باركود

المسيح ابن مريم عليه السلام (19)

المسيح ابن مريم عليه السلام (19)
الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد


تاريخ الإضافة: 24/7/2024 ميلادي - 17/1/1446 هجري

الزيارات: 870

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسيح ابن مريم عليه السلام (19)

 

أشرْتُ في ختام الفصل السابق إلى قوله تعالى لعيسى عليه السلام: ﴿ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: 55]، وسُقْتُ نظائرها من كتاب الله تعالى، ولا يتنافى ذلك مع ما قد يحدث للمؤمنين من أن يُهْزَمُوا في حرب، أو أن يمسَّهم قرحٌ، فإن الله تبارك وتعالى قد يبتلي عبادَه المؤمنين ليُمَحِّصَ ﴿ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 141]، فإن المؤمن عزيز بالله في حالة النصر وفي حالة الهزيمة؛ ولذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفرحون إذا نالوا من عدوِّهم، ولا يجزعون إن نال منهم عدوُّهم، وفي ذلك يقول كعب بن زهير في قصيدته "بانت سعاد" وهو يصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ليسوا مَفَارِيحَ إنْ نَالَتْ رماحُهمُ
قومًا، وليسوا مجازيعًا إذا نِيلُوا

وكقول حسان رضي الله عنه:

نَسْمُوا إذا الحَرْبُ نالتْنَا مخلابها
إذا الزعانفُ من أظفارِها خَشَعُوا
لا يفخَرُون إذا نالُوا عدوَّهمُ
وإن أصيبُوا فلا خورٌ ولا هلعُ
كأنهمْ في الوغَى، والموتُ مكتنعٌ
أُسْدٌ بِحلبة في أرْسَاغِها فدَعُ

 

وقوله: والموت مكتنعٌ، أي: قريب مشاهد، فإنهم لا يهابون أسباب المنايا، ولم يعرف أن واحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قُتِلَ وهو مدبِر؛ ولذلك يقول كعب بن زهير:

لا يقعُ الطعنَ إلا في نحورِهم
وما لهم عنْ حِيَاضِ الموتِ تهليلُ

وقوله: وما لهم عن حياضِ الموت تهليل، أي: لا يفرون من مَوَاردِ الهلاك وساحات القتال ولا يتأخرون عنها، ونصر الله لعباده المؤمنين وإعزازه لهم حاصل على كل حال.

 

ولنضرب لذلك مثلًا من قصة أصحاب الرجيع رضي الله عنهم؛ فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سريَّةً عينًا، وأمَّر عليهم عاصمَ بن ثابت، فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عُسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان؛ فتبعوهم بقريب من مائة رام فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلًا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهى عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد (أي: رابية مشرفة)، وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلًا، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمَّةِ كافرٍ، اللهمَّ أخبر عنَّا نبيَّك، فرموهم حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفرٍ بالنبل، وبقي خُبيب وزيد ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق، فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيِّهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث الذي معهما: هذا أول الغدر، فأبى أن يصحبهم، فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل، فقتلوه، وانطلقوا بخُبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خُبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خُبيب هو قتل الحارث يوم بدر؛ فمكث عندهم أسيرًا حتى إذا أجمعوا قتله، استعار موسًى من بعض بنات الحارث ليستحدَّ بها؛ "أي ليستطيب بها، ويزيل شعر عانته"، فأعارته، قالت: فغفلت عن صبيٍّ لي، فدَرَجَ إليه حتى أتاه، فوضعه على فخذِه، فلما رأيتُه فزعتُ فزعةً عرف ذلك منِّي، وفي يدِه الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟! ما كنتُ لأفعل ذلك إن شاء الله، وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قطُّ خيرًا من خبيب، لقد رأيتُه يأكل من قطف عنب، وما بمكة يومئذ ثمرةٌ، وإنه لموثق في الحديدِ، وما كان إلا رزقًا رزقه الله، فخرجوا به من الحرم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، ثم انصرف إليهم، فقال: لولا أن تروا أن ما بي جزعٌ من الموت لزدتُ، فكان أولَ مَن سنَّ الركعتين عند القتل، ثم قال: اللهمَّ أحصهم عددًا ثم قال:

ولستُ أبالي حين أُقتل مسلمًا
على أيِّ شقٍّ كان لله مَصرعي
وذلك في ذاتِ الإلهِ وإن يشأ
يبارِك على أوصالِ شلو ممزَّعِ

 

ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفوه، وكان عاصم قَتَل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظُّلة من الدَّبر؛ "أي: مثل السحابة من الزنابير أو ذكور النحل لحمايته من أن يمثِّلوا بشيء من جسده"، فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء.

 

وقد زعم بعض الناس أن المراد من قوله تعالى: ﴿ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [آل عمران: 55] أن المراد من الذين اتبعوه هم النصارى والذين كفروا هم اليهود؛ وهذا قول غير سديد، فإن من زعم أن عيسى إله أو ابن إله أو أن الله ثالث ثلاثة لا يكون من أتباع عيسى عليه السلام، بل يكون من أعدائه، فمن أفرط في عيسى من النصارى كمن فرَّط فيه من اليهود، فكلهم أعداء الله، وأعداء المرسلين؛ ولذلك حذَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يغلوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم؛ فقد روى البخاري في صحيحه من طريق ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول على المنبر: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبدٌ فقولوا: عبدُ الله ورسوله)).

 

وبيَّن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن الجنة لا يدخلها أحد ممَّن جاء بعد عيسى عليه السلام إلا إذا أقرَّ بأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه؛ فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عُبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق - أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)).

 

وقد حكم الله تعالى وقضى أن من ادَّعى أن عيسى إله أو ابن إله أو أن الله ثالث ثلاثة فهو كافر مشرك يُحرم الله عليه الجنة؛ حيث يقول عز وجل: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 17].

 

وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 72، 73].

 

وإلى الفصل القادم إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ومؤلفات
  • صوتيات ومرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة