• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد  فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمدالشيخ عبدالقادر شيبة الحمد شعار موقع فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد / مقالات


علامة باركود

المسيح ابن مريم عليه السلام (9)

المسيح ابن مريم عليه السلام (9)
الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد


تاريخ الإضافة: 6/5/2024 ميلادي - 27/10/1445 هجري

الزيارات: 1646

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسيح ابن مريم عليه السلام (9)

 

ذكرْتُ في ختام الفصل السابق أن الذين أرادوا قتلَ المسيح وصلبه ما كانوا يعرفونه، وسُقْتُ من إنجيل متَّى وإنجيل مرقص النصَّ على ذلك، وقد جاء كذلك في الأناجيل المعتمدة عند النصارى أن الله أوقع الشكَّ حتى في قلوب أصحاب عيسى عليه السلام في ذات المسيح، فصاروا يتردَّدون: هل هذا هو يسوع الذي أُخِذَ ليقتل ويصلب أو غيره؟! وقد كان بين المسيح عليه السلام وبين يهوذا الإسخريوطي الذي دخل على المسيح ليسلمه لليهود والرومان شَبَهٌ كبيرٌ؛ فصاروا لا يدرون عن الذي أُخِذَ؛ أهو المسيح أم يهوذا الإسخريوطي؟! وقد نَقلت الأناجيل الأربعة قولَ المسيح عليه السلام لأصحابه ليلةَ عَزْمِ أعدائِهِ على تبييتِه: "كلكم تشكون فـيَّ في هذه الليلة"، كما جاء في الإصحاح السادس والعشرين من إنجيل متى في الفقرة الواحدة والثلاثين، وكما جاء في الإصحاح الرابع عشر من إنجيل مرقص في الفقرة السابعة والعشرين، وقد جاء في إنجيل برنابا التصريح بأن الجنود أخذوا يهوذا الإسخريوطي نفسه ظنًّا أنه المسيح؛ لأنه أُلقي عليه شبهه، وقد ذكر (جورج سايل) الإنجليزي في ترجمته للقرآن في سورة آل عمران في الصفحة الثامنة والثلاثين أن يهوذا الإسخريوطي كان يُشبه المسيح في خلقه، وذكر عن فرقة من أقدم فرق النصارى وهم (السينثيون والكوبوكراتيون) أنهم أنكروا صلب المسيح، وصرحوا بأن الذي صُلب هو يهوذا الإسخريوطي الذي كان يشبهه شبهًا تامًّا؛ اهـ.

 

والنصارى مطبقون على أن يهوذا الإسخريوطي فُقِدَ بعد حادِثَةِ الصلب ولم يظهر في الوجود، وإن كان النصارى اختلفوا في قصة نهايته؛ ففي إنجيل متى في الإصحاح السابع والعشرين في الفقرة الرابعة منه عن يهوذا الإسخريوطي أنه مضى وخنق نفسه، وقد تناقضت رسالة أعمال الرسل مع إنجيل متَّى في نهاية يهوذا الإسخريوطي؛ فقد جاء في الإصحاح الأول في الفقرة الثامنة عشرة من رسالة أعمال الرسل التي ألَّفَها لوقا صاحب الإنجيل عن يهوذا: "فإن هذا اقْتنى حقلًا من أجرة الظلم، وإذ سقط على وجهه انشقَّ من الوسط انسبكت أحشاؤه كلها".

 

وهذا التناقض بين إنجيل متَّى ورسالة أعمال الرسل (والنصارى يقدسون هذين الكتابين)، أقول: هذا التناقض دليل عدم معرفة مآل يهوذا الإسخريوطي، وهو برهان ساطع على أن المصلوبَ بيد اليهود والرومان لم تكن شخصيَّتُه معلومة علم اليقين عند هؤلاء، وقد أكَّدَ الله تبارك وتعالى هذا المعنى بقوله عز وجل: ﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 157، 158].

 

وقد التبس الأمرُ على اليهود والنصارى والرومان، ووقعوا في الشكِّ والحيرة والتردد: أكان المصلوب عيسى أم غيره؟! فبعضهم كان يقول: هو هو يسوع، وبعضهم يقول: إنه غيره؛ وذلك بسبب شبه يهوذا الإسخريوطي بعيسى عليه السلام، أضف إلى ذلك أنه كان معه شخص آخر هو باراباس، وقد جاء في إنجيل متَّى في الفقرة السابعة عشرة من الإصحاح السابع والعشرين: ففيما هم مجتمعون قال لهم بيلاطس: من تريدون أن أطلق لكم باراباس أم يسوع الذي يُدْعَى المسيح؛ اهـ.

 

وقد رفع اللهُ تبارك وتعالى المسيحَ ابن مريم إليه وخلَّصَه من بني إسرائيل الكافرين الحاقدين الحاسدين، وفي ذلك يقول عز وجل في سورة آل عمران: ﴿ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ [آل عمران: 55]، ويقول في سورة النساء: ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 158].

 

وجمهورُ أهل السنة والجماعة على أن الله تعالى رفع المسيح إليه بجسده وروحه، ويفسِّرون التَّوَفِّي في قوله تعالى: ﴿ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ بأنه إلقاء النوم عليه إلى أن رفعه الله إلى السماء؛ على حد قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ﴾ [الزمر: 42]، وكقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ﴾ [الأنعام: 60]؛ أي: ينيمكم بالليل، ويعلم ما اكتسبتم من أعمال بالنهار.

 

وخصَّ النومَ بالليل والاكتساب بالنهار؛ لأن ذلك هو الأصل الملائم لطبيعة الإنسان، وقد لا ينام الإنسان بالليل ولا يكتسب بالنهار، إلا أن ذلك مضرٌّ بفطرته وقوام نفسه، وقد ذهب عامةُ أهل السنة والجماعة إلى أن عيسى عليه السلام حيٌّ في السماء، وأنه ينزل في آخر الزمان عند ظهور المسيح الدجال فيقتله باللُّد من أرض فلسطين، ويقتل مَن معه من اليهود، ويريق الخمرَ ويكسر الصليبَ، ويضع الجزية، ويقتل الخنزير، ولا يقبل إلا الإسلام، وفي زمن نزوله يخرج يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، وأن عيسى عليه السلام يضرع إلى الله ويدعوه أن يهلك يأجوج ومأجوج فيستجيب الله له، وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى أن نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان من أمارات الساعة حيث يقول: ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا ﴾ [الزخرف: 61] على قولٍ لأهل العلم من أهل التفسير والتأويل؛ أي: إن نزول المسيح عليه السلام علامة من علامات قرب الساعة، أو إن إيجاد عيسى عليه السلام من غير أب دليل على أن الله قادر على كلِّ شيء، وأنه برهان على قدرة الله على إحياء الموتى وبعث الناس يوم القيامة، كما ذهب بعضُ أهل العلم إلى أن معنى قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ﴾ [النساء: 159]، يعني: أن جميع الكفار من اليهود والنصارى عندما يأتيهم الموت وينقطعون عن الدنيا يعلمون أن عيسى عبدُ الله ورسوله وكلمتُه ألقاها إلى مريم وروح منه، وأنه لم يُقتل ولم يُصلب، ويصدقون أن الله رفعه إليه وصانه من مكر اليهود وكيدِهم، وأنه ليس إلهًا ولا ابن إله كما يزعم النصارى عليهم وعلى اليهود لعائن الله والملائكة والناس أجمعين.

 

وهذا الإيمان عند معاينة الموت لا ينفعهم، وأكثر المفسِّرين أرجع الضميرَ في "موته" إلى عيسى عليه السلام، وأنه عند نزوله يؤمن به البر والفاجر، ويسارعون إلى تصديقه، وهذا هو الظاهر؛ لأن قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ﴾ [النساء: 159] قد سيق في تقرير بطلان ما ادَّعتْه اليهود من قتل عيسى وصلبه، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجاهلين أن عيسى قُتل وصُلب، فأخبر الله تعالى أن الأمر ليس كذلك وإنما شُبِّه لهم فقَتَلوا الشبهَ وهم لا يتبيَّنُون ذلك، بل رفعه الله إليه وهو حي وأنه سينزل قبل القيامة.

 

ونزول المسيح عليه السلام آخر الزمان من عقائد أهل السنة والجماعة التي لا يزيغ عنها إلا ضال هالك؛ فقد روى البخاري ومسلم من عدة طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، وحتى تكون السجدة خيرًا له من الدنيا وما فيها))، ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 159]، كما روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده ليهلَّنَّ ابنُ مريمَ بفجِّ الروحاء حاجًّا أو معتمرًا أو ليثنينهما))؛ أي: أو ليقرنَنَّ بينهما، كما روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كيف بكُم إذا نزَل فيكم المسيحُ ابن مريم وإمامكم منكم))، كما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيشٌ من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافُّوا قالت الروم: خلو بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نُخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فينهزم ثلثٌ لا يتوب الله عليهم أبدًا، ويُقتل ثلثُهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يُفْتنون أبدًا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمُون الغنائمَ قد علَّقوا سيوفَهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فأَمَّهُم، فإذا رآه عدوُّ الله ذابَ كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانْذاب حتى يَهلك، ولكن يقتلُه اللهُ بيدِه، فيريهم دمه في حربته)).

 

وقوله: ((إن المسيح قد خلفكم))، يعني به: الدجَّال، وقوله: "فأَمَّهُم"، يعني: قصد المسلمين للاقتداء بإمامهم في الصلاة، أو قصد الدجال وعصابته لقتلهم وإهلاكهم، والأول أظهر؛ لقوله في رواية البخاري ومسلم المتقدمة: ((وإمامكم منكم))، كما روى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزالُ طائفة من أمتي يقاتلون على الحقِّ ظاهرين إلى يوم القيامة))، قال: ((فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم: تعالَ صلِّ بنا، فيقول: لا، إن بعضَكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة))؛ اهـ.

 

وهذا دليلٌ على أن الله يحفظ لهذه الأمة دينها من التبديل والتغيير إلى آخر الزمان، حتى ينزل المسيح ابن مريم فيَحْكُم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وإلى الفصل القادم إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ومؤلفات
  • صوتيات ومرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة